مسؤوليتنا في أخذ لقاح الإنفلونزا الموسمية وحفظ الأمانة الصحية
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي وهبنا نعمة الصحة والعافية، وأمرنا بالأخذ بالأسباب التي تحمينا من الأخطار والأمراض، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، النبي الأمين الذي أرسله الله رحمة للعالمين، فاللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فالتقوى هي سلاح المؤمن وزاده في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70]، وإن من تقوى الله عز وجل أن نحافظ على صحتنا، وأن نحرص على الوقاية من الأمراض التي قد تصيبنا أو تصيب من نحب، فالصحة نعمة عظيمة من نعم الله علينا، وعلينا أن نؤدي شكرها بالحرص على حمايتها وصيانتها.
أيها المسلمون، مع دخول فصل الشتاء، تنتشر الإنفلونزا الموسمية بشكل أكبر، وهي مرض قد يستهين به البعض، إلا أنه قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة خاصةً على كبار السن ومن يعانون من الأمراض المزمنة، وقد توفر لنا بفضل الله تعالى لقاح الإنفلونزا الموسمية الذي يُعد من أهم وسائل الوقاية من هذا المرض.
معاشر الكرام، لقد أتاح الله لنا وسائل الوقاية التي تساعدنا في الحفاظ على صحتنا وصحة من حولنا، ومن بين هذه الوسائل لقاح الإنفلونزا الموسمية الذي يتوفر كل عام. بعض الناس يتهاونون في أخذه، ظنًّا منهم أن المرض بسيط، أو أنه لا يستدعي الوقاية؛ لكن الأمر قد يكون أشد خطورة مما يتصورون؛ فكم من حالة خطيرة حدثت بسبب هذا المرض، وكم من شخص أصيب بمضاعفات كان يمكن تجنبها لو بادر بأخذ اللقاح.
إخوتي في الله، الإسلام دين يحثنا على الأخذ بالأسباب، فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “اعقلها وتوكَّل”؛ [رواه الترمذي]؛ أي: إننا مأمورون بأن نأخذ بالأسباب ونتوكَّل على الله عز وجل، فلا يكفي أن نقول: إننا نثق بالله، دون أن نعمل بما أمرنا به من الأخذ بالوسائل التي توفر لنا الحماية، ومن هذه الوسائل التي أتاحها الله لنا في عصرنا هو اللقاح الذي يقي بإذن الله من الإنفلونزا ومضاعفاتها.
أيها المسلمون، لا ينبغي أن نستهين بالمرض أو نعتبره أمرًا بسيطًا؛ فقد يؤدي التهاون إلى عواقب وخيمة، ولقد حدثت في مجتمعنا قصص مؤلمة بسبب عدم أخذ اللقاح؛ ففي أحد المستشفيات، كان هناك رجل مُسِنٌّ أصيب بالإنفلونزا، وتدهورت حالته بسرعة؛ لأنه لم يأخذ اللقاح. كان أبناؤه بجانبه يتمنون لو أنهم شجَّعوه على أخذ اللقاح في الوقت المناسب؛ لكن الندم لم يعد ينفع بعد أن دخل في حالة حرجة. هذه القصة ينبغي أن تكون عبرةً لنا جميعًا لنأخذ بالأسباب ونتجنب مثل هذه المواقف.
أيها المسلمون، إن الإسلام دين رحمة وعقل، يدعونا دائمًا إلى الحفاظ على حياتنا وحياة من حولنا، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، ومن بين وسائل الوقاية الالتزام بالإرشادات الصحية وأخذ اللقاحات اللازمة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، والشكر له على نعمه التي لا تحصى ولا تُعَدُّ، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فاللهم صل وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا عباد الله، إن الوقاية من الأمراض ليست مسؤولية تخص الفرد وحده، بل هي مسؤولية جماعية. كيف يمكن للإنسان أن يرضى بأن يكون سببًا في نقل مرض خطير إلى أحد أحِبَّائه أو أفراد أسرته بسبب تهاونه في اتخاذ إجراءات الوقاية؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا ضرر ولا ضرار”؛ [رواه ابن ماجه]؛ أي: إن الإسلام ينهى عن أي تصرف يؤدي إلى ضرر للناس، سواء كان هذا الضرر مباشرًا أو غير مباشر.
إخوتي في الله، لقد حدثت قصة مؤلمة في إحدى الدول المجاورة، حيث رفضت أُمٌّ أن تأخذ لقاح الإنفلونزا معتقدة أنه غير ضروري، وبعد فترة قصيرة أصيب ابنها بالمرض، وتدهورت حالته الصحية حتى توفي بسبب مضاعفات الإنفلونزا. بعد هذه الحادثة المؤلمة قالت الأم في حسرة: “لو كنت أعلم أن الأمر سيصل إلى هذا الحد، لكنت أول من يأخذ اللقاح”. هذه القصة ينبغي أن تكون لنا جميعًا عبرةً ودعوةً للعمل بالأسباب التي تحمينا وتحمي من حولنا من المخاطر.
أيها المسلمون، لا تنتظروا حتى تصلوا إلى مرحلة الندم، بل بادروا اليوم بالأخذ بالأسباب، اذهبوا إلى المراكز الصحية وخذوا اللقاح، وحثوا أهلكم وأحبابكم على ذلك؛ فإن الوقاية وسيلة لحماية أنفسنا ومن نحب من مضاعفات الأمراض.
واعلموا يا عباد الله، أن نشر الوعي الصحي بين الناس هو من أعظم أعمال الخير، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَنْ دَلَّ على خير فله مثل أجر فاعله”؛ [رواه مسلم]، فلا تحرموا أنفسكم من هذا الأجر العظيم، كونوا قدوةً في مجتمعكم، وكونوا من الذين ينشرون الخير ويحثون الناس على الأخذ بالأسباب الوقائية.
كما أن وقاية أنفسنا وصحتنا هي جزء من الأمانة التي أمرنا الله بها، فنحن مطالبون بأن نحافظ على أجسادنا كما نحافظ على أموالنا وأعراضنا، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، فالمحافظة على الصحة واجب ديني ومسؤولية شرعية، ونشر الوعي الصحي والتعاون على البر والتقوى من سمات المجتمع المسلم الممتثل لأوامر الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ختامًا، أيها الأحِبَّة، لا تتهاونوا في أخذ اللقاحات، ولا تتأخروا في العمل بالإرشادات الصحية التي توصي بها الجهات المختصة؛ فتطبيق هذه الإرشادات وحث الناس على الالتزام بها هو من باب حفظ النفس، وهو من القيم الإسلامية التي نعتز بها.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم احفظنا من كل سوء وشر، اللهم احفظ أهلنا وأحِبَّاءنا من الأمراض والأوبئة، واجعلنا من الذين يأخذون بالأسباب ويتوكلون عليك حق التوكل. اللهم احفظ بلاد المسلمين، وبارك لنا في صحتنا ورزقنا وعمرنا، واجعلنا من الشاكرين لنعمك.
آمين، آمين، آمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
تمت قراءة هذا المقال بالفعل7 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.