dark

رييل ستوري | أحب البقاع إلى الله (خطبة)

اعلانات

أحب البقاع إلى الله

خطبة الحاجة:

المقدمة:

أيها المسلمون، قال الله تعالى: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾ [الجن: 18]، وقال جل جلاله: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ﴾ [النور: 36]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وما اجتمَعَ قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتابَ اللهِ ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينةُ، وغشيتهم الرحمةُ، وحفَّتهم الملائكةُ، وذكرهم اللهُ فيمن عنده”؛ رواه مسلم.

 

أيها المسلمون، المساجد بيوت الله، وأحبُّ البقاع إلى الله تعالى، وقد أضافها الله عز وجل إلى نفسه إضافةَ تعظيمٍ وتشريفٍ، فقال سبحانه: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ﴾.

 

أيها الناس، حين دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وأزواجه أجمعين المدينة كان أول مشروع فكَّر فيه وبدأ به هو بناء مسجده المسجد النبوي الشريف؛ مسجد فراشه الرمال، والحصباء، وسقفه الجريد، وأعمدته جذوع النخل، ولكن هذا المسجد النبوي الشريف خرَّج قادة الأمة وساستها الذين هابتهم الدنيا وخضعت لهم الرقاب، خرَج من ذلك المسجد أعلامُ الصاحبة والتابعين من أئمة التفسير ورواة الحديث والسُّنَّة، وأعلام الفقهاء.

 

كان مسجدًا ومعهدًا وجامعةً، كان محضنًا للتربية، يغرس القيم الأخلاقية، وينشر الفضائل، تخرج من المسجد الحُفَّاظ، والعلماء والفقهاء والقضاة، والقادة، ورواة الحديث والسُّنَّة، فما أعظمها من رسالة خالدة كانت المساجد تؤدِّيها!

 

كلما انغمس الناس في مباهج الحياة، وشُغِلوا بالمال والولد أيْقَظَهم المسجد من غفلتهم، فصدع فيهم من على مآذن المساجد، كل يوم خمس مرات: أن هلمُّوا إلى الصلاة، حي على الفلاح، هنا تنتهي جميع الأعمال الدنيوية، وتتوقَّف الشواغل المادية، وينهض النائم من فراشه في مسارعة لتلبية النداء: حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خيرٌ من النوم.

 

أيها المسلمون، يلتقي المصلُّون في المسجد، فتتصافح أيديهم، وتتلاصق أبدانهم، وتتآلف قلوبهم، فتشيع بينهم الأُلْفة والمحبة، وتذوب جميع الفوارق مهما كانت؛ كبُرت أم صغُرت.

 

أيها المسلمون، المسجد يُطهِّر المجتمع من الفحشاء والمنكر ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45].

 

أيها المسلمون، المساجد مراكزُ علمٍ وتعليمٍ ومدارسةٍ لكلام الله تعالى، ومراكز علم ومدارسة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينةُ وغشيتهم الرحمةُ وحفَّتهم الملائكةُ وذكرهم اللهُ فيمن عنده”؛ رواه مسلم.

 

أيها المسلمون، إن المساجد هي محاضن التربية لهذه الأجيال، وخاصة في هذا العصر وهذا الزمن الذي كثرت فيه الأهواء والشبهات والشهوات، فدور المسجد في الإسلام دورٌ عظيمٌ، ومهمته ووظيفته عظيمة وجليلة.

 

أيها المسلمون، إن المسجد الذي خرج أطفال الصحابة وأطفال السلف الصالح، قادر على أن يخرج أمثالهم، إذا تم استشعار رسالة المسجد ووظيفته، ودوره البنَّاء في تربية الأبناء والبنات، وَفْق منهج الله، وعلى منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

أيها المسلمون، إذا أراد المسلمون تربيةً صحيحةً لأبنائهم، وغرس الإيمان في نفوسهم، وغرس حب الإسلام، وحب رسول الله وحب آل البيت وحب الصحابة وحب الخير والسُّنَّة وحب العمل الصالح، كل ذلك نجده في تربية المساجد التي هي منارات تشعُّ منها أنوار القرآن، وأنوار السنة المطهرة، إذا أردنا معالجة أي انحراف عقدي أو أخلاقي، أو سلوكي، أو انحراف فكري، فعلاج ذلك في بيوت الله المساجد، ويكون ذلك بإحياء رسالة المسجد، ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18]، فلا هداية، ولا راحة، ولا اطمئنان، ولا سعادة إلا في بيوت الله المساجد.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، قلت ما سمعتم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وأزواجه أجمعين، أما بعد:

أيها المسلمون، تا لله، ما قيمة الحياة إذا خلت من السعي المشكور؟! تالله، ما قيمة الحياة إذا لم تعمر بالعمل المبرور؟! وما تغني الدنيا كل الدنيا بأيامها المعدودة وأعوامها المحدودة إذا لم يقدم المرء بين يديه أو يخلف من ورائه من الصالحات ما يشفع له عند مولاه إذا انتقل إليه؟!

 

أيها المسلمون، هناك بلاد حبيبة إلى الله، حبيبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبيبة إلى الصحابة بل إلى كل مؤمن، ذاك إنها مهد الإسلام، وموطن الصالحين، من تلك الأماكن وتلك البقاع، انطلقت جحافل النور لتنير للعالم كله حالكات الظلام، إذا ضاقت على المؤمن الأرض اتَّجه لتلك البلاد وتلك البقاع الطاهرة، يتجه إليها اتجاه الشاكي الباكي ليخرج منها، وإذا بهمه بل همومه قد تفرَّجت، وغمه بل غمومه قد تنفَّست، فيها صدح القرآن الكريم، وفيها تعلمت الأجيال آي الذكر الحكيم، وفيها حفظت السنة المطهرة، وفيها تخرَّج العلماء والفقهاء والقضاة والقادة ورواة الحديث والسُّنَّة وأعلام الحديث، نعم إنها الحبيبة إلى الله تعالى، روى الإمام أحمد وأخرجه الحاكم بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أحبُّ البلاد – وفي رواية البقاع- إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد- وفي رواية البقاع- إلى الله أسواقها”.

 

أيها المسلمون، إن أول مشروع لرسول الله صلى الله عليه وسلم في دولته الجديدة هو “بناء المسجد”، لماذا؟

 

ليعلن للأمة كلها ولتعلم الأجيال المتعاقبة أن مؤتمرنا العظيم هو المسجد، وأن مرتكزنا القوي هو المسجد، منه تنطلق الدعوة الإسلامية، وفي رحابه تُربَّى الأرواح الزكية، وفيه تُغذَّى القلوب بالقرآن والسنة، وفيه تروى قصص الأخيار الأبرار الأطهار من الصحابة وأهل القرون المفضلة.

 

أيها المسلمون، قام مسجده صلى الله عليه وسلم ليكون روضةً من رياض الجنة، شيخ ذلك المسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلاميذه: أبو بكر الصدِّيق، وعمر الفاروق، وعثمان ذو النورين، وعلي أبو السبطين، وسائر الصحابة الأجلاء، وأما موادُّه المقررة فهي الوحي السماوي الخالد كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

أيها المسلمون، لهذا كله تآمر اليهود والنصارى، وأهل النفاق، وأهل الضلال، على هذه المساجد، وحاربوها، وضيَّقوا عليها، وشوَّهوا صورتها، وعملوا على تعطيل وتحجيم دورها الريادي، والعلمي، والتزكوي، كي ينصرف الناس عن تلك البقاع الطاهرة، ويصبح الشباب والأجيال فريسةً سهلةً للشبهات والشهوات والأفكار الهدَّامة.

 

فها نحن نرى ونشاهد ما يحصل في أرض فلسطين وفي غزة على وجه الخصوص من استهداف للمساجد بيوت الله، وقصفها والسعي في خرابها، وتعطيل دورها الريادي والعلمي والتزكوي، وما المسجد الأقصى واحتلاله وتدنيسه عنا ببعيد؛ حيث إن أحفاد القردة والخنازير يدنسون المسجد الأقصى، ويظهرون فيه مظاهر كفرهم وشركهم، على مرأى ومسمع من ملايين المسلمين وإلى الله المشتكى.

 

المسلمون يرون ويشاهدون ما تفعله العصابات اليهودية، من قتل وتدمير وخراب وسفك للدماء، ودمار للمدن والمنازل على ساكنيها، وجرائم لم تحصل، والمسلمون في غيهم يترددون، وفي خلافاتهم مستمرون، وفي بُعْدِهم عن كتاب ربهم وعن سنة نبيهم مهرولون، وفي خنوعهم وذلهم باقون.

 

فمتى تنهض هذه الأمة، ومتى تستيقظ من سباتها، ومتى تنفض عنها غبار الذل والخنوع والخضوع والتبعية، ومتى تشتعل في نفوس حكامها وجيوشها وجنودها حمية الإسلام وغيرة على الدين والأعراض والمقدسات، إلا إذا رجعنا جميعًا حكامًا ومحكومين إلى ديننا وإسلامنا، إلى كتاب ربنا وإلى سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن نقتفي آثار سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين، في العلم والعمل، وأن نتألم لحال أمتنا، وأن نستعيد دورنا القيادي والريادي بين الأمم من خلال إعادة رسالة المسجد ووظيفته ودوره البَنَّاء في تربية الأبناء والبنات والأجيال والأمة بكاملها على الكتاب والسُّنَّة وعلى نهج القرون المفضلة من الصحابة والتابعين، ﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ﴾ [الروم: 4، 5].

 

ألا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.



تمت قراءة هذا المقال بالفعل71 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | حكم إصدار خطاب الضمان مقابل إيداع وديعة استثمارية في المصرف

Next Post

مسيلمة الكذاب وكذبه | قصص اسلامية

Related Posts