تفسير سورة الأنعام الآيات (154: 156)
﴿ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 154].
﴿ ثُمَّ آتَيْنَا ﴾ أَيْ: ثُمَّ أُخْبِرُكُمْ أَنَّا آتَيْنَا ﴿ مُوسَى الْكِتَابَ ﴾ التَّوْرَاةَ ﴿ تَمَامًا ﴾ لِلنِّعْمَةِ[1] أَوْ ﴿ تَمَامًا ﴾ كَامِلًا جَامِعًا لِمَا يَحْتَاجُ إِليهِ[2] ﴿ عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ ﴾ عَلَى كُلِّ مَنْ أحْسَنَ القِيامَ بِهِ[3].
﴿ وَتَفْصِيلًا ﴾ بَيانًا ﴿ لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ يُحْتاجُ إلَيْهِ فِي دِينِهِمْ ﴿ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ ﴾ أيْ: بَنِي إِسْرَائِيلَ ﴿ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ ﴾ بِالبَعْثِ ﴿ يُؤْمِنُونَ﴾ يُصَدِّقُونَ[4].
﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155].
﴿ وَهَذَا ﴾ أيِ: الْقُرْآنُ ﴿ كِتَابٌ ﴾ عَظِيمٌ[5] ﴿ أَنْزَلْنَاهُ ﴾ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ[6] ﴿ مُبَارَكٌ ﴾ كَثِيرُ الخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ[7].
﴿ فَاتَّبِعُوهُ ﴾ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ، وَيَنْهَى عَنْهُ[8]، وَاعْمَلُوا بِمَا فِيهِ[9].
﴿ وَاتَّقُوا ﴾ مُخَالَفَتَهُ[10] ﴿ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ فَتَنْجُوا مِنْ عَذَابِ اللهِ، وَتَظْفَرُوا بِثَوابِهِ[11].
وَالْآيةُ فِيهَا فَوائِدُ:
مِنْهَا: أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ لِنَيلِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى اتِّبَاعَ أَوَامِرِ الْقُرْآنِ وَاجْتِنَابَ نَوَاهِيهِ وَالْعَمَلَ بِمَا فِيهِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ كِتَابٌ مُبَارَكٌ، كَثِيرُ الْخَيْرِ وَالْمَنَافِعِ وَالْفَوَائِدِ، دَائِمُ الْبَرَكَةِ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَلَا شَيْءَ أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنَ الْقُرْآنِ.
قَالَ الْعَلَامَةُ عَبْدُالرَّحْمَنِ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: “لَا شَيْءَ أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنَ هَذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّ كُلَّ خَيْرٍ وَنِعْمَةٍ، وَزِيَادَةٍ دِينِيَّةٍ أَوْ دُنْيَوِيَّةٍ أَوْ أُخْرَوِيَّةٍ، فَإِنَّهَا بِسَبَبِهِ، وَأثرٌ عَنِ الْعَمَلِ بِهِ“[12].
﴿ أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ ﴾ [الأنعام: 156].
أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ ﴿ أَنْ ﴾ لِئلَا ﴿ تَقُولُوا ﴾ أَيُّهَا الْكُفَّارُ ﴿ إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ ﴾ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى[13] ﴿ مِنْ قَبْلِنَا ﴾ وَلَمْ يُنْزِلْ عَلَينَا كِتَابًا[14].
﴿ وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ ﴾ قِرَاءَةِ كُتُبِهِمْ ﴿ لَغَافِلِينَ ﴾ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِنَا لَهَا إِذْ لَيْسَتْ بِلُغَتِنَا[15]، وَالْمُرادُ: إِثْباتُ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِإنْزالِ القُرْآنِ عَلى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، كَيْلا يَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ: إِنَّ التَوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ أُنْزِلَا عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا، وَكُنَّا غَافِلِينَ عَمَّا فِيهِمَا[16].
[1] ينظر: تفسير البيضاوي (2/ 189).
[2] ينظر: تفسير ابن كثير (3/ 368).
[3] ينظر: تفسير البيضاوي (2/ 189).
[4] ينظر: تفسير النسفي (1/ 549).
[5] ينظر: تفسير أبي السعود (3/ 201).
[6] ينظر: تفسير الطبري (10/ 5).
[7] ينظر: تفسير النسفي (1/ 549).
[8] ينظر: تفسير السعدي (ص280).
[9] ينظر: تفسير البغوي (3/ 206).
[10] ينظر: تفسير النسفي (1/ 549).
[11] ينظر: تفسير الطبري (10/ 5).
[12] تفسير السعدي (ص525).
[13] ينظر: تفسير الجلالين (ص191).
[14] ينظر: تفسير السعدي (ص280).
[15] ينظر: الوجيز للواحدي (ص383)، تفسير الجلالين (ص191).
[16] تفسير النسفي (1/ 550).
تمت قراءة هذا المقال بالفعل17 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.