dark

أنهيار سلم النجاة

5
(3)

نالت هذه الصورة على الجائزة الأولى في مسابقة صور الصحافة العالمية World Press Photo للعام 1976.

المكان: بوسطن – الولايات المتحدة الأمريكية
الزمان: 22 يوليو 1975

سلسلة صور بعنوان”إنهيار سلم النجاة”، أنقل لكم قصتها على لسان ستانلي فورمان (Stanly Forman)، المصور الصحفي الذي كان في المكان والزمان المناسبين لتوثيق الحدث:
“كنت على وشك الخروج من مكتب صحيفة Boston Herald، عندما جاءنا إتصال هاتفي يُعلمنا بحدوث حريق هائل في إحدى أقدم بنايات شارع مارلبورو Marlborough Street. حزمت أمتعتي على الفور وتوجهت إلى موقع الحريق. عندما وصلت إلى هناك، كانت سيارات الإطفاء تضج في المكان، وكان رجال الإطفاء قد شرعوا بمكافحة الحريق.”
“ركضت إلى الجهة الخلفية من البناية، بعد سماعي لصرخات الإطفائيين وهم يطالبون بحضور شاحنة رافعة إلى الموقع بأقصى سرعة، لأن هنالك أناس لازالوا عالقين في البناية. استدرت حول البناية بسرعة، وما أن رفعت رأسي إلى الأعلى، حتى رأيت هناك، في الطابق الخامس والأخير من البناية، رأيت امرأة سوداء تقف على سلم النجاة، وتضم إليها طفلة صغيرة بكل قوتها.”

*(المرأة تدعى ديانا بريانت Diana Bryant، وهي شابة في التاسعة عشر من العمر.. أما الطفلة فتدعى تيارا جونس Tiare Jones، وعمرها سنتين، وهي أبنة أخت ديانا، ابنتها بالمعمودية goddaughter).
يتابع فورمان سرد القصة قائلاً: “كان الخوف بادياً على وجهيّ المرأة والطفلة الصغيرة، وهما يقفان على سلم النجاة، ويميلان بجسديهما إلى أبعد نقطة ممكنة من البناية، بسبب حرارة الحريق المشتعل في البناية من خلفهما. فجأة، وبعد دقائق قليلة فقط، ظهر أحد رجال الأطفاء على سطح البناية، فوق رأسي المرأة والطفلة مباشرة.. كان ذلك هو بوب أونيل (Bob O’Neil)، والذي كان قد تسلق واجهة البناية من الأمام، في محاولة منه لطمأنة الفتاتين وإنقاذهما.”

“بحذر، بدأ أونيل بالهبوط من موقعه على السطح، لينزل إلى الأسفل، ويقف بجانب الفتاتين المرعوبتين على سلم النجاة. عندها، أخذتُ مكانا مناسبا أسفل البناية، من حيث يمكنني توثيق ذلك الحدث الشجاع، وتصوير ما كنت أظنه في حينها عملية إنقاذ روتينية.”
“جاءت الشاحنة الرافعة أخيراً، وبدأت برفع السلم عاليا إلى الأعلى، إلى حيث كان يقف رجل الإطفاء أونيل والفتاتين، على ارتفاع 50 قدماً عن الأرض. تحدّث أونيل إلى الشابة ديانا، وأخبرها بأنه سيصعد على سلم الرافعة، وبأن عليها أن تسلمه الطفلة أولاً.. ثم.. وما أن مدّ أونيل ذراعيه إلى الأعلى ليصل إلى السلم، حتى وقعت الكارثة.”

“فجأة، إنهار سلم الإنقاذ تحت أقدام الثلاثة.. حدث كل شيء أمام عينيّ، هكذا فجأة، وبسرعة رهيبة.. كنت مصدوماً في حينها، ويداي ترتجفان بعنف.. لكن إصبعي، دون وعي مني، ظلت تكبس على زرار التصوير، بينما كانت الأجساد تسقط من هناك، وتهوي بسرعة كبيرة إلى الأرض! لم أستطع رؤيتهم وهم يرتطمون بالأرض، فأشحت بوجهي بعيداً.”

“بعد دقيقة تقريباً، عندما عدت بعينيّ إلى هناك لأعرف ما حدث، لم أرَ الفتاتين، لكني رأيت رجل الإطفاء أونيل يتعلق بذراع واحدة، كالقرد، على سلم الرافعة.. قبل أن يتمكن من رفع جسده ببطء وصعوبة إلى الأعلى، وينقذ نفسه.”
“اتضح لي لاحقاً، أنّي ما كنت لأشاهد إرتطام الفتاتين على الأرض، لأنهما كانتا قد سقطتا وراء حاجز من الصناديق، خلف سور حديقة البناية. حطّت المرأة الشابة ديانا على الأرض أولاً، لتصاب إصابة بليغة.. بينما حطّت الطفلة الصغيرة تيارا بعدها، فوقعت على جسد ديانا، وهو ما خفف من وقع سقوطها. توفيت ديانا في المستشفى، في وقت لاحق من مساء ذلك اليوم، بينما عاشت الطفلة تيارا، بفضل جسد والدتها العرابة الذي أنقذها من آثر الارتطام.”
“في الحقيقة، إنه لمن المؤلم جداً رؤية شيء كذلك.. ومن المؤسف جداً أن يتحول أمل وشيك بالنجاة إلى سقوط مُميت في ظرف ثواني قليلة فقط.”

Loading

ما مدى اعجابك ؟

انقر على نجمة لتقييمه!

متوسط ​​تقييم 5 / 5. عدد الأصوات: 3

لا أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

لا غنى عن بنطلون الجينز في الجامعة! تسوّقي سروال جديد أو أكثر للعام الدراسي 2022

Next Post

سعد بن أبي وقاص .. خال الرسول والرامي الأول

Related Posts