190 اجمالى المشاهدات, 3 اليوم
يعتبر التاريخ ميدانا رائعا للدراسة بالنسبة لكل من يعشق القصص السردية والروايات؛ فبعد كل شيء، ما التاريخ سوى سلسلة من قصص حياة الأشخاص التي حيكت وربط فيما بينها من أجل إنشاء رواية واحدة ملحمية.
غير ذلك، ومثل أي قصة جيدة، فإن التاريخ هو الآخر يمكن أن تطاله المبالغة والتهويل من حقيقة الأحداث، ومن أكثر ما نجده فيه المبالغات السردية هو الطرائق التي يشاع أن الشخصيات التاريخية لاقت نهايتها وفقا لها، فبما أن نهاية الرحلة هي الجزء الأكثر إثارة من الرحلة كلها، فلابد لنا أن لا نتفاجأ إذا وجدنا أن أكثر القصص التاريخية المبالغ فيها تتعلق بوفيات الشخصيات التاريخية والظروف التي ماتوا خلالها.
لا يختلف اثنان أن التاريخ يزخر بالعديد من القصص التي تصف لنا كيف مات الأبطال ميتة بطولية خارقة، وكيف لقي الأشرار والمفسدون حتفهم بأسوأ طريقة ممكنة كنوع من الجزاء على ما اقترفوه في حياتهم، لكننا يجب علينا أن لا نهضم كل ما نقرأه أو نسمعه من قصص دون التمحيص فيها قليلا، خاصة عندما يتعلق الأمر بهذا النوع منها، وبمجرد أن تبحث في الحقيقة وراء الظروف التي توفيت خلالها الشخصيات التاريخية، سيتراءى لك حجم المبالغة التي تحيط بها، ومع كل دراسة تتناول كل شخصية على حدى، تكتشف أن قائمة الوفيات المبالغ فيها تستمر طويلا، وعلى الغالب ستستمر في التعاظم طالما مازال العظماء منا يموتون كل يوم بصورة عادية “مملة”.
في مقالنا هذا على موقع ”رييل ستورى“ جمعنا لكم أعزائنا القراء لائحة تضم أشهر 12 شخصية تاريخية تمت المبالغة في الظروف التي أحاطت بموتها:
1. لم يكن (راسبوتين) صعب المنال كما يشاع:
(غريغوري راسبوتين)
تعتبر حادثة مقتل (غريغوري راسبوتين) مشهورة لدرجة ألفت منها أغنية ديسكو، فقد كان هذا المستشار المقرب لدى العائلة الملكية الروسية قد حظي بالكثير من الأعداء خلال فترة حياته، خاصة لدى اشتهاره بكونه ”عشيق الملكة الروسية“.
يشاع أن أعداء (راسبوتين) قرروا تصفية حساباتهم معه بطريقة نهائية، لكنه لم يسهّل الأمر عليهم البتة، فتروي القصص أنه تعرض للطعن عدة مرات، وتم تسميمه وكذا ضربه بقسوة ووحشية، ثم إطلاق النار عليه وأخيرا لفه في بساط وإلقاء جثته في النهر، وعندما عُثر على جثته، وعلى الرغم من كل تلك الإصابات التي أصيب بها، اكتُشف أن سبب وفاته الحقيقي كان الغرق، وهو الأمر المنافي للعقل والحقيقة تماما.
تروي القصة الحقيقية المدعومة بالأدلة الواقعية أن (راسبوتين) قُتل جراء تعرضه لطلق ناري واحد فقط على مستوى الرأس، وهي الإصابة التي هلك متأثرا بها، وكل تفصيل زائد عن هذا هو عبارة عن تلفيق وتشويه للحقائق.
2. لم ينكر (تشارلز داروين) صحة نظريته ولم يتراجع عن أفكاره عندما كان على فراش الموت:
(تشارلز داروين)
يعشق الكثير من أعداء نظرية التطور المثبتة علميا تلفيق القصص والروايات حول الظروف التي أحاطت بوفاة السير (تشارلز داروين) أب الانتخاب الطبيعي، الذي جاء بنظرية مذهلة حول حقيقة الحياة وأصل الأنواع على الأرض بينما كان في بعثة علمية إلى جزر (غالاباغوس)، فقد سعى هؤلاء المحرفين والمشوهين للحقائق جاهدين إلى حياكة الكثير من القصص حول عدوله عن ”فكره التطوري“، ومنظوره حيال نظريته الخاصة عندما كان على يحتضر.
فشاع بشكل كبير ومؤسف أن السير (تشارلز داروين) عندما قربت ساعة رحيله أنكر نظريته الشهيرة حول التطور وأفكاره المنافية للإنجيل، واعترف بأنه اقترف خطأ جسيما وأن يسوع كان الجواب الوحيد عن كل شيء، عدا أن لا شيء من ذلك حدث فعلا بكل تأكيد.
يعود أصل هذه الإشاعات إلى امرأة تعرف باسم الـ(لايدي هوب) وهي أرملة أدميرال بحرية بريطاني، التي ادعت أنها كانت بجانب (تشارلز داروين) لدى لحظة وفاته وتلت عليه أسطرا من الإنجيل مما حفزه على الاعتراف بخطئه وإنكاره لصحة نظريته، وهو الأمر الذي نفته عائلة (داروين) في الجهة المقابلة نفيا مطلقا، مشيرة إلى أنه لم ينكر معتقداته وأفكاره العلمية أبدا، وأن الـ(لايدي هوب) لم تكن أبدا على مقربة منه طوال فترة مرضه ووفاته في نهاية المطاف.
ومنه كان الأمر برمته تلفيقا منها وحدها لأسباب قد تكون دينية بحتة.
3. لم تكن الكلمات الأخيرة لـ(نايثان هالي) ملهمة وثورية بقدر ما يشاع:
(نايثان هالي)
لربما لم يكن (نايثان هالي) مشهورا بقدر بقية الأبطال الأمريكيين، لكن كلماته الأخيرة ترقى لمصاف أكثرها تخليدا وشهرة.
تروي القصص أنه لدى مواجهته لحكم الإعدام بتهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وقف (هالي) منتصبا بفخر واعتزاز أمام جلاّديه وقال: ”أنا لا أتأسف سوى على أنني لا أملك إلا حياة واحدة لأهبها لوطني“.
تبعث هذه الكلمات بشعور فخر وقشعريرة لدى كل من يسمعها من الوطنيين والقوميين الأمريكيين، فلم يُنطق بكلمات أكثر شجاعة منها من قبل، لكن الحقيقة تملي أنه لم يُنطق أبدا بهذه الكلمات.
أُعدم (هالي) بتهمة التجسس، وهو بطل من الأبطال القوميين الأمريكيين، لكن كل من كان حاضرا لدى تنفيذ حكم الإعدام فيه ذكروا أنه قال شيئا على غرار: ”إنه من واجب أي ضابط جيد أن ينصاع لأوامر الضابط المسؤول عليه“، وليست تلك بأسوأ كلمات ختامية على الإطلاق، كما أنها ليست ملهمة جدا أيضا.
4. جثة (والت ديزني) ليست مجمدة ومحفوظة تحت (ديزنيلاند):
(والت ديزني)
يعتبر (والت ديزني) من الشخصيات التاريخية المثيرة للجدل، فمن جهة ساهم في بعث الفرحة وإدخال السعادة لقلوب الملايين حول العالم من خلال الأفلام الكرتونية التي كان يصنعها، وكذا متنزهاته ذات الطابع الفريد والرائع، ومن جهة أخرى عُرف عنه شخصيته الاستبدادية وإدارته لشؤون شركته بيد من حديد، وقد جعلت هذه الصفة الأخيرة الكثيرين يحيكون القصص حول نهايته المزعومة، حيث يشاع أنه كان يخشى أن يواجه الشر الذي كان يتصف به في حياته بعد موته، ومنه أوصى بأن يتم تجميد جثته حتى يعاد إحياؤه في المستقبل، وتضيف إشاعات أخرى إلى حبكة القصة أنه أوصى كذلك بأن تحفظ جثته المجمدة تحت (مدينة ديزني) أو (ديزنيلاند) حتى يبقى إلى الأبد تحت أسعد مكان على الأرض.
للأسف ليس كل مما سبق من الإشاعات صحيحا، و(والت ديزني) مات ميتة عادية، ودفن بشكل عادي، وفي مقبرة عادية.
5. لم تلقَ الإمبراطورة (كاثرين العظيمة) حتفها جرّاء ممارستها الجنس مع حصان:
الإمبراطورة (كاثرين العظيمة)
في صنف الشخصيات التاريخية التي تمت المبالغة في ظروف موتها، نالت الملكة (كاثرين العظيمة) أسوأ سيناريو دون شك، فقد حظيت هذه الملكة الروسية الشهيرة بالكثير من الأعداء لا لشيء إلا لكونها امرأة قوية لا يمكن شراء ذمتها، ولقوتها ورفعة منصبها لم يقوَ أعداؤها على إيذائها بشيء سوى بخلق الإشاعات وتلفيق القصص حولها وحول عاداتها الجنسية، حيث يشاع أنها كانت تعاني من الشبق الجنسي مما جعلها تمارس الجنس مع عشرات الرجال في جلسة واحدة لإشباع رغباتها الجنسية الرهيبة، وفي نهاية المطاف لم يبد أن أي عدد من الرجال كان قادرا على إطفاء النار المتقدة في داخلها، فأمرت بأن يؤتى بحصان ويُجعل فوقها حتى تمارس معه الجنس، وهو الأمر الذي تسبب في هلاكها.
بالطبع لم يكن هذا ما حدث بالفعل، وكان عبارة عن تلفيق من إبداع أعدائها الكثيرين الذين واصلوا نشر هذه الإشاعات حتى بعد وفاتها بسنوات عديدة، والحقيقة هي أن (كاثرين) توفيت في فراشها عندما تعرضت لسكتة قلبية بينما كانت نائمة، ومنه حظيت المسكينة بميتة هادئة وصامتة.
6. لم يمت (جوزيف إنياس غيوتين) مخترع المقصلة La Guillotin مُعدما بالمقصلة:
(جوزيف إنياس غيوتين)
لا يتطلب الأمر ذكاء خارقا حتى يكتشف المرء العلاقة بين الاسم (غيوتين) Guillotin والمقصلة (المقصلة باللغة الفرنسية هي الـGuillotin).
تروي القصص أن (غيوتين) كان يبحث عن طريقة أكثر إنسانية في تنفيذ أحكام الإعدام عندما اخترع الإعدام بالمقصلة التي حملت اسمه فيما بعد، لكن اختراعه ذلك أصبح رمزا للقسوة والوحشية التي ميزت الثورة الفرنسية، حيث أُعدم الآلاف من الأفراد بواسطة المقصلة، وفي نهاية المطاف لقي (غيوتين) نفسه مصرعه بواسطة ما اخترعت يداه، أي المقصلة.
ليس فقط كل ما حيك من قصص سابقة خاطئ ولا أساس له من الصحة، بل أن (غيوتين) ليس له يد حتى في اختراع المقصلة، فقد كان مجرد رجل اقترح على الحكومة الفرنسية اعتماد المقصلة في الإعدام التي اعتبرها طريقة أكثر إنسانية من الطرائق الأخرى، وارتبط بعدها اسمه بعمليات قطع الرؤوس منذ ذلك اليوم.
7. توفي (ديلان طوماس) بسبب مرض الالتهاب الرئوي، وليس بسبب الإفراط في تناول شراب الويسكي:
(ديلان طوماس)
نالت بعض الشخصيات التاريخية موتا ملحميا، بينما نال البعض الآخر موتا شنيعا، غير أن الموت الذي راج أن (ديلان طوماس) حظي به لم يكن أيا مما سبق، فقد كانت نهايته كما يشاع نهاية ”رائعة“.
كان هذا الشاعر الويلزي الشهير قد هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في خمسينات القرن الماضي، ويشاع أنه كان يعاني كثيرا من الإدمان على الكحول، وفي إحدى الليالي، وقف من مقعده على الحانة التي كان يتواجد بها وقال مخاطبا الساقي: ”لقد تناولت ثمانية عشر شراب ويسكي، وهذا رقم قياسي“، ثم سقط ميتا.
غير أن التشريح على الجثة أظهر أن دماغ (طوماس ديلان) لم يتعرض للتلف جراء الكحول أو الشرب المفرط، كما لم يتضرر كبده كذلك، في الواقع أظهرت تفاصيل التشريح أنه لم يكن مدمنا على الكحول في المقام الأول، وعلى الأرجح كان سبب وفاته هو مرض الالتهاب الرئوي الذي لم ينجح الأطباء في تشخيصه في الوقت المناسب.
8. لم يمت (جنكيز خان) بسبب الخصي الذي تعرض له:
(جنكيز خان)
يعتبر (جنكيز خان) واحدا من الشخصيات التاريخية التي طالتها القصص والروايات المبالغ فيها، والمشوهة في الكثير من تفاصيلها، على الرغم من أن الكثير من تفاصيل حياته حقيقية وصحيحة، فهو كان قد نشر الرعب على طول قارتين كاملتين بالفعل، ومن أكثر مراحل حياته التي تعرضت للتحريف هي المرحلة الأخيرة منها ولحظات موته.
من بين أكثر القصص التي راجت حول موته -والتي يصدقها الكثيرون للأسف رغم زيفها- هي أنه بينما كان بصدد اغتصاب إحدى السبايا التي غنمها في إحدى المعارك، حملت هذه الأخيرة سكينا وقطعت به خصيتاه، ولم يدم طويلا أن أصابته الالتهابات على مستوى تلك الإصابة ومات متأثرا بها.
غير أن الحقيقة ”المملة“ هنا هي أنه أصيب بمرض ما بينما كان في رحلة طويلة مرهقة، وفي نقطة ما من تلك الرحلة سقط من على ظهر حصانه ومات على الفور.
اقرأ أيضا مقال: حقائق ومعلومات مذهلة قد لا تعرفها عن جنكيز خان
9. لم ينتحر وكلاء وسماسرة البورصة الأمريكية بالقفز من نوافذ مكاتبهم بعد الكساد العظيم في سنة 1929:
يعتبر الانهيار الاقتصادي الذي حصل في سنة 1929 واحدا من أهم الأحداث في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية غير المتعلقة بالحروب، فخلال أيام معدودة انتهت حقبة العشرينات الذهبية نهاية مؤلمة، ووجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في طريقها نحو أسوأ كساد اقتصادي على الإطلاق.