dark

رييل ستوري | {فأما اليتيم فلا تقهر * وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث}

اعلانات

المعنى العميق لقوله تعالى:

﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى: 9 – 11]

 

في آية من سورة الضحى يقول الله عز وجل لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ﴾ [الضحى: 5]، هذا الوعد من الله بأن يعطي نبيَّه حتى يرضى هو وَعْدٌ مؤكَّد بصيغة توكيد قوية، لكنه يتطلَّب منا التأمل في الدليل الذي يثبت هذا الوعد.

 

الدليل على هذا الوعد:

الدليل يأتي مباشرة في الآيات التالية: ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ﴾ [الضحى: 6 – 8].

 

هنا، يستخدم الله تذكيرًا بنِعَمِه السابقة كضمان لمستقبل أكثر إشراقًا، الله يستشهد بأنه لم يخذل نبيَّه في السابق، ولم يتخلَّ عنه، بل كان دائمًا موجودًا له، داعمًا له في أوقات الحاجة، وهذا بمثابة “الضمانات” التي يقدمها الله لنبيِّه؛ ليطمئن قلبه، ويؤكد له أن الله لا يخلف وعده.

 

متى يتحقق هذا الوعد؟

الجواب يأتي في الآية التالية: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 9 – 11] الله هنا يطلب من نبيِّه أن يقوم بثلاثة أمور مقابل ثلاثة أعمال قام بها الله له من قبل:

1- ﴿ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى ﴾ – ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ: عندما وجدك الله يتيمًا، آواك وحماك، في المقابل لم يطلب منك أن تُؤوِي يتيمًا، بل فقط ألَّا تقهر اليتيم.

 

2- ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ: عندما وجدك الله فقيرًا، أغناك، في المقابل لم يطلب منك أن تُغني أحدًا، بل فقط أن تشكر الله على نِعَمِه وتُحَدِّث بها.

 

تفسير الآية ﴿ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ:

لكن ماذا عن الآية الثانية، ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى؟ الجواب يكمن في فهم كلمة “السائل”، “السائل هنا ليس مجرد من يتسوَّل المال، بل يمكن أن يكون السائل عن الهداية، أو العلم، أو المعرفة. الله وجد نبيَّه ضالًّا فهداه؛ أي: إنه كان سائلًا يبحث عن الحقيقة والهداية، فهداه الله، في المقابل يطلب الله من نبيِّه ألَّا ينهر من يسأله، سواء كان سؤاله عن الهداية أو عن العلم أو عن أي شيء آخر.

 

السائل الذي يُنهى عن نهره يمكن أن يكون:

طفلًا صغيرًا: يسأل الكثير من الأسئلة بدافع الفضول والمعرفة، ويواجه الزجر من البالغين؛ مما قد يقتل فيه روح الاكتشاف والتعلُّم.

 

الطالب في الصف المدرسي أو الجامعي: الذي يتردَّد في طرح الأسئلة خوفًا من السخرية أو الزجر من المعلم أو الزملاء.

 

السائل عن الدين: الذي يطرح الأسئلة عن العقيدة أو المفاهيم الدينية، وقد يواجه الزجر أو الاتهام بالكفر بدلًا من التوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة.

 

الفهم الصحيح لهذه الآية:

الله هنا يوضح أن “السائل” يمكن أن يكون أي شخص يبحث عن المعرفة أو الحقيقة أو الهداية، وليس فقط من يسأل عن المال، وبهذا الفهم تتضح الآية بشكل أعمق بكثير، فهي تحمل رسالة تعليمية ونفسية مهمة للغاية؛ فهي تنص على أن “الضالَّ” الذي يهديه الله هو جزء من الكل؛ أي: “السائل” الذي يبحث عن الهداية أو المعرفة أو أي شيء آخر.

 

الأبعاد النفسية والاجتماعية:

إذا فهمنا الآية بهذا الشكل، فهي تمثل فصلًا كاملًا من علم النفس. الأضرار النفسية الناتجة عن زجر السائل، سواء كان طفلًا أو طالبًا أو باحثًا عن الحقيقة، هي أضرار عميقة تؤثر في نموِّه الفكري والنفسي. التنَمُّر والزجر والإهانة تترك آثارًا سلبية قد تصل إلى الاكتئاب أو حتى الانتحار.

هذا التوجيه القرآني يقدم حلًّا لمشكلة اجتماعية كبيرة تتسبب في أضرار للمجتمع ككل ﴿ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 15].

 

الخاتمة:

الفهم العميق لهذه الآية يتطلب منا احترام كل سائل، مهما كان نوع سؤاله، الله سبحانه وتعالى لا يريد منا أن ننهر أحدًا يسأل عن أي شيء، بل أن نتعامل معه بلُطْف وحكمة؛ مما يعزز من قيم الاحترام والتعَلُّم في المجتمع.



تمت قراءة هذا المقال بالفعل9 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | لا أدري هل أنا مخطوبة أم لا

Next Post

رييل ستوري | النهي عن إتيان الكهنة والعرافين والتحذير من تصديقهم

Related Posts