نعمة القرآن العظيم هي أعظم النعم، لأنها طريق الهداية:
1- جعلها الله مقدَّمة على نعمة خلق الإنسان؛ فقال: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ} [الرحمن: 1 – 3]، وكأن الإنسان الذي لا يتعلم القرآن لم يخلق، أو كأنه ليست فيه حياة.
2- ورد هذا المعنى أيضًا في قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]، وكأن الإنسان الذي لا يستجيب لكلام الله ولا لكلام رسوله إنسان ميت لا حياة له.
لماذا جعل الله تعالى الحرف من القرآن بعشر حسنات؟
هذا تحفيز ليدفع للقراءة، فإذا قرأ المسلم القرآن فلا ينبغي له أن يقف عند حدود أجر القراءة، إنما عليه أن يغيِّر منهج حياته، ليخرج من الظلمات إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، وليرفع قدره في الدنيا والآخرة:
1- قال تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 10]
2- وروى مسلم عن عُمَر رضي الله عنه أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»[1].
ينبغي أن يُرَى أثرُ القرآن على قسمات وجهك، وعلى حركات لسانك، وعلى مختلف عباداتك، وعلى كل معاملاتك:
1- قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: “يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إِذَا النَّاسُ نَائِمُونَ، وَبِنَهَارِهِ إِذَا النَّاسُ يُفْطِرُونَ، وَبِحُزْنِهِ إِذَا النَّاسُ يَفْرَحُونَ، وَبِبُكَائِهِ إِذَا النَّاسُ يَضْحَكُونَ، وَبِصَمْتِهِ إِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ، وَبِخُشُوعِهِ إِذَا النَّاسُ يَخْتَالُونَ، وَيَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ بَاكِيًا، مَحْزُونًا، حَلِيمًا، سَكِيتًا، لَيِّنًا. وَلَا يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ جَافِيًا، وَلَا غَافِلًا، وَلَا سَخَّابًا، وَلَا صَيَّاحًا، وَلَا حَدِيدًا”.
2- وقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: “مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَكَأَنَّمَا اسْتُدْرِجَتِ النُّبُوَّةُ بَيْنَ جَنْبَيْهِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُوحَى إِلَيْهِ، وَمَنْ أُعْطِيَ الْقُرْآنَ فَظَنَّ أَنَّ أَحَدًا أُعْطِيَ أَفْضَلَ مِمَّا أُعْطِيَ فَقَدْ حَقَّرَ مَا عَظَّمَ اللهُ، وَعَظَّمَ مَا حَقَّرَ اللهُ، وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَحِدَّ فِيمَنْ يُحِدُّ، وَلَا يَجْهَلَ فِيمَنْ يَجْهَلُ، وَلَكِنْ لِيَعْفُ وَلْيَصْفَحْ لِحَقِّ الْقُرْآنِ”.
كيف كانوا قبل القرآن الكريم؟
كيف كان حمزة قبل أن يقرأ القرآن، وكيف صار بعد أن قرأه؟
كيف كان عمر؟
كيف كان خالد بن الوليد؟
كيف كان أبو طلحة؟ روى الحاكم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَرَأَ الْقُرْآنَ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] فَقَالَ: أَرَى أَنْ تُسْتَنْفَرُوا شُيُوخًا وَشُبَّانًا. فَقَالُوا: يَا أَبَانَا، لَقَدْ غَزَوْتَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَاتَ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَنَحْنُ نَغْزُو عَنْكَ فَأَبَى، فَرَكِبَ الْبَحْرَ حَتَّى مَاتَ، فَلَمْ يَجِدُوا جَزِيرَةً يِدْفِنُوهُ إِلَّا بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، قَالَ: فَمَا تَغَيَّرَ!
خلاصة القول: أهل القرآن ليسوا كبقية الناس:
روى النسائي وابن ماجة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ خَلْقِهِ» قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَهْلُ الْقُرْآنِ هُمْ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ». على قدر هذا المعنى ينبغي أن يكون العمل![2].
[1] مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه وفضل من تعلم حكمة من فقه أو غيره فعمل بها وعلمها (817).[2] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا
تمت قراءة هذا المقال بالفعل235 مرة!
✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.