dark

رييل ستوري | من أقوال السلف في التوبة النصوح

اعلانات

من أقوال السلف في التوبة النصوح

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فللتوبة من الذنوب والمعاصي فضائل كثيرة:

منها: محبة الله عز وجل للتائب، قال الله سبحانه تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222].

ومنها: أن يصبح التائب كمن لا ذنب له، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له))؛ [أخرجه ابن ماجه، وحسَّنه العلامة الألباني في صحيح الجامع (3008)].

ومنها: السعادة في الدنيا والآخرة، قال العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ [التوبة: 74]، التوبة أصل لسعادة الدنيا والآخرة.

ومنها: أن يصبح العبد مُعافًى بعد أن كان عليلًا، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: التوبة من الذنب كشُربِ الدواء للعليل.

 

فمن فرط في التوبة فلضعف إيمانه، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور: 31]، قال العلامة العثيمين رحمه الله: التوبة من مقتضيات الإيمان، وأن من فرط فيها فهو دليل على نقص إيمانه.

ومن وفَّقه الله وعزم على التوبة فليعلم أن لها شروطًا، قال الإمام النووي رحمه الله: إن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:

أحدها: أن يقلع عن المعصية.

الثاني: أن يندم على فعلها.

الثالث: أن يعزم ألَّا يعود إليها أبدًا.

فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.

وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها.

فعلى كل مسلم حريص على تمام إيمانه وكماله، أن يبادر بالتوبة من جميع الذنوب والمعاصي، ولا يسوِّف في ذلك، وأن تكون توبته توبةً نصوحًا، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا[التحريم: 8]، وقد اختلفت أقوال العلماء في المراد بالتوبة النصوح، قال الإمام القرطبي رحمه الله: اختلفت عبارة العلماء وأرباب القلوب في التوبة النصوح على ثلاثة وعشرين قولًا.

وبفضل الله وكرمه، جمعتُ بعضًا من أقوال السلف رحمهم الله في التوبة النصوح، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

التوبة النصوح: الخالصة لله عز وجل:

قال الإمام الغزالي رحمه الله: معنى النصوح: الخالص لله تعالى.

قال الإمام القرطبي، والإمام الشوكاني رحمهما الله: قيل: الخالصة.

قال الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله: النصوح: ذو النصح. والنصح: الإخلاص في العمل والقول.

التوبة النصوح: بغض الذنب:

قال الحسن رحمه الله: التوبة النصوح: أن يبغض الذنب الذي أحبه، ويستغفر منه إذا ذكره.

التوبة النصوح: لا عودة فيها كما لا يعود اللبن إلى الضرع:

روي عن عمر بن الخطاب، وعبدالله بن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، رضي الله عنهم، قالوا: التوبة النصوح أن يتوب ثم لا يعود إلى الذنب، كما لا يعود اللبن إلى الضرع.

قال الإمام الشوكاني رحمه الله: تنصح صاحبها بترك العود إلى ما تاب عنه.

قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: ﴿ تَوْبَةً نَصُوحًا يقول: رجوعًا لا تعودن فيها أبدًا.

قال الإمام البغوي رحمه الله: أي: توبة ذات نصح تنصح صاحبها بترك العودة إلى ما تاب منه.

التوبة النصوح: ندم، واستغفار، وترك للذنب، وعزم ألَّا يعود:

قال الحسن رحمه الله: أن يكون نادمًا على ما مضى، مجمعًا على ألَّا يعود فيه.

قال الكلبي رحمه الله: أن يستغفر باللسان، ويندم بالقلب، ويمسك بالبدن.

قال الإمام ابن مفلح المقدسي رحمه الله: التوبة النصوح ندم بالقلب، واستغفار باللسان، وترك بالجوارح، وإضمار ألَّا يعود.

 

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قال العلماء: التوبة النصوح: أن يقلع عن الذنب في الحاضر، ويندم على ما سلف في الماضي، ويعزم على ألَّا يفعل في المستقبل.

التوبة النصوح: ندم، وحزن، وخوف، وبكاء، وعمل صالح:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: التوبة النصوح المشتملة على الندم والحزن والخوف والبكاء وتجشم الأعمال الصالحة.

التوبة النصوح: ما جمعها أربعة أشياء:

قال القرظي رحمه الله: يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالبدن، وإضمار ترك العود بالجنان، ومهاجرة سيئ الإخوان.

التوبة النصوح: ما جمعت بين الخوف، والرجاء، وإدمان الطاعات:

قال سعيد بن جبير رحمه الله: هي التوبة المقبولة، ولا تقبل ما يكن فيها ثلاثة شروط: خوف ألا تقبل، ورجاء أن تقبل، وإدمان للطاعات.

التوبة النصوح: التي تنصح صاحبها وترشده:

قال قتادة: الناصحة.

قال سعيد بن المسيب رحمه الله: توبة تنصحون بها أنفسكم.

قال الإمام ابن عطية الأندلسي رحمه الله: أي: توبة نصحت صاحبها وأرشدته.

التوبة النصوح: أن تضيق عليك الأرض بما رحبت:

قال أبو بكر الوراق رحمه الله: أن تضيق عليك الأرض بما رحبت؛ كتوبة الذين خلفوا.

التوبة النصوح: التي لا يثق في قبولها:

قال الإمام القرطبي رحمه الله: قيل: هي التي لا يثق بقبولها ويكون على وجل منها.

التوبة النصوح: أن يكن الذنب بين عينيه:

قال الفضيل بن عياض رحمه الله: أن يكون الذنب بين عينيه، فلا يزال كأنه ينظر إليه.

قال ابن السماك رحمه الله: أن تنصب الذنب الذي أقللت فيه الحياء من الله أمام عينيك.

التوبة النصوح: الصادقة:

قال قتادة رحمه الله: التوبة النصوح: الصادقة.

قال الإمام السمعاني رحمه الله: أي: صادقة.

التوبة النصوح: تصلح الفاسد، وتسد الخلل:

قال الإمام القاسمي رحمه الله: أي: توبة ترفع الخروق، وترتق الفتوق، وتصلح الفاسد، وتسد الخلل.

 

التوبة النصوح تغفر الذنب:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الصحيح أن التائب توبة نصوحًا مغفور له جزمًا، لكن المؤمن يتهم توبته، ولا يجزم بصحتها وقبولها، فلا يزال خائفًا من ذنبه وجلًا.

التوبة النصوح بها النجاة من غضب الله:

قال محمود بن والان: سمعت عبدالرحمن بن بشر، سمعت ابن عيينة يقول: غَضَبُ الله داء لا دواء له، قلت: دواؤه كثرة الاستغفار بالأسحار، والتوبة النصوح.

التوبة النصوح تُطهِّر العبد من نهر الجحيم يوم القيامة:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: لأهل الذنوب ثلاثة أنهار عظام يتطهرون بها في الدنيا، فإن لم تفِ بطهرهم طُهروا في نهر الجحيم يوم القيامة: نهر التوبة النصوح، ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطة بها، ونهر المصائب العظيمة المكفرة.

 

فرح القلب وسروره عند التوبة النصوح:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: التوبة توجبُ للتائب آثارًا عجيبةً…منها: أنَّ الله سبحانه يحبُّه ويفرحُ بتوبته أعظم فرح، وقد تقرر أن الجزاء من جنس العمل، فلا ينسى الفرحة التي يظفرُ بها عند التوبة النصوح. وتأمل كيف تجدُ القلب يرقص فرحًا وأنت لا تدري سبب ذلك الفرح ما هو، وهذا أمر لا يحسُّ به إلا حيُّ القلب، وأما ميتُ القلب فإنما الفرح عند ظفره بالذَّنب، ولا يعرف فرحًا غيره.

 

فوازن إذن بين هذين الفرحين، وانظر ما يُعقبه فرحُ الظفر بالذنب من أنواع الأحزان والهموم والغموم والمصائب، فمن يشتري فرحة ساعة بغمِّ الأبد؟ وانظر ما يُعقبُه فرحُ الظفر بالطاعة والتوبة النصوح من الانشراح الدائم والنعيم وطِيب العيش، ووازن بين هذا وهذا، ثم اختر ما يليق بك ويناسبك. وكلٌّ يعملُ على شاكلته.

 

التوبة النصوح من أسباب حياة القلب:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: فكذلك القلب لا تتم حياته إلا بغذاء من الإيمان والأعمال الصالحة يحفظ قوته، واستفراغ بالتوبة النصوح يستفرغ المواد الفاسدة والأخلاط الرديئة منه، وحمية توجب له حفظ الصحة، وتجنب ما يضادها.

 

العبد الأوَّاب الرجَّاع إلى الله بالتوبة النصوح:

قال العلامة السعدي رحمه الله: ﴿ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص: 17]؛ أي: رجَّاع إلى الله في جميع الأمور، بالإنابة إليه، بالحب والتأله، والخوف، والرجاء، وكثرة التضرع، والدعاء، رجَّاع إليه، عندما يقع منه بعض الخلل بالإقلاع، والتوبة النصوح.

 



تمت قراءة هذا المقال بالفعل13 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | ما جاء في صفة مزاح رسول الله صلى الله عليه وسلم

Next Post

رييل ستوري | وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد (خطبة)

Related Posts