dark

رييل ستوري | المعاملات المصرفية الممنوعة لأجل الغرر، والقواعد الحاكمة لها

اعلانات

المعاملات المصرفية الممنوعة لأجل الغرر، والقواعد الحاكمة لها

 

وفي مقابل الزيادة الربوية، تأتي النقيصة التي تنشأ عن الغرر؛ سواء الواقع جهلًا أو عمدًا، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في خصوص البيوع؛ كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة،[1] وعن بيع الغرر، [2] وأُلحق بالبيع سائر المعاوضات والمخاطرات.

 

وهذا التغرير على قسمين:

الأول: ما انطوى عنا أمره؛[3] من كل جهالةٍ مؤديةٍ للمنازعة؛[4] سواء كانت في السلعة، أو الثمن، أو الأجل، أو وسائل التوثيق؛ كالرهن.

 

والحكمة من النهي عن ذلك – والله أعلم – منع كل ما يؤدي إلى الخصومة والمنازعة بين المتعاقدين؛ لذا ضُبط الغرر المنهي عنه بالغرر الذي لم تجرِ العادة بالتسامح به، فخرج عن النهي الغرر اليسير، والتابع غير المقصود أصالة، وما لا يمكن التحرز منه؛[5] إذ لا يخلو بيعٌ منه[6].

وقد عالجت الشريعة الغرر بالأمر بالبيان والصدق، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما”[7].

وضابط ذلك: أن يبين البائع كل ما له أثر في الثمن، وفي قطع المنازعة، “وإنما العدل لا يضر بأخيه المسلم، والضابط الكلي فيه ألا يحب لأخيه إلا ما يحب لنفسه، فكل ما لو عومل به شقّ عليه، وثقل على قلبه، فينبغي ألا يعامل غيره به”[8].

والثاني: ما خفيت علينا عاقبته؛[9] من كل مخاطرة تؤدي للمنـازعة، وهو الميسـر، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[10].

ومن الحكمة من ذلك – والله أعلم – منع أيِّ مبادلة صفرية،[11] يدور العاقد فيها بين أن يغنم مالًا وفيرًا، أو يغرم جميع ماله دون أيّ مقابل،[12] أو يقال: “الغرر هو الخطر الذي استوى فيه طرف الوجود والعدم بمنـزلة الشك”،[13] فلم تمنع الشريعة من كل مخاطرة؛ إذ لا تخلو تجارةٌ منها،[14] وإنما منعت من كل مخاطرة لم يغلب فيها جانب النفع والربح.

 

وقد عالجت الشريعة الميسر بأمر المقامر بالصدقة؛ فإذا هو يدفع بعض ماله دون أيّ مقابل دنيوي يعود عليه، لكن ابتغاءً للأجر من الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق”[15].

ومن أهم القواعد الحاكمة للغرر الممنوع:

‌أ- قواعد النظر في المعاملة من جهة بواعث عقدها:

أن يقصد العاقد المعاملةَ لأجل ما فيها من الغرر، ولولا الغرر لما دفع هذا العوض، يقول الدكتور سامي السويلم: “وتتضح ما إذا كانت المعاوضة صفرية أو لا، بتقدير انتفاء الجهالة من المعاملة، ثم النظر في مدى رضى الطرفين بإبرام العقد، كما أوضحه أشهب رحمه الله[16][17].

 

ومما يغتفر ويتسامح فيه في باب الغرر – وكذلك الربا – وقوعه فيما هو تابع،[18] وضابط التابع: ما كان غير مقصودٍ أصالةً بالعقد،[19] ولم يغلب عليه[20].

 

ودليل ذلك: ما أخرجه الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من ابتاع عبدًا فماله للذي باعه، إلا أن يشترط المبتاع”،[21] ويدل هذا الحديث على:

أ‌- اغتفار جهالة المال الذي عند العبد؛ لكونه ليس هو المقصود أصالةً بالعقد[22].

ب‌- اغتفار جريان ربا الفضل، ببيع عبد ومال بمال؛ لأن ماله جاء تبعًا[23].

‌ب- قواعد النظر في المعاملة من جهة شكل العقد وصورته، ومن ذلك:

1- أن تظهر في شكل العقد صورة القمار، وصورته: “تعليق الملك، أو الاستحقاق بالخطر”،[24] والمقصود بالخطر أن يتردد العاقد بين الغنم والغرم،[25] وذلك بأن “يؤخذ مال الإنسان، وهو على مخاطرة؛ هل يحصل له عوضه، أو لا يحصل؟”،[26] ومن ذلك أيضًا أن يُعلق تمييز الغانم من الغارم في صورة العقد بأمرٍ تخفى عاقبته[27].

 

قال أشهب في بيان معاملة الغرر: ” ألا ترى أنها إن سلمت أخذ الضامن من مال المضمون مالًا باطلًا بغير شيء أخرجه، وإن عطبت غرم له قيمتها في غير مالٍ ملكه، ولا كان له أصله، ولا جرّته له فيه منفعة”[28].

 

2- أو أن تظهر فيه صورة الجهالة، قال الخطابي: “وأبواب الغرر كثيرة، وجماعها: ما دخل في المقصود منه الجهل”،[29] فينظر الباحث إلى عوضي العقد؛ فإن وجد جهالةً فاحشةً في أحد عوضيه، أو مقصود منه غالبًا؛ فهو غررٌ مانعٌ من صحة العقد[30].

 

ج‌- قواعد النظر في المعاملة من جهة نتائجها وآثارها:

1- فينظر هل ربح وانتفاع كلا الطرفين من العقد أرجح من احتمال ربح أحدهما وخسارة الآخر، فإن كان كذلك جاز؛ وهو من العقود الإيجابية النافعة، وإن كان الاحتمال الثاني أرجح من الأول، كان من الغرر، وكذلك إن استوى الاحتمالان، قال البُهوتي[31]: “وفسّره القاضي وجماعة: بما تردد بين أمرين، ليس أحدهما أظهر”[32].

2- أن ينظر في هذه الجهالة، فإن كانت جالبة للعداوة والبغضاء، وأكل المال بالباطل،[33] فهي من الغرر المنهي عنه، ويشمل ذلك النظر في ثلاث جهات قد تتسبب في ذلك: العلم بالعوض، والعلم بحصوله، والقدرة على تسليمه[34].

 

وهل يستثنى من ذلك الغرر الواقع في عقود التبرعات؟

مسألة: حكم الغرر في عقود التبرعات:

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: عدم جواز الغرر في عقود التبرعات.

وهو قول الجمهور، من الحنفية،[35] والشافعية،[36] والحنابلة،[37] واختاره ابن حزم[38].

 

ففي تحفة الفقهاء: “ولو وهب رجل لرجل ما في بطن جاريته، أو غنمه، أو ما في ضروعها… فإنه لا يجوز لأن بعض هذه الأشياء معدوم عند العقد، أو معجوز التسليم لمعنى في المحل، أو مجهول؛ حتى لا يكون محلًا للبيع، وإذا كان هكذا، فيكون فاسدًا”[39].

 

وفي روضة الطالبين: “لا تصح هبة المجهول”[40].

وفي الإنصاف: “ولا تصح هبة المجهول”[41].

 

واستدلوا من السنة: بما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر[42].

 

ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغرر في البيوع، وتلحق بالبيوع سائر المعاملات؛ من معاوضات وتبرعات؛ بجامع أن المعاملات جميعها شُرعت لحفظ المال.

 

ونوقش هذا الاستدلال: بأن النهي عن الغرر في الحديث جاء في خصوص البيع؛ فيلحق به ما يشبهه من عقود المعاوضات، والمماكسات التي يُرجى فيها طلب الحظ، وتنمية الأموال، بخلاف عقود التبرعات التي يقصد منها الإرفاق والإحسان، وتنتفي عنها الجهالة المؤدية إلى المنازعة[43].

 

القول الثاني: جواز وقوع الغرر في عقود التبرعات.

وهو مذهب المالكية،[44] وقول للحنابلة،[45] اختاره ابن تيمية[46].

ففي التاج والإكليل: “الغرر في الهبة لغير الثواب يجوز”[47].

وفي الإنصاف: ” وقال الشيخ تقي الدين – رحمه الله -: وتصح هبة المجهول”[48].

واستدلوا من الكتاب، والسنة، والمعقول:

(1) استدلوا من الكتاب:بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى[49].

ووجه الدلالة: أن الله تعالى امتدح الصدقة على ذي القربى، وأطلقها؛ فجازت مع الجهالة[50].

(2) واستدلوا من السنة: بما أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يهبه كُبّة من شعر[51] أخذها من الغنائم، فقال صلى الله عليه وسلم: “أما ما كان لي، ولبني عبد المطلب فهو لك”[52].

 

ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم وهب للرجل نصيبه ونصيب بني عبد المطلب، وهو مقدار مشاع مجهول؛ فدلّ ذلك على صحة هبة المجهول، وجواز الغرر في عقود التبرعات[53].

 

ونوقش: أن نصيب النبي صلى الله عليه وسلم من الغنائم خمس الخمـس، ونصـيب بني عبد المطلب كذلك، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم وهب للرجل خمسي خمس الكبة، وهو نصيب مشاع معلوم.

 

(3) واستدلوا من المعقول: بأنالأصل في العقود الحلّ والصحة،[54] ولا دليل على المنع.

 

ويناقش: بأن المانع هو حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق.

 

القول المختـار:

جواز الغرر في عقود التبرعات؛ إذ ليس ثمة ضرر على العاقدين، فالمتبرع قصد الأجر، والآخذ ما حصل له من هذا التبرع فمغنم، وما فاته لم يكن عليه بمغرم، وأصل العقود على الإباحة.

 

ويتلخص مما سبق، أن ما يستثنى من الغرر يتصف بإحدى أربع صفات:

1- أن لا يكون مقصودًا؛ أيّ ليس هو محل العقد الأساسي[55].

2- أن لا يمكن التحرز منه؛ لكونه ملازمًا للعقد الأساسي[56][57].

3- أن يكون يسيرًا؛ أيّ أن احتمال الضرر قليل، أو منخفض[58].

4- أن تدعو إليه الحاجة المعتبرة شرعًا[59].

5- أن يكون في عقودٍ قُصد بها التبرع، والإرفاق.

 

وأكثر ما يقع الخلاف – في كون الغرر مؤثرًا أو لا – في القيد الثالث، فيختلف أهل العلم هل الغرر في هذه المعاملة كثير فيمنع، أو قليل فيباح؟، قال القرافي: “ثم الغرر والجهالة ثلاثة أقسام: كثيرٌ ممتنعٌ إجماعًا؛ كالطير في الهواء، وقليلٌ جائزٌ إجماعًا؛ كأساس الدار وقطن الجبة، ومتوسطٌ اختلف فيه؛ هل يلحق بالأول أو الثاني؟، فلارتفاعه عن القليل ألحق بالكثير، ولانحطاطه عن الكثير ألحق بالقليل، وهذا هو سبب اختلاف العلماء في فروع الغرر والجهالة”[60].

وقد اجتهد بعض أهل العلم المعاصرين في ضبط الغرر الكثير المؤثر، لكنهم اختلفوا في ذلك:

‌أ- فمنهم من ضبطه: بما كثر فيه الغرر، وغلب عليه؛ حتى صار البيع يوصف به، فيقال: بيع غرر،[61] فضبطه من جهة الكمية.

 

‌ب- ومنهم من ضبطه: بالغرر الذي يفضي إلى مفسدةٍ أعظم من المصلحة التي أبيح العقد لأجلها،[62] فضبطه بآثاره.

 

‌ج- ومنهم من ضبطه: بالغرر الذي يكون فيه احتمال النتيجة الصفرية (انتفاع أحد الطرفين على حساب تضرر الطرف الآخر) أرجح من احتمال النتيجة الإيجابية (انتفاع الطرفين معًا)؛[63] فضبطه من جهة حقيقة العقد، ومقصوده.

 

وكل زوايا النظر هذه صحيحة، لكن يبقى أن ضبط الغرر بما ذُكر يُبقي مساحة ضبابية، لا تقطع الخلاف في التقدير والتغليب، ومن أجمل ما يُحرر به الغرر المختلف فيه أن يقال: إن العقد المشتمل على الغرر المتردد بين الكثرة والقلة يبقى في دائرة الحلّ والإباحة؛ حتى تظهر الحكمة من منع الغرر؛ فإن ظهرت بوادر نشوء العداوة والبغضاء بين المتعاقدين، عُلم اشتمال العقد على الغرر الممنوع، فيُمنع عندها، وتدل على ذلك شواهدٌ من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وتطبيقاته[64]:

أ‌- ما أخرجه البخاري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبايعون الثمار، فإذا جدّ الناس، وحضر تقاضيهم،[65] قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدُّمَان، أصابه مِرَاض، أصابه قُشَام؛[66] عاهات يحتجون بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كثرت عنده الخصومة في ذلك، فإما لا، فلا يتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر؛ كالمشورة يشير بها؛ لكثرة خصومتهم[67].

 

فسمح لهم النبي صلى الله عليه وسلم ابتداءً في بيع الثمار قبل بدو صلاحها؛ فلما كثرت الخصومات؛ لأجل كثرة العاهات التي تصيب الثمار قبل الصلاح، منع صلى الله عليه وسلم بيعها؛ حتى يبدو صلاحها، فكان سبب المنع هو وجود الغرر المؤثر، وكان مظهِره ظهور العداوة والبغضاء بين الناس.

 

ب‌- وما أخرجه أحمد والنسائي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كان أصحاب المزارع يكرون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم مزارعهم، بما يكون على الساقي من الزرع، فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختصموا في بعض ذلك، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكروا بذلك، وقال: “أكروا بالذهب والفضة”[68].

 

فتُركوا ابتداءً على تعاقداتهم، فلما ظهر بسببها النـزاع، منعوا منها، وأمروا بما يدفع الغرر والمنازعة.

 

وعليه، فمتى نتج عن البديل، أو الأداة المالية في صورتها الأصلية، أو المطوّرة ما يجلب التخاصم بين المسلمين تأكد على الناظر فيها منعها؛ دفعًا للغرر الممنوع.

 

وينتبه عند ذلك لحجم المصلحة المتحققة من هذا العقد الجالب للعداوة بين الناس، فقد تشتمل المعاملة على الغرر الجالب للعداوة والمنازعة، ومع ذلك تبيحها الشريعة؛ لأجل عظـم المصلحة التي تترتب عليها، والتي تفضل مفسـدة ذلك الغرر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وإذا كانت مفسدة بيع الغرر هي كونه مظنة العداوة والبغضاء، وأكل الأموال بالباطل، فمعلوم أن هذه المفسدة إذا عارضتها المصلحة الراجحة قدّمت عليها، كما أن السباق بالخيل والسهام والإبل لما كان فيه مصلحة شرعية جاز بالعوض، وإن لم يجز غيره بعوض”[69].

 

وهذا ينبهنا على أن مفسدة الغرر أقل من مفسدة الربا؛ لذا رُخص في الغرر الذي تدعو إليه الحاجة، ما لم يرخص في الربا[70].

 

وأكثر من توسع في منع المعاملات لأجل الغرر، هم الشافعية، وأكثر من توسع في منع المعاملات؛ خوفًا من الربا هم المالكية؛[71] حتى منعوها لمجرد خوف التّهمة، والحق بين هذين، فتعرض المعاملات المصرفية؛ في خصوص أبواب القروض والبيوع على القواعد الحاكمة للربا، وفي عموم أبواب المعاوضات، أو المخاطرات على القواعد الحاكمة للغرر، ويحكم عليها بحسب ذلك، مع استصحاب أصل الحلّ عند عدم المانع الراجح.

 

ثم ينبغي النظر بعين الاهتمام في الدفع بالأدوات والبدائل المبتكرة إلى ما حرصت الشريعة عليه، من استئصال أخلاق الجشع من المتعاقدين، وتربيتهم على سلوك ما فيه نفع لهم ولمجتمعاتهم، وعلى ما هو من أضداد وقوعهم في الربا والغرر، من خلال حثّهم على الزكاة، والصدقة، والقرض، ولزوم الصدق والبيان، وقيام معاملاتهم على قواعد العدل.

 

وما خلصنا إليه في هذا المبحث بمطلبيه لخّصه ابن القيم – رحمه الله – في كلمات، يقول فيها: “والأصل في العقود كلها إنما هو العدل الذي بعثت به الرسل وأنزلت به الكتب، قال تعـالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾،[72] والشارع نهى عن الربا لما فيه من الظلم، وعن الميسر لما فيه من الظلم، والقرآن جاء بتحريم هذا وهذا، وكلاهما أكل المال بالباطل، وما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من المعاملات… هي داخلة إما في الربا، وإما في الميسر”[73].


[1] بيع الحصاة: من بيوع الجاهلية، قيل: هو أن يقول: أيّ شيء من هذه المبيعات وقعت عليه حصاتي هذه فهو لك بكذا، ثم يرمي الحصاة، وقيل: أن يقول: إذا رميت هذه الحصاة فقد وجب البيع، وقيل: غير ذلك، ينظر: غريب الحديث، لأبي عبيد، (1/ 234)، التمهيد، لابن عبد البر، (13/ 12).

[2] أخرجه مسلم في كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذي فيه غرر، (3/ 1153)، برقم 1513.

[3] ينظر: المهذب، للشيرازي، (1/ 262).

[4] ينظر: البحر الرائق، لابن نجيم، (6/ 176)، حاشية ابن عابدين، (8/ 219).

[5] ينظر: الفروق، للقـرافي، (3/ 337)، المجموع، للنـووي، (9/ 258)، مجموع فتاوى ابن تيمية، (20/ 341)، الغرر في العقود، للصديق الضرير، ص(39-47).

[6] ينظر: المنتقى، للباجي، (5/ 41).

[7] أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا بيّن البيعان ولم يكتما ونصحا، (3/ 76)، برقم 2079، ومسلم في كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان، (3/ 1164)، برقم 1532 عن حكيم بن حزام رضي الله عنه.

[8] إحياء علوم الدين، للغزالي، (2/ 74- 75).

[9] ينظر: المهذب، للشيرازي، (1/ 262).

[10] [المائدة: 91].

[11] وقد عرّف ابن الهمام الميسر بما يقرب من هذا المعنى، إذ قال: “حاصله تعليق الملك، أو الاستحقاق بالخطر”، شرح فتح القدير، (4/ 493).

[12] ينظر: إكمال المعلم، للقاضي عياض، (5/ 133).

[13] بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 163).

[14] ينظر: زاد المعاد، لابن القيم، (5/ 816).

[15] سبق تخريجه، ص(63).

[16] هو أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي، أبو عمرو المصري المالكي، يقال: اسمه مسكين، وأشهب لقبه، مفتي مصر في زمانه، أخذ عن مالك والليث بن سعد، فضله بعضهم على ابن القاسم، توفي سنة 204هـ، ينظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي، (9/ 500-503)، شذرات الذهب، لابن العماد، (2/ 12).

وعبارته في المدونة، (9/ 28): “ألا ترى أنه لا يصلح أن يقول الرجل للرجل: اضمن لي هذه السلعة إلى أجل، ولك كذا؛ لأنه أعطاه ماله فيما لا يجوز لأحد أن يبتاعه، ولأنه غرر وقمار، ولو علم الضامن أن السلعة تموت، أو تفوت لم يرض أن يضمنها بضعف ما أعطاه، ولو علم المضمون له أنها تسلم لم يرض أن يضمنها إياه، بأقل مما ضمنه إيّاها به أضعافًا، بل لم يكن يرض بدرهم واحد”.

[17] قضايا في الاقتصاد، ص(264).

[18] ينظر: المعايير الشرعية، ص(419-420).

[19] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 58)، حاشية الدسوقي، (3/ 173)، المنثور، للزركشي، (3/ 376)، القواعد، لابن رجب، ص(286).

[20] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 69)، وقيّده المالكية بالثلث فأقل، ينظر: التفريع، لابن الجلاب، (2/ 202).

[21] أخرجه البخاري في كتاب المساقاة، باب الرجل يكون له ممر، أو شرب في حائط، أو في نخل، (3/ 150)، برقم 2379، ومسلم في كتاب البيوع، باب من باع نخلًا عليها ثمر، (3/ 1173)، برقم 1543.

[22] ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي، (3/ 314)، الحاوي، للماوردي، (5/ 125)، المغني، لابن قدامة، (4/ 30).

[23] ينظر: القبس، لابن العربي، (2/ 805)، المغني، لابن قدامة، (4/ 58).

[24] شرح فتح القدير، لابن الهمام، (4/ 493).

[25] ينظر: شرح السنة، للبغوي، (10/ 395)، الحاوي الكبير، للماوري، (15/ 192)، المغني، لابن قدامة، (9/ 468).

[26] مجموع فتاوى ابن تيمية، (19/ 283).

[27] ينظر: القمار حقيقته وأحكامه، لسليمان الملحم، ص(74-75).

[28] المدونة، (9/ 28).

[29] معالم السنن، (3/ 88).

[30] ينظر: شرح حدود ابن عرفة، للرصاع، (2/ 26).

[31] هو منصور بن يونس بن صلاح الدين، أبو السعادات البُهوتي، شيخ الحنابلة بمصر، من مصنفاته: كشاف القناع، وشرح منتهى الإرادات، توفي سنة 1051هـ، له ترجمة في السحب الوابلة، لابن حميد، (3/ 1131-1133)، معجم المؤلفين، لكحالة، (3/ 920).

[32] شرح منتهى الإرادات، (2/ 11)، وينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 163).

[33] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (4/ 180)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (3/ 314)، الفتاوى الكبرى، لابن تيمية، (3/ 428).

[34] ينظر: التلقين، لعبد الوهاب البغدادي، (2/ 380).

[35] ينظر: تحفة الفقهاء، للسمرقندي، (3/ 163-164)، بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 119)، درر الحكام، لعلي حيدر، (2/ 343).

[36] ينظر: الحاوي، للماوردي، (5/ 272)، التنبيه، للشيرازي، ص(138)، نهاية المطلب، للجويني، (8/ 411)، روضة الطالبين، للنووي، (5/ 373).

[37] ينظر: المغني، لابن قدامة، (6/ 47)، المبدع، لبرهان الدين بن مفلح، (5/ 366)، الإنصاف، للمرداوي، (7/ 132).

[38] ينظر: المحلى، (9/ 116).

[42] سبق تخريجه، ص(252).

[43] ينظر: الفروق، للقرافي، (1/ 276).

[44] ينظر: الإشراف، لعبد الوهاب، (2/ 678)، الكافي، لابن عبد البر، ص(529)، بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 247)، الذخيرة، للقرافي، (6/ 243)، التاج والإكليل، للمواق، (6/ 51)، مواهب الجليل، للحطاب، (6/ 51).

[45] ينظر: حاشية الروض المربع، لابن قاسم، (6/ 6).

[46] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (31/ 270)، الإنصاف، للمرداوي، (7/ 133).

[50] ينظر: الإشراف، لعبد الوهاب، (2/ 678).

[51] بضم الكاف، وتشديد الموحدة؛ أي قطعة مكبكبة من غزل شعر، ينظر: شرح النووي على مسلم، (14/ 108)، الدلائل في غريب الحديث، للسرقسطي، (2/ 861).

[52] أخرجه أحمد، (11/ 339)، برقم 6728، وأبو داود في كتاب الجهاد، باب في فداء الأسير بالمال، (3/ 63)، برقم2694، والنسـائي في كتاب الهبة، باب هبة المشـاع، (6/ 574)، برقم3690، قال ابن عبد البر في التمهيد، (20/ 49): “حديث متصل جيد الإسناد”، وصححه ابن القيم في إعلام الموقعين، (2/ 8).

[53] ينظر: إعلام الموقعين، لابن القيم، (2/ 8).

[54] ينظر: القواعد النورانية، ص(201)، جامع الرسائل، لابن تيمية، (2/ 317)، إعلام الموقعين، لابن القيم، (1/ 259)، الموافقات، للشاطبي، (1/ 284)، نهاية المحتاج، للرملي، (3/ 477).

[55] ينظر: حاشية الدسوقي، (3/ 173)، نهاية المحتاج، للرملي، (4/ 148)، المغني، لابن قدامة، (4/ 58)، نيل الأوطار، للشوكاني، (5/ 244).

[56] ينظر: شرح فتح القدير، لابن الهمام، (7/ 87)، بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 118)، المجموع، للنووي، (9/ 258)، ونقل الإجماع ابن القيم في زاد المعاد، (5/ 821).

[57] انظر مثالًا على ذلك: موسوعة فتاوى المعاملات المالية، (11/ 268).

[58] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (13/ 41)، بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 118)، المجموع، للنووي، (9/ 258)، ونقل الإجماع ابن القيم في زاد المعاد، (5/ 821).

[59] ينظر: المجموع، للنووي، (9/ 258)، مجموع الفتاوى، لابن تيمية، (29/ 25-26).

[60] الفروق، للقرافي، (3/ 433-434)، وينظر: بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 118)، المجموع، للنووي، (9/ 258).

[61] ينظر: الغرر، وأثره في العقود، للصديق الضرير، ص(592)، وقد جعله الباجي بهذا الضابط مما لا خلاف في منعه أصلًا، ينظر: المنتقى، (5/ 41).

[62] ينظر: قاعدة الغرر، لعبد الله السكاكر، ص(184).

[63] ينظر: مقالات في التمويل الإسلامي، للسويلم، (17-18)، ويراجع: مجموع فتاوى ابن تيمية، (20/ 538-539).

[64] وقد أشار إلى هذه الأدلة: علي الخفيف، التأمين، ضمن مجلة الأزهر، السنة 37، 354، الضرير، الغرر وأثره في العقود، ص(593)، والسكاكر، قاعدة الغرر، ص(184-186).

[65] جدّ الناس: أي قطعوا الثمار، وحضر تقاضيهم: أي طلبهم، ينظر: عون المعبود، للعظيم آبادي، (9/ 161).

[66] الدّمان: ضبطه أبو عبيد بفتح الدال، والخطابي بضمها، داءٌ يصيب الطلع فيسود، قبل أن يلقح، والمراض: بكسر أوله للأكثر، وقال الخطابي بضمها، اسمٌ لجميع الأمراض والعاهات التي تصيب النخل، والقشام: بضم القاف، داءٌ يصيب الثمر قبل أن يصير بلحًا، فلا يرطب، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (2/ 135)، شرح صحيح البخاري، لابن بطال، (6/ 317-318)، فتح الباري، لابن حجر، (4/ 395).

[67] أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، (3/ 100)، برقم 2193 وقد أشار إلى هذه الأدلة: الضرير، الغرر وأثره في العقود، ص(593)، والسكاكر، قاعدة الغرر، ص(184-186) .

[68] أخرجه أحمد، (3/ 120)، برقم 1541، والنسائي في كتاب المزارعة، ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، واختلاف ألفاظ الناقلين للخبر، (7/ 51)، برقم 3903، وحسنه الألباني لشواهده في صحيح سنن النسائي، (2/ 819)، برقم 3642، وقال ابن حجر في فتح الباري، (5/ 25): “ورجاله ثقات، إلا أن محمد بن عكرمة المخزومي لم يرو عنه إلا إبراهيم بن سعد”.

[69] القواعد النورانية، ص(132).

[70] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 25).

[71] ينظر: المصدر السابق، (29/ 30-33).

[73] إعلام الموقعين، (1/ 292).

تمت قراءة هذا المقال بالفعل231 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | حجية السنة النبوية وبعض أدلتها من القرآن الكريم والسنة المطهرة

Next Post

رييل ستوري | باسم الله اللهم أذهب حرها وبردها ووصبها والتبريك لمن رأى في نفسه أو من أخيه ما يعجبه

Related Posts

6-حوار مفتوح مع الشيخ عثمان الخميس/ المهدي المنتظر عند الشيعة الإمامية/ قناة وصال/الشيخ عثمان الخميس

www.facebook.com/othmanalkamees www.twitter.com/othmanalkamees www.youtube.com/othmanalkamees … تمت قراءة هذا المقال بالفعل277 مرة! ✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص…
Read More