dark

رييل ستوري | غرائب في عالم الجن- د. راغب السرجاني

رييل ستوري | غرائب في عالم الجن- مقالات المشرف د. راغب- د. راغب السرجاني- المشرف

درس مهم من دروس العقيدة،

لأن منكر الجنِّ منكرٌ للقرآن والسُّنة. قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وقال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179]، وقد ورد في القرآن باللفظ المباشر (الجن، والجان: 29 مرة) هذا غير الحديث عن الشياطين، وهم نوع من الجن.

وهو جزء من الإيمان بالغيب:

والإيمان بالغيب من أخصِّ صفات المؤمنين: {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 1 – 3]. فهذا هو افتتاح القرآن، ولن يؤمن بالله من لا يؤمن بالغيب.

مصدر المعرفة القرآن والسُّنَّة فقط:

يستتبع ذلك أمر في غاية الأهمية، وهو أن معلوماتنا عن الجنِّ يجب أن تكون مستقاة فقط من القرآن والسنَّة، لأنه غيب لا سبيل لمعرفته معرفة صحيحة إلا عن طريق الوحي، وأي طريق غير ذلك سيقود إلى دجل وشعوذة، وبعد عن العقيدة السليمة.

الجن عالم مستقل، وهو غير عالم الإنس، وعالم الملائكة، وعالم الحيوان، وعالم الطير، بل أنا أعتبر أن النباتات، والجمادات عوالم هي الأخرى لا ندري عن طبيعتها شيئًا. قال تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: 44]، وقال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} [الأحزاب: 72]، وغير ذلك من أدلة كثيرة تثبت وجود عوالم كثيرة لا نعرف عنها إلا القشور.

والجنُّ موجودون قبل آدم عليه السلام. قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} [الحجر: 26، 27].

الجنُّ متداخل معنا أكثر من تداخل البشر معنا! الأصل أنهم معنا في كل خطوة: في طعام، أو شراب، أو عمل، أو صلاة، ولا ينصرفون إلا بحرصنا على الذكر والوقاية.

عالم الجنِّ له مشتركات رئيسة مع الإنسان:

1- أهم المشتركات مع الإنسان أنهم مكلَّفون مثله، ولهم القدرة على الاختيار بين الخير والشَّرِّ، والحلال والحرام، وبالتالي، هم محاسبون كالإنسان، ويثابون أو يعاقبون، ومنهم المؤمن والكافر. قال تعالى على لسان الجنِّ: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ}
الْقَاسِطُ هُوَ: الْجَائِرُ عَنِ الْحَقِّ النَّاكِبُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمُقْسِطِ فَإِنَّهُ الْعَادِلُ.

2- وهم يأكلون ويشربون وينامون:
روى مسلم عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ». وروى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ”.

3- وهم يتكاثرون كذلك:
لقوله تعالى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 56]، وقوله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} [الكهف: 50].

4- وهم يموتون كالإنس، ولا ندري عن طول أعمارهم:
وفي البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الَّذِي لاَ يَمُوتُ، وَالجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ».

أما الاختلافات فهي كثيرة؛

1- الأصل مختلف: روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ»
والمارج هو اللهب المختلط بسواد النار.

2- لهم قدرات عجيبة لا يقدر عليها البشر، فلهم القدرة مثلًا على رؤيتنا بينما لا نملك نحن رؤيتهم. قال تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: 27].
وهذا هو السِّرُّ وراء تسميتهم بالجنِّ؛ فالجنُّ هم المستترون الذين لا نراهم، والاجتنان هو الاستتار عن العيون، ومنه سمي الجنين جنينًا.

3- أشكالهم ليست جميلة: عندما وصف الله شجرة الزقوم قال: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: 65] والشيطان له قرنان: روى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ، وَلَا غُرُوبَهَا، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بِقَرْنَيْ الشَّيْطَانِ».والإنسان أجمل بلا شكٍّ:
قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4]

4- وهم عكس الإنسان ينشطون بالليل لا بالنهار: في البخاري عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ، أَوْ أَمْسَيْتُمْ، فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَخَلُّوهُمْ، وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا». (تقريبًا بين المغرب والعشاء)

5-والجنُّ أصناف من ناحية الحركة والانتقال: روى الحاكم، وقال الذهبي صحيح، ورواه الطبراني، والبيهقي، وغيرهم، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْجِنُّ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ صِنْفٌ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ فِي الْهَوَاءِ، وَصِنْفٌ حَيَّاتٌ وَكِلَابٌ، وَصِنْفٌ يَحِلُّونَ وَيَظْعَنُونَ»[1].

[1] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا

Loading

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

Total
1
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | فيديو.. تعرّف على إجراءات وتكاليف الحج من القدس

Next Post
رييل ستوري | في ظلال القران – سورة النساء – الاية 32 ……….سيد قطب

رييل ستوري | في ظلال القران – سورة النساء – الاية 32 ……….سيد قطب

Related Posts