إن قراءة القصص والروايات والحكايات بكل أنواعها من أكثر أنواع القراءات التي تساعدنا كبارا وصغارا على تطوير خيالنا وشحذه نحو آفاق لا نهاية لها من الأفكار والتصورات.

والخيال أساس الابتكار والإبداع، فكل الاختراعات العظمى في التاريخ جاءت من الخيال، ومن الإيمان بأن أي شيء تتخيله تستطيع أن تحققه.

من أجمل قصص خيالية على الإطلاق:

في بلاد يكسوها الثلج في كل مكان، كان هناك شابا كسولا للغاية يتنصل من كل المسئوليات، على الرغم من كون والده أعمى إلا إنه كان يعمل حدادا يقف بالساعات الطوال على قدميه والنيران أمامه، فكان الشاب الكسول كلما رأى والده ادعى قصر قامته فيتنصل من مساعدة والده المحتاج.

كان لا يفعل شيئا إلا النوم وكان سريره فوق الفرن من شدة البرودة القاتلة بالبلاد، والصيد فكان مولعا بصيد الأسماك لشدة حبه لأكلها.

وبيوم من الأيام ذهب للبحيرة لاصطياد سمك شهيا، وفجأة حدث انفجار من الفتحة التي فعلها بالسطح الجليدي إذ حدث غليان بالمياه أدى إلى انفجار، شعر بغضب شديد ولاسيما أن ملابسه بالكامل ابتلت ومن ثم صارت جليدا بسبب شدة البرودة والصقيع، ولكنه ما إن وجد سمكة بدلوه اطمئن قلبه وسعد كثيرا، فعاد مهرولا للمنزل يعد نفسه لطهو السمكة بأفضل الطرق الممكنة، ولكنه تفاجئ حينما سمع صوت يناديه باسمه ليكتشف أنها السمكة سحرية وناطقة، طلبت منه ألا يؤذيها في نظير تحقيق ثلاثة أمنيات لأجله.

لم يصدقها الشاب الكسول فأراد أن يتأكد من قولها فطلب أن يرى المدينة بأسرها من خلال سريره، وبالفعل رفعت جدران المنزل وتحرك السرير بالفرن التي بأسفله ودار بالشاب المدينة بأكملها!، كان مندهشا ولكنه شعر ببرودة الجو فتمنى أن يأتي الصيف، وفي الحال ذاب الجليد وظهرت الشمس الغائبة من خلف الغيوم، وبذلك أنفق أمنيتن ولم يتبقى إلا أمنية أخيرة فقرر أن يحسن استغلالها لكيلا يندم، ونظرا لحظه العسر أثناء عودته للمنزل اعترض طريقه قطاع طرق فسلبوا منه ملابسه والدلو من بين يديه فأرادوا أن يطهوا السمكة ويأكلوها.

لم يتركها الشاب فأنقذها من بين أيديهم وألقى بالدلو في البحيرة فغضبوا منه، وقاموا بتعليقه من قدميه وتركوه وذهبوا، فصاح هل من مغيث له ولكنه لم يجد، وفجأة ظهرت أمامه فتاة فاتنة الجمال ساحرة، فكت قيوده فهرع للبحيرة ينادي على السمكة، ولكنه شبه على صوتها بصوت الفتاة الفاتنة ولاحظ على كتفها شالا من قشر السمك فأمسك به وأيقن من ردة فعلها بأنه في غاية الأهمية بالنسبة لها، فطلب منها تحقيق أمنيته الثالثة والأخيرة في مقابل إعادته إليها.

أما عن أمنيته فكانت الزواج بالأميرة، أخبرته بأنها تعينه على أمره ولكن لا يمكنها أن تجعلها تقع في حبه، ذهبا للقصر وكانت الأميرة مولعة بحب لورد فرنسي يحضر لها الهدايا الباهظة، أما والدها الملك فكان يعلم نواياه الخبيثة لذلك لم يوافق على زواجهما، وفي هذا اليوم كان اللورد قد أحضر للقصر آلة يضع بداخلها الطعام فيقطع تلقائيا ويصير عصيرا لو كان فاكهة، وفي الأساس كان اللورد قد أرغم قزما بفعل التقطيع والعصر داخل الآلة لتظهر وكأنها سحرية!

طلب الملك من اللورد أن يذهب للغابة المظلمة ويأتيه بالآلة الموسيقية السحرية، وكان القط العجيب حارسا عليها وعجز الجميع عن الوصول إليها، هنا ظهر الشاب ووافق على طلب الملك في نظير زواجه من الأميرة ابنته، تعكر صفو الأميرة من طلب الشاب الفقير، ولكنها عجزت عن التحدث في الأمر، وافق الملك وذهب الشاب في طريقه للغابة المظلمة.

وبالفعل بعد رحلة طويلة مع الفتاة الفاتنة تمكن من الوصول للقط والذي أعطته الفتاة كل مفاتيحه، فكان خير الزائر بين لحن حزين ولحن سعيد ولا يتوقف القط عن العزف إلا بموت الزائد من شدة البكاء أو الرقص!

أما عن الشاب فتمكن من خداع القط فأعطاه القط العجيب الآلة السحرية ولكنه طلب أن يأخذه برفقته فلم يعد له مكان بالغابة المظلمة بعد فقده للآلة السحرية التي قضى سنوات حارسا عليها، ولطيبة قلبه قدم له الطعام وأخذه برفقته، ووصل القصر والملك كان مندهشا مما فعله؛ أما الأميرة فكان لها رأي آخر قالت للشاب: “لقد أحضرت الآلة السحرية العجيبة وهذه كانت أمنية والدي، أما عني فلي أمنية أخرى، وسأخبرك بها غدا”.

مكثت طوال الليل واستدعت روح والدتها الراحلة فأخبرتها بأن تطلب مفرش الطعام السحري الذي يجعل كل ما يتمنى مالكه من طعام عليه في الحال بمجرد التفكير فيه، وبالفعل أرسلت برسالة للشاب تريد مفرش الطعام السحري، وقد كان في جبال وعرة لم ينجو أحد من محاولة الوصول إليها؛ ذهبت برفقته الفتاة فاتنة الجمال والتي في الأصل هي السمكة السحرية، وهناك مروا على قرية جوعى أهلها بسبب أضرار لحقت بالمحصول ولكنهما التمسا فيها حبا كبيرا بين أهلها لدرجة أنهم يقتسمون الطعام فيما بينهم.

وكان المفرش بيد جنديين باسلين، كانا ضخمين من فرط تناول الطعام وعدم الحركة نهائيا، وفي لحظة جلد للذات تمنيا أن يختفي المفرش من بين يديهما، فظهر الشاب وعرض عليهما أن يأخذه ولكنهما لكماه لكمة قوية سقط إثرها على الأرض، فظهرت الفتاة وطلبت دلوا من المياه وما إن ظهر على المفرش طلبت منهما أن ينظرا لنفسيهما في انعكاس الماء ففوجي بمنظرها، فذكرتهما بحقيقة ما كانا يفعلانه قبل ظهور المفرش أمامهم وأنهما سيموتان ولن يحققا شيء بالحياة ولن يذكرهما أحد بشيء طالما المفرش لايزال معهما، فطلبا منها أن تأخذه وترحل قبل عودتهما في قرارهما.

وعندما عاد وجد الأميرة لها طلب آخر، الذهاب لعالم الأموات وإحضار موافقة والدتها الميتة، فقرر الشاب الذهاب ولكنها بالنسبة إليه وإلى أي أحد غيره رحلة الموت نفسها، جازف بحياته وخاطر للحصول على موافقة الأميرة والتي في الأساس لا تريد إلا التخلص منه وبشكل نهائي، وأثناء الرحلة بكى ندما على التنصل من مساعدته لوالده وتمنى لو يعود إليه بصره مرة أخرى، فحققت الفتاة له أمنيته، وقبل أن يبدأ في رحلته أعطاها الشال الخاص بها وشكرها، ولكنها أصرت على مرافقته.

وما إن وصلا للبوابة السوداء الضخمة المخيفة أراد حارسها أن يأخذ روحه لعالم الأموات، ولكن الفتاة اعترضت وأخبرته بأنه يخصها، وهنا اكتشف الشاب أنها ابنة ملك العالم الأموات وقد أرسلها والدها لعالم البحار على هيئة سمكة لتعيش وحيدة عقابا على حياة الاستهتار التي كانت تعيشها.

وحصل الشاب على موافقة والدة الأميرة، ولكنها تنكرت له وقررت إعدامه لاستخدامه السحر فقررت الفتاة الجميلة التخلي عن حريتها في نظير مساعدته فقد كانت تحبه، فتمنت الأميرة الأنانية المتعجرفة أن تصبح الملكة وسجنت والدها واللورد، وازدادت أطماعها فتمنت أن تسير مثلها فباتت سمكة سحرية في دلو تتحدث للناس وتحقق الأمنيات ولكن لا تملك من ذلك نفعا لنفسها، وفي هذه اللحظة فكت قيود الفتاة الفاتنة وصارت حرة وتزوجت بالشاب الذي أحبته وأحبها بشدة، أما عن الأميرة التي باتت سمكة فأتاها أمير البحار وأخذها لقاع البحار ليتزوج بها.