قصة الأرملة والشيخ والحلم

يحكى ﺃﻥ اﻣﺮﺃﺓً ﻣﺎﺕ ﻋﻨﻬﺎ ﺯﻭﺟﻬﺎ، ﻓﺄﺻﺎﺑﻬﺎ ﻭﺍﺑﻨﺘﻴﻬﺎ من ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻔﻘﺮ والحاجة. ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟبيت الذي تستأجره ﺍﻹ‌ﻳﺠﺎﺭ ﻓﻌﺠﺰﺕ عن دفعه، ﻓﺄﺧﺮﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟبيت.

ﺧﺮﺟﺖ المرأة ﺑﺒﻨﺎﺗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﻠﺪﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺷﻤﺎﺗﺔ ﺍلناس. وﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﺮﺩ ﻗﺎﺭساً، ﻓﻠﻤﺎ ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺒﻠﺪﺓ وضعت ﺑﻨﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ ﻣﻬﺠﻮﺭ، ﻭﻣﻀﺖ تسعى لتأمين ﺍﻟﻘﻮﺕ لهن. مرﺕ ﺑﺮﺟﻞ ﻭﻗﻮﺭ كان ﺷﻴﺦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻠﺪة، فشرﺣﺖ له ﺣﺎﻟﻬﺎ، ﻭﻗﺎﻟﺖ: ﺃﻧﺎ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻭﻣﻌﻲ ﺑﻨﺎﺕ ﻳﺘﺎمى في المسجد المهجور ﻓﻲ ﻣﺪﺧﻞ ﺍﻟﺒﻠﺪة، أبحث عن قوتٍ لهن.

قاﻝ الشيخ: أريد ﺩليلاً ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻕ ﻗﻮﻟﻚ.

ﻓﻘﺎﻟﺖ: ﺃﻧﺎ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻏﺮﻳﺒﺔ ﻭﻻ‌ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺪة ﻳﻌﺮﻓﻨﻲ. ﻓﺄﻋﺮﺽ ﻋﻨﻬﺎ.

مضت الأرملة ﻣﻦ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﻨﻜﺴﺮﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ. ﻭﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ﻗﺎﺑﻠﺖ رجلاً مسناً. ﻓﺸﺮﺣﺖ ﻟﻪ ﺣﺎﻟﻬﺎ وﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻟﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ. فأرسل ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﻧﺴﺎﺋﻪ، ﻭﺃﺗﻮﺍ ﺑﻬﺎ ﻭﺑﻨﺎﺗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭﻩ، ﻓﺄﻃﻌﻤﻬﻦ ﺃﻃﻴﺐ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺃﻟﺒﺴﻬﻦ ﺃﻓﺨﺮ ﺍﻟﻠﺒﺎﺱ، ﻭﺑﺎﺗﻮﺍ ﻋﻨﺪﻩ ﻓﻲ ﻧﻌﻤﺔ ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ.

وفي منتصف ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﺭﺃﻯ شيخ ﺍﻟبلدة ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﻪ أﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻗﺎﻣﺖ، ﻭﻗﺪ ﻋﻘﺪ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ. ﻭﺇﺫﺍ بالشيخ يرى قصراً ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺮﺩ ﺍﻷ‌ﺧﻀﺮ، وله ﺷﺮﻓﺎت ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺆﻟﺆ ﻭﺍﻟﻴﺎﻗﻮﺕ، ﻭﻓﻴﻪ ﻗﺒﺎﺏ من ﺍﻟﻠﺆﻟﺆ ﻭﺍﻟﻤﺮﺟﺎﻥ. ﻓﺴﺄﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻟﻤﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺼﺮ؟

ﻗﺎﻝ: ﻟﺮﺟﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻮﺣﺪ.

ﻓﻘﺎﻝ: ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﻧﺎ ﺭﺟﻞ ﻣﺴﻠﻢ ﻣﻮﺣﺪ.

ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻫﺎﺕ دليلاً ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻕ ﻗﻮﻟﻚ. ﻟﻤﺎ ﻗﺼﺪﺗﻚ المرأة المسكينة، ﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ: ﻫﺎت ﺩليلاً ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻕ ﻗﻮﻟﻚ. وﺃﻧﺖ ﻫﺎﺕ دليلاً ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻕ ﻗﻮﻟك.

اﻧﺘﺒﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻪ ﺣﺰﻳﻨﺎً ﻋﻠﻰ ﺭﺩﻩ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ، ﺛﻢ ﺟﻌﻞ ﻳﻄﻮﻑ ﺑﺎﻟﺒﻠﺪة ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺣﺘﻰ استدل ﻋﻠﻴﻬﺎ، وعرف ﺃﻧﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻨﺼﺮﺍﻧﻲ. ﻓﺬﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻗﺎﻝ: ﺃﺭﻳﺪ ﻣﻨﻚ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺗﺘﻚ ﺑﺎﻷ‌ﻣﺲ هي ﻭﺑﻨﺎﺗﻬﺎ.

ﻓﻘﺎﻝ: ﻣﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺳﺒﻴﻞ، ﻭﻗﺪ ﻟﺤﻘﻨﻲ ﻣﻦ ﺑﺮﻛﺎﺗﻬﻢ ﻣﺎ ﻟﺤﻘﻨﻲ.

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ: ﺧﺬ ﻣﻨﻲ ﺃﻟﻒ ﺩﻳﻨﺎﺭ ﻭﺳﻠﻤﻬﻦ ﻟﻲ.

قاﻝ ﺍﻟرجل: ﻻ‌ ﺃﻓﻌﻞ.

ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ: ﺑﻞ ﻻ‌ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻔﻌﻞ.

ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟرجل: ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻳﺪﻩ ﺃﻧﺖ ﺃﻧﺎ ﺃﺣﻖ ﺑﻪ، ﻭﺍﻟﻘﺼﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﻚ ﺧﻠﻖ ﻟﻲ. ﻓﻮﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻧﻤﺖ ﺍﻟﺒﺎﺭﺣﺔ ﺃﻧﺎ ﻭﺃﻫﻞ ﺩﺍﺭﻱ ﺣﺘﻰ ﺃﺳﻠﻤﻨﺎ ﻛﻠﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ. ﻭقد ﺭﺃﻳﺖ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺃﻳﺖ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻣﻚ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ صلى الله عليه وسلم: هل ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻭﺑﻨﺎﺗﻬﺎ ﻋﻨﺪﻙ؟

ﻗﻠﺖ: ﻧﻌﻢ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ.

ﻗﺎﻝ: فالقصر ﻟﻚ ﻭﻷ‌ﻫﻞ بيتك.

فاﻧﺼﺮﻑ شيخ البلدة ﻭﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻭﺍﻟﻜﺂﺑﺔ ﻣﺎ ﻻ‌ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺇﻻ‌ ﺍﻟﻠﻪ.