dark

رييل ستوري | يوميات فتيات مسلمات (12)

اعلانات

يوميات فتيات مسلمات (12)

 

اجتمع الأهل والأحباب في بيت أماني، يباركون ويُودِّعون جدَّها ليلة سفره لأداء مناسك الحج، وفي هذا الجمع الغفير السعيد دار بينهم حوار:

الجد: أشكر لكم قدومكم، جُزيتم خيرًا.

أبو سالي: هل راجعت مناسك الحج والعمرة جيدًا يا أبي؟

الجد: الحمد لله، ولكن لا مانع من المزيد.

الأب: لا أتقدم الكلام وإمام مسجدنا بيننا.

الإمام: أخجَلَنا تواضعُكم يا أبا سالي، وإن كان من تذكرة فلا بد أن نعلم أن الحج هو ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفُرِض في السنة التاسعة من الهجرة، والحج فرض بإجماع المسلمين، وهو فرض في العمر مرة على المستطيع، قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97].

 

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان»؛ (متفق عليه). ولم يحج النبي صلى الله عليه وسلم إلا حجة واحدة هي حجة الوداع، وكانت سنة عشر من الهجرة، واعتمر صلى الله عليه وسلم أربع عمرات.

 

الجد: وما المقصود بالحج والعمرة والحكمة من مشروعيتهما؟

إمام المسجد: يقصد بالحج في اللغة: القصد. وفي الشرع: التعبُّد لله بأداء المناسك في مكان مخصوص في وقت مخصوص على ما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

أما العمرة في اللغة: الزيارة، وفي الشرع: أفعال مخصوصة مذكورة في مواضعها.

 

والحكمة في مشروعية الحج هي كما بيَّنها الله تعالى بقوله: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 28] إلى قوله: ﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ [الحج: 29]؛ فالمنفعة من الحج ترجع للعباد ولا ترجع إلى الله تعالى؛ لأنه ﴿ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 97]؛ فليس به حاجة إلى الحجاج كما يحتاج المخلوق إلى من يقصده ويُعظِّمه، بل العباد بحاجة إليه؛ فهم يقدمون إليه لحاجتهم إليه. والحكمة في تأخير فريضة الحج عن الصلاة والزكاة والصوم؛ لأن الصلاة عماد الدين، ولتكررها في اليوم والليلة خمس مرات، ثم الزكاة لكونها قرينة لها في كثير من المواضع، ثم الصوم لتكرره كل سنة.

 

وأما العمرة فواجبة في العمر مرة على قول كثير من العلماء؛ بدليل قوله تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 196]، وقوله صلى الله عليه وسلم لمَّا سئل: هل على النساء من جهاد؟ قال: «نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة»؛ رواه أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح. وإذا ثبت وجوب العمرة على النساء فالرجال أوْلَى.

 

وقال صلى الله عليه وسلم للذي سأله، فقال: أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج والعمرة ولا الظَّعْن: «حجَّ عن أبيك واعتمر»؛ رواه الخمسة وصحَّحه الترمذي.

 

ومن الحكمة في الحج والعمرة، تطهير النفس من آثار الذنوب لتصبح أهلًا لكرامة الله تعالى في الدار الآخرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن حَجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيومَ ولدَتْه أُمُّه»؛ (رواه البخاري).

 

وإِذَا اسْتَقَرَّ عَزْمُ المسلم عَلَى الْحَجِّ بَدَأَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَالْمَكْرُوهَاتِ، وَيَخْرُجُ مِنْ مَظَالِمِ الْخَلْقِ، وَيَقْضِي مَا أَمْكَنَهُ مِنْ دُيُونِهِ، وَيَرُدُّ الْوَدَائِعَ، وَيَسْتَحِل كُل مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ فِي شَيْءٍ أَوْ مُصَاحَبَةٌ، وَيَكْتُبُ وَصِيَّتَهُ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهَا، وَيُوَكِّل مَنْ يَقْضِي عَنْهُ مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَائِهِ، وَيَتْرُكُ لأِهْلِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ نَفَقَتَهُمْ إِلَى حِينِ رُجُوعِهِ، وأَنْ يَجْتَهِدَ فِي إِرْضَاءِ وَالِدِيهِ، ولِيَحْرِصَ أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ كَثِيرَةً وَحَلالًا، خَالِصَةً مِنَ الشُّبْهَةِ، والْحِرْصُ عَلَى صُحْبَةِ رَفِيقٍ مُوَافِقٍ صَالِحٍ يَعْرِفُ الْحَجَّ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَصْحَبَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ فَلْيَتَمَسَّكْ بِهِ.

 

الجد: وما شروط وجوب الحجِّ؟

إمام المسجد: يُشترط لوجوب الحج الشروط الآتية: الإسلام، والعقل، والبلوغ، والاستطاعة (وجود الزاد والراحلة الصالحَين لمثله)، وكمال الحرية، وتزيد المرأة شرطًا سادسًا؛ وهو المَحْرَمُ، فإن حجَّت بدون مَحْرَم أثمت وحجُّها صحيح.

 

إمام المسجد: وللحج والعمرة أنواع وحالات، فهل يتذكَّرها أحد منكم؟

أبو أماني: نعم، فهناك العمرة المفردة: وهي في سائر أيام السنة، وأفضل العمرة ما كانت مع الحج أو في رمضان.

 

وهناك الحج المفرد: وهو أن ينوي حجًّا مفردًا مجردًا من العمرة.

 

وهناك القِرآن: وهو أن يحرم بالحج والعمرة معًا، وتتداخل أعمالهما فيكفي طواف واحد وسعي واحد للحج والعمرة.

 

وهناك التمتُّع: وهو أفضل الأنساك؛ حيث يُحرِم بالعمرة في أشْهُر الحج، فيسعى لها ويطوف ويتحَلَّل منها، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة يحرم بالحج من نفس العام ويأتي بأعمال الحج من طواف وسعي ووقوف وغير ذلك، وعليه هَدْي واجب للتمتُّع والقِرآن.

 

الجد: وما أركان الحج والعمرة يا ولدي؟

 

أبو أماني: للحجِّ أربعة أركان؛ وهي: الإحرام، والطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، فلو سقط ركن بطل الحجُّ.

 

وللعمرة ثلاثة أركان، وهي: الإحرام، والطواف، والسعي، فلا تتم إلا بها وتفصيل هذه الأركان على النحو التالي:

الركن الأول: الإحرام: وهو نية الدخول في أحد النُّسُكَين: الحج أو العمرة بعد التهيُّوء للإحرام والتجرُّد من المخيط. وللإحرام واجبات ثلاثة؛ وهي: الإحرام من الميقات، والتجرُّد من المخيط للرجال، والتلبية، وهي قول: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”، يقولها المحرم عند الشروع في الإحرام وهو بالميقات لم يتجاوزه، ويستحب تكرارُها ورفع الصوت بها من الرجال وتجديدها عند كل مناسبة من نزول أو ركوب أو إقامة صلاة أو فراغ منها، أو ملاقاة رفاق. وتقطع التلبية في العمرة إذا شرع في طوافها، وتقطع في الحج إذا شرع في رمي جمرة العقبة.

 

الركن الثاني: الطواف: وهو الدوران حول البيت سبعة أشواط، وله شروط سبعة:

النية عند الشروع فيه، والطهارة من الخبث والحدث، وستر العورة؛ إذ الطواف كالصلاة، وأن يكون الطواف بالبيت داخل المسجد ولو بعُد من البيت، وأن يكون البيت على يسار الطائف، وأن يكون الطواف سبعة أشواط، وأن يوالي بين الأشواط فلا يفصل بينها لغير حاجة.

 

وللطواف سنن عدة: الرمل، وهو سنة للرجال القادرين دون النساء، والاضطباع؛ وهو كشف الضبع؛ أي: الكتف الأيمن، وللرجال دون النساء، وتقبيل الحجر الأسود عند بدء الطواف، وكذا استلام الركن اليماني، وقول: بسم الله والله أكبر، اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك واتِّباعًا لسُنَّة نبيِّك صلى الله عليه وسلم عند بدء الشوط الأول، والدعاء أثناء الطواف وهو غير محدد بل يدعو كل طائف بما يفتح الله عليه، غير أنه يُسَنُّ ختم كل شوط بقول: ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]، والدعاء بالملتزم عند الطواف من الفراغ؛ والملتزم هو المكان الذي بين باب البيت والحجر الأسود، وصلاة ركعتين بعد الفراغ من الطواف خلف مقام إبراهيم يقرأ فيهما بسورتَي الكافرون والإخلاص بعد الفاتحة، والشرب من ماء زمزم والتضلُّع منه بعد الفراغ من صلاة الركعتين، والرجوع لاستلام الحجر الأسود قبل الخروج إلى المسعى.

 

الركن الثالث: السعي: وهو المشي بين الصفا والمروة ذهابًا وإيابًا بنيَّة التعبُّد، وشروط السعي هي: النية، والترتيب، والموالاة بين أشواطه، وإكمال العدد سبعة أشواط، ووقوعه بعد طواف صحيح.

 

الجد: وما واجبات الحج والعمرة؟

أبو أماني: واجبات الحج سبعة: الإحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى الغروب لمن وقف نهارًا، والمبيت ليلة النحر بمزدلفة إلى بعد منتصف الليل، والمبيت بمِنى في ليالي التشريق، ورمي الجمار مرتَّبًا، والحلق أو التقصير، وطواف الوداع.

 

واجبات العمرة: واجباتها شيئان: الإحرام، والحلق أو التقصير.

والمرأة تلبس ما شاءت غير مُتبرِّجة، وتغطي رأسها، وتكشف وجهها ولا تغطيه إلا عند وجود رجال أجانب منها. وإذا حاضت المرأة المتمتِّعة قبل الطواف، وخشيت فوات الحج أحرمت به وصارت قارنةً، والحائض والنفساء تفعل المناسك كلها غير الطواف بالبيت.

 

إمام المسجد: أحسنت يا أبا أماني، وعلينا أن نعرف مواقيت الحج وسُنَن الحج أيضًا.

المواقيت قسمان: زمانية: وهي أشْهُر الحج: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.

ومكانية: وهي التي يحرم منها من أراد الحج أو العمرة، وهي خمسة: ذو الحليفة: (أهل المدينة) والجحفة: (أهل الشام ومصر)، ويلملم: (أهل اليمن)، وقرن المنازل: (أهل نجد والطائف)، وذات عرق: (أهل العراق وخراسان ووسط وشمال نجد).

 

وأما سنن الحج فهي كثيرة أهمها: الاغتسال عند الإحرام، والإحرام في إزار ورداء أبيض، والتلبية ورفع الصوت بها، والمبيت بمِنى ليلة عرفة، وتقبيل الحجر الأسود، والاضطباع (جعل الرداء تحت الإبط الأيمن في طواف القدوم أو العمرة)، والرمل (الإسراع في الأشواط الثلاثة الأُوَل من طواف القدوم أو العمرة)، وطواف القدوم للقارِن والمفرد.

 

ولا تنس يا أبانا أن تعلم وتعي لما ينبغي أن يفعله الحاجُّ خلال أيام الحج كُلٌّ حسب نسكه:

الإحرام من الميقات عقب صلاة، ويبين نوع النسك، والتلبية، ودخول مكة من أعلاها، والمسجد الحرام من باب السلام، والطواف، ثم يُصلِّي ركعتين خلف مقام إبراهيم، والسعي والحلق للرجل والتقصير للمرأة، ويوم التاسع يسير إلى عرفة، ثم بعد الغروب يبيت في مزدلفة، ويقف عند المشعر الحرام بعد صلاة الصبح ويكثر من الدعاء، ثم ينصرف إلى مِنى ويرمي جمرة العقبة بسبع حصيات، ثم يذبح ثم يقصر، ثم طواف الإفاضة، وسعي الحج، ثم يبيت بمِنى ليالي التشريق ويرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال، وهكذا في اليوم الثاني والثالث إن لم يتعَجَّل، وقبل المغادرة طواف الوداع.

 

وأخيرًا احرص على زيارة المدينة المنورة؛ ففضائلُها لا تُعَدُّ ولا تُحصى. ولتعلم أن أيام الحج أيام دعاء وقراءة القرآن فاستغلَّ وقتك فيما ينفع، واحذر الخوض في الجدال والكلام الباطل، قال تعالى: ﴿ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [البقرة: 197].

 

أبو سالي والحضور: بارك الله فيك ولك يا شيخنا الفاضل ونفعنا بعلمك.

إمام المسجد: جزاكم الله خيرًا. كتب الله لنا ولكم حج بيته الحرام، آمين.

 

مراجع للاستزادة والاستفادة:

الملخص الفقهي: صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان.

رسالة في الفقه الميسر: صالح بن غانم بن عبدالله بن سليمان.

الفقه الميسر للطفل المسلم: محمود المصري.

حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواها عنه جابر رضي الله عنه: محمد ناصر الدين الألباني.



تمت قراءة هذا المقال بالفعل202 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | {ومن يبتغ غير الإسلام دينا..}

Next Post

7 إشارات خفية تدل على أنك تحت تأثير السحر !

Related Posts