dark

رييل ستوري | قصة نجاح غازي القصيبي.. رحلة من الإبداع

يتصدر اسم غازي بن عبد الرحمن القصيبي قائمة رواد الفكر والأدب في المملكة العربية السعودية، بل يمتد تأثيره ليشمل الساحة العربية بأكملها؛ فهو شاعر ذو حس مرهف، وروائي بارع، ووزير كفء، ترك بصمة واضحة في كل مجال وطأته قدماه.

فهرس المحتوي

 

نشأته وتعليمه الأساسي

وُلد غازي بن عبد الرحمن القصيبي يوم 2 مارس 1940م، بمدينة الأحساء في المملكة العربية السعودية، فقد والدته في طفولته المبكرة، وتركت هذه التجربة أثرًا عميقًا في نفسه، وربما ساهمت في تنمية شاعريته وحساسيته تجاه مشاعر الآخرين.

برز ذكاء غازي منذ صغره، فتلقى تعليمه الأساسي في المنامة، ثم انتقل إلى مصر ليكمل دراسته الجامعية في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، ولم يقتصر طموحه على ذلك بل سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا.

بينما كان غازي ينهل من معين المعرفة في رحلة الماجستير سنحت له فرصة إثبات قدراته القيادية للمرة الأولى، فخاض غمار الانتخابات الطلابية، متسلحًا بكفاءته وإخلاصه، فكان النصر حليفه، وتقلّد رئاسة جمعية الطلاب العرب، لينعشها بعبير الإبداعِ والنشاط.

وكان الوضع العربي آنذاك يلقي بظلاله على أحوال الطلاب؛ ما أثر في نشاطهم، لكن “غازي”، بروحه العالية وعزيمته القوية، أطلق العنان لإبداعاتهم، وأَحيا فيهم روح الأمل والتفاؤل.

العودة إلى الوطن

عاد غازي إلى وطنه عام 1964 حاملًا شهادة الماجستير في العلاقات الدولية، ومتحمسًا لبدء مسيرته المهنية كأستاذ جامعي في جامعة الملك سعود “جامعة الرياض آنذاك”، لكن القدر شاء أن يؤجل تلك الرغبة النبيلة عامًا واحدًا؛ حيث لم يتمكن من الالتحاق بالجامعة في ذلك الوقت.

لم يثنه ذلك عن التزامه برسالة العلم، فقضى وقته في مكتبة الكلية يثري عقله وينهل من معين المعرفة، وبينما كان ينتظر فرصة التدريس أُتيحت له مهمة لصق صور الطلاب على استمارات الامتحان، فأداها بكل إخلاص ومسؤولية.

وفي العام التالي عُين غازي أستاذًا لتدريس مادتي مبادئ القانون ومبادئ الإدارة العامة، ولكن سرعان ما فوجئ بتعيينه عضوًا في لجنة السلام السعودية اليمنية، التي تشكلت بموجب اتفاقية جدة لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن.

اضطر لقبول تلك العضوية تاركًا حلمه بالتدريس مؤقتًا، وبعد انتهاء عمل اللجنة في أوائل عام 1966 عاد إلى الجامعة ليتولى تدريس سبع مواد مختلفة.

وفي عام 1967 سافر غازي إلى لندن لإكمال دراسته للحصول على الدكتوراه، وكتب رسالته حول حرب اليمن.

من رحاب الجامعة إلى ساحة العمل

في رحلة تحوّل أخرى عاد الدكتور غازي القصيبي إلى أرض الوطن عام 1971م، وهو يحمل شهادة الدكتوراه من لندن، ليغوص مجددًا في رحاب العمل الأكاديمي، ولم يكتفِ بتدريس طلاب الجامعة بل سعى إلى خوض تجربة جديدة من خلال إدارة مكتب استشارات قانونية، وعلى الرغم من عدم نجاحه التجاري فإن هذه التجربة أتاحت له فرصة التعرف عن كثب على طبيعة المجتمع السعودي من خلال تفاعله مع مختلف شرائحه.

لم يقتصر عطاء الدكتور غازي على المجال الأكاديمي فحسب، بل برزت مواهبه الإعلامية من خلال كتاباته في جريدة الرياض وإعداده لبرنامج تلفزيوني أسبوعي يتناول الشؤون الدولية، وساهمت هذه الإطلالات الإعلامية في ترسيخ اسمه بذاكرة الجمهور وتعزيز مكانته كشخصية مرموقة.

مع ازدياد شهرته انتشرت بعض الأقاويل التي اتهمته بحب الظهور والابتعاد عن السلوكيات السائدة، وواجه الدكتور غازي هذه الانتقادات بصبر وحكمة، مؤكدًا أن النجاح له ثمنه، وأن الاختلاف عن المألوف قد يجلب معه بعض الانتقادات.

لم يمضِ سوى عامين حتى عُين الدكتور غازي عميدًا لكلية التجارة، وهو المنصب الذي قبله بشرط ألا يستمر فيه أكثر من عامين، وخلال هذه الفترة سعى جاهدًا لإحداث إصلاحات جوهرية في الكلية على مختلف المستويات، تاركًا بصمة واضحة على مسيرتها التعليمية.

غازي القصيبي
غازي القصيبي

من خدمة الأكاديمية إلى خدمة الوطن

في عام 1973 اتخذ الدكتور غازي قرارًا مصيريًا بالانتقال من المجال الأكاديمي إلى رحاب العمل العام، وتلقى عرضًا من الأمير نايف لتولي منصب مدير عام الجوازات والجنسية، لكنه فضّل خوض تحدٍ جديد من خلال إدارة مؤسسة السكة الحديدية؛ حيث رأى في هذا المنصب فرصة ذهبية لتطبيق مهاراته الإدارية وإحداث تغيير ملموس في قطاع حيوي.

لم يمض وقت طويل حتى لفتت كفاءته ونجاحه في إدارة مؤسسة السكة الحديدية أنظار كبار المسؤولين في المملكة، فتوطدت علاقته بالأمير فهد؛ ولي العهد آنذاك، الذي رأى فيه كفاءة استثنائية تستحق مناصب عليا.

رحلة حافلة بالإنجازات في رحاب الوزارة

في مطلع الربع الثاني من عام 1975 تم تعيين الدكتور غازي وزيرًا للصناعة والكهرباء، ليبدأ رحلة حافلة بالإنجازات في هذا المجال، وشهدت المملكة خلال فترة توليه الوزارة نهضة صناعية وكهربائية هائلة؛ حيث تم إيصال التيار الكهربائي إلى معظم المنازل في غضون فترة وجيزة، كما شهدت تلك الفترة تأسيس شركة “سابك” العملاقة، والتي أصبحت من أهم الشركات في مجال البتروكيماويات على مستوى العالم.

لم يقتصر اهتمام الدكتور غازي على الجانب المادي فحسب، لكنه حرص على الارتقاء بالجانب الإنساني من خلال تأسيس جمعية أصدقاء المرضى، وإطلاق برنامج لتقديم هدية مميزة لكل مولود في مستشفيات الوزارة، إلى جانب تعزيز ثقافة التبرع بالدم ونشر الوعي الصحي.

السنة الإنجاز المجال
1976 وزير الصناعة والكهرباء السياسة
1983 وزير الصحة السياسة
1984 عضو في مجلس الشورى السعودي السياسة
1999 سفير السعودية في بريطانيا السياسة
2002 وزير المياه والكهرباء السياسة
2004 وزير العمل السياسة
1971 إصدار أول ديوان شعري بعنوان “الأشج” الأدب
1977 إصدار رواية “شقة الحرية” الأدب
1980 إصدار رواية “العصفورية” الأدب
1989 إصدار رواية “سلمى” الأدب
2006 إصدار رواية “العودة سائحاً إلى كاليفورنيا” الأدب
2009 إصدار كتاب “حياة في الإدارة” الأدب

فارس الحلبة الأدبية

برز غازي القصيبي كأحد كبار أدباء المملكة العربية السعودية، مترجمًا شغفه الأدبي عبر دواوين شعرية وروايات وكتب فكرية أثرت الساحة الثقافية العربية، ولم تخلُ مسيرته من التحديات؛ فواجه بعض إصداراته موجة من الانتقادات والمنع من التداول؛ ما جعله رمزًا للإبداع المقارع للقيود.

وتنوعت إصدارات “القصيبي” بين الشعر والرواية والفكر، تاركًا بصمة واضحة في كل مجال، ومن أشهر رواياته “شقة الحرية” و”العصفورية” اللتان حظيتا بإعجاب كبير، بينما احتفظ ديوانه “معركة بلا راية” بمكانة متميزة بين دواوين الشعر العربية.

ويعد كتاب “حياة في الإدارة” من أبرز إصدارات غازي القصيبي؛ حيث وثّق فيه تجربته كوزير في الحكومة السعودية، وحقق الكتاب انتشارًا واسعًا على الرغم من الظروف الصعبة التي نشر فيها، ليعكس شغف المؤلف بالكتابة عن مختلف جوانب الحياة.

مسيرة حافلة بالإنجازات

شغل غازي بن عبد الرحمن القصيبي مناصب مرموقة خلال مسيرته المهنية الحافلة بالإنجازات، وتنوعت بين المجالات الأكاديمية والقانونية والإدارية والدبلوماسية، فشغل منصب أستاذ مساعد في كلية التجارة بجامعة الملك سعود في الرياض عام 1965 (1385 هـ)، ثم عمل مستشارًا قانونيًا في مكاتب استشارية مرموقة، وفي وزارات الدفاع والطيران والمالية، ومعهد الإدارة العامة.

وفي عام 1971م تم تعيينه عميدًا لكلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود؛ ما يدل على كفاءته العلمية وتميزه الأكاديمي، ثم تقلّد منصب مدير المؤسسة العامة للسكك الحديدية عام 1973م، مساهمًا في تطوير هذا القطاع الحيوي.

وإيمانًا بقدراته وإنجازاته تم تعيينه وزيرًا للصناعة والكهرباء عام 1976م؛ حيث أحدث نقلة نوعية في هذين القطاعين الأساسيين، كما شغل منصب وزير الصحة عام 1982م، مُسخرًا خبرته واهتمامه لتحسين المنظومة الصحية في المملكة.

ولم تقتصر مسيرته على المناصب الوزارية بل شملت أيضًا السلك الدبلوماسي، فعمل سفيرًا للمملكة العربية السعودية لدى مملكة البحرين عام 1984م، ثم سفيرًا لدى المملكة المتحدة عام 1992م، ممثلًا للمملكة خير تمثيل على الصعيد الدولي.

وفي عام 2003م تم تعيينه وزيرًا للمياه والكهرباء، مستمرًّا في عطائه وإسهاماته في خدمة الوطن بمجال حيوي آخر، واختتم مسيرته المهنية الحافلة بتوليه منصب وزير العمل عام 2005م؛ سعيًا منه لتنمية الموارد البشرية وتعزيز فرص العمل للمواطنين.

يمثل الدكتور غازي القصيبي أيقونة فكرية وأدبية مرموقة، ونبراسًا ثقافيًا ساطعًا في سماء المملكة العربية السعودية والعالم العربي؛ إذ جمع بين براعته في مختلف المجالات؛ من إبداعه الأدبي وفكره النيّر، إلى كفاءته الإدارية وخبرته السياسية الحكيمة.

Loading

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

كيف أعتني بطفلي في الشهر الأول

Next Post

رييل ستوري | قصة قصيرة بالعربية الأجمل على الإطلاق

Related Posts