dark

فيروس كورونا: شعائر رمضان وطقوسه في زمن الأوبئة

4.4
(21)

(فيروس كورونا: شعائر رمضان وطقوسه في زمن الأوبئة )

الوقاية “واجب شرعي”

شرب الماء لا يقي من المرض بالضرورة

شرب الماء لا يقي من المرض بالضرورة
أقلّ من شهر يفصلنا عن بداية شهر رمضان الذي يحلّ هذا العام في ظروف استثنائية، مع تفشي وباء كورونا، وفرض العزل المنزلي في العديد من الدول ذات الغالبية المسلمة.

بات واضحاً بعد أسابيع من إعلان فيروس كورونا وباءً عالمياً، أنّ الشعائر الدينية كانت من مناحي الحياة الأكثر تأثراً بانتشار العدوى.

للمرّة الأولى في التاريخ الحديث، تخلو ساحة الحرم المكّي في السعودية بالكامل من المصلّين، تعلّق العمرة إلى أجل غير مسمّى، وتطلب السعودية من الراغبين بالحج تأجيل حجوزاتهم لموسم الحج المقبل في الوقت الراهن.

كما توقّفت الزيارات إلى العتبات المقدسة في العراق وإيران، ولم يبدأ الخبراء بعد بإحصاء الخسائر التي مني بها قطاع السياحة الدينية.

وبعدما انعكست إجراءات العزل بشكل ملحوظ على فترة الصوم الكبير لدى الكاثوليك والمسيحيين الذين يتبعون التقويم الغربي خلال شهر مارس/ آذار المنصرم، تزداد الخشية من أن تلقى شعائر رمضان المصير نفسه أواخر الشهر الحالي.
أثّر العزل ومنع السفر وحظر التجمعات على الطقوس والعبادات الإسلاميّة، من عمرة، وصلاة جمعة، وحتى على دفن الموتى وتغسيلهم وتكفينهم وعلى واجبات العزاء، فماذا سيكون حال الصوم؟
الوقاية “واجب شرعي”
في أوّل موقف لمرجعيّة دينية حول صيام شهر رمضان في زمن كورونا، أعلن الأزهر في فتوى صدرت اليوم أن “الحديث عن إفطار المسلم كإجراء وقائي بترطيب الفم للحماية من العدوى، سابق لأوانه”.

يجيز الإسلام للمسافرين والمرضى أن يفطروا رمضان، كما يحثّ على حفظ النفس وصيانتها ومنع الضرر عنها. على ضوء ذلك، تشير فتوى الأزهر إلى أنّ “منظمة الصحّة العالمية” لم تثبت بعد أنّ ترطيب الفم يقي من عدوى كورونا، لذلك “لا يجوز للمسلمين الإفطار في رمضان إلا إذا ثبت علميّاً أنَّ لعدم شرب الماء تأثيراً صحياً على الصائمين؛ كإجراء وقائي لهم من الإصابة بهذا المرض بالإفطار في رمضان”.

وقال الأزهر: “يرجع في حكم ذلك للأطباء الثِّقات وما يرونه، للحفاظ على صحة الإنسان، فهم أهل الاختصاص في هذه المسألة، وقرارهم مُلزِمٌ لكلِّ صائم مسلم بالإفطار من عدمه”.

وذكّرت الفتوى بأنّ الإسلام “سنّ المضمضة حال الوضوء، يستعين بها المسلم على ترطيب فمه، شرط ألا يدخل الماء إلى جوفه فيبطل صيامه”.

كما عقدت “لجنة البحوث الفقهية” في الأزهر اجتماعاً مع أطباء وممثلين عن منظمة الصحة العالمية وعدد من علماء الشريعة بالأزهر الشريف، وخلصت إلى أنّه لا يوجد “وقد انتهت اللجنة إلي أنه لا يوجد دليل علمي – حتي الآن – على وجود ارتباط بين الصوم والإصابة بفيروس كورونا المستجد، وعلى ذلك تبقى أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالصوم على ما هي عليه من وجوب الصوم على كافة المسلمين، إلا من رخص لهم في الإفطار شرعًا من أصحاب الأعذار”.

من جهته، حثّ الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى، ومرجعيات دينية أخرى، على تقديم الزكاة قبل موعدها المحدّد لمساعدة المحتاجين والفقراء خلال أزمة كورونا.

واعتبر شيخ الأزهر أحمد الطيب أنّ الالتزام بتعليمات الوقاية من العدوى، “واجب شرعي”. كما أفتى الأزهر بأنّ من مات بفيروس كورونا، له أجر “شهداء الآخرة”، متفقاً بذلك مع فتوى المرجع الشيعي علي السيستاني الذي أعلن أنّه يرجى لمن ضحى بحياته من الطواقم الطبيّة في مكافحة الوباء، “أجر الشهيد”.
لا فتوى بعد بجواز الإفطار
لا فتوى بعد بجواز الإفطار، لكن الفيروس سيضرب الشعائر الاجتماعية المرافقة لشهر الصوم
عودةٌ إلى أحكام الطاعون

وسبق أن حلّ شهر الصوم وموسم الحج في فترات أوبئة خلال التاريخ، وتعطّلت مواسم الحج بسبب الطاعون والكوليرا قديماً.

في فتوى مفصلة حول تأثّر الشعائر بوباء كورونا، يشير الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محي الدين القره داغي إلى حديث صحيح مسلم الذي يشير إلى تحريم دخول الأرض التي يحلّ بها الطاعون أو الخروج منها.

ويكتب القره داغي: “لم يسجل التاريخ -حسب علمي – أن فريضة الحج قد تعطلت كلياً بسبب الطاعون ونحوه، لكن تعطلت بسبب القرامطة لعدة سنوات، لأنهم منعوها إبان حكمهم البغيض كما تعطلت في بعض البلدان بسبب الطاعون والوباء في بعض الأحيان. وفي عام 2009م لما انتشرت انفلونزا الخنازير ظهرت بعض الفتاوى بمنع الحج، ولكن المملكة العربية السعودية درست الموضوع فقهياً وطبياً، وتوصلت إلى أن الخطورة ليست مؤكدة أو محققة لذلك لم تمنعه”.

كما يشير إلى واقعة تاريخية حول عرقلة الحج في موجة الكوليرا السادسة في عام 1899، وطالت بحدّة الحجاز، لكنّ علماء المسلمين حينها لم يفتوا بإمكان التخلّف عن الحج. أمّا بخصوص الصوم، فقد تزامن تفشي الطاعون مرات مع شهر رمضان، لكن الوفاة به كانت أسرع من التفكير بجواز الصوم أو عدمه.
الشعائر الدينية كانت من أكثر القطاعات تأثراً بانتشار الفيروس
غياب
الشعائر الدينية كانت من أكثر القطاعات تأثراً بانتشار الفيروس
غياب “موائد الرحمن”

حتى الآن، لا يوجد دراسات علميّة موثقة يمكن الاستناد اليها للقول ان الصوم يمكن أن يؤثر على احتمالات اصابتنا بالفيروس المستجد، سلباً أو إيجاباً.

هناك دراسات تشير إلى أنّ الأكل بعد الانقطاع عن الأكل لأكثر من 14 ساعة يقوي جهاز المناعة، وذلك أحد الأهداف الصحيّة من الحميات الغذائية الرائجة والمسماة بالصوم المتقطع، والتي تفيد أيضاً في تخليص الجسم من السموم.

في حالة وباء كورونا الراهن، ومع فتوى الأزهر بعدم إمكان الإفطار كإجراء وقائي، فإنّ تأثير الفيروس على الشعائر الدينية لن يطال الصيام بحدّ ذاته، لكنّه سيلغي كلّ ما يرافقه من صلوات، وتراويح، وأدعية، ولقاءات عائلية، وتجمعات احتفالية.

ومع إجماع العلماء على اعتبار عدم التجمّع واجباً شرعياً، سيكون على الناس الصلاة في بيوتهم على الأرجح، والتخلي عن عاداتهم المصاحبة من موائد سحور وعزائم.

التأثير على الطقوس الاجتماعية المرتبطة بشهر رمضان في البلدان العربيّة سيكون حاداً، مع التزام كثر بالتباعد الاجتماعي، ما يعني أنّ الأسواق لن تزدحم كعادتها في كلّ عام خلال شهر البركة.

من المرجّح أن تقتصر موائد الإفطار على أفراد الأسرة الصغيرة، من دون اختلاط بالأقارب، والزوار، إن استمرّت الإجراءات الوقائية على حدتها خلال الأسابيع القادمة. كما أنّ موائد الرحمة الشائعة في العديد من البلدان العربية، لإطعام الفقراء والمعوزين، قد تواجه المصير ذاته، ما يهدّد الفئات الأقلّ حظاً.

في هذه الأثناء، بدأ البعض يفكرون بطرق لتفادي الإفطار وحيدين، مع حديث عن إمكانية الجلوس إلى المائدة جماعةً ولكن عبر تطبيقات اتصالات الفيديو، على أن يبقى كلّ في بيته.


bbc.com المصدر

Loading

ما مدى اعجابك ؟

انقر على نجمة لتقييمه!

متوسط ​​تقييم 4.4 / 5. عدد الأصوات: 21

لا أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

قصة علاجي من المرض

Next Post

(قصة رحلتي من الشك إلى اليقين)

Related Posts