dark

رييل ستوري | حكم بيع الفضولي

اعلانات

حكم بيع الفضولي

 

اختلف الفقهاء – رحمهم الله – في حكم بيع الفضولي[1] على قولين:

القول الأول: أن بيع الفضولي صحيح، لكنه موقوفٌ على إجازة المالك.

وهو مذهب الحنفية،[2] والمالكية،[3] والشافعي في القديم،[4] وأحمد في رواية عنه[5].

 

ففي بدائع الصنائع: “بيع الفضولي عندنا منعقد، موقوف على إجازة المالك، فإن أجاز نفذ، وإن ردّ بطل”[6].

وفي القوانين الفقهية: “فأما الشراء لأحد بغير إذنه، أو البيع عليه كذلك، فهو بيع الفضولي، فينعقد، ويتوقف على إذن ربه”[7].

 

وفي منهاج الطالبين في مسألة بيع الفضولي: “وفي القديم: موقوف، إن أجاز مالكه نفذ، وإلا فلا”[8].

 

وفي الإنصاف في ذات المسألة: “وعنه يصح، ويقف على إجازة المالك”[9].

 

واستدلوا من السنة، والمعقول:

(1) استدلوا من السنة: بما أخرجه البخاري من حديث عروة البارقي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا، يشتري به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه[10].

 

ووجه الدلالة: أن عروة رضي الله عنه باع الشاة، ولم يوكله رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعها، وأقرّه بعد ذلك صلى الله عليه وسلم على فعله، وأجاز بيعته.

 

(2) واستدلوا من المعقول: أن هذا الفعل فيه مصلحة للبائع، ولا ضرر عليه فيه؛ لتوقفه على رضاه، فلا يمنع[11].

 

القول الثاني: أن بيع الفضولي باطل.

وهو مذهب الشافعية،[12] والحنابلة[13].

 

ففي منهاج الطالبين: “بيع الفضولي باطل”[14].

 

وفي الإنصاف: “فإن باع ملك غيره بغير إذنه، أو اشترى بعين ماله شيئًا بغير إذنه لم يصح، وهو المذهب”[15].

 

واستدلوا: بما أخرجه الخمسة عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تبع ما ليس عندك”[16].

 

ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع الرجل ما لا يملك، فلا يحل بيع الفضولي؛ لأنه غير مالك، وقد لا يقدر على التسليم[17].

 

ويناقش: أن النهي في هذا الحديث مخصوص بحديث عروة رضي الله عنه السابق، ولا ينفذ إلا بإجازة المالك وإذنه؛ فتتحقق بذلك القدرة على التسليم.

 

القول المخـتار:

صحة بيع الفضولي إذا أجاز المالك بيعه؛ لدلالة الدليل على صحته، ولعدم ترتب محظور عليه، بل قد ثبت جواز تصرف الرجل في ملك غيره بالأصلح، ولو لم يكن وكيلاً له في شيء، ونفوذ هذا التصرف إذا أذن المالك بعد ذلك، ففي الصحيحين في قصة أصحاب الغار الثلاثة، “وقال الآخر: اللهم إني كنتُ استأجرت أجيرًا بفرق[18] أرز، فلما قضى عمله، قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فرقه، فرغب عنه، فلم أزل أزرعه، حتى جمعت منه بقرًا ورعاءها، فجاءني، فقال: اتقِ الله، ولا تظلمني حقي، فقلت: اذهب إلى تلك البقر ورعائها، فخذها، فقال: اتقِ الله، ولا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، خذ ذلك البقر ورعاءها، فأخذه، فذهب به؛ فإن كنتَ تعلم أني فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا ما بقي، ففرج الله ما بقي”[19].


[1] الفضولي – بضم الفاء-: كل من يتصرف في ملك غيره، بغير ولاية، ولا وكالة، ينظر: حاشية ابن عابدين، (3/ 97)، البيان، للعمراني، (5/ 66).

[2] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (13/ 153)، البحر الرائق، لابن نجيم، (6/ 161)، حاشية ابن عابدين، (3/ 97).

[3] ينظر: بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 129)، القوانين الفقهية، لابن جزي، ص(163)، مواهب الجليل، للحطاب، (6/ 29).

[4] ينظر: الوسيط، للغزالي، (3/ 22)، البيان، للعمراني، (5/ 66)، منهاج الطالبين، للنووي، ص(95).

[5] ينظر: الإنصاف، للمرداوي، (4/ 283).

[10] أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب (27)، (4/ 252)، برقم3642، عن شبيب عن الحي عن عروة به، وانتقد على البخاري إخراجه عن الحي، وهم غير معروفين، وإنما أراد البخاري إخراج حديث عروة: “الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة”، فجرى في سياق إخراج هذا الحديث المتصل ذكر الحديث السابق، وهو ليس على شرطه، كما بيّنه ابن القطان في كتابه الوهم والإيهام، (5/ 164-165)، وقد صححه ابن حجر في فتح الباري، (6/ 635)، على شرط البخاري، وعلل ذلك بقوله: “لأن الحي يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب”، وللحديث طريق أخرى حسنة، أخرجها أحمد، (4/ 376)، برقم 19579، وأبو داود في كتاب البيوع، باب في المضارب يخالف، (3/ 256)، برقم 3385، والترمذي في أبواب البيوع عن رسول الله r، (2/ 550)، برقم 1258، وابن ماجه في كتاب الصدقات، باب الأمين يتجر فيه فيربح، (2/ 803)، برقم 2402، من طريق سعيد ابن زيد عن الزبير بن الخِرّيت عن أبي لبيد عن عروة عنه.

[11] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 147).

[12] ينظر: الوسيط، للغزالي، (3/ 22)، البيان، للعمراني، (5/ 66)، المجموع، للنووي، (9/ 259).

[13] ينظر: المحرر، لعبد السلام بن تيمية، (1/ 310)، الشرح الكبير على المقنع، لعبد الرحمن بن قدامة، (4/ 16)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 9).

[16] سبق تخريجه، ينظر: ص(276).

[17] ينظر: البيان، للعمراني، (5/ 66).

[18] الفرق بفتح الفاء والراء، وقد تسكن الراء: مكيال يسع ثلاثة آصع، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (3/ 437)، فتح الباري، لابن حجر، (4/ 16)، ويساوي 6,525 كيلو جرامًا، أو 8,25 لترًا من الماء المقطر، ينظر: بحث في تحويل الموازين والمكاييل الشرعية إلى المقادير المعاصرة، لعبد الله بن منيع، ص (181)، منشور في مجلة البحوث الإسلامية، العدد 59، الإيضاحات العصرية، لمحمد صبحي حلاق، ص(95).

[19] أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه فرضي، (3/ 104)، برقم2215، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة، والتوسل بصالح الأعمال، (4/ 2099)، برقم 2743.

تمت قراءة هذا المقال بالفعل15 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | استمرار الابتلاء مع الصبر

Next Post

رييل ستوري | من أعطى في صداق امرأة سويقا أو تمرا، فقد استحل

Related Posts

رييل ستوري | المجيب جل جلاله وتقدست أسماؤه

المُجِيبُ   عَنَاصِرُ الموْضُوعِ: أولًا: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ المُجِيبَ مِنْ أَسْمَاءِ الله تَعَالَى. ثانيًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (المُجِيبِ). ثالثًا: المَعَانِي الإِيمَانِيَّةُ لاسْمِ المُجِيبِ.…
Read More