dark

رييل ستوري | يوم عاشوراء.. اليوم الوحيد الذي يعظمه المسلمون واليهود والنصارى والمشركون د. راغب السرجاني

رييل ستوري | يوم عاشوراء.. اليوم الوحيد الذي يعظمه المسلمون واليهود والنصارى والمشركون- مقالات المشرف د. راغب- د. راغب السرجاني- المشرف

اعلانات

اكتشاف جديد لم يتكلم عنه أحد، وهو يوم واحد في العام اتَّفق المسلمون، واليهود، والنصارى، بل والكفار قبل الإسلام، على تعظيمه.

ليس في علمي أن هناك يومًا غيره مجمعًا عليه بهذه الصورة، وهو يوم عاشوراء:

· قد يكون هناك يوم أعظم منه كيوم عرفة، ولكن يوم عرفة معظَّم عند المسلمين وحدهم.

· وقد يكون هناك يوم موازٍ له في الفضل، أو قريب منه، كيوم الجمعة، ومن المفترض أن يكون معظَّمًا عند اليهود والنصارى، ولكنهم ضلوا عنه. روى البخاري ومسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَهَدَانَا اللَّهُ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ: اليَهُودُ غَدًا، وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ»[1].

البعض يظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ صيام يوم عاشوراء عندما قدم المدينة ورأى اليهود تصومه، ولكن هذا غير صحيح، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم عاشوراء في مكة قبل الهجرة، بل كان الكفار من قريش يصومونه، وهذا من غرائب الأمور.
روى البخاري عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أنها قَالَتْ: «كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ»[2].

لماذا كانت قريش تصومه؟

· لعله، وهو الأقرب، من بقايا الإبراهيمية الحنيفية، وبقيت الشعيرة في قريش كما بقيت أمور كثيرة من عهد أبي الأنبياء، كتعظيم الكعبة، وبعض المناسك في الحج.

· وقيل إنه أصابهم قحط في فترة، ثم أُمْطِروا، فصاموا ذلك اليوم شكرًا لله.

· وقال عكرمة: “إن قريشًا أذنبت ذنبًا في الجاهلية، فعظم في صدورهم، فقيل لهم: صوموا عاشوراء يكفر ذلك عنكم”. قد يكون الذي أشار عليهم بذلك أحد أهل الكتاب.

· وكانت قريش تعظمه بكسوة الكعبة فيه.

· بل يذهب البعض إلى أبعد من ذلك، ففي رواية ضعيفة لأحمد عن أبي هريرة ذكر أن اليهود ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم أن “هَذَا يَوْمُ اسْتَوَتْ فِيهِ السَّفِينَةُ عَلَى الْجُودِيِّ”، وأن نوحًا عليه السلام كان يصومه كما كان يفعل موسى عليه السلام.

· وفي مصنف ابن أبي شيبة بإسناد حسن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، يَوْمٌ كَانَتْ تَصُومُهُ الْأَنْبِيَاءُ فَصُومُوهُ أَنْتُمْ»[3].

· لكن الثابت أن أهل قريش من الكفار قبل الإسلام كانت تصوم هذا اليوم، وهو ليس من الجاهلية المبتدعة بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصومه معهم.

ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فوجد اليهود يصومونه كذلك؛ فعند البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عاشوراء، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ». فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ[4].

· الرسول صلى الله عليه وسلم هنا يسأل: ما هذا؟ هو لا يسأل عن أهمية اليوم، ولكن يسأل عن علة الصيام عند اليهود، وسرِّ التوافق مع قريش في صيام ذلك اليوم.

· وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ» لأن اليهود كذَّبوا نبيهم، ولم يسمعوا لأمره باتِّباع النبي صلى الله عليه وسلم عند ظهوره، فالمسلمون أحقُّ بموسى عليه السلام من اليهود أنفسهم.

· ومن المعلوم كما أسلفنا أن صيام عاشوراء كان فريضة على المسلمين في أول عهد المدينة، ثم صار نافلة بعد فرض رمضان في العام الثاني من الهجرة؛ ففي البخاري ومسلم عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، أنَّه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يَكْتُبِ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ»[5]. يعني لم يُفْرَض صيامه إلا عامًا واحدًا، وهو العام الثاني من الهجرة.

تعظيم النصارى:

روى مسلم عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ» قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ، حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

التقدير العملي لهذا اليوم يكون بصيامه:

· كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصًا على صيامه؛ ففي البخاري ومسلم عَنِ ابن عباس رضي الله عنه، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلاَّ هَذَا اليَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ»[6].
· وعظَّم النبي صلى الله عليه وسلم جدًّا من أجر صيامه؛ فعند مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ صلى الله عليه وسلم قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «… وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»[7].

فنسأل الله أن ييسر لنا صيام هذا اليوم، وأن ينزل علينا النصر فيه، كما أنجى فيه موسى عليه السلام من فرعون وجنده[8].

[1] البخاري: كتاب الجمعة، باب فرض الجمعة (836)، ومسلم: كتاب الجمعة، باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة (855)..
[2] مسلم: كتاب الصوم، باب صيام يوم عاشوراء (1898).
[3] مصنف ابن أبي شيبة (9355).
[4] البخاري: كتاب الصوم، باب صيام يوم عاشوراء (1900).
[5] مسلم: كتاب الصوم، باب صيام يوم عاشوراء (1129).
[6] البخاري: كتاب الصوم، باب صيام يوم عاشوراء (1902).
[7] مسلم: باب فضل شهر رمضان، باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس (1162).
[8] لمشاهدة الحلقة على اليوتيوب اضغط هنا

تمت قراءة هذا المقال بالفعل265 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | فصول في التفكير الموضوعي .. منطلقات و مواقف 

Next Post
رييل ستوري | تحميل كتاب أرض زيكولا pdf

رييل ستوري | تحميل كتاب أرض زيكولا pdf

Related Posts