dark

رييل ستوري | واجبنا تجاه كبار السن في ضوء تعاليم الإسلام (خطبة)

اعلانات

واجبنا تجاه كبار السن في ضوء تعاليم الإسلام

 

الخطبة الأولى

واجبنا تجاه كبار السن في ضوء تعاليم الإسلام:

الحمد لله الذي أمر بالإحسان، ورفع مكانة الكبار، وجعل توقيرهم من سمات الإيمان، نحمده سبحانه وتعالى ونشكره، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى البِرِّ والتقوى، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَنْ تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

 

أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي المقصِّرة بتقوى الله، فهي زاد المتقين، وسلاح المؤمنين، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 70].

 

حديثنا اليوم عن واجبٍ عظيمٍ وحقٍّ جليلٍ يجب أن نُولِيه كامل الاهتمام، ألا وهو واجبنا تجاه كبار السن في المجتمع. لقد منح الإسلام كبار السن مكانةً رفيعةً، وأوصى برعايتهم والاهتمام بهم، وجعل ذلك من القُرُبات العظيمة التي يتقرَّب بها العبدُ إلى ربِّه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس مِنَّا من لم يرحم صغيرنا ويُوقِّر كبيرنا”؛ [رواه الترمذي].

 

أيها الأحِبَّةُ في الله، إن رعاية كبار السن ليست خيارًا نأخذ به إذا شئنا ونتركه إذا لم نشأ، بل هي واجب ديني وأخلاقي، وجزء لا يتجزأ من تعاليم ديننا الحنيف. فالكبير هو بركة المجتمع، وحكمته وتجربته كَنْزٌ من المعرفة ينبغي أن نُقدِّره ونستفيد منه.

 

أيها المؤمنون، إن الشريعة الإسلامية قد جعلت بِرَّ الوالدين من أعظم العبادات وأحبِّ الطاعات، حتى قرن الله طاعته بطاعتهما، فقال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء: 23]. وهذا الأمر يزداد في حال كبر الوالدين، وبلوغهما سِنَّ الضعف، كما قال تعالى: ﴿ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا * رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 23 – 25].

 

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم”؛ [رواه أبو داود]. إن توقير الكبير هو إجلال لله عز وجل، وإكرام لأوامره، واتِّباع لسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم.

 

أيها الأحِبَّةُ، إن رعاية كبار السن لا تقع على عاتق الأفراد وحدهم، بل هي مسؤولية جماعية ينبغي أن يتشارك فيها المجتمع بأسره. إن المجتمع الذي يُكرم كبار السن هو مجتمع ينعم بالرحمة والتكافل، ويحظى ببركة الله وتوفيقه ونصره.

 

إن رعاية كبار السن ليست مجرد تقديم الدعم المادي، بل تتضمن أيضًا الرعاية النفسية والاجتماعية، وجعلهم يشعرون بأنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع. إن تهميش كبار السن أو عدم الاهتمام بهم يُعَدُّ تقصيرًا في أداء واجبنا نحوهم، وجحودًا لحقِّهم علينا.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

التوجيهات العملية لرعاية كبار السن وأمثلة ملهمة من السلف الصالح.

 

الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وجعل الإحسان إلى الكبير من دلائل الإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، الداعي إلى البِرِّ والخير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

 

فيا أيها المؤمنون، إن رعاية كبار السن ليست فقط واجبًا شرعيًّا، بل هي أيضًا تعبير عن أخلاقنا وإنسانيتنا. ينبغي علينا أن نترجم هذا الواجب إلى أفعال ملموسة في حياتنا اليومية. وإليكم – أحِبَّتي – بعض التوجيهات العملية لتعزيز رعاية كبار السن:

1. إظهار الاحترام والتقدير في كل الأحوال: فينبغي أن نحرص على التعامل مع كبار السن بلطفٍ واحترامٍ، وأن نُظهِر لهم التقدير في كل موقف، وأن يكون التعامل معهم مبنيًّا على الحب والإكرام، وأن نشعرهم بقيمتهم العالية.

 

2. الزيارات المنتظمة والتواصل المستمر: فينبغي أن تكون الزيارات لكبار السن عادةً لا تنقطع، وأن نحرص على البقاء على تواصل مستمر معهم، فهذا يُدخِل السرور إلى قلوبهم، ويُخفِّف من شعورهم بالعزلة.

 

3. الرعاية الصحية الشاملة والاهتمام بالجوانب النفسية: فواجبنا تجاه كبار السن لا يقتصر على توفير العلاج، بل يشمل أيضًا دعمهم نفسيًّا، من خلال الاستماع إليهم، وإشراكهم في الحديث، مما يعزز من راحتهم وسعادتهم.

 

4. دمجهم في الأنشطة الاجتماعية والدينية: فينبغي أن يشعر كبار السن بأنهم جزء لا يتجزَّأ من المجتمع، وأن يكون لهم دور في الأنشطة المختلفة، سواء كانت اجتماعية أو دينية؛ مما يساعدهم على الشعور بالانتماء، ويزيد من روحهم الإيجابية.

 

أيها المسلمون، لقد كان السلف الصالح أحرص الناس على إكرام كبار السن، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، أنه رأى رجلًا كان صديقًا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فنزل عن دابَّته، وألبسه عمامته، وأركبه على دابَّته احترامًا له؛ [رواه البخاري ومسلم].

 

وفي عالمنا اليوم نجد بعض المجتمعات التي تُظهِر اهتمامًا كبيرًا بكبار السن، وتوفر لهم الرعاية الصحية والخدمات المتكاملة. ونحن بصفتنا مسلمين ينبغي أن نكون في المقدمة في مثل هذه الجهود، وأن نُظهِر للعالم كيف أن تعاليم الإسلام تحثُّ على رعاية كبار السن وتقديرهم.

 

وختامًا، نسأل الله تعالى أن يعيننا على أداء حقوق كبار السن، وأن يجعلنا من الرفقاء بهم، وأن يرزقنا بركة خدمتهم، ويجعل رعايتهم لنا طريقًا إلى الجنة. اللهم اجعلنا من الذين يُوقِّرون الكبار، وارحم من سبقنا إلى دار النعيم.

 

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، ومن تَبِعَهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نِعَمِه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].



تمت قراءة هذا المقال بالفعل43 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | من مشكاة النبوة (3) ذو العقيصتين (خطبة) – باللغة النيبالية

Next Post

رييل ستوري | منزلة الجهاد باللسان والحجة والبيان في دين الإسلام

Related Posts