ادب نسائي
تكملة رواية ظلام البدر +21 بقلم بتول

وقت القراءة المقدر: 220 دقيقة (دقائق)
قصة ظلام البدر +21 كاملة بقلم بتول
البارت الثانى عشر

لماذا ينتظرها؟ أيشعر بالشفقة على تلك الحثالة؟ تلك العاهرة المستغلة لن تذهب من تحت يداه إلا بعد أن تتعلم جيداً كيف تعبث مع عائلته!
“بقوا اربعتاشر دقيقة” صاح بصوته محذراً اياها لتأتي بخطوات خائفة وأسدلت شعرها بجانب عيناها كي لا تراه ليجدها تحمل ملابسها التي كانت ترتديها المبتلة وملتفة بمنشفة صغيرة
“ملقتش اي حاجة انضف بيها” همست وهي تنظر للأرض “هنضفها بهدومي” تحدثت في همس ورعب لتستمع لأنفاسه الغاضبة وهو يتوجه نحوها في غضب عارم ليجذب تلك المنشفة ويلقيها أيضاً في غلٍ شديد
“بت!! انتي هنا زيك زي الحيوانات، رايحة تغطي جسمك القذر ليه، غوري قدامي نضفي اللي هببتيه” جذبها من شعرها لتقع أرضاً على ركبتيها وهي تصرخ وتبكي من كل تلك الإهانة التي لا تعلم متى ستتوقف وبدأت في تنضيف الدولاب والأرضية بسرعة خوفاً مما قد يفعله معها مجدداً.8
جلس خلفها يشاهدها وهي تقوم بالتنظيف بمنتهى الغضب وهو يسحق أسنانه في انفعال وعصبية ولا زال ممسكاً بحزامه الجلدي وهو يحاول أن يتحكم بتلك الإثارة التي يشعر بها كلما تفقد وتمعن في منحنياتها المثيرة.
“سيدي.. اعمل فيا اللي انت عايزه، أنا قابلاه كله، بحبك زي ما أنت واستحالة أبداً أقولك لأ على حاجة”
“ليلي!! البسي هدومك وبطلي اللي أنتي بتعمليه ده، مش هيوصلك لحاجة أبداً وقوليلي يا بدر وانسي انك تكوني زيهم” تحدث في انفعال وهو يشيح بنظره عنها ليجدها تقترب أسفل قدماه وتتوسل له 13
“أرجوك.. أنا حابة ده معاك، حابة أكون ليك وملكك، أنا بحبك، بحبك أوي، لو موتني تحت ايديك مش هاشتكي”
“ابعدي عني” نفض يدها من على قدماه ليشعر بصوت نحيبها
“طيب ليه؟ ليه مش عايز تديني الحق ده؟ هو أنا مستاهلش إنك تعمل معايا زي ما بتعمل مع الستات التانية، أنا موافقة على أي حاجة أنت عايزها، حتى لو هعيش تحت رجلك خدامة طول عمري، أبوس ايدك بلاش تبعد عني أكتر من كده، أنت قولتلي إنك متعلق بيا ومش هاتبعد عني و..”
“قولت..” قاطعها “قولت إني مش هابعد لكن استحالة أعمل معاكي زي ما بعمل معاهم، هما حاجة وأنتي حاجة تانية” تحدث بعصبية وهو يسحق أسنانه 1
“أنا عايزاك وقابلاك بكل اللي بتعمله، عايزاك تديني الفرصة اني أكون تحت رجليك مش بس حبيبتك ومراتك، عايزة أكون خدامتك.. سيبلي الفرصة دي، جربها معايا ولو لمرة واحدة بس” توسلت له ليخلل شعره الفحمي الطويل 1
“ماشي يا ليلي.. أنتي مصممة بردو مع اننا اتكلمنا في الكلام ده كتير بس حاضر أنا هوريكي أنا بعمل فيهم ايه، مرة واحدة بس، ولو اشتكيتي عمرها ما هتتكرر تاني” صاح بحنق ليلتفت لها وهي تنظر له بأعين متوسلة امتلئت بالسعادة من قراره ثم صفعها بقوة ليرى الدماء تتطاير من فمها وتسقط هي أرضاً لتحاول بعدها التقرب من حذاءه لتقبله في امتنان5
“شكراً يا سيدي” شكرته لتتثاقل أنفاسه وهو ينظر لجسدها العاري الذي يعشق كل تفاصيله ثم خلع سترته وقميصه وأمسك بحزامه الذي خلعه هو الآخر3
“لفي واسندي بإيديكي وركبك على الأرض” آمرها لتمتثل أوامره بينما هو يحاول أن يهدأ من نفسه ويسيطر على ذلك الجموح بداخله وهو لا يدري كيف له أن يكون رقيقاً معها.
لم يشعر بنفسه وهو يجلدها بحزامه على مؤخرتها لتصرخ نورسين آلماً وتبكي وهي لا زالت تقوم بتنظيف ذلك الدولاب ولم تتوقف شهقاتها للحظة وآثارها تنعكس على جسدها في ارتجافات متتالية.17
لماذا يتذكر ليلي الآن؟ ما الذي يحدث له؟ لماذا يشعر بذلك الإلحاح بأن يقوم بإدماء جسد نورسين؟، يريد أن يرى بشرتها الحليبية الناعمة للغاية وآثار غضبه مرتسمة عليها، يريد أن يصنع منها لوحة بديعة بألوان دماءها الحمراء ويستمع لصراخها المتتالي ولكن لا، هو لا يريدها له، هو يعاقبها على استغلالها لعائلته.
“ناقص تمن دقايق يا وسخة” تحدث لها بعد أن نفض ذلك التفكير من رأسه وهو يراقب تحركاتها بأنفس متثاقلة غاضبة للغاية.2
حاولت هي أن تجفف دموعها التي لا تستطيع الرؤية من خلالها بمسح وجهها بذراعها وهي تُسرع خوفاً من أن يضربها ثانيةً أو أن يفعل بها شيء آخر.
نهضت مسرعة للحمام حتى تنظف تلك الملابس التي امتلئت بالقاذورات ثم عادت مرة ثانيةً أسفل نظره لتقوم بتنظيف المتبقي وهو لا زال يراقبها وكادت أن تنهض مجدداً ولكنه أوقفها 1
“بت أنتي نسيتي انك حيوانة هنا ولا ايه؟ تروحي اي حتة وأنتي ماشية على ايديكي ورجليكي زي الكلبة” لم تتصور أن اهانته قد تصل لهذا الحد ورفعت عيناها الزرقاوتان لتقابل عيناه المعتمتان وتهاوت المزيد من دموعها ليتوجه نحوها غاضباً “كمان يا بت بتبصيلي؟ ايه هتربيني يا روح امك” صرخ بها ثم تهاوى بجلدة شديدة على مؤخرتها لتصرخ هي بشدة حتى شعرت بجرح حلقها “قدامي يا قذرة على الحمام” آمرها ليبالغ معها بالمزيد من الجلدات على مؤخرتها وظهرها لتفر هي على أربع لتنظف قطع الثياب وهو خلفها لازال يكيل لها المزيد من الجلدات وصراخها وبكائها لا يتوقف.9
“ناقصلك اربع دقايق يا واطية” لا زال يجلدها وهي تصرخ وتبكي حتى وصلت إلي الدولاب مرة ثانية 2
“كفاية.. ضرب.. هه.. أرجوك..” توسلت له وصوتها يكاد ألا يُسمع ليقهقه في تمرد وشر 6
“ده أنا هنسيكي اسمك واعرفك يعني ايه تلعبي بقذارة مع عيلة الخولي.. نضفي يا بت” جلدها ثانية وشهقاتها وخوفها لا تتركها كي تُركز في اي شيء فهي ام تُضرب من قبل، لم تعامل بشدة، لم يزجرها حتى أحد وتأتي فجأة لتُقابل كل هذا العذاب فهي لم تعد تحتمل.
تذكرت والدتها لتتوقف يدها عن العمل بل وتوقف بُكائها، كم كانت لينة معها، كم كانت عطوفة وتعاملها بحنان وطيبة ولين حتى عندما كانت تُخطأ لم تعنفها أبداً..
“ما تخلصي يا روح أمك ولا عايزاني أعرفك مقامك أكتر من كده؟” صرخ بها عندما رآها تتوقف عن التنظيف وجلدها مجدداً لتلتفتت له متحاملة على نفسها1
“آه.. عايزاك تموتني عشان اروح لماما، أنا معملتش حاجة لكل اللي بتعمله فيا ده، حرام عليك أنـ..” تعالي صوتها وعيناها تحولت للحمرة الشديدة من كثرة البُكاء
“وكمان بتعلي صوتك يا كلبة” صرخ بها ليترك حزامه وأنهال عليها بالصفعات المتتالية حتى سقطت أرضاً “حرمت عليكي عيشتك يا وسخة” أكمل صفعاته وهي شهقاتها تتعالى وتحاول التحدث بكلمات لا تُسمع ولا تُفهم من كثرة بكائها وهي تزحف أرضاً لتحتمي بأي شيء منه ولكن دون جدوى بينما هو تحول لشيطان هائج لا يرى ما يفعله ولا يعلم أين تقع يداه بتلك الصفعات ثم أمسك بشعرها وآخذ يصفع رأسها أرضاً مرة ثم مرة وفي المرة الثالثة توقفت تماماً عن البكاء وتحولت بين يداه جثة هامدة لينظر لها بين يداه وهو يحاول أن يتنفس بروية وابتلع على مضض!!11
“وكمان بتعلي صوتك يا كلبة” صرخ بها ليترك حزامه وأنهال عليها بالصفعات المتتالية حتى سقطت أرضاً “حرمت عليكي عيشتك يا وسخة” أكمل صفعاته وهي شهقاتها تتعالى وتحاول التحدث بكلمات لا تُسمع ولا تُفهم من كثرة بكائها وهي تزحف أرضاً لتحتمي بأي شيء منه ولكن د…
مسح جبينه من كثرة تعرقه ثم ترك العصاة أرضاً بعد أن تمزق حزامه لشدة الضربات ونظر لجسدها المدمي بل وانسالت بعض الدماء منذ بداية ظهرها إلى ساقيها ليبتلع في كراهية تجاه نفسه ثم أجبرها أن تلتفت له لينظر بتلك العسليتان في خوف من ردة فعلها وأنفاسه متثاقلة وتقابلت قتامة عيناه بعيناها في تردد ليتلمس أسفل ذقنها على وجل1
“مبسوطة باللي عملته فيكي؟ مبسوطة بكل ده!! إياكي اسمعك بتقـ..” تحدث بأنفاس متلاحقة لاهثاً قاطعته لتخفض يده ممسكة بها فتعجب وتابع ما تفعله ليجدها تدفنها بمنطقتها الحساسة ليبتل كف يده الرجولي بالكامل ونظر لها في دهشة مُضيقاً عيناه ومُقطباً جبينه10
“قولتلك إني بحبك.. واللي عملته فيا مضايقنيش بالعكس ده.. أنت عارف قصدي ايه!!” ابتسمت وخفضت رأسها ثم أمسكت بيداه لتقبل كل واحدة منهما على حِدَةٍ ليجذب يده ثم نظر لها ملياً وهو مندهش وتزايد ثقل أنفاسه 2
“بصيلي” آمرها ففعلت ليصفعها على وجهها ليتهاوى وجهها وشعرها الطويل ثم استعادت توازنها مرة ثانية لتعد وتنظر له مثلما آمرها منذ ثوان ليفعلها مرة ثانية!!
ظل يصفعها مراراً وتكرارا وبدأت قوة تحملها في التناقص لتآخذ خطوات للخلف بينما تبعها هو للأمام حتى وصلت لتقابل الجدار بظهرها المجروح آلماً لتنظر له بينما هو حاوط عنقها بيده وتحدث بين أسنانه المتلاحمة هامساً بجانب أذنها “هيجانة يا بت؟!” سألها لتومأ له بالموافقة “ردي يا ليلى!!” همس بأذنها ثم آخذ شحمة أذنها بين أسنانه ليفترسها بينما صرخت هي
“أوي يا سيدي.. آآه.. أرجوك بلـ..”
“هشششش..” قاطعها بينما رفع جسدها وحرر رجولته ليخترقها بعنف وشدةٍ ثم ثبت جسدها بيد وبالأخرى لازال محاوطاً عنقها ولم تتوقف هي عن الصراخ في متعة.1
أراح جسدها على السرير أمامه وهو يتفقد أين بداية خط الدماء هذا الذي انساب على عنقها ثم ثديها الأيسر ليتفحص رأسها ثم تنهد في هدوء بعد أن وجده مجرد خدش ليس إلا، وهو يسعى جاهداً أن يتوقف على تذكر ليلى وذكرياتهما معاً وهو يتعجب من نفسه بشدة، لا يدري لماذا تذكر الآن أول مرة مارس ساديته عليها!
أزاح شعرها الحريري الناعم بعيداً عن جبينها ثم تفحص جسدها العاري أمامه وبدأ في تمرير أنامله على وجهها المتورم بسبب صفعاته ومجريان دموعها التي وكأنها لن تتوقف أبداً ثم تمتم في نفسه متسائلاً “لما أنتي صغيرة ومش قد اللعبة الوسخة دي عملتي كده ليه؟! بس يالا.. جيتيلي على الطبطاب وتستاهلي كل البهدلة دي” 1
أنخفضت أنامله لثدييها البضان الصارخان بالأنوثة والإثارة فهو لم يرى مثلهما بحياته، حتى ليلى لم تمتلك هذا القدر من الإثارة!! لُعنت تلك الصغيرة، لماذا يقارن بينها وبين ليلى، لا يليق له حتى أن يقارن بينها وبين حذاء ليلى! 16
لم يدري بنفسه ويداه تمسك بثدييها تعانقهما في لين وازدرد لعابه في وجل وهو لا يدري لماذا يفعل ذلك لينهض مسرعاً ويخلل شعره الذي اكتسب طولاً ملحوظ وحاول الهدوء والسيطرة على عقله.
توجه للخارج ليحضر مياة وثلج من المبرد ثم مرر الثلج على وجهها ليقل هذا التورم ثم بعد أن انتهى امسك بالزجاجة ونثر المياة عليها لتستيقظ شاهقة.
نظرت له في رعب وبدأ الشعور في العودة إليها مرة أخرى لتشعر بصداع لعين ومؤخرتها تكاد تحترق من كل تلك الجلدات وتذكرت عنفه معها منذ قليل لتزحف للوراء في ذلك السرير وتجمعت الدموع بعيناها الزرقاء ونظرت له خوفاً في توسل.
“ارجوك بلاش ضرب كفاية.. كفاية أنا عمر ما حد ضربني.. أنا معملتش حاجة لكل ده” توسلت له وهي تبكي وجسدها يهتز ثم أخذت احدى الشراشف تحاوط بها جسدها العاري ليقترب هو منها مستنداً بركبة ساقه لتتكور هي على نفسها دافنة وجهها في الغطاء وتصرخ في توسل
“بلاش ضرب تاني والنبي.. هاعمل كل اللي تقول عليه بس من غير ضرب.. اللي انت عايزه هنفذه.. ضرب تاني لأ.. بلاش” اجهشت بالبكاء وهي تموت بداخلها رعباً ليبتسم هو لمظهرها الخائف1
“بقا هتعملي اي حاجة انا اقول عليها” صدحت ضحكته عالياً في شر “ماشي.. مش هضربك.. بس بكرة ترجعي تتحايلي عليا اني اضربك.. انا هعلمك ان الضرب اهون حاجة.. قومي يا واطية كملي تنضيف” همس بالقرب من وجهها ثم نهض ليلقي عليها اوامره
“طول ما انتي معايا هتفضلي كده عريانة، تمشي زي الكلبة على ايدك ورجلك، مسمعلكيش نفس، انسي انك تتكلمي غير لما اسمحلك.. متبصليش غير لم اسمحلك.. وكل اللي اقولك عليه يتنفذ بالحرف، ويومك اسود لو اعترضتي على حاجة!” مد يده ليجذب الشرشف من عليها ليظهر جسدها ثانية “مكانك على الأرض يا حتة حيوانة.. سامعة ولا اقول تاني؟!” صرخ بها لتهز رأسها وفرت بسرعة للأرض فهي تظن أنها إذا امتثلت آوامره سيكف عن ذلك التعذيب ولكن هي لم تعرف من هو بدر الدين الخولي بعد!2
“تمشي زي الكلبة تنضفي القرف ده لغاية ما اقولك كفاية” اماءت بالقبول ودموعها تتهاوى في صمت وآخذت تفعل ما آمر به حتى انتهت بعد حوالي نصف ساعة.4
كان جالساً يشاهدها بجسدها المثير ومؤخرتها المهتزة كلما تحركت وخوفها الذي جعله يحلق في السماء منتشياً للغاية وارتجافة جسدها اسفل عيناه الثاقبتان أشعرته بسعادة عارمة.
نهض ليتجول وهي تحاول أن تلاحظه ثم اقترب بخطواته منها ليهتز جسدها في رعب مما قد يفعله معها وآخذ تفكيرها يصرخ أسيضربها مجدداً أم ماذا!
جعلها أسفل قدماه المتباعدتان لتلاحظ كلا منهما على يمينها ويسارها فابتلعت وجلاً وتهاوت دموعها في صمت.
نظر ملياً بعد أن شعر بالرضاء عما فعلته ليهدر صوته الرخيم “كفاية كده” أخبرها ثم ابتعد ليعود للجلوس على الأريكة بالغرفة ليآمرها منادياً “تعالي هنا تحت رجلي!”
توجهت له على يداها وقدماها ثم انتظرت ماذا يريد منها وهي خائفة وشهقاتها لازالت تتابع بين الفينة والأخرى من آثار بكائها الحاد.
“بصيلي!” آمرها ففعلت في خوف وتردد ليبتسم نصف ابتسامة في تشفي وراحة “احنا راجعين بكرة.. هتقولي بقا كنا فين؟!” تريث للحظة لتتحدث هي
“معرفش” همست مُجيبة بتلقائية ليضحك في تهكم
“يا غبية يا حتة متخلفة أنا قولتلك تردي ولا تفتحي بوقك؟!” مرر سبابته وإبهامة على شفتاه وآثار ضحكته لازالت ترتسم عليهما لتشعر هي بالرعب وتوقعت صفعة مجدداً من صفعاته التي لا تنتهي فتقهقرت للوراء بجسدها ليُكمل هو “هوريكي حاضر!! بس انتي قولتي مش عايزة ضرب مش كده؟!” نظر لها في خبث مُضيقاً عيناه ثم امتدت يده لجيبه ليخرج عملة معدنية ونهض آمراً اياها “تعالي ورايا”
توجه ليتوقف أمام احدى الجدران وألقى نظرة عليها ثم ابتسم بتهكم “قومي” آمرها ففعلت ثم وضع القطعة المعدنية على الجدار في مستوى وجهها ليدفعها أمامها تماماً لتقابل أنفها وترك العملة المعدنية لتتثبت بفعل أنفها “خليكي بقا ماسكالي دي زي ما انتي كده، واياكي تقع أو تتحرك.. وطبعاً لا هتتحركي ولا هتلمسيها بإيدك.. قدامك ساعة ونص!!” آمرها ثم تركها وتوجه للأريكة بينما هي اندهشت مما سمعته وتهاوت دموعها في صمت “متنسيش انك قولتي مش عايزة ضرب، ولو كلامي متنفذش هافشخك!!” صاح بصوته الذي بدا كالرعد الهادر لتتهاوى دموعها أكثر وبدأت في الشعور بوجع عنقها وقدماها لا تستطيعان أن تحملاها بعد كل ذلك..5
آخذ يستمع لكل البريد الصوتي الذي وصله على هاتفه وهو يلعن نورسين بداخله، لديه طناً من الأعمال ولا يستطيع فعل العديد من الأمور بسببها هي فقط..
مرت حوالي نصف ساعة بعد أن تفقد بريده الإلكتروني أيضاً وهو يتابعها بعيناه الثاقبتان ويلاحظ تأثر قدمها وعنقها من تثبيت العملة المعدنية بتلك الطريقة ليبتسم في تشفي وانتصار وترك هاتفه وأراح جسده في الأريكة مستنداً بذراعاه يميناً ويساراً مباعداً بين قدماه وظل يتابع شقاءها بمنتهى التلذذ والإستمتاع!1
قام بعد عشرة دقائق متوجهاً نحوها لتشعر هي بإقترابه وتعالت أنفاسها المرتبكة وبدأ في الهمس بجانب أذنها “قولتلك بقا كنا فين؟!! كنا في لندن!!” سكت للحظة ثم أكمل “موبايلك فين؟! ردي المرادي على قد السؤال!!” سألها وسمح لها بالحديث
“نسيته في البيت!” همست ليهز رأسه في تفهم
“هاكلم شاهندة دلوقتي وهديهالك تكلميها، اياكي تحسسيها بحاجة، فاهمة؟!” همس مجدداً وهي ترتعد من أنفاسه الساخنة التي تلفح عنقها “ما تردي يا روح أمك!” صاح بصوته الرخيم ليرتجفا كتفاها
“فاهمة” رددت مُجيبة
“شاهي عاملة ايه يا حبيبتي؟!”
“ده ايه الجمال والحلاوة والمزاج الرايق ده كله؟!” صاحت شاهندة متعجبة عندما أجابت مكالمته التي فعل بها مكبر الصوت لتستمع نورسين لكل ما يدور بالمكالمة
“شوفتي بقا، أخباركم ايه؟!”
“كله تمام، كريم بقا أحسن شوية، وهديل كمان، انتو راجعين امتى؟!”
“بكرة على بليل كده يمكن نوصل على اتناشر ولا واحدة.. خدي كلمي” اماء لها وهي لازالت ممسكة بأنفها تلك القطعة المعدنية وأعصاب جسدها بأكملها تصرخ آلماً ولم تعد قادرة على التحمل ولكنها أجبرت نفسها خوفاً من ضربه اياها
“شاهي..” همست وشارفت على البكاء ولكنها ابتلعت تلك الغصة وحاولت التحكم في مشاعرها قدر الإمكان!
“حبيبة شاهي.. صوتك بعيد ليه.. وحشتيني اوي! كده يا جبانة موبايلك مقفول ومش عارفة أوصلك من يوم ما سافرتي؟!” صاحت شاهندة في لهفة
“أنا.. ننسيته.. أنا آسفة” تلعثمت وهي تجيبها لينظر لها بدر الدين نظرة محذرة مرعبة بالكاد رآتها فهي لو تحركت ستسقط القطعة المعدنية
“حبيبتي متتآسفيش أهم حاجة إنك بخير!! أنتي كويسة يا نور؟ ناقصك حاجة عايزاها؟ بدر بيعاملك كويس؟!”
“كله تمام.. متقلقيش” اجابت في وهن ومنعت نفسها أن تبكي ولازالت تحافظ على عدم تحرك تلك القطعة المعدنية لتلاحظ شاهندة ولكنها لم تود أن تفاتحها في الأمر الآن وهي بداخلها تدعوا أن يكون هذا من الإشتياق لها ليس إلا
“بكرة بقا أول ما تيجي صحيني حتى لو كنت نايمة.. اتفقنا؟”
“حاضر يا شاهي..”
“يالا تصبحي على خير يا حبيبتي..”
“وانتي من أهلـ..” أنهى بدر الدين المكالمة ليقهقه ساخراً بينما تهاوت دموع نورسين في وهن وتعالى نحيبها
“بت أنا بعاملك ازاي؟ ردي عليا” صاح ساخراً وبنبرة امتلئت جنوناً 4
“كويس..”
“كنتي مبسوطة بسفرية لندن مش كده؟!” سألها ليعلو صوت بكائها
“ايوة مبسوطة”
“ورحمة ابويا لو شوفتك جنب كريم هخلي عيشتك سودة ومش بعيد أموتك!! سامعاني يا بت؟”
“سامعة”
“يالا خليكي واقفة زي الكلبة كده واياكي تتحركي سنتي واحد وإلا هاموتك من الضرب!!” صاح بصوته الهادر ثم تركها وتوجه خلفها وهي لا تدري إلي أين هو ذاهب وتاركها وهل سيعلم إن تحركت أم لا!!
شعرت بالرعب الكامل وقررت أن تظل واقفة كما هي خوفاً من أن يعلم بتحركها، تشعر وكأنما جسدها أقترب من التهاوي والسقوط بأي ثانية الآن، أما عنقها فهي لا تشعر بها، لقد تخدرت تماماً عن الإحساس.. ولكنها ستُكمل فلربما هو وراءها وهي لا تعلم، وربما دخل الغرفة ثانيةً دون أن تدري وربما هو بالشرفة ولكن الذي تتأكد منه أنه سيؤلمها إذا عصت ما آمرها به!15
توجه لجناحه بعد أن ترك هاتفه الآخر وفعَّلَ مكالمة مرئية وارتدى ثياباً نظيفة بعد أن استحم وهو يراقبها وأدهشه عدم تحركها وامتثالها ما آمر به ثم توجه للأسفل ليحضر بعض الطعام لهما سوياً فهو لا يريدها أن تموت ولا تفقد وعيها، عذابها معه لم ينتهي بعد، هو…
توجه لجناحه بعد أن ترك هاتفه الآخر وفعَّلَ مكالمة مرئية وارتدى ثياباً نظيفة بعد أن استحم وهو يراقبها وأدهشه عدم تحركها وامتثالها ما آمر به ثم توجه للأسفل ليحضر بعض الطعام لهما سوياً فهو لا يريدها أن تموت ولا تفقد وعيها، عذابها معه لم ينتهي بعد، هو مستمتع بكل ما يحدث للغاية خاصة وأنه يرى بها نفس استغلال تلك العاهرة التي ولدته!!2
ابتاع الطعام وبعض الملابس النظيفة لها وبعض العلاج لوجهها وعيناها اللتان تحولتا للحمرة الشديدة، فهو لا يريد أحد أن يعلم ما حدث لها، ليس قبل أن يشعر بأنه آخذ كفايته من عذابها وعقابها على ما فعلت!!1
شعرت بحركة خلفها لتبتلع في وجل وهي لا تعرف ما الذي خطط له ولا يفعله وتسللت رائحة الطعام الشهية لأنفها بينما هو تناول هاتفه الآخر وأنهى المكالمة ثم توجه بالقرب منها لتحس به ثم فجأة شعرت بشيء ما يمر على كتفها من الخلف.
حركته في تلقائية وهي لا تدري ما ذلك الشيء ليهمس هو “تؤ تؤ تؤ.. متتحركيش لا تتعوري” امرها لتقرع طبول قلبها مما ستُجرح؟ ماذا سيفعل بها؟ لماذا ينتقل هدا الشيء لظهرها؟ بم يفعلها؟ لماذا يريد أن يجبرها على التحرك؟
تعالت أنفاسها في رعب تام مما يفعله وهي تحاول ألا تُسقط العملة، ترتعد موتاً لوجوده خلف جسدها االعاري بذلك الشكل وهي تجاهد ألا تتحرك وقلبها كاد أن يخرج من صدرها..
“لا عجبتيني يا بت” ضحك بصخب ولهجته المتهكمة قتلت أعصابها “كفاية كده عليكي.. انزلي زي الكلبة يالا وتعالي ورايا” آمرها وهو يتمشى متباهياً ليجلس على الأريكة وشرع في تناول الطعام بنظام شديد ثم بدأ في التحدث
“هتنزلي الشغل عادي، ومفيش كلمة هتخرج من بوقك على اللي حصل، طبعاً مش محتاج أقولك هاعمل ايه فيكي!!” توقف عن تناول الطعام ثم لامس أسفل ذقنها ليتطلع وجهها الذي بدا متورماً لتتلاقى عيناها الزرقاوتان المحاطتان بالحُمرة لكثرة بكائها “كمادات بقا وقطرة وكريم عشان منظرك المقرف ده” اهانها بتلك الكلمات لتبتلع غصة حلقها في قلة حيلة “هتلاقي الحاجة مرمية عندك برا..” صاح لها ثم نظر لها بطرف عينه وألقى لها بعض الطعام بجانب قدمه تماماً “اطفحي” تهاوت دموعها في صمت وتوقفت لبرهة في سخط وهي تشعر بالإهانة “ها.. نرجع للضرب؟!” تسائل بلهجة محذرة ليتعالى نحيبها وخفضت رأسها لتفعل ما يآمرها به ونحيبها يتعالى ليجد نفسه يضحك عالياً!! “لما تحبي ارجع للضرب ابقي قولي” همس بتهكم ثم اكمل طعامه وكذلك هي!
انتهى من تناول الطعام ثم نظر لها ملياً وهي تجد صعوبة في التقاط الطعام بشفتاها ليبتسم في تشفي “لأ.. ده بيتلحس.. عارفة الكلاب بتاكل ازاي؟!” تعالى نحيبها وتجمعت الدموع بعيناها وهي لا تستطيع الرؤية “الحسي يا كلبة” آمرها ففعلت في تقزز حتى أنهت الطعام بأكمله الذي اختلط بدموعها المتساقطة..20
“هتنضفي الجناح وتظبطي كل حاجة فيه واياكي الاقي غلطة.. وهتلاقي عندك لبس برا، ده لبسك لبكرة، والدواء تاخديه ولو حسيت انك بتستعبطي انسي انك ترجعي بكرة..” نظر لها رافعاً رأسه بينما أخفض نظرته بطرف عينه إليها وهو ينظر لها بعنجهية وتعالي لتتلاقي أعينهما وهو يرى الذل الخالص بعيناها وهو يُلقي عليها أوامره بتلك الطريقة اللاذعة ثم شعر بالتقزز من الشعور الذي اعتراه لتوه، شعر وكأنه يريد النظر لذلك الوجه وألا يغمض له جفناً أبداً فأشاح بنظره مُسرعاً ليزجر ذلك الشعور بداخله ويتخلص منه وعقد حاجباه غضباً ثم نظر بساعته.. “قدامك لبكرة، الساعة خمسة العصر بالدقيقة اجي أشوف الكلام اللي قولت عليه متنفذ بالحرف والاقيكي جاهزة.. الجناح مقفول بالمفتاح والتليفونات أنا فصلتها.. اياكي أحس بس بحاجة عملتيها لحسن أموتك” رمى بكلماته ثم توجه للخارج مسرعاً وغادرها.
قصة ظلام البدر +21 كاملة بقلم بتول
البارت الثالث عشر

أين ذهب صاحب تلك العيون التي تستطيع أن تتغلغل بداخل من أمامه حتى يستطع التعرف على نوايا صاحبها؟؟ أين ذهبت ساديته بتعذيب أجساد النساء وعندما توسلته أعرض عن فكرة ضربها؟؟ أين ذهب بدر الدين الخولي الذي لم تغيره إمرأة فقط سوى ليلى حبيبته وزوجته؟
هو متأكد أنها مجرد فتاة مستغلة تريد الأموال.. هو يعرف منذ أن وقعت عيناه وتمعن بتلك الزرقاوتان أن بها شيء ما، ليست فتاة طبيعية، وراءها شيئاً هو يعرف جيداً..
لن يلتفت لإثارتها اياه بعد الآن، لن يلتفت لتلك البراءة المُزيفة بعيناها، هي تلك الفتاة التي أرادت أن تُفرق بين أخته وزوجها فقط لأجل حفنة أموال ليس إلا..
جاب جناحه ذهاباً واياباً وهو لا يُصدق أنه تركها هكذا بمنتهى السهولة، لا، لم تكن إلا لجعلها تستعيد عافيتها قليلاً حتى لا يشك أحد أفراد عائلته في أي شيء، هذا ما نواه، ليس لليناً تجاهها!! 5
استند بساعده على رأسه بعد أن استلقى على السرير وحاول أن يوصد عيناه ليرى بدر لدين الصغير الخائف المرتعد مرة أخرى..
“أنتي قذرة.. مش عايزة غير الفلوس وبس.. صابر مش موجود تدوري على غيره قوام، أنا عرفت إنك كنتي نايمة معاه من يومين و..”
“ولو نمت معاه أنت مالك، أنت مخليني زي البيت الوقف وابنك سايبهولي ومش فارق معاك حاجة” قاطعته ليصفعها بقوة
“ده أنا مشوفتش حد في وساختك!! جاية تكلميني عن ابني وبتقولي انك نايمة مع واحد تاني!! أنتي أم أنتي؟ يا شيخة ملعون أبو اليوم اللي عرفتك فيه”
“فعلاً كان يوم أسود، يوم ما روحت واتجوزت عليا!!”
“وأنا اتجوزت عليكي ليه؟ نسيتي ولا أفكرك؟”
“عشان واحدة وسخة ضحكت عليك وآآآه…” قاطعها ممسكاً بشعرها ليلفه على يده جاذباً اياه بعنف ليتهاوى جسدها أرضاً
“نجوى دي ضافرها برقابتك يا خاينة يا قذرة يا بتاعة الرجالة يا حرامية، على الأقل مباعتنيش لصاحبي عشان الفلوس بالعكس وقفت جانبي يوم ما سرقتي تعبي وشقايا، وابني اللي بتتكلمي عليه أنا هاريحك منه خالص، مش هتعرفي تطولي ضافره”
“يا أخي غور أنت وهو وطلقني وخليني أشوف حياتي بقا بعيد عنك وعن فقرك ده”
“بعينك خليكي كده زي البيت الوقف، بدر..” صاح منادياً اياه بينما كان بدر الدين ذلك الطفل يستمع لجدالهم ليجد المياة تنساب على بنطاله دون إرادة منه إلي أن لامست حذاءه!
فتح عينه وهو يشعر بالإختناق وتوجه للشرفة بعد أن خلع قميصه وتثاقلت أنفاسه والغضب ارتسم على جميع ملامحه وقتمتا عيناه السودواتان ليتجدد بداخله الكره الخالص لوالدته..
شرع في تدخين سجائره بلا توقف وهو يحاول أن يثني تفكيره عن تلك الذكريات التي كرهها، لا يمر يوماً إلا وهو يتذكر كل ما حدث بين والده ووالدته وكل ذلك العاب الذي لاقاه منهما.. لم يتوقف عن التذكر إلا فقط عندما كانت ليلى بجانبه..
“مشيتي ليه بس.. ليه أنا سيبتك تمشي يومها!!” تحدث داخل نفسه متمتماً بآسى ثم ألقى سجارته من الشرفة ووصد عيناه ليُفكر بليلى مجدداً.
تذكر تلك العينتان التي لم يرى مثلها أبداً، عينتان عسليتان اللون تبتسم وكأنها تُجبر من أمامها على الشعور بالسعادة، لم ينسى يومها أنه ابتسم تلقائياً عندما تقابلت أعينهما ولكنه مُسرعاً أعاد لمظهره الجاد وعقد حاجباه وتوجه لداخل مقر كليته..
لا يدري لماذا يتذكرها وهي تبتسم مع الجميع وشعرها الطويل يتراقص مع الهواء وكأنما تحول كل شيء حوله ليصبح بالتصوير البطيء وكأنه بأحد تلك الأفلام الرومانسية التي لا يطيق مشاهدتها، وكأنما طُبعت بذاكرته، هو حتى لم يستطع أن يُركز فيما يُمليه عليه أستاذه.. لقد أقترب كثيراً من تقديم رسالته ولن يدع لحظة عابرة ونظرة سريعة لفتاة أن تثنيه ع التركيز فيما يقوله أستاذه!!
بعد محاولات كثيرة للتركيز ولتي فشل في أغلبها انتهى وقته ليتوجه للخارج على مضض ليجدها منتظراه عاقدة ذراعيها مستندة على جدار بجانب باب الكُلية ولكنه لا لن يلتفت لها وأكمل طريقه..
“بدر الدين الخولي!!” صاحت ليلتفت ناظراً لها في تعجب ثم حاول تصنع الجدية ولكن الدهشة الشديدة هي الشيء الذي اعترى ملامحه
“أنتي تعرفيني؟!” صاح متسائلاً بصوته الرخيم
“وهو مين ميعرفش بدر الدين الخولي الأول في كل حاجة.. الأول على الدفعة.. الدكتور المنتظر.. الأول في فريق الكورة.. الأول في الأبحاث..” أخبرته وهي تنظر له بعيناها المبتسمتان تلك لتجده يرفع حاجباه وكاد أن يُغادرها لتوقفه هي “قولي بقا لما بصيتلك ضحكت ليه؟!”
“أنا مضحكتش!!” صاح منكراً وهو حقاً يتعجب كيف استطاعت رؤيته فهي لم تكن غير ثانيتان
“يا راجل!!” ضيقت عيناها لتنظر له في تساؤل
“لا لو سمحتي الزمي حدودك عشان احنا مفيش ما بينا أي علاقة ومتعرفنيش.. بعد اذنك..” حدثها في غضب ثم كاد أن يغادر لتوقفه هي وتلمست ذراعه في جرأة
“طب ايه رأيك أعرفك؟!” عقدت ذراعها ثم نظرت له في تحدي “قهوتك ايه؟!”
“سادة!” اجابها بمنتهى التلقائية
“طب تعالى بقا فيه كافيه بيعمل القهوة تحفة!”
لم يُصدق أن في خلال ساعات قليلة ضحك مثل هذا الضحك بحياته، شيئاً ما بها مختلف عن الجميع، كل شيء معها سهل وسلس للغاية، هو حقاً لم يشعر بالوقت يومها، تحدثا بموضوعات شتى، وشخصيتها المرحة التي لم يرى مثلها من قبل جعلته يود أن يتحدث لها أكثر وأكثر
“الساعة بقت حداشر!! ده أنا سيادة السفير هيعلقني!” صاحت ليلى في تعجب وهي تلم حاجيتها من على طاولة المقهى
“استني بس.. أنا هاوصلك”
“لا كده كده السواق هيجيلي..”
“خلاص براحتك” تنهد ثم شعر بالغضب
“بدر.. أنا هاشوفك تاني مش كده؟!” صاحت وعيناها تعلقت بتلك العينتان القاتمتان لتجده يُزيد من عقدة حاجبيه لتتلمسها هي في جرأة “هاشوفك يا بدر” اجابت على سؤالها وهو يتعجب من تلك الحيوية الشديدة وتأكدها من كل شيء هكذا بتلك الثقة ودون أن يدرك أعطته هاتفه “ابقى كلمني.. باي” ابتسمت له مودعة اياه وهو لا يدري ما كل ذلك الذي يحدث له وهو يريد أن يصرخ ويوقفها عن المغادرة ولكنها كانت سريعة للغاية وغادرت.. مثلما كانت تفعل دائماً.. سريعة بكل شيء..
فتح عيناه ثم ابتسم بمرارة على تلك الذكريات التي جمعتهما معاً وشرد في تلك الإبتسامة التي إلى الآن لم يرى مثلها.
“ليلى.. أنا.. أنا اتسرعت معاكي ومش عايز أعلقك بسراب.. احنا لازم نبعد عن بعض!!”
“ليه؟! ليه!! جاي تقولي ده دلوقتي بعد ما حبيتك يا بدر، أنت عارف إني ممكن أموت من غيرك” صرخت به وهي تبكي بحرقة
“أرجوكي يا ليلى متصعبيش عليا الأمر أكتر من كده..”
“لأ، أنت اللي مصعب كل حاجة على نفسك، عايش في الماضي واللي حصل زمان، انسى بقا، انسى اللي عمله باباك فيك زمان، انسى أمك، افتكر شاهندة وماما نجوى والناس اللي بتحبك، افتكرني أنا يا بدر.. أنا بحبك.. بحبك وعايزاك بكل اللي فيك، بكل عقدك وكلاكيعك اللي بنقعد نعيط عليها سوا، عايزاك تحكيلي عشان آخدك في حضني، أطبطب عليك وأنت جنبي وجوزي وحبيبي وفي سريري.. نصحى كل يوم سوا وننام سوا ونضحك سوا وناكل سوا وحتى خناقنا يكون سوا”5
“كفاية.. أنا شايف إن احنا مش هننفع..”
“لأ أنت مش شايف حاجة، احنا أكتر اتنين ينفعوا لبعض، بس أنت مصمم تعذب نفسك وتعذبني معاك.. أنـ..”
“هتتبهدلي معايا وفهمتك أنا ازاي حياتي ماشية، أنا مقدرش أعيش من غير باللي بعمله.. هتقبلي تتجوزي واحد سادي؟ هتقبلي واحدة غيرك تقلع قدامي عشان ابهدلها وأضربها وأشوفها وهي بتتعذب؟!! ابعدي عني عشـ..” قاطعها صارخاً وهو ينظر لها في غضب لتقاطعه هي الأخرى
“هاقبل يا بدر ولو عايز حتى اجيبهملك بنفسي هاعملها عشان خاطرك” نظر لها في دهشة وغير تصديق لما تقوله “لو قولتلي ارمي نفسي في النار هاعملها عشانك يا بدر!!” 9
لا يزال يتذكر تلك الكلمات منها إلي الآن، لم ينساها أبداً، بتلك الدموع التي انهالت على وجهها الرائع بسببه هو، كم كره نفسه مثيراً ذلك اليوم لجعلها تبكي بتلك الطريقة وتمنى لو قتل نفسه!!
“أنا مش مصدقة نفسي.. احنا متجوزين بجد.. يعني أنا خلاص بقيت مراتك؟!” صاحت في سعادة وهي تحتضنه
“ايوة يا بنت سيادة السفير!! بقيتي مراتي، مرات بدر الدين الخولي” نظر بعينتاها العسليتان وشعر وكأنما تاه بهما ثم أقترب منها ليقبلها ليتحول وجهها تماماً للحمرة الشديدة “واضح إننا نسينا الجرأة خالص، تعالي بقا عشان أطلعها بمعرفتي” أخبرها ثم حملها ليتوجه لذلك الجناح الخاص بهما لتبتسم هي في خجل وأخبأت رأسها بجانب عنقه.3
“خايفة؟” نظر لها مرتعدا وهو لا يدري من أين له القدرة بأن يكن رقيقاً ليناً معها فهي أول مرة لها ولن يخاطر برسم ذكرى سيئة في عقلها بسبب عنفه الأهوج!
أحاطت هي وجهه بيديها ثم اماءت له في إنكار “أنا واثقة فيك وبحبك ومتأكدة إنك عمرك ما هتجرحني” لا يدري من أين لها بكل تلك الثقة فهو حتى لا يثق بنفسه..
دفن رأسه بعنقها يلثمها ليشعر بزيادة أنفاسها ثم هبط لثدييها ليتذوقهما لتأن هي في لذة ونظرت له لتتقابل أعينهما ثم آخذت تتمسك بالشراشف حولها وهي لا تستطيع تحمل ما يفعله.
” بدر.. أرجوك متخافش.. لو حصل اي حاجة أنا مش هازعل منك” همست وهي تحاول أن تتحدث بين لهاثها الشديد ليعتليها ونظر بعيناها العسليتان ووجهه يعتريه الوجل والرعب ثم امتدت يده لتوسع بين ساقيها لتشعر به بداخلها في هدوء.
“آآه..”
“ليلي انتي كويسة؟ ردي عليا؟ أنتـ.. “3
“انا كويسة متخافش.. أنا بس.. ممم..” قاطعته متلعثمة
“انطقي متسبنيش كده” صاح بين أسنانه المتلاحمة ثم هبط ليقبل ثدييها وتلالهما العاليتان.
“بسـ.. بسرعـ.. بدر” صاحت في خجل لينظر لها وبدأ يزيد من سرعته ودون أن تدري علا صوتها وبدأت في جذب شعر رأسه الفحمي بين أصابعها في رغبة جامحة.
لم يدري بنفسه وهو يجمع كلتا يداها ليثبتهما فوق رأسها فهو كلما استمع لها تصرخ أسفله بتلك الطريقة شعر بالجنون الشديد وازداد عنفه بتلقائية شديدة.
آخذ يدفع برجولته داخلها وهو يُسلب عقله بصراخها وحدق في ملامحها المنتشية بجموح ثم أمسك بخصرها وهو لا يزال مثبت يداها فوق رأسها ليشعر بصراخها يتزايد لتتزايد وتيرة تحركاته داخلها بتلقائية حتى لم يعد يدرك ما يفعله ووجد جسدها يرتجف أسفله “بدر قرب مني” صاحت صارخة له ليفعل وهو لا يُبطأ أبداً “بحبك.. بحبك اوي.. اياك تبعد عني” همست بأذنه لاهثة ليسحق هو أسنانه بعدما شعر بها تتقلص حول رجولته ليزداد الضغط عليه وأسرع وتيرته للغاية لتصرخ هي صرخة عالية ليبتلعها بدر الدين في قبلة محمومة وترك نفسه ليشعر بالخلاص ثم لانت قبضته حول يداها لتلتق ذراعيها حوله وابتسمت بين قبلتهما لينظر لوجهها ملياً ثم بادلها الإبتسامة.
استندت على صدره وهو يحاوطها بذراعه وأنامله تتلمس كتفها لمسات محببة لقلبها. “هو أنا زودتها معاكي شوية مش كده؟” سألها ليشعر بإماءتها بالرفض على صدره4
“دي أحلى حاجة حصلتلي في حياتي” همست ثم احاطت صدره بذراعها “أنا بيني وبينك كان نفسي تزودها!”1
“ليلى!” ناداها مُحذراً “انسي الموضوع ده” زجرها ثم نهض من جانبها لتنهض هي الأخرى
“وفيها ايه يعني لما اكون عايزة أجرب ده مع الراجل اللي بحبه؟ مع جوزي؟ أنت ليه فاكرني هاتكسر تحت ايدك؟” صاحت متسائلة في اعتراض لينظر لها في غضب
“لأن ده اللي بيحصل.. بكسرهم تحت مني.. لأنك غيرهم وأنتي غبية ومش شايفة اني بحبك ومش شايف أمي القذرة فيكي” صرخ بوجهها غاضباً ليجدها تبتسم وكذلك عيناها التي يعشقها “بتضحكي يا ليلى وأنا بتكلم جد” امائت له بالإيجاب ليزداد غضبه وكاد أن يذهب لتوقفه متلمسه ذراعه العريض
“عشان أول مرة تقولي إنك بتحبني” همست له وتوسعت ابتسامتها لتنهمر الدموع من عسليتاها واحتضنته ليزفر في حنق ثم همس لها وهو يبادلها العناق
“إن كنتي بتحبيني بلاش تتكلمي في الموضوع ده تاني”
تجمعت الدموع واحتبست بعيناه لينهض واقفاً بالشرفة وهو يتذكر تلك اللحظات معها وترك هواء الفجر ليجفف دمعاته المتراكمة ورغماً عنه تذكر المزيد..
“كانت بتكرهني اوي.. دايماً تزعقلي وتقولي انها مبتحبنيش واني سبب تأخيرها في كل حاجة؛ أنا كنت بسمع.. بسمع صوتها وهي! وهي نايمة مع واحد في الأوضة وأنا كنت صغير ومش فاهم هي ليه بتصوت ومن غبائي كنت ببقا خايف وفاكر حد هيجي يضربني زي ما بيضربها..” ابتلع في تقزز ثم أكمل9
“وبابا.. بابا كان بيشوفني فيها.. كان كل ما بيلاقي شعري طول شوية يحلقهولي عشان شعري الأسود بيفكره بيها.. كان دايماً يقولي متبصليش كده زي يا أمك؛ كان أغلب الوقت يقولي يا ابن أمك وكل ما يفتكرها يعذبني بأي طريقة ممكنة.. مكانش فيه غير أمي نجوى اللي بتدافع عني هي وشاهي ويفضلوا يتحايلوا عليه عشان ميحبسنيش أو يعاقبني.. كنت لازم كل يوم أخلي اوضتي متنظمة اوي ونضيفة وإلا كان ممكن يضربني ويهزقني قدام الناس وبالذات الشغالين والسواق.. ومرة نقصت درجة واحدة في مادة آخر السنة وكان الامتحان صعب اوي، مع اني كنت طالع الأول على المدرسة بس هو كان شايفني فاشل، فضل حابسني طول الاجازة لوحدي ورابط ايديا ورجليا بالجنزير في الحيطة ومكنتش اقدر اتحرك غير نص متر وعشان أنام كان لازم أنام وأنا قاعد.. تلت شهور كان نفسي في مرة أفرد ضهري حتى لو على الأرض بس مكنتش بعرف؛ كان بيبعتلي الأكل مرة كل يومين ومرة كل اسبوعين يجي يدلق عليا جردل ماية لغاية ما كرهت نفسي وقرفت من نفسي.. كان دايماً بيخترعلي أخطاء عشان يعاقبني وخلاص.. مش قادر يا ليلى أنسى كل ده، ضربه ليا وكلامه الصعب وكان بيحبسني.. كان بيحبسني لغاية ما كنت بعمـ…” أجهش بالبكاء في صدرها وهي تربت على ظهره في حنان وازادت من عناقه وضمته أكثر لها وهي تشعر بجسده ينتفض بين يديها بينما يخبرها بكل ذلك الماضي.7
“أنا جنبك وبحبك.. أنسى كل حاجة.. مفيش حاجة وحشة تاني هتحصل..” همست له في حنان ليحاول هو التوقف عن البكاء3
“هما السبب يا ليلى.. أنا مش وحش.. هما خلوني وحش.. كل ما بفتكرهم بتضايق وببقا عايز اطلع كل الوجع اللي جوايا بأي طريقة؛ مش لاقي غير الطريقة دي.. ساعديني أرجوكي؛ أنا مش عايز أعذب حد تاني.. ساعات ببقا نفسي أنتحر بعد ما ببص لجسمهم وبشوف أنا عملت فيهم ايه..”2
فرت دمعة بغتةً دون أن يتحكم بها ليزيحها مُسرعاً ثم ابتلع تلك الغصة التي شعر بها في حلقه وهو يمنع نفسه عن البكاء بصعوبة ليحس بمكان يدها وهي لازالت تربت على ظهره في حنان.
“يعني ايه حامل؟ يعني ايه بتعانديني؟ أنتي طفلة صغيرة عشان تحملي ومش عارفة أنتي بتعملي ايه؟” صرخ في غضب وهو يجذب كتفيها في عنف لينظر إليها “الزفت ده ينزل!!” صاح بها آمراً اياها وأنفاسه المتثاقلة الغاضبة تلفح وجهها
“وفيها ايه يا بدر، احنا متجـ..”
“فيها إني مينفعش أكون أب، مينفعش ابقى أب بمنظري ده، أنا لسه زي ما أنا و..” قاطعها لتقاطعه هي الأخرى
“لا ينفع أنت بس خايف، زي ما كنت خايف تكون معايا وتمد ايدك عليا وفاكر نفسك هتموتني ولا هتكسرني، زي ما كنت خايف من الجواز، زي ما كنت خايف وفاكر نفسك مش هاتنسى كل اللي حصلك زمان، ليه مش بتثق إننا طول ما احنا مع بعض نقدر على أي حاجة؟ ليه دايماً شايف نفسك وحِش وأنك مش كويس..”
“كفاية يا ليلى اللي انتي عملتيه ولسه مصممة تعمليه، عايزة تغيري كل حاجة فيا في لمح البصر وتمحيني وتبدليني بشخصية جديدة!! خلتيني أكون سادي معاكي انتي بس، بعدت عن اللي كنت بعمله مع الستات زمان، بضحك وبحاول أنسى وبعمل حاجات جديدة عشان خاطرك.. بس لغاية هنا وكفاية.. وأعرفي إن مش أنا اللي ينفذ كلام واحدة ست!!” صرخ بها غاضباً لتنظر له في حزن وانهمرت دموعها
“تنفذ كلام واحدة ست؟!” كررت كلماته في غير تصديق ليتعالى نحيبها “يعني عشان عايزاك تكون كويس وإنسان طبيعي بقيت بتنفذ كلام واحدة ست.. بس .. هو ده كل اللي أنت شايفه؟!” تسائلت وهي حقاً لا تدري كيف له أن يتفوه بتلك الكلمة
“أيوة يا ليلى!! وآخر كلمة هاقولهالك الطفل ده ينزل وانتي عارفة من الأول إني قايلك مش عايز أطفال.. أنا مكدبتش عليكي في حاجة..”
“حاضر يا بدر.. هنزله” همست وهي تجهش بالبكاء بعد صمت دام لقرابة الخمس دقائق وبعد أن تفحصته وهي لا تُصدق أن ذلك الرجل أمامها، زوجها، الذي تحبه أكثر من أي شيء قد قتلها آلف مرة بما أخبرها به.
ارتجف جسده وهو يتذكر ذلك الشجار الذي بدا وكأنه البارحة ليحاول منع نفسه عن البكاء ولكن دون جدوى وكلما حاول كتم نحيبه كلما ازدادت حاجته في البكاء أكثر.1
“معلش يا بدر.. هاقعد عند أختي في فرنسا يومين ومتقلقش هاعمل العملية.. ممكن تبقا تيجي تاخدني من عندها لو حابب.. بس أنا محتاجة أكون لوحدي شوية!” تحدثت له في هدوء وهي تنظر له بطريقة غريبة لأول مرة يراها تنظر له بتلك الطريقة 11
“بس يا ليلى مينفعـ..”
“أرجوك يا بدر سيبني براحتي.. إن كنت بتحبني وليا في قلبك معزّة سيبني اهدى يومين..” قاطعته ليحدق بعيناها ثم أقترب منها وقبّل جبينها بشفتان مرتعشتان
“حاضر.. بس متتأخريش عليا!” أخبرها وهو يحاول التغلب على تلك الدموع البغيضة التي أرادت أن تقتحم عيناه فجأة.
“متقلقش مش هتأخر.. مش هتلحق تحس إني مشيت” ابتسمت له في اقتضاب ثم عانقته بكل ما لديها من قوة ثم ابتعدت لتجفف عيناها “خد بالك من نفسك” همست له ليومأ لها1
“وأنتي كمان لو احتاجتي حاجة كلميني!” اماءت له هي الأخرى ثم توجهت للخارج.
“ازاي كنت غبي كده!! ليه سيبتيني ومشيتي؟ ليه يا ليلى ليه؟ مش عارفة إني من غيرك هاكون أسوأ إنسان في الدنيا؟ مش عارفة إني من غيرك عمري ما هاقدر أعيش؟ اشمعنى اليوم ده بالذات واشمعنى الطيارة دي بالذات اللي وقعت!! ليه عملتي فيا كده!! ليه؟! لو كنتي بس سمعتي كلامي ومحملتيش.. لو كنت أنا وافقت.. كان ممكن تكوني جنبي دلوقتي.. ليه كنت غبي كده؟! غبي!! غبي!!” صرخ بداخل نفسه ليتجرع تلك الآلام وحده ثم أجهش بالبكاء وهو يشعر بالندم وإلي الآن يعرف أنه السبب بكل ما حدث لها.7
ليه كنت غبي كده؟! غبي!! غبي!!” صرخ بداخل نفسه ليتجرع تلك الآلام وحده ثم أجهش بالبكاء وهو يشعر بالندم وإلي الآن يعرف أنه السبب بكل ما حدث لها
تنهد في سأم وهو يعرف أنه سيذهب لها بالداخل وسيراها الآن.. عليه أن يستجمع رباطة جأشه، عليه أن يعود بدر الدين الخولي بتلك القسوة، بنفس الغضب والجدية، عليه أن يرى والدته في كل النساء وينتقم منهن لعل تلك الآلام تسكن بداخله قليلاً. 2
دلف الجناح التي تمكث به ليجد كل شيء كما هو، بقايا طعام البارحة، ملابسها التي أحضرها، حقيبة العلاج الذي ابتاعه لها وكأنما تعصاه عن قصد فتوجه للسرير التي نامت عليه وهو يُقسم بداخله أنه سيقتلها تلك المرة فاقترب منها وكاد أن يجذب الغطاء ولكنه وجدها تهمس أثناء نومها “ببلاش.. ضرب.. ماما.. كفاية.. ضرب لأ.. بببلااش” أقترب أكثر ليجد جسدها يرتجف بشدة والعرق ينهمر على جبينها فاقترب يتلمس وجها ليجد حرارتها مرتفعة للغاية ليلعن داخل نفسه ثم توجه للخارج مسرعاً.13
قصة ظلام البدر +21 كاملة بقلم بتول
البارت الرابع عشر
عاد بسرعة بعد أن أحضر كل العلاج اللازم للحمى! هو يعرف جيداً ما بها وقد واجهه من قبل عندما مرضت ليلى!
حملها ثم وضعها في المياة الباردة حتى تقل حرارتها قدر المستطاع ليسمعها بين الحين والآخر تهذي بنفس الكلمة “بلاش ضرب”
لقد واجه العديد من المواقف التي بكت بها النساء وتآثرن من عذابه؛ ربما كسرن، نزفن، لقد رأى كل شيء ولكن تلك الحالة من الهذيان جديدة عليه تماماً.7
أخرجها من المغطس ثم جففها وألبسها تلك الملابس وأعطاها حقنة بسرعة لتخفض من حرارتها وآخذ في عمل الكمادات وآخذ يراقب حرارتها التي انخفضت بعد الكثير من الوقت.
لأول مرة يشك أنه فشل بشيء ما وكان سيتحدث للطبيب ولكن لماذا كل هذا العناد منها بل ومن جسدها تجاهه.4
تنهد وهو ينظر لها وأكمل صنع الكمادات الباردة لها لتستمر في الهذيان بين الحين والآخر ثم للحظة شعر بالكراهية تجاه نفسه.. إلي متى سيظل يعذب النساء، أين له بالخلاص من كل ذلك؟ هذه الفتاة أخطأت ولذلك هو يفعل كل هذا، يرى بها نفس المرأة المساغلة التي كرهته من قبل، ولكن ماذا بعد أن ينتهي منها؟ هل سيعود لعادته القديمة ويحضر نساءاً فقط ليعذبهن!!8
منذ أن رحلت ليلى وتركته لم يعد الأمر بالنسبة له هو رؤية والدته بهن، بل أصبح يأتي بالمرأة ليعذبها إلى أن تطلب منه الرحيل وحينها لا يرى أمامه إلا ليلى متمثلة بهن وهي تخبره بأنها ستعود قريباً ويعود هو ليكتشف أنها ليست هناك ولم تعد ولن يراها مرة أخرى وأن كل ما يره هو مجرد وهم!
هنا يجن جنونه ويُطلق ذلك الوحش بداخله ليفترس من أمامه بمتهى الحيوانية والهمجية، يتمنى فقط لو مرة وهو يعذب إحداهن أن تنطق وتخبره بأنها ستبقى، ستبقى بجانبه ولن تتركه أبداً.. ولكن لم يحدث ذلك ولو لمرة واحدة..
تطلع وجه نورسين ملياً وهو يرفع خصلاتها الحريرية ثم أطلق زفرة عميقة وهو يُفكر بكل شيء أوصلها لهذا الوضع بين يداه، لقد أذنبت كثيراً بحق عائلته، تلك العائلة التي لن يخسرها أبداً مهما حدث، لا يعرف أحد بحياته غيرهم، هم من مثلوا له الأسرة، الحب، العائلة، احتضنوه في وقت كان مُدمراً به، لن يترك أحد يُفكر في أذيتهم أو استغلالهم.. لن يحدث هذا ما دام لديه القدرة على التنفس..
لماذا أرادت أن تفعل ذلك؟ فتاة مثلها في مقتبل عمرها، تبدو ذكية، جميلة، متفوقة، طيبة، لماذا تأتي لتُفسد على رجل وإمرأة زواجهما بهذه الطريقة؟
نظر لها وهو يُفكر بما سيفعله معها الأيام القادمة، بالطبع لن يدعها لتستحوذ على عقل عائلته بطيبتها المُزيفة، ولن يستطيع أن يدعها بالقرب من كريم حتى يُظهر خيانته لهديل!!2
وقع بالكثير من الحيرة وشرد ليفكر مجدداً وعلم أن الطريقة الوحيدة للإنتهاء من إلحاح الأفكار عليه هو أن يُكشَف كل من كريم ونورسين بسرعة حتى ينتهي من ذلك الكابوس.. مد يده ليبدل الكمادات على رأسها ليجدها تفتح عيناها ووجهها شاحب للغاية
“أنا حرانة أوي.. هو ليه الجو حر كده” همست وهي تغلق جفناها في تعب شديد وشعرت بالسخونة الشديدة تكاد تحرق عيناها ثم نظرت لتجد أن بدر بجانبها ويبدو وكأنه هو من يطببها “أنا مش قادرة أقوم عشان انضف.. أنا آسفة.. أنا.. ” تحدثت في تلعثم واضح وبدأت في الخوف منه ونبرتها أهتزت رعباً منه ليوقفها عن الكلام واضعاً سبابته على شفتاه ثم حدق بعيناها المتعبتان وتوجه ليحضر لها بعض المياة وهي تتابعه بزرقاوتاها في إرهاق شديد لتجده يتوجه نحوها ويقترب منها لتخاف هي ولكنه ناولها المياة لتتعجب فآخذتها منه ولكنها لم تستطيع التحرك.
زفر في حنق ليقترب منها فشعرت بالرعب من قربه لها هكذا ثم حاوط خصرها بذراعه حتى يساعدها لتجلس فتمسكت هي بذراعه في تلقائية لتستند عليه ونظر إليها لتتلاقى أعينهما لبرهة وتزايدت خفقات قلبها في خوف بينما هو عاد له نفس ذلك الإحساس كلما أقترب منها ليبتعد مسرعاً عاقداً حاجباه.
“اشربي..” صاح آمراً لتشرب هي بسرعة وما إن انتهت اقترب منها ليآخذ الكوب “حاسة بإيه دلوقتي؟” بالرغم من أن سؤاله هذا يٌعتبر اهتماماً ما من قِبله ولكن لهجته الحادة لم تدع لها الفرصة للشعور بذلك الإهتمام!
“حرانة ودايخة وزوري بيوجعني اوي..” تحدثت في تلقائية ليزيد هو من عقدة حاجباه وعادت هي للشعور بالخوف.5
“كان ناقص كمان قرفها ده” تمتم بعد أن توجه للخارج ليقوم بطلب بعض الحساء الساخن والدجاج لها واستدعى الطبيب.
حاولت أن تفهم ما الذي يفعله معها، يعذبها ويهينها والآن يعتني بها!! تعجبت كثيراً من كل هذا ثم اندهشت وهي تعود بذاكرتها لليلة الأمس
حاولت أن تفهم ما الذي يفعله معها، يعذبها ويهينها والآن يعتني بها!! تعجبت كثيراً من كل هذا ثم اندهشت وهي تعود بذاكرتها لليلة الأمس..
لقد جلست تبكي حتى شعرت بأن حبالها الصوتية قد تضررت من كثرة النحيب، أشتاقت لوالدتها كثيراً، تريد أن تذهب لها وتقص عليها كل شيء، هي حتى لم تقم بزيارة قبرها ولو لمرة واحدة، أجهشت بالبكاء ثانية عندما أدركت أن بدر الدين لن يدع لها الفرصة لتفعلها حتى ولو توسلت له!!
لقد نامت هنا، تبكي، لم تشعر بالوقت، لقد كانت عارية، نعم هي تتذكر ذلك، إذن، هو الذي ساعدها لترتدي تلك الملابس، لقد فاقت لتجده بالقرب منها يضع لها الكمادات على جبينها، ماذا حدث له منذ البارحة إلي الآن؟ أيمكن أنه قد أكتشف الحقيقة وعرف أنها لم يكن لديها يداً بكل ما حدث؟!
تنهدت في حيرة ثم تفقدت الوقت لتجدها التاسعة مساءاً وظلت تفكر، أحقاً بدر الدين الخولي لم يعود لعائلته فقط لأنها مريضة؟ كان بإمكانه أن يدعها تجلس معه بالسيارة وعند عودتهما كان له أن يستدعي الطبيب أو شاهندة لتعتني بها ولكن ما أثار حيرتها أكثر أن مظهره ذلك وملامحه التي رآتها منذ دقائق تخبر بأن بداخله بعض الإكتراث والقابلية لمساعدة الغير!! أيمكن هذا معه أم أنها تتوهم لطيبتها الزائدة؟!
وجدت شخصاً يدلف عليها وبالقرب منه بدر الدين لترتبك وهي تحاول أن تعتدل في جلستها ثم همس بدر بشيئاً لم تستطع هي سماعه وتوجه للخارج بينما أقترب الشخص الآخر منها لتشعر بالخوف فهي لم تعد تثق بما قد يفعله بدر الدين حتى ولو هي مريضة فكل ما فعله معها لا يترك لها مجالاً للإطمئنان.
أقترب منها حاملاً الطعام بعد أن فحصها الطبيب الذي أخبرهما بأنها حمى شديدة وسوء تغذية وإرهاق لتفر دمعة ازاحتها سريعاً بأناملها عندما تذكرت أنه السبب في كل ذلك بينما بدر الدين وبمنهى الإندهاش شعر بداخله بالذنب الشديد لما فعله معها.
“خلصي الأكل ده.. أنا رايح أجيب الدوا وجاي” آمرها في اقتضاب بعد أن وضع الطعام أمامها وهي تطالعه بزرقاوتاها في توتر ثم أشاحت بنظرها وسلطته على الطعام لكي لا ترتبك أكثر بفعل عيناه تلك القاتمتان.
أنهت الطعام بأكمله حتى شعرت بالإمتلاء ووصدت عيناها لبرهة ولم تشعر بنفسها بعد ذلك.
دلف الغرفة التي تمكث هي بها ليجدها نائمة وأمامها الصحون فارغة ليعقد حاجباه في حنق واستنكار من تصرفاتها، كيف لها حتى أن تسقط في النوم دون وعي بما أمامها.. لا يُصدق أنها بمثل تلك الطفولية الشديدة.2
أقترب ليزيح الأطباق جانباً ثم توقف ينظر لها في تحير شديد ولكنه لن يضيع المزيد من الوقت عليها، أقترب بيده ليجعلها تستيقظ لتناول دواءها ولامس كتفها “اصحي” تحدث في هدوء ولكن على مضض.
“لا لأ متضربنيش” صاحت في فزع عندما رآته بالقرب منها وعادت للوراء بجسدها بينما نظر لها هو في غضب شديد وقدم يده لفمها ليجبرها أن تبتلع الدواء ثم ناولها المياة
“اطفحي الزفت..” تحدث بين أسنانه المطبقة غضباً ثم ابتعد عنها لتفعل هي على الفور ثم استمع لإرتطام الكوب بطاولة السرير الجانبية “اتخمدي عشان هنرجع بكرة” أخبرها وهو موجهاً ظهره لها وبعدها توجه للخارج.
تركها في حيرة من آمرها فهي لم تعد تعي ما الذي يفعله معها وما الذي أثناه هكذا فجأة عن طريقته معها بالأمس لتزفر في حيرة ثم وضعت رأسها على الوسادة ووصدت عيناها لتذهب في النوم سريعاً.
“شاهي حبيبتي عاملة ايه؟”
“ايه يا بدر وصلتو لفين؟”
“لا احنا لسه في لندن.. حصل اجتماع مفاجئ تاني واضطرينا نأجل السفر شوية” تحجج بأي شيء حتى لا يُشعرها بالقل على نورسين
“يووه بقا، يعني لسه هتيجوا بكرة..”
“ايوة.. كده احنا خلصنا كل حاجة..”
“ماشي يا بدر أما أشوف آخرتها ايه، نور وحشتني أوي.. هي جنبك؟”
“لأ في اوضتها” اجابها بإقتضاب وسحق أسنانه في غضب من تلك الأعذار الواهية التي يقدمها من أجل تلك الفتاة
“طيب سلملي عليها كتير.. أنتو طيارتكو امتى صحيح؟!” سألته في تلقائية بينما تريث هو وهو لا يدري بم يجيبها!
“طب شاهي هكلمك تاني..” أنهى المكالمة بسرعة ليتمتم غاضباً ” فيه ايه بقا! ايه اللي أنا بهببه ده؟” هشم بمنفضة سجائره احدى المرايات بالغرفة وهو يتعجب على كل ما يفعله معها ولأجلها، إلي الأمس كان كل شيء بخير، ما الذي حدث بعدها؟ لماذا غير خططه بأن يدعها تستريح؟ أيشفق عليها؟ أيكترث لأمر تلك الحثالة؟ لماذا يُقدم الأعذار من أجلها؟ لا!! لن يحدث..
لن يكترث مجدداً لأمر إمرأة أياً كانت.. لن يفعلها أبداً! هن بأكملهن مجرد مستغلات.. احدهن تستغل الأموال وأخرى تستغل عشق الرجال لها..
عاد ليتذكر تلك اللحظات مع ليلى عندما طوعته لكل ما أرادت وكأنها تحلم وهو يترجم حلمها حتى يجعله حقيقة من أجلها، ابتلع في مرارة ثم تهاوى جسده جالساً على أحد المقاعد وتذكرها مجدداً..1
“اتبسطتي؟” همس سائلاً اياها وهو يتلمس أسفل ذقنها وحدق بتلك العسليتان وهي جالسة على ركبتيها بين قدماه المتباعدتان
“اوي” اجابته بإبتسامة وهي تومأ له وبالرغم من وجهها الذي يبدو عليه الإرهاق وجسدها الذي يؤلمها إلا أنها شعرت وكأنما تُحلق بالسماء السابعة فقبلت يداه الاثنتان ثم اراحن رأسها بجانب قدماه.1
“أنتي عارفة ومتأكدة إنك مش لازم تعملي ده عشاني.. ملوش لازمة لو بيتعبك!” أخبرها بدر ثم أراح جسده العاري بذلك الكرسي الوثير ليجذب جسدها ويجلسها على فخذاه ثم أراح رأسها على صدره.
“سيدي.. أنا حبيت كل ده معاك.. يمكن لو في ظروف تانية مكنتش بقيت كده.. بس تعرف! من ساعة ما قولتلي وأنا ابتديت أفكر في الموضوع، قريت كتير عنه، اتفرجت على حاجات كتير، اخدت الموضوع من وجهة مظر تانية خالص، لقيتني شوية بشوية حبيته، كان نفسي اجرب ده بجد عشان أتأكد وأقرر إذا كنت هاحبه اوي ولا مجرد الكلام اللي شوفته شدني.. بس صدقني أنا خلاص بقيت مقدرش أعيش من غير الحاجات دي؛ كل لمسه بتلمسهاني وكل قسوتك معايا في الأوقات دي مقدرش خلاص اعيش من غيرها” أخبرته وهي تحاوط صدره بذراعها وتستمع لخفقات قلبه1
“بس أنا مش عايزك تتعودي على الحاجات دي؛ أنا لولا إن أنتي اللي معايا ممكن الموضوع يخرج عن ايدي وأأذيكي وساعتهـ..”
“عمره ما هيخرج عن ايدك عشان بتحبني وأنا واثقة ومتأكدة إن عمرك ما هتأذيني أبداً” قاطعته ثم ازادت من حدة معانقتها له وهو يخلل يده بين خصلاتها الطويلة ثم نهض غاضباً من كثرة تلك الآلام التي تجددت بداخله بعد أن تذكر تلك اللحظات.
“بس أنتي آذتيني يا ليلى.. ادتيني كل حاجة وغيرتيني وحسستيني بالأمان وفجأة سيبتيني وخرجتي من حياتي” تمتم متآلما ثم حدق بصورتها على هاتفه للكثير والكثير من الوقت وآخذت ملامحه تتحول من التألم للغضب الشديد لينهض مسرعاً بعد أن آخذ قراره.9
لن يلين لإمرأة، لن يتهاون مع أي منهن حتى لا تظن أن هناك بعض الإكتراث بداخله.
لن يدع الفرصة لمثل تلك الفتاة بأن تعتقد ولو لثانية واحدة إنه يشفق عليها أو يكترث لأمرها، تلك المستغلة الصغيرة عليها أن تتذكر من هو مجدداً.. ستسافر والآن في حالتها تلك ولن يتغير شيئاً بمرضها.. إذا مرضت فتلك مشكلتها وليست مشكلته هو!
اصطحب غضبه وقراره لجناحها دالفاً اياه وتوجه لغرفتها وهو يتوجه نحو سريرها في غضب وكاد أن يتحدث ولكنه توقف من تلقاء نفسه.
رآها وهي متكورة على نفسها، متعرقة بغزارة شديدة، تأن بين أنفاسها المنتطمة كالمرتعبة من شيء ما.
لا يدري لماذا تراجع مجدداً؟ لقد أقضى حَالي ساعتان يحاول أن يقنع نفسه أنه لن يصبح ليناً معها أبداً.. ما الذي يحدث له الآن؟!
سأل نفسه وهو يجلس في حيرة على كرسي قريب منها وآخذ ينظر لها ملياً ليجدها تهمس بين نومها مرة أخرى “بلاش ضرب..” سمع نبرتها النائمة الخائفة ليزفر في حيرة وهو لا يدري ماذا يفعل معها!
ظل جالساً يُفكر ويُفكر وهو ينظر لها يتفحص ذلك الوجه البريء الذي خدع الجميع ببراعة وحاول أن يستحث ذلك الغضب وتلك القسوة بداخله على أن يوقظها ولكن شيئاً ما يغلله وكأنما وقع أسيراً في براثن من لا يرحم!
توجه نحوها وهو يرفض تلك الشفقة التي تصرخ بداخله كي يدعها وشأنها ومد يده ليجذبها من شعرها ولكن خارت قواه تماماً ليعيد الغطاء عليها مرة أخرى وعاد لمقعده وهو يحاول مجدداً أن يستدعي قسوته وبدلاً من أن يوقظها سقط هو في النوم.3
توجه نحوها وهو يرفض تلك الشفقة التي تصرخ بداخله كي يدعها وشأنها ومد يده ليجذبها من شعرها ولكن خارت قواه تماماً ليعيد الغطاء عليها مرة أخرى وعاد لمقعده وهو يحاول مجدداً أن يستدعي قسوته وبدلاً من أن يوقظها سقط هو في النوم
“صابر! كفاية بقا! حرام عليك، ليه بتعمل فيه كده؟ ليه بتظلمه؟ ده مش ذنبه.. ده طفل مكملش عشر سنين، أنت كده بتربيله عقدة” صاحت نجوى في انفعال بينما استمع بدر الدين لكل ما قالته ولكنها لم تراه فلقد أختبأ جيداً أسفل الطاولة.
“نجوى.. ده ابني وملكيش دعوة أتصرف معاه زي ما أحب..” صاح صابر بنبرة قاطعة لا تحتمل النقاش
“وهو بردو ابني زي ما هو ابنك.. أنا مش هاقبل عنفك معاه ده” تحدثت له بعصبية ثم توجهت نجوى نحو زوجها وهي تنظر له في توسل “أنا بحبك.. حبيتك بكل ما فيك؛ مكنتش أتصور أبداً إن قلبك الحنين ممكن يعمل كده في طفل ملوش ايد في كل اللي بيحصل”
“لأ يا نجوى ليه ايد.. ذنبه انه ابنها.. بشوفها فيه كل لحظة.. بشوف خيانتها واستغلالها و…”
“لأ.. مش هو اللي عمل كل ده.. هي اللي عملت كده، فوق ارجوك وحاول تحس أنت بتعمل ايه.. لو أنا عملت كده في شاهندة لا قدر الله عشان حصل ما بينا مشاكل تفتكر هتسامحني؟ تفتكر هتحبني؟ هتشوفني ازاي وهتبوصلي ازاي؟” قاطعته في حزن لينظر لها متمعناً بها
“انتي حاجة وعلاقتي بيكي حاجة واللي حصل مع الواطية التانية حاجة.. متقارنيش ما بين اللي بيني وبينك واللي حصل معاها وسيبيني أربي زي ما أنا شايف.. عارفة ده دمه بيجري فيه الوساخة والاستغلال زي أمه.. لو متكسرش مرة واتنين وتلاتة وعشرة واتربى صح هيتنمرد زيها!”6
“يا صابر حرام عليك اللي أنـ..”
“كلام دلوقتي مش عايز وسيبيني لوحدي عشان اهدى بدل ما امسكه اموته،” صرخ بها لتنظر له نجوى في حزن وآلم على ذلك الصغير ولم تتحرك من مكانها فنظر لها هو في غضب “يوووه! اديني ماشي وسايبهالكم عشان ترتاحوا!” صاح ثم توجه خارجاً صافعاً الباب خلفه لتبتلع نجوى لعابها في حزن ثم شعرت بحركة أسفل الطاولة لتتوجه وهبطت على ركبتيها وتفقدت ما تلك الحركة لتجد بدر الدين يرتجف رعباً فابتسمت له في حنان ودلفت هي الأخرى أسفل الطاولة معه.
“قفشتك.. بتعمل ايه هنا بقا؟” همست له وهي تنظر بتلك العينتان البريئتان.
“بابا هيموتني.. أنا خايف اوي.. ماما نجوى ابعديه عني.. أنا خايف” همس برعب لتعانقه هي وشعرت بإبتلال بنطاله وخجله في نفس الوقت فلم تشعره هي بإحراجه وكأن كل ما فعله طبيعي وآخذت تربت على شعره الأسود الفحمي في حنان وهي تضمه لصدرها وتحاول أن تقلل من ارتجافه
“متخافش.. طول ما أنا معاك مش هيقدر يعملك حاجة.. بابا كان متعصب بس شوية واكيد لما يرجع بليل هيهدى وينسى كل الكلام ده.. وعلى فكرة بابا بيحبك اوي يا بدر.. عارف!كان مبسوط جداً لما اخدك من عند مامتك عشان تقعد معانا هنا. هو بس عصبي شوية لكن حبه وهينسى”
“لأ.. هو قال هيموتني.. ممكن يا ماما نجوى تخبيني ومتقوليلهوش.. وأنا مش هاعمل صوت خالص”
“اخبيك فين بقا؟” نظرت له بأعين متوسعة مازحة
“هنا تحت الترابيزة.. هو مش هياخد باله”
” خلاص اتفقنا.. بس ايه رأيك قبل ما يجي تيجي تتفرج على الحاجات الحلوة اللي جبتهالك؟”
“بس كده بابا هيشوفني ويموتني”
” لا يا حبيبي متخافش.. طول ما أنت معايا متخافش يا بدر الدين.. محدش هيقدر يقرب منك أو يأذيك طول ما أنا عايشة.. مش عايزاك تقول الكلمة دي تاني أبداً.. اتفقنا؟” أماء لها لتبتسم له ثم قبلت مقدمة رأسه وتوجها ليخرجا سوياً من الغرفة..
“هيموتني.. أننا.. خايف” تمتم هامساً أثناء نومه على ذلك الكرسي وفجأة تعجبت نورسين مما يقوله فهي قد سمعته جيداً فابتلعت في حيرة وهي لا تدري لماذا يقول ذلك! هي أيضاً مندهشة أن مثل هذا القاسي بجبروته ذاك الذي رآته مع الأيام الماضية قد يشعر حقاً بالخوف.
آخذت تتمعن في ملامحه التي تبدو متآلمه لتتعجب لماذا يبدو بتلك الهيئة التي لم تراها من قبل، هي أيضاً لم تنتهي بعد من تعجبها من نومه هنا بجانبها على ذلك الكرسي، أكان ينتظرها أن تستيقظ ليضربها مجدداً أم ماذا أراد منها؟
حلقت تلك الزرقاوتان في فزع ثم أجفل قلبها ما إن نظرت لها تلك السوداوتان القاتمتان في قسوة لتبتلع لعابها في رعب لتجده ينهض وولاها ظهره “قومي اغسلي وشك ويالا على العربية.. أنا مستني تحت!” ألقى بآوامره ثم توجه للخارج ليترك عقلها يصرخ من تلك الغرابة التي تتلقاها من معاملته!
دلف غرفته ليُمسك بالحقيبة التي تخصه بعد أن أحضر العديد من الملابس له ليعقد حاجباه ثم تذكر أنها آتت إلي هنا دون ملابس نهائياً ليُدرك أن هذا ربما سيثير تساؤل عائلته فقرر أنه عليه أن يبتاع حقيبة أخرى فارغة ليعتقد الجميع أنها لها..
توجه للأسفل ثم دلف بالسيارة وهو يتابع بعيناه قدومها ليراها تأتي نحو السيارة وتسير بخطوات مترددة ليتنهد هو لمظهرها الخائف الذي يتمنى زواله قبل أن تذهب لعائلته مرة أخرى..1
دلفت السيارة بجانبه لينطلق هو في صمت وهو يحاول أن يلمحها بطرف عيناه ولكن وجدها شاردة تماماً متكورة على نفسها في بعض من أجزاء كرسي السيارة ليشعر بالغضب الغير مبرر يتملكه مجدداً.
ثلاث ساعات من الصمت كانت كفيلة أن تآخذ هي قرارها بينما كانت أكثر من كفاية له بأن يقرر أنه لابد أن يبعدها عن منزل العائلة في أقرب فرصة وإلا قد تقوم بالمزيد من الخداع للجميع..
ترجل من السيارة بعد أن توقف لتفيق هي من شرودها ثم نظرت حولها لتجد أنهما توقفا أمام محلات عديدة ثم فتح باب السيارة ونظر لها بعيناه الثاقبتان وأماء لها بالخروج ففعلت في ارتباك خوفاً منه ثم توجها لأحدى المحلات لتجده يبتاع احدى حقائب السفر ثم أخرج بطاقته الإئتمانية ليدفع ثمنها وتوجه فوراً للخارج وهي تتابعه بزرقاوتاها وتتعجب لماذا فعلها!
“الشنطة دي هتبقى شنطتك عشان محدش يشك في حاجة.. واياكي تجيبي سيرة باللي حصل لحد! سواء معايا أو مع الكلب التاني كريم!! سامعاني؟!” صاح محذراً لتومأ هي على الفور بعد أن شعرت بالرعب من نظرته تلك لتجده يُلقي بالحقيبة في السيارة ثم جذب تلك البطاقة من عليها حتى لا تظهر وكأنها جديدة..3
فتح باب السيارة ثم دفعها للداخل في غضب وتووجه لينطلق مرة أخرى نحو المنزل.
ابتلعت هي لعابها وارتبكت كثيراً وآخذت تحمحم في تردد ثم نظرت له أكثر من مرة وهي تحاول التوصل لطريقة بأن تفاتحه فيما تريد ليشعر هو بها فأقف سيارته في انفعال وارتجفت هي عندما سمعت صوت المكابح التي انطلقت في عنف.
“انطقي فيه ايه!!” صرخ بها آمراً لتتجمع الدموع في عيناها ونظرت له في توسل
“أنا عايزة اروح لماما.. ازورها مرة.. عمري ما زورتها.. والله ما هاطلب منك اي حاجة تاني..” توسلت وتهاوت دموعها وهي تعرف أنه لن يوافق ولكنها فعلتها على كل حال بينما عقد هو حاجباه ناظراً لها وصر أسنانه في غيظ شديد
“فاكرة نفسك بتتفسحي يا بت ولا نسيتـ..”
“والله العظيم هاعملك كل اللي أنت عايزه.. هاسمع كلامك في كل حاجة.. بس خليني اروح ولو مرة، مش هاقول لحد حاجة ومش هاعمل اي حاجة غير لما اقولك بس خليني اروحلها مرة واحدة بس، هانفذ كل كلامك بالحرف” قاطعته لتنساب الكلمات منها دون تفكير وتعالى صوت بكائها وبدأت تشهق في شدة وتساقطت دموعها في تتالي حتى عاد له نفس الشعور عندما رآها تبكي لأول مرة.
“ماشي.. بس ورحمة أبويا لو اتعوجتي هخليكي تحصليها!” انطلق بسيارته لتنظر له هي في دهشة وتوقفت عن البكاء بينما آثار شهقاتها لازالت تنعكس عليها “طريق الزفت ازاي؟” سألها منفعلاً دون أن ينظر لها
“كمل على طول.. وبعدين شمال في تاني يمين هنلاقي المدفن آخر الطريق على اليمين!!” همست مُجيبة ليُسرع هو في القيادة وبداخله قد قتله غضبه آلف مرة في الإنسياق والموافقة على كلامها.
توقف بالسيارة لتفر هي بسرعة خارج السيارة لتتوقف أمام البوابة ولعنت حظها أنها لم تستطيع الإقتراب أكثر فهي لا تملك المفتاح وآخذت تنظر لقبر والدتها ووالدها بالداخل وتراكمت الدموع بزرقاوتاها لتنسال على وجنتيها بلا إنقطاع.
جلس بسيارته وهو لا يُصدق أنه بمنتهى السهولة وأمام دموعها التي بالتأكيد زيفتها ببراعة قد انصاع لآوامرها ليعقد قبضتاه في غضب شديد وأقسم بداخله أنه سيذهب ليجذبها من شعرها ويعود بها الآن.
نزل ثم توجه إليها وهو يسحق أسنانه في غضب حتى كادا فكاه أن يتهشما وأقترب أكثر ليقف خلفها وكاد أن يجذبها ولكن عاد صوت بُكائها ليوقفه مرة أخرى
“….. والله يا ماما أنا ما عملت حاجة.. أنا اتبهدلت أوي من غيرك، أنا مكنتش أعرف إن كل ده هيحصلي.. يا ريتني سمعت كلامك ولا روحت تدريب ولا زفت، يا ريتني فضلت جنبك أكتر من كده، أنا مبقتش عارفة أعمل ايه، ويُسري يا ماما، يُسري طلع إنسان بشع مش زي ما كنتي فاكراه طيب.. مكنش يستاهل حبك ده أبداً.. لو بس يا ماما تعرفي كان عايز يعمل ايه في المستشفى!!” تعالى نحيبها لتجهش أكثر في البكاء واهتز جسدها بأكمله وهي تحاول أن تسيطر على نحيبها ثم أكملت
“لولا شاهندة مكنتش عرفت أتصرف.. الإنسانة دي طيبة اوي.. أنا بحبها، بحبها اوي يا كوكي، وفيه كمان ماما نجوى طيبة جداً، بس كريم ده السبب، زي ما قولتلك والله ما حاجة حصلت غير كده، أنا معملتش حاجة ولسه زي ما انتي مربياني محترمة وبسمع الكلام..” انفجرت بالبكاء ثانيةً ولم تلاحظ ذلك الذي وقف خلفها1
“أنا غصب عني كان لازم أسمع كلام Mr بدر يا إما كان ممكن يضربني تاني.. أنا بخاف منه اوي، خايفة يضربني، خايفة يبصلي بصاته دي بترعبني.. أنا مش عارفة هو ليه بيعمل كل ده من غير ما يسمعني، أنا عمري ما شوفت حد صعب زيه..” حاولت أن تتنفس بين شهقاتها وهي تُكمل “بس.. بس امبارح أنا تعبت، وكنت سخنة اوي، جابلي أكل ودوا وآخد باله مني.. طب ليه كان بيضربني يا ماما؟! أنا مبقتش عارفة حاجة ولا فاهمه حاجة ومعنديش حل تاني.. ما أنا يا إما هرجع ليُسري يا إما هترمي في الشارع!! أنا مش عارفة اعمل ايه” تعالى بُكائها بينما بدر الدين لم يتحمل أكثر من ذلك ليجذبها من ذراعها1
“كفاية كده.. يالا على العربية!” تحدث لها في هدوء لتقابله هي بزرقاوتاها الممتلئتان بالدموع لتجده ينظر لها بطريقة مغايرة تماماً عن أي مرة نظر لها من قبل 5
“والنبي تسيبني شوية كمان!!” توسلته وتساقطت المزيد من دموعها1
“قولت يالا يبقا يالا وإلا هـ..”
“وإلا ايه؟ هتقلعني هدومي هنا كمان؟ هتضربني؟ هتقولي اني بستعبط عليكم كلكم وبكدب؟ هتقولي نمتي معاه كام مرة تاني؟! أنت ايه!! حرام عليك اللي بتعمله ده، أنا معملتش حاجة، أنا كنت بقوله يطلق أختك عشـ..” قاطعته وهي تحدثه في صراخ ليجذب شعرها موقفاً اياها وأمسك به بين قبضته ويده الأخرى ممسكة بذراعها ليتعالى صراخها آلماً وحزناً بآن واحد.
“عشان واحدة استغلالية.. كدبك وحركاتك مش هاتدخل عليا أبداً.. مش أنا اللي حتة بت زيك تضحك عليه.. أنا عارفك وعارف الخامة الوسخة دي كويس اوي.. واوعي تفتكري إن عياطك والحركتين دول هيدخلوا عليا ولا شوية الدراما اللي عاملاها دي هتأثر فيا، أنا عارف انتي عايزة ايه كـ..” 4
“أنا عمري ما شوفت في قسوتك.. أنت مفتري.. منك لله.. بتعمل ليه كل ده.. أنا معملتش حاجة كريم السبب والله.. سيبني بقا في حالي.. أنا بقيت بكرهك وبخاف منك، ربنا ياخدني يا ياخدك..” صرخت في وجهه ودموعها تنساب بغزارة لينظر لها بعيناه القاتمتان +
“اخرسي يا روح أمك وأعرفـ.. “3
“متجيبش سيرتها على لسانك.. أنت لو عيشت فوق اللي عيشته ضافرها برقابتك” صرخت مقاطعة اياه ليجد نفسه يتركها وينظر لها بأنفاس متلاحقة غضباً يصفعها بمنتهى الغضب لترتمي أرضاً وتوقف نحيبها تماماً.
قصة ظلام البدر +21 كاملة بقلم بتول
البارت الخامس عشر

هبط بجسده يقترب منها وهو يتفقد وجهها خوفاً من ظهور اثار لصفعته عليها وزفر عاقداً حاجباه بعد أن وجدها بخير ثم حملها ووضعها بالكرسي الأمامي للسيارة وانطلق لمنزل عائلته.1
“أنا عمري ما شوفت في قسوتك.. أنت مفتري.. منك لله.. بتعمل ليه كل ده.. أنا معملتش حاجة كريم السبب والله.. سيبني بقا في حالي.. أنا بقيت بكرهك وبخاف منك، ربنا ياخدني يا ياخدك..” دوت تلك الكلمات في رأسه وهو لا يستطيع نسيانها؛ كظهرها الذي يبدو مدمراً.. دموعها التي لا تتوقف أبداً عن الإنهمار.. أيُعقل أن كل هذا مجرد تمثيل؟ أتريد أن تخدعه ليس إلا؟ ألهذا الحد تتظاهر بالبراءة؟ لابد وأن هناك شيئاً ما.. لابد وأنها تتدعي كل ذلك ولكن أكل ذلك من أجل المال؟8
“جاية ليه يا وفاء؟ جاية ليه بعد السنين دي كلها؟” وقف بدر الدين بالجانب من غرفة الإستقبال يسترق السمع لكل ما يدور بينهما لتأتي نجوى وتلاحظه
“بدر.. أرجوك امـ..”
“أرجوكي يا أمي سيبيني براحتي” همس مقاطعاً همسها لتنظر له هي في حزن وقلة حيلة فهو لم يعد ذلك الطفل، لقد أصبح فتى بالغاً الآن ولن يقتنع بحججها الواهية
“عشان ابني.. وعشانك” صاحت وفاء مجيبة في حزن زائف
“ابنك.. أنا!” تحدث لها صابر بنبرة متهكمة “وافتكرتينا كده فجأة؟”
“أنا عمري ما نسيتكم.. عمري ما كـ..”
“امشي اطلعي برا ولو حاولتي تيجي هنا تاني هخلي الحراس يتصرفوا معاكي بطريقتهم”
“يا صابر اسمعني أنا كنت بـ..”
“جاية تبرري ايه؟ خيانتك؟ ولا إنك ساعدتي صحبي يسرقني ولا ابنك اللي مكنتيش بتعرفي عنه حاجة بالأيام؟”
“أنا كنت غيرانة من إنك اتجوزت غيري.. عشان كده كنت بعمل كل ده.. كنت فاكراك هتغير عليا.. ولما كنت مع بدر كنت قاصدة أعمل كل ده عشان يشتكيلك وتيجي ترجع تعيش معانا، وصاحبك أنا مبعتكش ليه ولا حاجة.. أنت لازم تعرف الحقيقة ولو عايز تصدق صدق ولو مش عايز براحتك.. بس صاحبك هددني وقالي لو مساعدتهوش هيقولك إني كنت على علاقة معاه وبعـ..”
“اخرسي يا كدابة وامشي اطلعي برا” قاطعها صارخاً ليتعالي نحيبها
“حتى بعد العمر ده كله يا صابر.. منك لله” حملت دموعها الزائفة وخرجت من منزله
تذكر نفس الكلمة التي قالتها والدته لأبيه منذ سنوات، وهي نفس الكلمة التي قالتها نورسين.. تذكر أنها كانت تكذب وتتمادى في كذباتها فهو لن يُصدق تلك الفتاة أبداً مهما فعلت.. زفر في ضيق وصف سيارته أمام المنزل ثم التفت لها مقترباً منها وتلمس وجهها بأنامله ليفيقها وما أن فتحت عيناها حتى انكمشت على نفسها خوفاً منه
“احنا وصلنا.. تلمي نفسك وتتعدلي وتبطلي عوج لحسن هاخدك برا البيت ده ومحدش هيعرفلك طريق جُرة” اماءت له ليبتسم نصف ابتسامة لم تقابل عيناه “تمسكي شنطتك زي الشاطرة وتغوري على اوضتك متخرجيش منها لو ايه حصل واللي يكلمك تقوليله تعبانة وعايزة ترتاحي من السفر!! سامعاني؟!” صاح بها لتومأ في وجل ثم توجهت للخارج مسرعة وأمسكت بحقيبتها ودلفت المنزل.
“بقا كده!! مستكترها عليا وعينك منها.. قول كده بقا” تمتم كريم بعد أن لاحظ أقترابه منها بالسيارة وعندما تلمس وجهها “بس مش هسيبهالك عشان مش كريم اللي يخسر!! أنا هطربقها على دماغك يا بدر الدين!!” ابتسم في خبث ثم أخرج هاتفه الآخر الذي لا يعلم عنه أحد وهاتف يُسري بعدما خطرت عليه فكرة جديدة..15
قول كده بقا” تمتم كريم بعد أن لاحظ أقترابه منها بالسيارة وعندما تلمس وجهها “بس مش هسيبهالك عشان مش كريم اللي يخسر!! أنا هطربقها على دماغك يا بدر الدين!!” ابتسم في خبث ثم أخرج هاتفه الآخر الذي لا يعلم عنه أحد وهاتف يُسري بعدما خطرت عليه فكرة جديدة
“بنوتي رجعت يا ناااااس” صاحت شاهندة في فرحة شديدة ثم هرولت نحو نورسين تحتضنها في حب لتدمع عيناها وهي تود أن تصرخ بذلك العناق وتخبرها عن كل ما حدث لها تلك الأيام الماضية.
“شاهي” همست وهي تحتضنها
“حمد الله على السلامة يا حبيبتي” أنضمت لهما نجوى ثم فرقت شاهندة العناق لتنظر لنورسين ملياً
“مالك كده وشك مخطوف؟!” تسائلت شاهندة في قلق واهتمام ليدخل بدر الدين ونظر لها بعيناه الثاقبتان نظرة جعلت الدماء تهرب من عروقها.
“لا أبداً جالي دور برد جامد ويادوب لسه بقوم منه أهو.. وتعبانة اوي من السفر وعايزة أنام” تحدثت لشاهندة لتشيح بنظرها بعيداً عن عيناه المرعبتان لتلتقي عيناها بهديل التى دلفت لتوها
“أهلاً ازيك..” صاحت لها بلهجة ليست ودودة على الإطلاق “حمد الله على السلامة يا بدر.. عامل ايه؟!” توجهت لبدر الدين بالحديث ليومأ لها
“تمام.. انتي عاملة ايه دلوقتي؟”
“كله تمام وكنت مستنياك تيجي عشان السبوع.. بكرة بقا نعمله”
“آآه يا ريت.. لازم نعزم بقا قرايبنا كلهم وأصحابنا.. تعالي يا نورسين اوريكي جهزت ايه” صاحت شاهندة في اهتمام وبهجة
“يالا” تمسكت بتلك الحقيبة التي ابتاعها لها وكأن بها كنز ثمين لتتعجب شاهندة من فعلتها
“ايه يا نور مالك.. محدش هياخد شنطتك ويجري.. سيبيها واخلي زينب تطلعها”
“ايه.. لا لأ.. أنا هطلعها” تحدثت بإرتباك وعينا بدر الدين لا تفارقها “هادخل بس أغير هدومي واجيلك..”
“حمد الله على السلامة يا حبيبي” توجهت نجوى لتحتضن بدر الدين
“الله يسلمك يا أمي” أخبر نجوى ثم التف نحو نور “متنسيش تاخدي الدوا وتنامي عشان عندنا شغل بكرة” صاح لينبهها ونظر لها بطريقة استغربها الجميع بينما فهمتها هي جيداً
“جرا ايه يا بدر.. ما تسيبها معايا شوية يا اخي” أخبرته شاهندة في حنق “تعالي يا بنتي نطلع فوق!!” جذبت يد نورسين في لطف وتوجها للأعلى.
“ايه يا حبيبي السفرية كانت كويسة؟” تحدثت نجوى ليومأ لها بدر بالإيجاب
“اه كويسة” تحدث بإقتضاب
“طيب يا حبيبي أنا هاروح أقول لزينب تحضرلكوا الغدا على ما تغير هدومك” ابتسمت له ثم غادرته ليجد هديل تبتسم له
“عامل ايه يا بدر؟؟ أنت كويس؟” تعجب لسؤالها فهي للتو سألته نفس السؤال
“تمام..” اجاب بإقتضاب لتبتسم له مجدداً ليعقد حاجباه على تلك الطريقة التي لم يعهدها منها من قبل
“تعرف يا بدر.. أنا أول مرة أحس إننا محتجالك اوي.. مع إني متجوزة وبحب كريم أوي أكتر من الدنيا باللي فيها، بس كان نفسي تكون موجود.. أنا عارفة إني مش قريبة منك زي شاهي بس كان نفسي أجري عليك بعد اللي حصل لكريم وأقولك الحقنا.. زي يوم اللي حصل في الشركة زمان.. أنا بردو عارفة كنت دايماً رخمة معاك بس احساس إن ليا حد كبير وميتعوضش ده مهم اوي.. شكراً يا بدر إنك في حياتنا وبتتحمل مسئوليتنا” فجأة وجدها تحتضنه ليبادلها العناق متنهداً “حاول متزعلش مني على كل اللي فات، أوعدك إن كل حاجة ما بينا هتتغير..” أماء لها بملامحه الجامدة2
“مش زعلان يا هديل وعمري ما زعلت منك.. وأتأكدي إنك لو احتاجتي اي حاجة في اي وقت هتلاقيني أول واحد جنبك” أخبرها لتدمع عيناها ولكنها لم تبكي
“عارف.. حسيت إن روحي بتتسحب مني لما كريم دخل عليا وشكله مبهدل كده.. أكيد شاهي قالتلك.. بس على قد ما احنا ناقر ونقير كنت حاسة إن قلبي هيخرج مني من كتر الخوف عليه، الحمد لله إنها جت على قد الماديات” ابتسمت بمرارة بينما سحق بدر الدين أسنانه غضباً “وزي ما يكون اللي حصله قربنا من بعض أكتر الفترة الأخيرة دي.. حسيت إن ببتدي معاه بداية جديدة، زي.. زي ما نكون بنحب بعض من أول وجديد.. وأنا بردو كنت مقصرة معاه..” أكملت ثم تنهدت ونظرت لأخيها “معلش دوشتك” توسعت ابتسامتها ليومأ لها بالإنكار
“لا دوشتيني ولا حاجة.. كويس إنه بخير”
“الحمد لله”
“هطلع أنا أغير هدومي وأنزل اتغدى معاكوا” أماءت له ليتركها ويصعد لغرفته وهو يحاول أن يُخفي غضبه الذي انفجر بدماءه مما سمعه منذ قليل..
“هطلع أنا أغير هدومي وأنزل اتغدى معاكوا” أماءت له ليتركها ويصعد لغرفته وهو يحاول أن يُخفي غضبه الذي انفجر بدماءه مما سمعه منذ قليل
“حد بردو ينسى موبايلو؟؟ متعمليهاش تاني لأني كنت هموت من القلق عليكي.. لولا إن بدر كان معاكي كان زماني اتجننت” أخبرتها شاهندة لتزدرد نورسين وعقلها يصرخ ساخراً فهي فقط لو علمت ما حدث لها ستقتل بدر الدين بيداها المجردتان!
“معلش.. مخدتش بالي..”
“احكيلي بقا المجنون ده عمل معاكي ايه؟”
“مجنون مين؟!” تصنعت نورسين أنها لا تفهم بينما هي كادت أن تبكي كلما تذكرت ما حدث
“بدر.. ملك الكون!!” نظرت لها شاهندة مازحة “مش انتي اللي مألفاله الإسم ده؟!” ابتسمت نورسين في اقتضاب ووهن
“كان كويس.. شغل واجتماعات يعني مكنش فاضي يبقا ملك الكون المرادي” كذبت عليها وهي تحاول أن تخفي مشاعرها
“أنا عارفة إنه صعب والله وبيتجنن ساعات بس اللي شافه بدر مشافهوش بني آدم طبيعي أبداً..”
“ليه يعني؟!”
“ياااه يا نور.. ده اتبهدل في حياته كتير.. من وهو صغير يا عيني وحتى بعد ما اتجوز مراته ماتت، بابا كمان كان صعب أوي معاه وهو صغير وكان بيضربه وبيعاقبه وبيطلع عينه”
“ليه كل ده؟” تسائلت نورسين في تعجب
“شوفي يا ستي.. مامته كانت ست ربنا يسامحها بقا استغلالية أوي ودايماً تتخانق مع باباه وخسرته فلوس كتيرة اوي وخانته مع صاحبه وكأنها مش أم، زي ما يكون معندهاش رحمة ومكانتش بتاخد بالها من بدر خالص.. بعد كده زادت المشاكل بينهم وبابا جاب بدر عندنا وعاش معانا.. أنا فاكرة والله زي ما يكون امبارح، كان غلبان أوي وهادي كده وبيخاف ينطق.. وبابا كمان كان بيبهدله.. عارفة في مرة كان لسه جاي البيت مسكه حبسه كذا يوم.. كل ما بفتكر قلبي بيتقطع عليه.. وأنا فضلت اتحايل على بابا يسيبه وماما كمان اتخانقت مع بابا عشان بدر” سكتت شاهندة قليلاً بعد أن امتلئت نبرتها بالآسى “أنا عمري ما هنسى اليوم ده.. ولا لما كان غصب عنه بعد ما هديل تستفزه يضايق.. بابا كان بيمسكه يضربه و..” قاطع صوتها طرقات على الباب بينما نورسين مندهشة من كل ما تسمعه وكأنها تسمع قصص عن شخص آخر تماماً
“ادخل” صاحت شاهندة بينما غرقت نورسين في تفكير عميق “حاضر يا زينب هنيجي اهو” تحدثت ولكن نور لم تسمع ما قالته “ايه يا نور روحتي فين.. يالا ننزل نتغدا”
“هه.. حاضر هغير وهاجي اهو” فاقت من تفكيرها لتجيب شاهندا
“لا أنتي مش طبيعية خالص النهاردة.. أنا هاسبقك.. متتأخريش” اماءت لها نورسين ثم لاحظت الباب يوصد لتغرق في حيرة من آمرها
“يعني حبسني زي ما باباه عمل معاه؟!” تمتمت سائلة لنفسها ثم هزت رأسها في إنكار وتوجهت لتغيير ملابسها.
“يعني حبسني زي ما باباه عمل معاه؟!” تمتمت سائلة لنفسها ثم هزت رأسها في إنكار وتوجهت لتغيير ملابسها
ود لو هدم تلك الغرفة بأكملها، ود لو ذهب ليهشم رأس تلك الفتاة!! تلك المُستغلة تريد أن تحرم هديل من زوجها بمنتهى الحقارة، لم يكن يدري من قبل كم هديل متعلقة بكريم!!9
ولم لا، هو زوجها بالنهاية، زوجها الذي تحتاجه وهي لم يعد بجانبها الأب، لم تكن علاقتها بأخيها جيدة، لم تكن قريبة يوماً ما لأختها، أولادها الخمسة الذي هو أب لهم!! بالطبع هي تحبه، بل تهيم به عشقاً بعد أن تحدثت له عنه بتلك الطريقة..
آخذ يتذكر تلك الأوقات عندما أخبرته هديل أن كريم ابتاع لها هذا، وذهبا سوياً لعطلة ما، وأهداها ذاك، وأختارها هي عن جميع الفتيات في جامعتها، تذكر كم كانت تُثني على ذكاءه ومهارته بالعمل.. ألهذا الحد هو غبي ولا يرى أن إذا كريم ابتعد عنها ستتدمر كلياً!! 1
ماذا له أن يفعل الآن؟! ماذا لو أكتشفت هديل خيانته لها؟ أتستطيع الحياة دونه هي وأولادها؟ بالطبع تحتاجه، لربما إذا أكتشفت ذلك ستنقلب حياتها رأساً على عقب..
ارتدى ملابس منزلية مريحة ثم توجه للأسفل ليرى أن الجميع قد حضر على طاولة الطعام ليلاحظ من بعيد نظرات كريم لنورسين ليشتعل من الغضب مجدداً..
توجه ليجلس وهو ينظر لكريم نظرة امتلئت تحذيراً واحتقاراً بآن واحد ثم نظر لنورسين ليجد نظرها لا يبارح الصحن أمامها ليبتسم ابتسامة لم يلاحظها أحد بتهكم وبداخله هو يعي جيداً أن كل ذلك مجرد تمثيل ليس إلا!!7
“حمد الله على سلامتك يا بدر” صاح كريم ليومأ له بدر الدين في اقتضاب “أخبار سفرية لندن ايه، مش كنت في لندن بردو؟” ابتسم له في خبث لينظر له بدر بعيناه الثاقبتان متفحصاً اياه 2
“اه لندن.. كله تمام” بالكاد أجابه وبداخله يريد أن يقتلع رأسه
“حمد الله على سلامتك يا نور.. اتبسطتي في السفر مع بدر؟” وجه نظره لها لتتعجب نورسين التي كادت أن تجيب ولكن بدر سبقها
“اتبسطت أكيد اتعلمت حاجات جديدة هتنفعها كويس قدام!! ولسه هتتعلم أكتر” سلط نظرته المرعبة على كريم لتلاحظ شاهندة احتاد نبرته ولكنا لا تريد التدخل فهي تعرف أن كريم وبدر علاقتهما ليست بالقريبة ودائماً ما شعرت أن بدر لا يُحبه مثلما يحب حمزة زوجها.
“أكيد!! بردو الخبرة اللي عندك مش زي أي حد” تهكم كريم “هتستفيد بردو.. مش كده يا نور؟!” كان قصد كريم مُغايراً تماماً لكل ما استعابه الجميع أمّا بدر فشعر وكأنما يفصله ثوانٍ قليلة عن لكمه حتى يفقد وعيه وبالنسبة لنورسين لم تستطع أن تتحمل أكثر
“أكيد.. Mr بدر رجل أعمال مشهور وخبرته كبيرة” اجابت بإقتضاب “معلش يا جماعة بعد اذنكو هطلع اريح شوية لأني تعبانة من سفر امبارح” استأذنت من الجميع لتبتسم لها نجوى واماءت لها بينما شعرت شاهندة بأن هناك شيئاً غريباً وقررت أنها ستذهب لتتفقدها بعد أن تنتهي من تناول الطعام.
بالكاد أستطاع بدر الدين أن يتحكم في انفعاله ونظر للطبق أمامه وهو يعبث في الطعام لتلاحظ شاهندة مجدداً طريقته الغريبة وتعجبت ما سبب رده ذلك على كريم..
“بدر..” صاحت هديل بإبتسامة “بكرة بقا متتأخرش في الشغل عشان الناس هتيجي من الساعة ستة.. حاول تكون موجود من قبليها” أماء لها بدر وملامحه الفارغة والخالية من التعابير لم تترك لها المجال بأن تخبره بأكثر من ذلك “ومعلش أنا محتاجة شاهي.. بلاش تروحي الشغل بكرة”
“يا سلام تحت أمرك يا هدولة.. عندنا كام زينة يعني” ابتسمت لها شاهندة في طيبة
“كيمو عشان خاطري حاول أنت كمان تيجي بدري..”
“عيون كيمو يا حبيبة قلبي” قبّل يدها لتبتسم هي في خجل مما فعله معها أمام الجميع أمّا بدر فلم يحتمل ذلك الكاذب والمخادع الذي سمعه بأذنيه يعترف بحبه لإمرأة أخرى..
توجه للأعلى تاركاً الجميع لتلاحظ شاهندة ما يفعله وقررت أيضاً أنها ستحدثه مثلما ستحدث نورسين، لابد وأن هناك شيئاً ما حدث ولا يعلمه سواهما.
كاد أن يدلف غرفته ممسكاً بمقبض الباب ليجد كريم يتحدث إليه “حلوة لندن مش كده؟!”
“عايز ايه يا حتة حيوان أنت؟” التفت إليه وهو يسحق أسنانه غضباً
“أبداً واحد صاحبي في المطار قالي أنك مسافرتش.. بس حلوة بردو لندن.. وحلوة نور مش كده؟!” لم يدري ما الذي حدث له وهو ينطق بإسمها فلكمه ليُمسك كريم بذقنه متألماً وجبه بدر من مقدمة قميصه
“متعلمتش من اللي حصلك ولا تحب تتعلم تاني!!” صاح بدر بين أسنانه الملتحمة
“لا بردو ودي تيجي.. كلنا بنتعلم.. وكلنا بنتغير وبنحب مش كده؟!” تحدث له متبسماً في سخرية ثم همس له “بس أقولك حاجة.. مش أنت يا بدر اللي هتقولي أعمل ايه ومعملش ايه، والشرع حللي أربعة.. وأبوك نفسه كان متجوز اتـ..”
“ايه يا جماعة فيه ايه؟!” صاحت شاهندة لترى بدر وكريم في هذا الوضع لينظرا لها سوياً في صمت!
“يعني باباه كان بيحبسه، وأنا فاكرة كويس إنه كان بيتكلم وهو نايم وبيقول ان حد هيموته وهو خايف!! فيه حاجة مش مظبوطة!! منين بيعاملني كده ومنين هو اللي جابلي الدكتور والدوا، ومنين يبهدلني واقوله اروح لماما فيوديني، ليه مصمم ان انا استغلالية وكل شوية ي…
“يعني باباه كان بيحبسه، وأنا فاكرة كويس إنه كان بيتكلم وهو نايم وبيقول ان حد هيموته وهو خايف!! فيه حاجة مش مظبوطة!! منين بيعاملني كده ومنين هو اللي جابلي الدكتور والدوا، ومنين يبهدلني واقوله اروح لماما فيوديني، ليه مصمم ان انا استغلالية وكل شوية يقولهالي، ليه مش قابل يسمعني كل ما أحاول أشرحله اللي حصل مع كريم؟!” ظلت تتواتر الأسئلة العديدة وتحاول ربط الكلمات بما قالته شاهندة “يكونش شايف إني استغلالية زي مامته؟! طب أنا ذنبي ايه؟ ليه بيطلع عقده عليا؟ ليه القسوة دي كلها؟ أنا فعلاً معملتش حاجة..” صرخت بنفسها وهي لا تعرف ما الذي يحدث معها ولماذا بدر كذلك ولماذا هي بالأخص التي يفعل معها كل هذا!!5
“طب هو يعني آخرتها ايه؟ هيعذبني كده لغاية امتى؟ ولما اروح معاه بكرة هيعمل فيا ايه تاني؟ أنا مش عارفة أتصرف!!” فكرت في قلة حيلة ثم خطر على بالها أن تُخبر شاهندة ولمنها تذكرت مجدداً تهديده لها بألا تخبر أحداً بعائلته3
“يارب أسترها معايا.. أنا ماليش حد وفعلاً معرفش أعمل ايه..” تمتمت ثم جففت دمعة تهاوت على وجهها ثم نهضت لتتفقد جسدها بالمرآة وتلك العلامات التي لا زالت تتواجد عليه مما فعله بها بدر الدين لتتهاوى دموعها في صمت بينما تلك الطرقات على الباب جعلها ترتدي ملابسها بسرعة ثم جففت دموعها لتتفقد من الطارق.
” تمتمت ثم جففت دمعة تهاوت على وجهها ثم نهضت لتتفقد جسدها بالمرآة وتلك العلامات التي لا زالت تتواجد عليه مما فعله بها بدر الدين لتتهاوى دموعها في صمت بينما تلك الطرقات على الباب جعلها ترتدي ملابسها بسرعة ثم جففت دموعها لتتفقد من الطارق
“أبداً.. عمل حاجة غلط في الشغل!” صاح بدر الدين ثم ترك قميصه
“مينفعش اللي أنت بتعمله ده يا بدر” زجرت أخيها ثم باعدت بينهما “أنا أصلاً كنت جيالك عشان عايزاك! تعالى نتكلم شوية، عن إذنك يا كريم” جذبت يد بدر ليدلفا غرفته وهي تشعر بأنفاسه الغاضبة “جرا ايه مالك؟! أنا ملاحظة من وأنت قاعد على الأكل كان فيك حاجة مش طبيعية!!” صاحت له في تعجب ليزفر هو في ضيق
“ضغوط شغل وكريم جه زود عليا، متشغليش بالك”
“يا سلام!! طب ونور كان مالها وقامت فجأة واحدة كده ليه؟!”
“وأنا بقا المسئول عنها؟! ما تروحي تسأليها، وبقولك يا شاهي خدي الباب وراكي عشان أنا مش ناقص وعايز اريح شوية”
“بقا كده.. ماشي! بس افتكر اللي بتعمله ده..” أخبرته في حنق ثم توجهت للخارج لتصفع الباب خلفها ليتمدد هو على سريره في ضيق ووصد عيناه ليسترجع العديد من الآلام!
“لأ يا مدحت براحة.. آآه .. لأ مش كده!!” صاحت وفاء بينما شعر بدر بالرعب مما يسمعه “حراام عليك.. مش قادرة استحمل” آخذت صراخها يتعالى لتتعالى خفقات قلب بدر ليتبول وهو يحاول أن يتكور على نفسه بأبعد مكان عن ذلك الصوت ووضع يداه على أذنيه ليحاول ألا يستمع للمزيد!2
فتح عيناه لينهض قائماً وهو يشعر بتلك الآلام تفتك به ويريدها أن تتوقف بأي شكل ولكن بلا جدوى!!
“ههههه.. جرا ايه يا مدحت مالك النهاردة.. ما تمسك نفسك شوية”1
“هو ايه اللي مالي، لما تبقي زي القمر كده عايزاني أمسك نفسي ازاي؟!” سمع ذلك الصوت الرجولي الذي تخللته الموسيقى الراقصة ليقترب ويدلف الغرفة في براءة وهو يريد أن يستكشف ما الذي يحدث.
“يوووه، ايه اللي جاب الواد ده هنا!! ايه العكننة دي بقا؟!” صاح مدحت في ضيق لتتوجه وفاء نحو بدر الدين في غضب
“أنت يا زفت مش قولتلك متطلعش من أوضتك؟!” صرخت بوجهه بينما عيناه اللامعتان تفقدتها
“انتي لابسه كده ليه؟” سأل بعفوية وحب استطلاع الأطفال عندما رآى ملابسها المكشوفة وذلك الحزام الغريب الذي حاوط خصرها ومؤخرتها2
“وأنت مالك.. غور في داهية من وشي، ولو شوفتك تاني الليلادي هامسكك امدك على رجليك زي امبارح، سامعني ولا لأ؟!” صرخت به لتتهاوى دمعاته ثم دفعته بقوة ليسقط أرضاً خارج الغرفة ثم صفعت الباب بوجهه..3
“وسخة!!” تمتم بدر الدين في غضب ثم توجه ليشرع بالتدخين وهو يُفكر ما الذي يفعله مع كريم خاصةً أن أخته لن تستطيع الابتعاد عنه، وإذا ذهب ليخبرها بأنه رآى كلاً من زوجها وتلك الفتاة لن تصدقه حتماً!! كما أن تلك الطريقة التي يعامل كريم بها أخته تغيرت كثيراً، لابد وأن هناك شيئاً ما يُعد له.. سيعرف عاجلاً أم آجلاً ولكن وجوده هو وتلك الفتاة بنفس المنزل لن يساعد أحد بل سيجعل الأمور أسوأ. عليه أن يبعدهما عن بعضهما البعض!
آخذ يدلك جبينه بعصبية وهو لا يتوقف عن التدخين ثم لمعت عيناه لثانية واحدة لتعود مجدداً للقسوة والآسى في آن واحد بعد أن عرف جيداً ما عليه فعله ليحل هذا الأمر بل وسيجعل كريم يفكر آلف مرة قبل أن يقترب منها.8
“فيه ايه يا نور مالك؟” صاحت شاهندة بإنفعال وعصبيه لتتعجب نورسين
“فيه ايه يا نور مالك؟” صاحت شاهندة بإنفعال وعصبيه لتتعجب نورسين
“أنا كويسة.. مرهقة بس شوية”
“نور.. أنتي من ساعة ما جيتس وأنتي مش طبيعية.. فيه حاجة أنتي مخبياها عليا ومش عايزة تقوليهالي؟”
“اايه.. مخبيه.. حاجة زي ايه.. أأنا مش مخبية حاجة!” صاحت في تلعثم
“فيه حاجة حصلت وحاسة إن بدر وكريم بس اللي يعرفوها..” هنا ابتلعت نورسين لعابها وتعالت خفقات قلبها ثم نظرت لها بزرقاوتان مرتعدتان وهي لا تدري كيف عرفت شاهندة بكل شيء وهل هي عرفت حقاً أم أن بدر كذب عليها!
” هنا ابتلعت نورسين لعابها وتعالت خفقات قلبها ثم نظرت لها بزرقاوتان مرتعدتان وهي لا تدري كيف عرفت شاهندة بكل شيء وهل هي عرفت حقاً أم أن بدر كذب عليها!1
“اسمع.. نور كانت مع بدر ومكانوش مسافرين وكان بيحسس عليها قدامي في العربية.. ”
“نعم يا اخويا؟ دي اللي أنت عايز تتجوزها؟ جاي تقولي أنا الكلام ده.. أنا ماليش دعوة.. اتفاقنا زي ما هو.. انا سبتهالك وقولتلي لما تتجوزها هتديني ٢ مليون جنيه.. لو هو بقا لهفها منك فـ دي مش مشكلتي.. أنا ماسك نفسي عشان ماجيش اخدها واجرجرها من شعرها بالعافية. اتفاقنا زي ما هو”
“اكيد اتفاقنا زي ما هو.. واكيد أنا هاعرف اجيبها.. بس محتاج مساعدتك..”
“لا أنا مليش دعوة بـ.. ”
“متقلقش.. حاجة بسيطة اوي بس هتساعدنا احنا الاتنين، قولي تعرف حد من أهل أبوها؟” قاطع كريم يُسري7
” آه أعرف بس هما مكانوش قابلينها هي وامها من زمان!”
“حلو اوي.. أنا بقا هقولك هتعمل ايه معاهم!”2
ابتسم كريم عندما تذكر مكالمته مع يُسري ثم وصد عيناه متنهداً في راحة
“اما نشوف بقا هتاخدها مني ازاي!” تمتم بخفوت وهو موصداً عيناه ليفتحهما في صدمة بعد أن سمع هديل
“مين اللي هياخد ايه منك يا كريم؟”
قصة ظلام البدر +21 كاملة بقلم بتول
البارت السادس عشر

“أييه.. يعرفوا ايه؟!” تلعثمت وشاهندة تنظر لها مُضيقة عيناها في تعجب
“أنتو مخبين عليا ايه؟!” تسائلت شاهندة في انفعال
“ده ده.. مفيش يا شاهي.. هو بس.. الـ.. الشغل!! مش أكتر” تلك هي الحجة الوحيدة التي رآتها نورسين مناسبة فهي لا يربطها ببدر الدين وكريم سوى العمل
“الشغل!! والله؟! وايه اللي حصل بقا في الشغل؟!” شاهندة بتهكم1
“أصل.. كريم كلم بدر.. وبدر اتعصب!!” هذا ما يفعله بدر الدين على كل حال فلربما ستصدق شاهندة وستخرج هي من ذلك الإستجواب
“وأنتي بقا قومتي كده من على الأكل عشا ن بدر اتعصب؟!”
“أصل.. لما كريم اتكلم بدر اتعصب عليا أنا كمان وكنت تعبانة فشدينا مع بعض.. لكن عدت على خير!”حاولت نورسين التظاهر بأن كل شيء على ما يرام!
“مممم.. شديتوا، كنتي مش طايقة تاكلي يعني مع بدر على سُفرة واحدة عشان كده مشيتي؟!”
“بصراحة يا شاهي أنا لسه بحاول اتعامل مع ملك الكون ده” صاحت بثقة “شايف إن الكل مش فاهم الشغل وإننا مش بنشتغل لإانا اضايقت ولما كريم اتكلم عن الخبرة ومش عارف ايه افتكرت واتضايقت وكمان بدر مصمم بكرة نروح الشغل وأنا كان نفسي أحضر معاكوا للسبوع.. مش ممكن، مبيبطلش شغل.. كمية طاقة رهيبة، أنا خايفة أصلاً يأخرني بكرة وملحقش اجي قبل ما تبدأوا” كتمت أنفاسها وهي تنتظر بفارغ الصبر اقتناع شاهندة4
“يووه بقا يا نور.. هو ده يعني الموضوع.. يا شيخة أنا قلقت” هنا زفرت نورسين في راحة بعد اقتناع شاهندة “بصي يا ستي أنا هاحكيلك كام حاجة كده عشان تعرفي تتعاملي مع بدر، تعالي” جذبتها ليجلسا سويا على السرير “بصي أول حاجة وأنتي بتتعاملي مع بدر لازم تفهمي أنه مر عليه أيام صعبة جداً، سواء من باباه أو من مامته، احنا كلنا بنعذره عشان كده، كلنا هنا عشنا واتولدنا واتربينا في حضن أب وأم طبيعين إلا هو، أنتي عارفة اليتيم يمكن حاله يكون أحسن منه، إنما هو..” زفرت بآسى ثم أكملت “هو كانت طفولته صعبة أوي، أمه كانت بتقوله في وشه إنها مش عايزاه وبابا الله يرحمه على قد ما كان حنين معانا بس مجرد بصته لبدر كانت بتفكره بمراته الأولانية الست دي مش عارفة أقول عليها ايه ولا ايه، المهم .. بدر عانى كتير أوي ولما كبر بابا شايله المسئولية بدري.. خلى كل حاجة عليه، احنا والشركات وحتى تعبه بدر اللي كان بياخد باله منه وكان رافض تماماً أي حد مننا يعمله حاجة.. وبعدها بابا مات” هنا دمعت عينا شاهندة لتواسيها نورسين1
“ربنا يرحمه”
“يارب..” تنهدت بآسى وأكملت “ساعتها مراته الأولانية اخدت مؤخر كبير ومكانش معانا سيولة، وطلبنا منها تصبر علينا شوية مرضيتش.. كان ليها طبعاً حق في الشركة معانا لكن اديناهولها فلوس لأن بدر رفض اننا نتعامل معاها قدام، وده زنقنا أكتر.. بس ساعتها بدر هو اللي اتعامل معاها وكانت أيام صعبة اوي عليه، كنت ببصله بس ابقى عايزة اعيط من كتر ما كان صعبان عليا.. لولا وجود ليلى مراته الله يرحمها جنبه بدر كان ممكن يتجنن” تريثت لبرهة لتضيق نورسين حاجباها
“ليلى دي كانت جميلة.. ضحكتها مكانتش بتفارقها، أنا بجد عمري ما شوفت في حياتي واحدة زيها، بدر أول مرة يتصرف زي الناس الطبيعية لما هي دخلت حياته، كان بيضحك ويهزر، كانت روحه فيها.. مكنوش بيقدروا يبعدوا عن بعض.. عارفة الناس اللي متعرفيهومش أصلاً وتيجي كده تبصيلهم تحسيهم بيموتوا في بعض!! بدر وليلى كانوا كده.. دي الحاجة الوحيدة اللي عوضت بدر عن الأيام السودة اللي شافها، كان متعلق بيها جداً لغاية بقا اللي حصل ما حصل وماتت.. الله يرحمها” 6
“هو ايه اللي حصل بالظبط؟” تعجب نورسين
“كانت رايحة لأختها فرنسا والطيارة وقعت بيها.. بدر لما جاله الخبر محدش شافه لمدة تلت شهور.. قفل على نفسه ومكنش لا بيكلم حد ولا بيشوف حد.. حتى أنا وماما” زفرت شاهندة في حزن “عرفتي بقا يا نور ليه بدر كده؟ بدر مش عايز غلطة في الشغل عشان لما أمه اخدت السيولة كلها وكمان كان فيه موظفين عندنا بيستهبلوا فاكرين اننا مش هنمسك عليهم غلطة وبيسرقوا المخازن والعهد، كانت فعلاً كل حاجة هتروح، احنا الأيام دي مكناش بننام، أنا وماما وحمزة وطبعاً بدر وليلى.. ومع الوقت بدر كبر الشركات وبقينا شركات عالمية ووضعنا الحمد لله اتحسن كتير.. فهمتي ليه بدر مبيسمحش بغلطة في الشغل ولما حد بيغلط بيتعصب اوي؟” اماءت لها نورسين في تفهم “وكمان والنبي حاولي تراعي كل اللي مر بيه.. ده شاف العذاب ألوان والله من أمه لبابا ضرب وحبس وبهدلة وبعدين كمان موضوع ليلى ده دمر بدر خالص.. تحسيه بقا Machine (آلة) أو كمبيوتر كده مش إنسان طبيعي.. فمعلش إن كنتي بتحبيني لما يبقا يتعصب ابقي تعالي على نفسك شوية واستحمليه.. أنا عارفة إن مالكيش ذنب بس بدر ده بالنسبالي أهم حد في حياتي..”4
“حاضر يا شاهي عشان خاطرك” 1
“بالا بقا يا بنوتي تصبحي على خير عشان تصحي بدري بدل ما ملك الكون يعكنن عليكي على الصبح” ضحكتا سوياً ثم تعانقتا لتتركها شاهندة وتغادر بينما نورسين وقعت في حيرة شديدة من آمرها عندما علمت بكل ذلك عنه!
“يا شاهي أنتي متعرفيش عمل فيا ايه!” تمتمت لنفسها ثم تهاوت دموعها وهي تحاول أن تنام وتلك الذكريات البغيضة التي عايشتها معه لا تغيب عن عقلها أبداً.1
“يا شاهي أنتي متعرفيش عمل فيا ايه!” تمتمت لنفسها ثم تهاوت دموعها وهي تحاول أن تنام وتلك الذكريات البغيضة التي عايشتها معه لا تغيب عن عقلها أبداً
“ده.. ده.. اتفاق مع شركة chemicals (كيماويات) جديدة” أجاب كريم هديل مبتلعاً لعابه1
“مممم… وأنت مالك ومال المواضيع دي؟! مش المفروض الحاجات دي تخص شاهي؟!”
“أولاً أنا اللي ماسك المواقع ومهندس وافهم احسن من شاهندة الموردين بيبعولنا ايه بالظبط، غير بقا أنتي عارفة جوزك ناصح أوي ومبيحبش يسيب الخير للغير.. ولا ايه؟!”
“طول عُمرك ناصح يا كيمو” ابتسمت هديل وهى تداعب وجنه “بس ابقا افتكر مراتك حبيبتك”1
“وهو أنا خارب بيتي غير مراتي حبيبتي.. وبعدين مالك كده؟!” نظر لها يتفحصها لتنظر له هديل في تعجب عاقدة حاجبيها
“مالي ازاي؟!”
“احلويتي اوي بعد زينة” غمز لها لتبتسم له هي
“ما أنا زي ما أنا اهو.. فيه ايه يا كريم؟” ضيقت عيناها له ليقترب هو منها وأصبح يتحدث بالقرب من شفتاها
“أنا مستني الكام يوم دول يخلصوا وبفكر في السادس!!”
“نص دستة يا كريم!!” توسعت عيناها في دهشة من كلامه
“نص دستة يا روح كريم” كرر كلماتها ثم آخذ يُقبلها بلا توقف.21
“نص دستة يا روح كريم” كرر كلماتها ثم آخذ يُقبلها بلا توقف
لقد شرب كثيراً ليلة أمس.. دلك جبينه وهو يشعر بالصداع ثم نهض لحمامه، تمنى لو كان بمنزله ولكن لا يستطيع ترك تلك الفتاة هنا وحدها دون أن يراقبها، يريد أيضاً أن يعرف لماذا كانت شاهندة معها كل ذلك الوقت ليلة أمس وبم تحدثتا!! يشعر بالخوف على عائلته كثيراً منها.. هم مسئوليته ولن يفشل أبداً بدر الدين الخولي في شيء!!
“اقعد يا بدر”
“خير؟!” جلس بدر الدين على ذلك الكرسي بجانب سرير المشفى
“أنا قسيت عليك كتير عشان تطلع راجل، عشان كان لازم أخلصك من الإستغلال والوساخة اللي أمك ربيتك عليهم، أخواتك البنات ونجوى خلاص مبقالهومش غيرك وزياد صغير.. حافظ عليهم! خد بالك منهم لأني خلاص حاسس إني مش هاطلع من رقدتي دي” تنهد بدر ولكن دون أن تبدو المشاعر عليه “ولا مستني أموت عشان تفشل براحتك؟ ساعتها مش هتلاقيني وراك، مش هتلاقي اللي يعاقبك على اللي فشلت فيه!” سحق بدر أسنانه وعقد قبضتاه ولكنه ظل صامتاً ليتفحصه والده “ايه عايز تضربني؟ ولا خلاص عشان مبقتش قادر عليك هتـ..”10
“أنت ليه شايفني دايماً فاشل؟ عايزني أعمل ايه تاني؟ أنا عمري ما فشلت في حاجة، لا دراسة ولا جواز ولا شغل.. ليه كنت قاسي عليا وكمان دلوقتي مصمم تكون قاسي تاني، أنا ذنبي ايه في إني بفكرك بيها؟”1
“ذنبك إنك ابنها، شبهها، حتة منها، لو مكنتش عملت اللي عملته معاك كان زمانها قلبتك عليا او بقيت نسخة منها!!”1
“مفكرتش في يوم تحبني؟ تحضنني؟ ابنك الراجل الكبير مفكرتش تصاحبه؟” تحدث بدر في حُرقة بينما لم يجد إجابة من والده الذي أشاح بنظره بعيداً “متقلقش يا صابر بيه.. بدر ابنك مبيفشلش في حاجة، لا هو زياد المتدلع، ولا هديل اللي طلباتها أوامر، ولا هو أمه الإستغلالية.. لو جايبني هنا توصيني على أكتر ناس بحبهم رغم عيوبهم، فمتقلقش تقدر تطمن.. وأعرف إني عمري ما أكون ناكر جميل للإنسانة اللي حاولت تربيني زي ابنها ومفرقتش بيني وبين ولادها.. هي مش زيك، وأنا عمري ما هفرط في حقها ولا حق اخواتي”4
انسابت المياة على عيناه الموصدتان وهو يتذكر تلك المرة التي تحدث أبيه له بآخر أيامه وفتح عيناه التي تساقط منها الدموع المخفية وسط المياة ثم استعاد رباطة جأشه على نفسه ثم انتهى من حمامه الصباحي وتوجه للخارج.
يعرف أن ما سيفعله اليوم هو القرار الأمثل، فهو لم يعد يبقى على شيء سوى عائلته.. حياته قد دُمرت منذ سنوات، تلك الفتاة أم غيرها لن تُغير به إمرأة شيئاً ولن يفرق الأمر كثيراً معه، ليتزوج إذن وليمنح أمه قليلاً من الراحة ولنفسه أيضاً لبعض الوقت دون أن تفاتحه بهذا الأمر مجدداً، لتعيش هديل في سلام مع ذلك الحقير، ولتطمئن شاهندة على تلك الفتاة التي أحبتها بشدة، فهي لن تعود لزوج أمها الإستغلالي على الأقل الآن!..
عليه فقط أن يساومها ليس إلا وحتى إن لم تقبل فسيجبرها، عليها أن تكن بعيدة عنهم، وعلى ذلك الحقير أن يعلم إذا أقترب منها أنه سيتصدى له بنفسه، وقتها سيعبث مع زوجة بدر الدين الخولي ولن يرحمه إذا أقترب منها!!13
ارتدى ملابسه ثم توجه ليتناول الإفطار مع عائلته بعد أن تناول بعض المُسكن لصداع رأسه وتفقد الجميع على طاولة الطعام بلمحة سريعة ليبدأ روتينه اليومي “صباح الخير” اجابه الجميع عدا شاهندة التي لازالت مستاءة من حديثها معه منذ الأمس ثم نظر له كريم بنظرة انتصار تعجب لها وأكمل طعامه في صمت وآخذ يلاحظ نظراته لنورسين وهو يشتعل غيظاً منه..
“يالا عشان عندنا اجتماعات برا ومش عايز أتأخر” صاح بعد أن وقف ناهضاً لتُمسك نورسين بحقيبتها
“باي” ودعت الجميع لينظر لها كريم بإبتسامة
“باي.. Good luck (حظ سعيد) في اجتماعتكوا” صاح كريم ساخراً ليسحق هو أسنانه في غضب ثم توجه بصحبتها لسيارته1
“شاهندة كانت بتعمل ايه عندك امبارح؟”لمحها بطرف عيناه الثاقبتان وهو ينظر لها أثناء قيادته
“أبداً.. سألتني اني مخبية حاجة عليها وانت وكريم بس اللي تعرفوها..” هنا توقف فجأة وكادت رأس نورسين أن ترتطم بالزجاج ليلتفت إليها بعد أن رفع المكابح اليدوية وجذب ذراعها
“انطقي.. قولتيلها ايه؟” هنا انتعشت ذاكرته بعدم اجابة شاهندة له صباح اليوم
“قولتلها أنت اتعصبت عليه وعليا بسبب غلطة في الشغل..” تحدثت مسرعة وهي تشعر بالخوف من ملامحه الغاضبة المرعبة وأنفاسه المتلاحقة.
“أنتي هتستعبطي يا بت” صرخ بها وهو يزيد من حدة قبضته على ذراعها
“والله ده بالحرف اللي قولته”1
“لو عرفت إنك بتكدبي هيكون آخر يوم في عمرك.. سامعة!!” صاح محذراً وهو يترك ذراعها بعنف لتومأ له وشرع في القيادة مجدداً ليشعر بدموعها تتهاوى في صمت.
ظلت تبكي دون أن تُصدر صوتاً حتى وصلا لمرأب الشركة وشعر هو بذلك الإحساس المُزعج كلما بكت هي ليتمنى قتلها وقتل نفسه معها!!3
“بطلي زفت” صاح آمراً وهو يترجل من السيارة لتتبعه هي الأخرى وهي تجفف دموعها ونظر لها ولكنها تحاشت النظر له تماماَ.
صعدا ووصلا لمكتبه ليدخل هو وصفع الباب خلفه وآخذت هي تعد القهوة في صمت وقلة حيلة!1
صعدا ووصلا لمكتبه ليدخل هو وصفع الباب خلفه وآخذت هي تعد القهوة في صمت وقلة حيلة!
“يعني ايه بيتكلم من رقم تاني متعرفهوش؟!”
“حضرتك بنحاول نوصل لرقمه وقريب اوي هيكون معانا”
“أنا قولتلك الكلب ده تعرفلي بيعمل ايه بالحرف وتبلغني بيه.. جاي تقولي بيشتغل بس ومعاه رقم تاني.. لو مش قد الشغل أشوف غيرك”
“لا يا بدر باشا متقلقش.. دبة النملة هتوصلك..” وصد بدر الدين المكالمة ما إن رآى نورسين تدلف بقهوته ثم نظر لها بطرف عيناه وأوقفها قبل أن تغادر
“اقفلي الباب ده بالمفتاح وهاتيه وتعالي” آمرها بهدوء لتهرب الدماء من عروقها وشعرت بالرعب الشديد مما قد يفعله.7
فعلت ما آمرها به ثم التفتت ولم تنظر له خوفاً من تلك النظرة الثاقبة التي لطالما قتلتها رعباً ثم وضعت المفتاح بالقرب منه وكادت أن تبتعد لتفاجأ بقبضته القوية على معصمها لتتلاقى زرقاوتها المرتعدتان بعيناه الثاقبتان “أوقفي هناك” أشار لها أمام مكتبه “واقلعي!” تهاوت دموعها وهي لا تُصدق ما قاله للتو ليشعر مجدداً بنفس الشعور كلما رآها تبكي ولكنه لن يتراجع أبداً.. صفعها ليستحث قسوته بدلاً من ذاك الشعور المزعج بداخله..17
“جرا ايه يا بت.. نسيتي نفسك ولا ايه؟!” صرخ بها ونظر لها نظرة جفت الدماء بعروقها على إثرها وفرت مهرولة لتفعل ما آمر به.
اتكأ بكرسيه وهو يرتشف قهوته ويتابع ما تفعله هي بعيناه وينظر لها في تشفي ودموعها تتساقط وتخلع ما عليها.. للحظة شرد بمنحنيات جسدها المثير وآخذ يتخيل العديد من الأشياء التي قد يفعلها بجسد مثل هذا ولكنه طرد هذا التخيل من عقله بسرعة.6
“لفي” آمرها لتفعل وتعالى نحيبها وهي تشعر بالإهانة الشديدة جراء ما يفعله وظلت واقفة تنتظر آمره التالي لها ولم تستطع أن تسمع شيئاً آخر سوى نحيبها وصوت خفقات قلبها التي تعالت في رعب وفجأة شعرت بيداه تقبضا على مؤخرتها لتشعر بالآلم من قبضتاه وهمس “العلامات ابتدت تروح.. تحبي أفكرك شكلها كان عامل ازاي”
“لأ.. أرجوك بلاش ضرب.. بلاش” التفتت وهي تتوسله وعيناها توسعت في رعب “هاعمل كل اللي أنت عايزه بس بلاش ضرب”4
“تمام” ابتسم نصف ابتسامة ثم توجه ليجلس على الأريكة وباعد بين قدماه مستنداً بذراعاه يميناً ويساراً بجانب رأسه أعلى الأريكة.. “تعالي” آمرها فهرولت نحوه على الفور ليقهقه هو “انزلي على ركبتك” خارت بجسدها للأسفل وهي تفعل ما يآمرها به وتتحاشى النظر لعيناه تماماً لتفاجأ بصفعه اياها ثم أمسك بشعرها “بت.. نسيتي إنك حيوانة، فاكرة نفسك بني آدمة ولا لازم يتلطشلك كل شوية عشان تعرفي مقامك.. غوري ارجعي لغاية المكتب وتعالى على ايدك ورجليكي يا حيوانة عند جزمتي” تحدث بهدوء وتشفي لإهانتها بتلك الطريقة لتبكي هي وفعلت ما آمرها به وآخذ هو يشاهدها عاداً حاجباه وينظر لمنحنياتها ليشرد بها مجدداً.9
لاحظ وصولها أمام حذاءه ليبتلع لعابه وجذب رأسها ليضعها أسفل حذاءه “مبسوطة وأنا ببهدلك كده!! ما أنتي لو كنتي محترمة مكنتيش عملتي اللي عملتيه!” 4
“والله ما عملت حـ..”
“اخرسي يا كلبة ومتفتحيش بوقك غير لما أقولك” قاطعها ليشعر بنحيبها يتعالى “واضح إن أمثالك لازم يعرفوا مقامهم كل شوية..” ظل يحرك قدمه على رأسها بينما هي شعرت بالذل الشديد ولم تعرف كيف لهذا الشخص الذي تحدثت عنه شاهندة بالأمس أن يكن هو نفس ذلك الشخص القاسي الذي هو معها الآن!!
“قومي يا بت على ركبتك!!” صاح بعد أن أزاح رأسها بحذاءه في تقزز ففعلت وعيناها لا تتوقف عن ذرف الدموع “بصيلي يا روح أمك” آمرها ففعلت ليرى تلك الزرقاوتان وهو لا يصدق كيف تتصنع تلك البراءة
“ايه رأيك يا بت بدل ما تنامي مع كريم أجيبلك رجالة وياخدوكي بالدور.. وأهو كله بحسابه” ابتسم لها في كراهية لتتوسع عيناها في رعب وتعالى بكائها 1
“لأ لأ أبوس ايدك.. أرجـ..”
“بوسيها” آمرها بمنتهى الهيمنة بعد أن قاطعها لتختلف نظرة عيناه وأسرعت هي لتُقبل يده على الفور خوفاً مما تفوه به منذ قليل ليشعر بخفقات قلبه تتزايد وعقد حاجباه في خوف من ذلك الشعور الذي سيطر عليه فجأة ثم أفلت يده فجأة2
“أرجوك بلاش.. والله هاعمل كل اللي تقول عليه.. بس بلاش الموضوع ده.. أنا ممكن أ.. ممكن أموت.. أرجوك بلاش” تساقطت دموعها ونظرت له في توسل
“يبقى تتجوزيني.. على الورق.. لمدة سنة! تخلصي جامعتك، وعارف إن انتي كلبة فلوس.. هاجبلك شقة وشغل بعد ما تخلصي وماشوفش وشك تاني وتخرجي من حياة أهلي كلهم!!” توقفت عن البُكاء وتوسعت عيناها في اندهاش ووجل مما ألقاه على مسامعها للتو!6
هاجبلك شقة وشغل بعد ما تخلصي وماشوفش وشك تاني وتخرجي من حياة أهلي كلهم!!” توقفت عن البُكاء وتوسعت عيناها في اندهاش ووجل مما ألقاه على مسامعها للتو!
“عايزة تجيبلنا العار بنت كامل.. أنا لو شفتها قدامي دلوقتي مش بعيد أموتها بإيديا” 7
“اهدى يا كمال.. مش لما تروح الأول وتتأكد من كلام جوز أمها!!”
“من غير ما أتأكد.. مش كفاية اللي عمله ابوها فينا زمان وراح أتجوز أمها اللي لا نعرفلها أصل ولا فصل وساب بنات أعمامنا”
” طب هتعمل ايه؟!”
“أنا لو شوفتها قدامي هموتها بإيديا!!” تعالت أنفاس عمها في غضب وهو يتخيل ما سيفعله معها “أنا لو مسكتها مش هاتمسكها عافيه.. الحل إن فارس لما يرجع هو اللي يجيبها لغاية عندي”1
“الله!! طب وابني ذنبه ايه باللي عملته بنت كامل” صاحت زوجته في انفعال
“ذنبه إنه ابن عمها، واللي معملوش أبوها زمان هتعمله هي دلوقتي.. فارس وبنت كامل لازم يتجوزوا”10
“حرام عليك.. أنت هاتجبر ابني يتـ..”
“اسكتي يا شادية وإياكي تفاتحيه في الموضوع غير لما يرجع من سفره” قاطعها زاجراً اياها “واياكي أعرف إنك لمحتيله هو أو أي حد من أخواته بحاجة.. أنا هاعرف أتصرف معاه لما يجي!”
أنا هاعرف أتصرف معاه لما يجي!”
“امضي..” صاح آمراً اياها لتفعل ووقعت على عقد الزواج ثم فرت لخارج مكتب ذلك المأذون وهي لا تكترث بما سيفعله لها وآخذت تبقي بحرقة على ما يحدث لها وتمنت لو تقتل نفسها.. نعم لربما هذا هو الحل الوحيد.. 1
“بتسبيني وتمشي قدام الناس!! ماشي.. أنا هربيكي.. قدامي” تحدث بين أسنانه المتطابقة ليجذب ذراعها في عنف ويتوجها للخارج.
قصة ظلام البدر +21 كاملة بقلم بتول
البارت السابع عشر

تنويه كده صغير بس مش صغير اوي يعني..
بدر : انسان معقد، شايف اهم حاجة في حياته بعد ما ليلى ماتت هي عيلته وبالذات نجوى وشاهندة، الاتنين دول لولاهم كان زمان بدر سفاح، قاتل مأجور، جاسوس يهودي.. أي حاجة غير اللي بيعمله ده وبجد كويس أوي أنه وصل لكده.. ابوه شخصية زبالة وذله ذل بشع وأمه بجد مش هاقول عليها حاجة عشان ممكن اتلفظ ألفاظ مش كويسة.. وكمان موت ليلى أثر عليه اوي وخلاه ميتعاطفش مع أي ست حتى لو كانت مين غير نجوى وشاهندة وأحياناً هديل..10
نورسين : هي مش قوية.. ولا جامدة.. ولا اي حاجة من تخيلاتكم دي.. هي طيبة وامها كانت مدلعاها ومحيلتهاش غيرها، كل همها انها تبقا شاطرة في دراستها ومفيش حاجة شاغلة بالها تاني غير كده.. مقابلتش حاجة صعبة في حياتها، متعرفش يعني ايه توقف تزعق في وش حد واه هي هبلة وعبيطة وخايفة من اللي ممكن يعمله..3
ورثها : هي متعودة لغاية دلوقتي اللي بتحتاجه بتلاقيه، الأول كانت مامتها وبعدين شاهندة، الاتنين مكانوش بيخلوها محتاجة حاجة فلسة مش واخدة بالها من الموضوع كفاية كرامتها اللي بتتمسخر في الأرض كل شوية بكرة إن شاء الله هتفوق لكل حاجة متقلقوش..1
الرواية اسمها : ظلام البدر
يعني ضلمة وسواد ونكد؛ أنا حاسة لغاية دلوقتي اني مبينتش جانب بدر السادي بجد..
وحياة اولادكو يا جدعان ما تفضلو تقولو هي هتبقى قوية امتى وهو ليه بيعمل كده.3
ليلى : أنا شخصياً حباها.. مش شايفة في حبها للعنف اي مشكلة.. مش شايفة انها حتى لو حبت ده عشان جوزها فيه اي مشكلة خالص.. على الاقل عرفت تبعده عن الستات وعنفه كان اقل بكتير معاها عن عنفه مع الستات الغريبة..11
دي كانت شوية توضيحات1
رجاء صغير لو حد شاف غلطات إملائية يعرفني
كفاية كده 😂 😂 😂
ندخل بقا على البارت
“ادخلي يا بت” دفعها لداخل منزله لتسقط هي أرضاً ورفعت نظرها لتنظر له في قلة حيلة
“أنت هتفضل تعمل كده فيا لغاية امتى؟ أنا بنفذ كل اللي بتقول عليه بالحرف، أنا بين يوم وليلة لقيت نفسي بتبهدل وبتعذب من غير ما يبقالي ذنب في حاجة.. أما معملتش حاجة لكل ده كريم هو اللـ..” همست بين بكائها الشديد5
“اخرسي” قاطعها وهو ينظر لها في غضب “ده أنا هطلع روحك.. هافضل أعمل كده فيكي لغاية ما تخرجي من حياتنا كلنا” نظر لتلك الزرقاوتان ليتجدد بداخله ذلك الشعور المزعج عندما تبكي هي “اوعي يا بت تكوني فاكراني كريم الوسخ ولا زياد الأهبل.. لا أنا بدر الدين، عارفة يعني ايه” جذبها من شعرها وهو يهز رأسها في عنف “يعني مش هاسيب بت زيك تضحك عليا، كلبة فلوس زيك هاطلع في عينها لغاية ما تتربي صح.. وإن ب في يوم فكرت إنك هوبتي لأهلي تاني بعد ما تغوري من هنا أنا ممكن أموتك!! سامعة يا بت؟!” صرخ بها لتبكي هي آلماً وحزناً2
“قومي يا حتة حيوانة” صرخ بها آمراً لتنهض هي في ضعف ولكنه فاجئها بتمزيقه ثيابها في وحشية تامة لتصرخ هي من فعلته
“حرام عليك .. كفاية بقا اللي بتعمله فيا ده” تحدث بين نحيبها
“حرمت عليكي عيشتك.. فاكرة انك هتعمليهم عليا.. انتي ايه.. كل ده تمثيل.. هو يعني مكانش حرام عليكي وأنتي بتلعبي على زياد، ومكانش حرام عليكي وأنتي بتاخدي راجل من مراته وعياله.. بس أنا هاعلمك ازاي تمثلي حلو اوي بقا!!” ألقى بملابسها الممزقة أرضاً ثم أمسك بشعرها مرة أخرى “الكلام اللي هتسمعيه ده هيكون قصاد إني اسيبك كمان سنة.. فاحفظيه زي اسمك لحسن هاخلي عيشتك سودا وهاعرفك إن كل اللي شوفتيه كوم واللي هايجي ده كوم تاني خالص!!”
“أنتي هنا خدامة، حتة حيوانة، مالكيش تقولي ولا تطلبي حاجة إلا بإذني، واللي أقولك عليه يتنفذ من غير نقاش ولا جدال، إذا حصل وسمعت كلمة بس منك همسخر بكرامتك الأرض، سامعاني كويس؟!” اماءت له في وهن “تمشي على ايدك ورجلك زي الكلبة قدامي، البيت الاقيه متنظم ومتنضف، مفيش هدوم ولا موبايل ولا نت ولا تليفزيون ولا كل الأبهة اللي معيشاكي فيها شاهندة دي تنسيها خالص، أكلي وهدومي وحاجتي تكون جاهزة دايماً ومتنظمة ونضيفة.. البيت ده مش هتخطي براه خطوة واحدة، والحراس كلهم متبلغين إنك متخرجيش من هنا، الحاجة الوحيدة اللي مسموحلك بيها هي مذاكرتك ومش قدامي كمان، أنا بكون برا البيت تسع ساعات كل يوم ابقي اتنيلي اعملي فيهم اللي تعوزيه مادام مبيخالفش كلامي.. عرفتي هتعملي ايه؟!” صاح بها لتومأ هي في وهن ولم تتوقف دموعها عن التهاوي
“حسك عينك تخالفيني في كلمة.. هاعرف كل حاجة وساعتها مش هارحمك” القاها أرضاً لتجهش بالبكاء في وهن “النهاردة أهلي هاقلهم ان احنا اتجوزنا، اياك أشوف بس نظرة اعتراض واحدة.. زي ما عاملة فيها بريئة وبتمثلي ابقي مثلي عليهم اننا مبسوطين وقوليلهم إننا في لندن ارتاحنا لبعض” نظر لها في تقزز واحتقار بعد أن تريث لبرهة “هدومك كلها تاخديها من اوضتك وتجبيها هنا واياكي تلمسي حاجة منها غير بإذني وإلا هوريكي يعني ايه سواد!! وخاللي سنتك السودة دي تعدي على خير عشان أخلص من وشك المقرف وأنتي كمان تطلعيلك بقرشين يا كلبة الفلوس!!” بصق عليها متقززاً ثم توجه لغرفته بعد أن أزاح قدمها من الطريق بحذاءه لتجهش بالمزيد من البكاء مرة ثانية.4
دلف هو غرفته ثم وصد بابه ونظر لصورة ليلى بجوار سريره ليُمسك بالإطار وهو ينظر لها في آسف ثم آخذ يتحدث لها
“غصب عني.. أنا مقدرش اتجوز بعدك ولا أشوف ست غيرك.. أنا لسه بحبك يا ليلى، لسه أنتي الوحيدة اللي بقول عليها مراتي، لسه كل حاجة زي ما هي بس سامحيني.. مش هاقدر اسيبها تخرب على أختي ولا تستغل شاهي وأمي وزياد.. هي سنة وأوعدك مقربلهاش.. سنة وهتطلع من حياتي خالص.. متزعليش مني يا حبيبتي” آسر الدموع بعيناه ثم أعاد الإطار لمكانه وتوجه لحمامه وهو يُفكر بالذي سيواجه به الجميع في المساء ثم تذكر أنه مزّق ملابس نورسين للتو ليسحق أسنانه غضباً ويقرر العودة للخارج ليبتاع لها ملابس جديدة.2
متزعليش مني يا حبيبتي” آسر الدموع بعيناه ثم أعاد الإطار لمكانه وتوجه لحمامه وهو يُفكر بالذي سيواجه به الجميع في المساء ثم تذكر أنه مزّق ملابس نورسين للتو ليسحق أسنانه غضباً ويقرر العودة للخارج ليبتاع لها ملابس جديدة
“يااااه أخيراً جيتو” صاحت شاهندة وهي تتوجه نحو نورسين وتعانقها “سيبهالي بقا يا بدر لحسن محتاجاها تساعدني في حاجات” تحدثت شاهندة ثم لفجأة توقفت “ايه يا نور الفستان ده.. أنتي مكنتيش لابسة كده الصبح” ابتلعت نورسين في وجل ثم نظرت لبدر الدين
“شاهي.. تعالي محتاج أتكلم معاكي شوية” هنا تدخل لتتعجب أخته ثم توجها سوياً لغرفة المكتب
“ايه يا بدر فيه ايه؟!” سألته بقلق
“أنا اتجوزت أنا ونور” اجابها بهدوء لتتوسع عينا شاهندة في هلع
“ايه!! أنت ومين؟! أنت بتهزر مش كده؟” صاحت به ليومأ لها في إنكار “ازاي يا بدر تعمل كده؟ طب ارجع لحد مننا، ده أنا بعاملها زي بنتي.. ارجعلي أنا على الأقل” هوى جسدها بكري وهي لا تصدق ما أخبرها به للتو
“بصي يا شاهي أنا حسبتها.. هي بنت غلبانة وكلامك كان صح عنها واحنا في لندن حسيت إني مرتاحلها.. انتي وماما بتحبوها وهي ملهاش حد.. لما كلمتها النهاردة في الشركة حسيت بقبول منها واتجوزتها”
“أنت عارف يا بدر انها عندها عشرين سنة!! يعني أنت أكبر منها بخمستاشر سنة.. دي عيلة بالنسبالك.. وحتى لو كده أكيد نفسها في فرح زي باقي البنات وتتبسط و..”1
“هي قالتلي إنه مالوش لازمة” قاطعها في ضيق1
“بدر أنا مش شايفاك فرحان وأنت بتتكلم عنها، مش حاسة إنك سعيد باللي أنت عملته.. يعني مثلاً زياد لما!!” هنا توسعت عيناها في صدمة “زيااد!! زياد هتعمل معاه ايه وأنت أخوه وعارف إنه كان عايز يتجوزها؟!” قلبت كفيها ليزفر بدر الدين في حنق
“زياد صغير ومش عارف هو عايز ايه.. ده بيفضل بالأيام ميسألش عليها”
“وأنت بقا اللي عارف أنت عايز ايه وبتسأل عليها اوي؟!”
“يوووه يا شاهي.. أنا أخدت القرار وهي موافقة وخلصنا”
“يا بدر مينفعش اللي أنت بتعمله ده”
“خلاص بقا.. أنا قولت أقولك وخلاص قبل الكل عشان يكون عندك علم.. ” ألقى بكلماته بملامح فارغة المشاعر ثم غادرها لتقع هي بالحيرة من أمرها..
“عامل ايه يا فارس يا ابني
“عامل ايه يا فارس يا ابني.. ناوي تيجي امتى؟!” صاح كمال متحدثاً لأبنه
“وحشني يا بابا أنا تمام.. بس احتمال منزلش قبل أول السنة الجاية.. ما أنت عارف إني قعدت معاكو شهر أول السنة واسبوعين العيد ويادوب لسه راجع”1
“يعني مينفعش تتصرف في اسبوعين اجازة كده ولا حاجة؟”
“لا والله يا بابا الموضوع هيكون صعب بالذات أنت عارف إن المهندسين هنا بيطلع عينهم.. وبعدين هو فيه حاجة ولا ايه؟ أنت كويس يا بابا أنت وماما واخواتي البنات؟” تعجب فارس في قلق شديد3
“متقلقش يا ابني.. كلنا بخير، وحشتنا بس مش أكتر”
“وانتو يا بابا دايماً واحشني ونفسي أكون معاكو.. كلها سنتين تلاتة واجي استقر في مصر.. هانت يا حبيبي”
“ربنا يوفقك يا ابني.. ترجع بالسلامة إن شاء الله”
“يارب.. لو احتاجتو اي حاجة في اي وقت كلموني”
“ربنا ما يحرمني منك يا حبيبي انت مش مخلينا محتاجين لحاجة.. خد بالك من نفسك يا فارس”
“حاضر يا بابا وسلملي على ماما كتير واخواتي.. هكلمهم لما اروح”
“طيب يا حبيبي.. لا إله إلا الله”
“محمد رسول الله” أنهى كمال المكالمة بينما صاحت به شادية زوجته التي لم تستمع للمكالمة بأكملها
“قولتله!! قالك ايه؟!”
“مقولتلوش ومحدش يجيبله سيرة.. أنا لما يجي هاعرف اتصرف معاه وأقوله بمعرفتي” أخبرها زوجها بلهجة لا تحتمل النقاش بينما شعر فارس بالتعجب من تلك المكالمة فأجرى مكالمة هاتفية لأحد الأشخاص حتى يُخبره بما يٌقلقه.
“افردي وشك قدام الناس بدل ما ابهدلك قدامهم” همس لها ليقشعر بدنها من صوته واشتمت رائحة عطره القوية لتُجبر ابتسامة على شفتاها بينما لمحهم كريم بطرف عينه ونظر لهم في غل شديد
“افردي وشك قدام الناس بدل ما ابهدلك قدامهم” همس لها ليقشعر بدنها من صوته واشتمت رائحة عطره القوية لتُجبر ابتسامة على شفتاها بينما لمحهم كريم بطرف عينه ونظر لهم في غل شديد.
اجتمعت العائلة وأولاد هديل والأقارب وتعالت أصوات الضحك والأغاني واندمج الجميع في الغناء مواكبيين الأطفال أيضاً وكالعادة كان بدر الدين يرتعب من الأطفال فابتعد لأحدى الزوايا ولكن عيناه الثاقبتان لم تفارق مراقبة نورسين. 2
شاهندة تحاول أن تبدو طبيعية ولكن ما أخبرها به بدر الدين منذ دقائق قد عبث بعقلها، آخذت تراقب نورسين في صمت وتعجب وهي تريد أن تتحدث لها عما حدث بين أخيها وبينها، لابد من أن هناك شيئاً ما حدث ليتزوجا هكذا فجأة ولابد لها من توضيح عقلاني لتسرعهما هكذا، قررت أن تتحدث إليها ولكن لينتظر حديثهما لآخر الأمسية.
أمّا عن نور فقد تآكلها الإرتباك والخوف، نظرها لا يبارح الأرض، شاردة في عذابها الذي ينتظرها، تريد أن تصرخ، أن تعانق شاهندة وتخبرها بكل شيء، تخبرها أن كريم هو السبب وأنها لم تفعل شيئاً، تخبرها بما فعله بدر الدين عندما سافرا، تريد أن تحتمي بها من كل ما يحدث حولها، تود أن تعلم لماذا يحدث لها كل ذلك، ولماذا انقلبت حياتها رأساً على عقب بين ليلة وضحاها!!2
“خلاص الشغل واخدك أوي كده ونسيتي زيزو” اقترب زياد منها لتُجبر هي ابتسامة على شفتيها ونظرت له
“بقا أنا بردو الشغل اللي واخدني ولا أنت اللي مش بتسأل يا جبان!!”
“لا في دي عندك حق.. بس تعرفي كان لازم اثبت لبدر إني راجل وأقدر اتحمل المسئولية واخليه ينسى حتة إن أنا الصغير اللي ماسكهالي كل شوية.. فكان لازم اركز في الشغل.. وبردو كان لازم اعمل كل ده عشان أنا داخل على قرار مهم اوي في حياتي..”
“قرار؟!” ضيقت ما بين حاجبيها في تعجب “قرار ايه بقا احكيلي..”
“طيب ما تيجي نتمشى برا شوية في الجنينة واحكيلك..”
“يالا بينا”
توجها سوياً للخارج بينما تابعهما بدر الدين بنظرة الصقر خاصته وآخذ يراقبهما دون أن يلاحظ أياً منهما بل وأقترب حتى يستمع لما يتحدثان به..
“فيه ايه بقا يا زيزو قلقتني” صاحت له نورسين في تعجب
“بصراحة.. أنا عارف إن الكلام ده سابق لآوانه.. بس.. بس أنا بحبك يا نور وعايز اتجوزك” هنا توسعت عيناها وتوقفت حتى عن التنفس وآخذت تهز رأسها في انكار1
“طبعاً بعد ما نخلص الجامعة” ازاد على ما اخبرها به بعد أن قرأ ملامحها ثم ابتسم لها ابتسامته تلك التي لا تقاومها الفتيات ونورسين تحاول التحكم في انفعلاتها ودهشتها
“بس.. بس.. أنا..” تلعثمت وهي لا تستطيع التحدث ليبتسم بدر الدين في انتصار
“مفاجأة مش كده؟!” تنهدت هي وهي لا تدري بم تخبره ولكنها استجمعت شجاعتها وتحدثت في النهاية
“زياد.. أنا طول عمري شايفاك صاحبي وأخويا.. أنت أحلى واحدة في الدنيا تتمناك.. أنا آسفة بس..” زفرت في قلة حيلة بينما عقد بدر الدين حاجباه وآخذ يتابع حديثها فهو توقع أن تُخبره أنها تزوجت للتو ولكن إجابتها على أخيه أدهشته تماماً “أنا آسفة لو حسستك بحاجة في يوم من الأيام غير اننا اصحاب واخوات!”
لم يتوقع زياد تلك الإجابة ولا تلك الكلمات التي تفوهت بها للتو واكفهرت ملامحه ثم شعر بالغضب وكل ما كان يُفكر به لسنتان بأكملهما قد ذهبا هكذا بمنتهى السهولة..
“فيه حد تاني يا نور مش كده؟!” نظر لها في حُزن
“لأ يا زياد ولا تاني ولا تالت” اجابته بمنتهى التلقائية “الفكرة إني..” تنهدت ثم ازاحت خصلاتها خلف أذنها “أنا يا زياد شايفاك أخويا.. كان نفسي دايماً يكون ليا أخ زيك، أيام الجامعة كنت دايماً بحس بكده بس لما بناخد الأجازة كنت دايماً بتبعد عني ويا مسافر يا مشغول، ولما قولتلي الصيف ده اني هتدرب في شركتكم كنت مبسوطة عشان هكون جنبك، أنت عارف إن حياتي كانت فاضية ازاي، وكان نفسي اكون جنبك أنت ومريم، وحتى استنيت منكم انكو تكونوا جنبي بعد موت ماما الله يرحمها بس زعلت أوي منكم لأنكو مكنتوش موجودين!! أنا بعتذرلك مرة تانية بس والله عمري ما قصدت حاجة أكتر من كده” أماء لها زياد ثم نظر لها نظرة عتاب وتركها ليتمتم بدر لنفسه
“يا كدابة!! حرباية بتتلون بمليون لون!! بس لأ.. لو عملتي ايه كلامك ده كله مش هيأثر فيا!”28
اتجه نحوها وشعور الغضب يتملكه وود لو اقتلع رأسها بيده، تلك الطريقة التي تتظاهر بها، تلك الكلمات التي قد يتعاطف معها أي أحد، كم بدت بريئة ولكنها مجرد أفعى!!
“كنتي بتقولي ايه لزياد؟” سألها بهدوء ليرتجف جسدها من صوته ثم التفتت لتجد بدر واقفاً خلفها واضعاً يداه بجيوب بنطاله وينظر لها تلك النظرة التي لطالما ارتعدت منها
“ده.. هو اللي كان عايزني” همست لينظر لها في غضب وقرأت من ملامحه أن تلك لم تكن اجابة سؤاله فتحدثت مسرعة خوفاً من غضبه “قاللي انه عايز يتجوزني بعد ما نخلص السنادي وأنا قولتله اننا اصحاب واخوات ومفيش حاجة ما بينا غير كده”
“وكدبتي عليه ليه؟! فجأة كده اتنازلتي عنه؟ مش ده اللي كنتي بترسمي عليه من زمان؟!” أخبرها بتهكم وسخرية لاذعتان
“برسم على ايه واتنازلت عن ايه؟!” ضيقم ما بين حاجباها في عدم فهم
“بردو تمثيل تاني!!” تجهمت ملامحه وهو ينظر لها بإحتقار “مقولتيلوش انك اتجوزتي ليه؟” ابتلعت لعابها عندما سمعت سؤاله وآخذت تُفكر وهي تحاول أن تجد إجابة داخل عقلها لا تعرضها لغضبه وتكون منطقية بنفس الوقت
“أأنت.. االلي قولت إننك..” تلعثمت لتراه يسحق أسنانه في غضب وارتبكت من ملامحه المُرعبة ليقترب منها ممسكاً بذراعيها
“انطقي يا قذرة” همس لها بين أسنانه الملتحمة وأنفاسه الممتزجة بعطره انهالت على وجهها وشعرت بالآلم من قبضتاه على ذراعها لتنظر له بأعين زرقاء خائفة
“أنت اللي قولت إنك هتقول لعيلتك الأول.. مرضتش اقول أنا قبلك، خوفت تتعصب عليا تاني” ظل ناظراً لها يخترق تلك الزرقاوتان بظلمة عيناه الثاقبتان وهو ينظر لها مُدركاً أنه قد أخبرها بذلك وأنها لم تُخطأ ليبتلع لعابه وآخذ يتفحصها في عدم تصديق لتآخذ نظرته مجرى آخر وود أن يعرف ما ذاك الشيء بعيناها الذي يجبره على إرادة النظر لها بلا توقف.. “ايدي أرجوك.. بتوجعني” همست له وهي مرتعدة من ملامحه المتجهمة وأنفاسه تلك تُربكها للغاية وتخيفها بآن واحد ثم لاحظت لين قبضته على ذراعيها ولكنه لم يبتعد من أمامها بعد..
لم يرى مثل تلك العينان أبداً بحياته، أحياناً تبدو عينان لطفلة وأحياناً تبدو كعينا أفعى مستغلة لا تكترث إلا بنفسها، ذاك الخوف الذي تصرخ بهما زرقة عيناها يُرضي الغضب بداخله، ولكن نظرة اللوم عندما تجتمع مع دموعها تقتله ألف مرة بداخله ويحارب كثيراً حتى ينتهي من ذلك الشعور.. 2
أمسك بيدها، لامسها في لطف ولأول مرة تشعر بكم يده كبيرة واحتوت كف يدها الصغير ولن تُنكر أن هناك رعشة سرت بجسدها ولكن لا تدري ألمسته نفسها تؤثر بها أم مجرد الخوف منه كان كفيلاً بإفتعال تلك الرعشة، لربما هي خائفة، نعم هي تشعر بالرعب منه، أنفاسه تلك تُربكها وتخيفها أكثر من أي شيء فعله معها، لا تدري لماذا ولكن هذه هي الحقيقة، كلما أقترب للغاية منها شعرت بخفقات قلبها تتعالى دون أدنى تحكم منها..
“قدامي” آمرها بخفوت ثم ظل ممُسكاً بيدها بعد أن شعر أنه حدق بتلك الزرقاوتان أكثر من اللازم ودلف حيث الجميع ورآى نجوى والدته قد شارفت على إنهاء خطبة ما..
“.. عشان خاطر بنوتي الدلوعة اللي بتمنى دايماً اشوفها مبسوطه مع ولادها وجوزها، تتربى في عزكم إن شاء الله يا حبايبي، مبروك ما جالكم” صفق الجميع ثم حضنت هديل زوجها وجففت الدموع بعيناها دون أن تُفسد زينتها
“بعد إذنك يا أُمي..” هنا تدخل بدر الدين ووقف أمام الجميع وهو يُمسك بيد نورسين التي لم تتوقف خفقات قلبها عن الإزدياد بفعل لمسته اياها “أنا عايز أقولكوا كلكوا على حاجة وكويس إننا متجمعين النهاردة في مناسبة زي دي.. أولاً مبروك يا هديل وتتربى في عزكوا” اندهش الجميع لتدخله وبدأوا في ملاحظة تلك الطريقة التي يحتضن بها يدها بيده “ثانياً، أنا مش بعرف أتكلم اوي بس أحب أعرفكوا إني اتجوزت النهاردة” ابتلع لعابه وهو يتمنى قتل نفسه على ألا ينطق تلك الكلمة بعد ليلى وبدأ الجميع في الفهم ونظر لهما كريم في صدمة تامة وغضب شديد بينما صاح زياد الذي لاحظ نورسين بجانبه وهو للتو قد رُفض منها 2
“اتجوزت مين؟! أنت.. أنت اتجوزتها هي؟!” صاح في غير تصديق وهو يشير لها “أتجوزت نور، نور اللي بحبها، اللي قولتلك انها هتكون مراتي في يوم!” هنا توجهت شاهندة نحوه وهي تشعر بالخوف وحاولت أن تمنعه أن يتحدث أكثر من ذلك أمام أنظار الجميع بينما نظر له بدر يتفحصه ثم ابتسم بإقتضاب وتحدث3
“خد بالك كويس إنك بتتكلم عن مراتي واياك أسمع اي حد بيجيب سيرتها او خد يفكر يقربلها” توقف للحظة ونظر لكريم في تحذير ثم أعاد نظره لزياد “أنا وهي بنحب بعض ومفيش حاجة تمنعنا عن الجواز!” تريث لبرهة ثم أضاف “حبيت أبلغكوا بس..” أخبر الجميع ثم جذبها بخفة لتسير معه وكادا أن يغادرا تحت أنظار الجميع لتوقفهما نجوى وهي تُصيح1
“نور!!” التفتت لها وهي تنظر لها في خوف “استني متمشيش.. أنا عايزاكي”
قصة ظلام البدر +21 كاملة بقلم بتول
البارت الثامن عشر

“خلاص يا بدر باشا كله تمام، كل حاجة جاهزة، الكاميرات اتركبت في كل الفيلا ومش ظاهرة خالص والـ Security System (نظام الحماية) الجديد شغال ناقص بس تعمل كلمة السر بتاعته”6
“تمام.. نبه على كل اللي عندك إنها ممنوع تخرج غير معايا وأي حاجة تانية تبلغوني بيها أول بأول”
“حاضر يا باشا”
أنهى المكالمة وهو بالكاد ركز فيما قاله، يريد أن يتحرى ماذا تفعل نورسين مع والدته الآن، ليس أمامه حل آخر سوى أن يتجسس عليهما من باب المكتب المطل على الحديقة مباشرة فتوجه ذاهباً لهناك.
“… أنا عارفة ولادي كويس، زياد مش عارف هو عايز ايه، وكلها يومين والموضوع ده هيعدي، وشاهندة عمرها ما هتزعل منك أبداً لأنها في الأول وفي الآخر عايزة تشوف بدر سعيد ومبسوط وأنا متأكدة إنك هتقدري تسعديه..” ارتسمت ابتسامة أجبرتها نورسين على شفتيها 4
“بصي يا نور، أنا اللي مربية بدر، عارفة انه أكتر واحد في ولادي تصرفاته محدش يتوقعها، بس غالباً كل اللي بيعمله بيكون صح في الآخر، ومش عايزاكي تزعلي من تسرعه ده.. عارفة إنك بنت صغيرة ومن حقك تفرحي وتعملي فرح وتتبسطي بس معلش اعذريه عشان اللي شافه في حياته مكنش شوية.. من أمه لصابر الله يرحمه لموت ليلى للمسئوليات اللي تقلت عليه، أنا كنت حاسة بيه إنه دايماً مخنوق بس أنا واثقة إنك هتغيريله حياته تاني وهتقدري تنسيه كل اللي عاناه” ابتسمت لها عندما سمعت طرقات على الباب فتوجهت بنفسها لتفتحه “شكراً يا زينب” تحدثت نجوى ثم وصدت الباب مرة أخرى وتوجهت لتجلس أمام نورسين التي لا تُصدق حقاً ما تفعله والدته والذي قلل كثيراً من ارتباكها، لقد ظنت أنها ستعارض ما يفعله ولكن يبدو أنها كانت مخطئة تماماً
“خدي يا حبيبتي” ناولتها صندوق كحلي اللون مخملي لتآخذه نورسين على تردد
“ايه ده يا ماما؟”
“أنا ملاحظة إن لا فيه معاكي دبلة ولا خاتم ولا حتى شبكة.. ده طقم صابر الله يرحمه كان جايبهولي وبحبه أوي إن شاء الله يعجبك” ابتلعت نورسين وهي تهز رأسها في إنكار
“مالوش لازمـ..”
“اتفرجي بس عليه” قاطعتها بإبتسامة ونبرتها الواثقة لم تدع لها مجالاً لتعارضها ففعلت لينفرغ ثغرها في دهشة من كل تلك الأحجار الماسية اللامعة
“حضرتك.. أنا.. مش..” تلعثمت وهي تتجول بزقاوتاها بين محتوى الصندوق وعينا نجوى
“مبروك عليكي يا نور يا بنتي وعقبال ما يجبلك الأحسن منه” ابتسمت لها ثم خلعت دبلتها “أنا مبحبش بصراحة جو الخواتم الجديدة بتاع اليومين دول والدبلة دي عمرها ما فارقت ايدي غير النهاردة” ابتسمت بمرارة ويبدو وكأنها تتذكر الآن العديد من الذكريات “جربيها كده عليكي” ناولتها اياها وآخذتها ولكنها لا تدري كيف تتصرف في مثل هذا الموقف
“كفاية يا ماما الطقم ده وإن شاء الله بدر هيبقى يجبـ..”6
“أنا عايزاكي تخديها.. شوفي بس مقاسك زيي ولا لأ” ابتسمت لها مشجعة اياها لتتنهد نورسين وحاولت أن ترتديها لتجدها ضيقة عليها قليلاً فحاولت مجدداً أن تخلعها ولكن لم تستطيع فزفرت في حيرة وحاولت مجدداً أن تخلعها ولكن دون جدوى “زي ما تكون مش عايزة تطلع من ايدك.. خليها بقا معاكي ولما بدر يجيبلك غيرها ابقي رجعيهالي” ضحكت نجوى بخفوت وهي تنظر لها ملياً في حب
“بصي يا بنتي، بدر ابني راجل صعب، مش هاقولك إنه سهل أبداً، بس أنتي تقدري عليه، عارفة ليه؟! عشان أنتي طيبة وقلبك أبيض وهو على قد ما و عصبي بس حنين أوي.. عارفة إن ما بينكم فرق سن كبير، وعارفة إنه شكله أحياناً بيكون مخيف ويرعب بس هو خلاص بقا جوزك ودي بقت حياتكو.. بدر لما حد بيعامله بحنية بيحبه أوي، واللي بيستحمله في الأول بيلاقي إنه غلبان أوي وساعتها بدر بيمسك فيه بإيديه وسنانه” ابتسمت نجوى في آسى وشردت بالفراغ ثم أكملت حديثها7
“أنا لسه فاكرة أول يوم شوفته فيه، كانت تصرفاته عدائية جداً، مكنش عايز حد يقرب منه، فضل يكسر في اوضته لغاية ما قربت منه وفضلت أكسر معاه كل حاجة.. استغربني في الأول، كان فاكرني هزعقله، كان رافض يتعامل معايا خالص، بس بعد ما خلصنا تكسير ورمينا كل حاجة على الأرض قعد جنبي وهو بينهج وقالي أنا عايز ارجع لماما.. قولتله وأنا كمان!!”
“ليه أنتي مامتك فين؟!” نظر لها ذلك الطفل بتلك المقلتان اللامعتان
“مامتي بعيد اوي في بلد تانية”
“بس انتي كبيرة وتقدري تروحيلها، لكن أنا بابا مش هيخليني امشي” ارتسم الحزن على ملامحه
“مين قالك إني مقدرش.. أنا لازم أكون موجودة هنا عشان بحب باباك، وبحب اخواتك شاهي وهديل وكمان عشان بحبك.. مش معنى إننا نقدر نعمل حاجة يبقا نعملها، يعني مثلاً أنا ممكن أكسر معاك كل اللعب دي وممكن نفركش السرير مع بعض، لكن ده مش المفروض نعمله تاني..” أقتربت منه على حذر وجلست بجانبه ليطالعها ويتفقد ما تفعله “تفتكر بابا جابك ليه؟”
“عشان هو مبيحبش ماما وعايزني ابعد عنها” اجاب بتلقائية شديدة
“لا يا حبيبي.. هو جابك هنا عشان الناس اللي بتحبك، أنا وشاهي وهديل وهو كمان بيحبك.. أنت كنت عند مامتك بقالك فترة كبيرة، والدور علينا بقا ولا عايز الناس اللي بتحبك متقعدش معاك؟!” توسعت عيناها وهي تنظر له في براءة ثم أكملت “كلنا طلبنا من بابا إنه يجيبك هنا عشان نلعب سوا وعشان تقعد مع شاهي وهديل شوية وعشان أنا بحبك اوي ونفسي كان يبقا عندي ولد جميل اوي زيك كده.. وأنا أوعدك إنك هتشوف مامتك تاني بس بعد ما تقعد معانا شوية”
“بجد يا طنط؟!” تعجب وتوسعت عيناه في دهشة
“بجد يا حبيبي، بس على شرط.. تقولي يا ماما نجوى وأنا أعملك كل اللي أنت عايزه” ابتسمت له لتجده يهرع نحوها يعانقها
“أنتي طلعتي طيبة أوي يا ماما نجوى وأنا هاسمع كلامك عشان أشوف ماما تاني” 5
“وأنا بحبك أوي يا حبيبي.. وهخليك تشوف مامتك وكتير كمان، بس يالا بقا بسرعة نوضب الأوضة الجميلة دي لحسن شاهي وهديل هيجوا كمان شوية ولازم اوضتك تبقا حلوة زي اوضتهم.. هتساعدني؟!” أماء في صدرها لتربت هي على ظهره وتنهدت في حزن على ذلك الصغير.
سحق أسنانه غضباً عندما أدرك أن تلك الفتاة بدأت في معرفة كل شيء عنه وكاد أن يدخل لتوقفه شاهندة “استنى يا بدر أنا عايزاك” التفت لها وارتسم الغضب على ملامحه وهو ينظر لها نظرات مبهمة لتجذبه من ذراعه لليتوجه معها لأحى المقاعد القريبة بالحديقة.
“ده بدر يا نور يا بنتي في كل حاجة.. بيتعصب ويكون عدائي بس أول ما بيشوف الحنية مبيقدرش يبعد عن الشخص الحنين تاني.. هو كمان عنده مشكلة، بيخاف يبعد عن اللي يعرفه وبيحبه، وبيخاف من أي حاجة جديدة أو أي شخص جديد يدخل حياته ولما كبر بقا بيخاف من دخول اي حد جديد وسطنا” أطلقت ضحكة خافتة “عارفة لما حمزة اتجوز شاهي!! بدر ده مكنش بينام.. كنت حاساه هيتجنن، فضل يعترض عليه ويختبره لغاية ما سبحان الله بقوا حبايب، ونفس الكلام مع كريم بس كريم مش زي حمزة، كريم مش صبور كده وهادي وراسي زيه خالص، عشان كده لغاية دلوقتي تحسي إن فيه ما بينهم اختلافات حتى بعد العمر ده كله.. بدر دايماً كده في الأول مع أي حد بس يوم ما بيحبه بقا استحالة يفرط فيه”
“اوعي تفكري إني مآخدتش بالي من بصاته ليكي، وعصبيته الزيادة عليكي، أنا كنت متأكدة إنك لفتي نظره وفضلت اتفرج من بعيد وكنت واثقة انه هياخد الخطوة ويتجوزك..” ابتسمت لها “بس بقا خلاص شكلك كده وقعتيه، ومن هنا ورايح عايزاكي يوم ما تحتاجي حاجة ولا لو اضايقك قوليلي وسيبيها عليا وأنا هاتصرف، بس أهم حاجة اصبري عليه وخليه يكون واثق فيكي، ساعتها هيبقا عامل زي البيبي الصغير معاكي” ابتسمت لها في حب شديد وهي تعانق وجهها بكفيها “اتفقنا يا حبيبتي؟!” لا تدري ماذا تفعل نورسين بعد كل ما سمعته وهي بداخلها تود أن تحتمي بها من بطشه وقسوته ولم تصدق أياً مما قالته نجوى ولكنها أماءت لها بالنهاية 5
“اتفقنا يا ماما”
“أنت لازم تتصرف معاه، أنا فعلا مش عارفة أعمله ايه” تحدثت شاهندة في انفعال
“حتة العيل الصغير ده كمان عايزاني اتصرف معاه!! زياد مبيحبهاش، ومش عارف هو عايز ايه، وبكرة اثبتلك وهتشوفيه رجع طبيعي خالص بيسكر وبيسهر ولا كأن حصل حاجة”
“يا بدر متجننيش، يعني أنت اللي بتحبها؟!” نظرت له تتفحصه لينهض هو وولاها ظهره وقلبه يخفق بشدة ليوصد عيناه ويتذكر ضحكة ليلى الرنانة وعسليتاها
“ايوة بحبها يا شاهي.. بحبها اوي.. مش عايزها تبعد عني أكتر من كده” هدأت نبرته ولم تصدق شاهندة نبرته المتآلمة تلك لتتعجب كثيراً بينما هو لم يقصد سوى ليلى التي عشقها منذ أن وقعت عليها عيناه4
“ماشي يا بدر.. اياك تأذيها أو تزعلها في يوم وساعتها أنا اللي هازعل منك ومش هكلمك تاني” تركته شاهندة ودلفت لحجرة المكتب ولكن بدر لازال على هيئته وآخذ يتذكر ليلى5
“أأذيها؟! ده أنا ممكن أموت قبل ما بس أفكر أأذيها.. عندي استعداد أعيش مشلول بس عشان أشوف ضحكتها قدامي تاني واسمعها.. لو بس رجعتلي هاوافق نخلف عشر مرات علشان خاطرها.. أنا بقيت مستني اليوم اللي هاموت فيه عشان متأكد إني هاقبلها تاني، هاحكيلها على كل اللي حصلي بعدها، هعيط في حضنها تاني علشان تطبطب عليا وتقولي إنها جنبي.. وحشتني اوي.. وحشتيني أوي يا ليلى!” أدرك ما قاله للتو ثم فتح عيناه في فزع والتفت لينظر لشاهندة التي قد غادرت منذ قليل ليحمحم ثم زفر بحرقة وتوجه لداخل غرفة المكتب في هدوء شديد ليعرف ما تتحدث به نجوى ولكن فوجئ بشاهندة تتحدث معها.1
“ليه اتجوزتيه؟ ليه مقولتليش إنكو حبيتوا بعض؟ ليه اتسرعتي كده من غير ما ترجعيلي؟” عقدت شاهندة زراعيها وهي تتحرى الصدق بتلك الزرقاوتان لتتنهد نورسين ووقفت ظهرها مواجهاً نفس الباب الذي دلف هو منه وسمع ما قالته شاهندة بينما هي لا تدري لماذا اعترتها تلك القشعريرة بجسدها وكأنما توقفت شعيرات جسدها بالكامل، أهذا هو عطره؟! أتلك هي أنفاسه التي تُربكها؟ هل آتى ليذيقها المزيد من غضبه ويآخذها لمنزله ليعذبها مرة ثانية؟ أم يريد أن يكتشف من هي وما هي نواياها مثلما أخبرتها والدته.
“اتجوزته ليه!! مش عارفة أرد على سؤالك يا شاهي ازاي.. كلامي عايزله كتب عشان يكفي.. بس هحاول أجاوبك..” ابتسمت وشردت كأنها تتذكر ذكريات عدة وابتلعت لعابها ثم تنهدت بعمق وهي تتخيل كل ما ستجيبها به
“اتجوزته علشان بدر الوحيد اللي حسسني إن أبويا مماتش وعوضني عن وجود الأب بحنيته وحمايته وخوفه، علشان شوفت إن في كل مرة اتعصب عليا فيها كان خايف عليكوا أوي وكان نفسي في حد يخاف عليا ولو ربع الخوف ده ويحبني كده، أنتي أو زياد أو حتى ماما وهديل كان بيخاف عليكوا مني عشان لسه داخلة بيتكوا ولسه مش عارفني.. فاكرة يوم ما جوز ماما الله يرحمها جه هنا هو اللي وقفله معاكي ودافع عني وحماني وخلاه يمشي وميجيش تاني.. لو بس تشوفيه وهو قاعد جنبي في لندن يوم ما تعبت وسهران جنبي لغاية ما اطمن إني كويسة هتعرفي أنا اتجوزته ليه، حبه اللي بيبان جوا قسوته وعصبيته حسيت إني عمري ما هلاقيه أبداً في أي راجل تاني.. على قد ما كان شاكله كارهني في الأول بس لما عرفت إنه اللي شالني وساعدنا يوم وفاة ماما ابتديت أعرف قد ايه هو حنين وعمري ما هلاقي في حنيته..
تعرفي يا شاهي واحنا في لندن، دي كانت أول مرة اروح الملاهي من يجي ست سنين، يمكن ماما مكانتش واخدة بالها إن لسه جوايا طفلة وعيلة صغيرة بس بدر طلع الطفلة اللي جوايا تاني وعرف ازاي يحببها فيه” تهاوت الدموع من عيناها وهي تتذكر كل ما فعله معها تلك الأيام الماضية وخاصة عندما احتجزها بذلك الدولاب لتوصد عيناها في آسى وحزن بينما تجمعت الدموع بعينا شاهندة لتجد نفسها تنفعل هي الأخرى مع كلماتها13
“الفرحة اللي عيشتها معاه اليومين دول كانت أحلى أيام في حياتي.. خلاني نسيت إني يتيمة الأب والأم، خلاني انسى قذارة يُسري، خلاني أشوف مين بدر الدين بجد مش الراجل اللي بيزعق وبيتعصب..” حاولت أن تتذكر أي ذكرى جيدة جمعتهما لتتذكر كل ما حدث منذ قليل “عارفة لما بيلمس ايديا بإيده الكبيرة دي بحس إني مش على بعضي بس في نفس الوقت فرحانة ومش خايفة وبحس إن مجرد وجوده جنبي بيحميني، لما وقف قدام الناس وقال إني مراته وبيحبني حسيت إني عمري ما هخاف وهو جنبي وإن محدش يقدر يقربلي تاني طول ما هو موجود.. كلامك عنه، وكلام ماما نجوى عنه أكدلي إني اخترت صح وإن عمري ما كنت ممكن ألاقي راجل زيه.. عرفتي يا شاهي اتجوزته ليه أول ما عرض عليا الجواز؟!” فتحت عيناها لتجفف تلك الدمعات التي تهاوت على وجهها لتومأ لها شاهندة في حب وتوجهت نحوها تحتضنها
“ربنا يسعدكوا يا حبيبتي وأتأكدي دايماً إني جنبك مهما حصل ومش عايزاكي تخافي من أي حاجة.. وأي حاجة تحتاجيها اطلبيها مني وعمري ما هتأخر عليكي..”
“فين أهلها
“فين أهلها.. ماجوش ليه عشان ياخدوها.. كده مفيش اتفاق ما بينا وكل حاجة هلغيها..” صاح كريم بعصبية
“نعم يا اخويا!! أنت عايزني أكلم الناس امبارح يجوا النهاردة.. أنت عارف الناس دي مبيسألوش عليها هي وأمها بقالهم كام سنة؟! ده زي ما يكونوا ارتاحوا انها ماتت لما عرفوا..”
“أنت أتأخرت عليا، واهي الزفتة دي اتجوزت النهاردة!!”
“ايه؟!! اتجوزت!!” صاح يُسري في صدمة والغضب يتآكله “أنا ماليش دعوة بيك تاني واعتبر إن كل حاجة ما بينا اتلغت.. وأنا هاعرف اتصرف معاها كويس ما دام أنت مش عارف تتصرف.. وابقى اقعد بقا اتفرج على اللي لهفها منك.. سلـ”
“استنى بس..” أوقفه عن الكلام عندما شعر بأنه سيخسر كل ما خطط له “الكلام اخد وعطا مش كده.. احنا اتفاقنا زي ما هو..” تحدث كريم له بهدوء “واعتبر اتفاقنا زي ما هو وأنا لسه عند كلمتي والاتنين مليون هتاخد فوقيهم بوسة كمان.. بس قولي انت قولت لأهلها ايه؟!”1
“قولتلهم إن بنتهم ماشية على حل شعرها وقاعدة في بيت ناس غريبة”
“حلو اوي.. عايزك بقا تزود حاجة بسيطة جداً مش هتاخد منك حاجة..”
“لا لأ الكلام ده مينفعنيش.. ولا ازود ولا انقص وأنا هاجي اخدها واجرجرها من شعرها واجوزها للي يدفع أكتر منك.. وحتة عملية هبلة تحل كل مشاكلي وترجعها صاغ سليم بدل ما أنا في وجع القلب ده.. انسى بقا اتفاقنا خالص و..”
“طب يا سيدي عشان خاطرك هتلاقي بكرة الصبح خمسمية آلف جنيه في حسابك كعربون محبة بينا واهو حق المكالمات اللي بتكلمها لأهلها وحق المشوار الجاي اللي هتعمله عشان بردو فلوس البنزين” قاطعه كريم في خبث ليرى تريث يُسري “ها قولت ايه؟!”
“عايز تقولهم ايه؟!” صاح يُسري على مضض متسائلا ليبتسم كريم في خبث وآخذ يتحدث ويخبره بخطته القادمة بينما لم يلاحظ تلك الإبتسامة على وجه من يراه ومن استمع لكل مكالمته بل وقد كان على علم بكل ما يفعله من قبل!14
“عايز تقولهم ايه؟!” صاح يُسري على مضض متسائلا ليبتسم كريم في خبث وآخذ يتحدث ويخبره بخطته القادمة بينما لم يلاحظ تلك الإبتسامة على وجه من يراه ومن استمع لكل مكالمته بل وقد كان على علم بكل ما يفعله من قبل!
“خدوا بالكم من بعض يا ولاد ومش هاوصيكم على بعض” صاحت نجوى في حب بعد أن عانقت نورسين ثم توجهت لتقف أمام بدر الدين “أخيراً اتنازلت عن نشفان دماغك ده واتجوزت.. ده أنا كنت فاكرة إني مش هاعيش لغاية ما اليوم ده ييجي” عبثت في شعره وهو يكره تلك الحركة كثيراً وكأنه طفل صغير “مبروك يا حبيبي” ابتسمت له في حب ليومأ لها وأجبر شفتاه على الإبتسام في اقتضاب
“زي ما قولتلك يا نور.. سيبك من بدر ولو احتاجتي اي حاجة قوليلي..” تحدثت شاهندة التي عانقتها هي الأخرى ثم توجهت لبدر “وأنت ابقى والنبي اشركني في قراراتك العجيبة التي بتطلع فجأة كده قبل ما أموت.. مرة من نفسي يعني!!” زفر في ضيق وهز رأسه في إنكار على كلمات أخته له
“بعد إذنك يا أمي..” استأذن والدته وجذب يد نورسين ليغادرا
“اتفضل يا حبيبي.. وابقا طمني عليكو لما توصلوا.. وفكر تيجي تعيش هنا معانا أنت ونور زي ما قولتلكوا..” أطلق زفرة اعتراض وكاد أن يتحدث لتوقفه والدته “بقولك فكر.. يعني ممكن ترفض وممكن توافق.. بطل عصبية بقا يا بدور”
“دايماً بدورتي كده بيتعصب بسرعة” صاحت شاهندة في تحفز لأنها تعلم جيداً كم يكره أن يُناديه أحد بهذا الأسم”
“يوووه يا شاهي.. أنا ماشي.. سلام!!” توجه للخارج مع نورسين التي عاد شعور الفزع لها مرة أخرى وكالعادة خفق قلبها في جنون وهي تُفكر بما ينتظرها بعد قليل
“بترخمي عليه ليه؟!” صاحت نجوى في خفوت
“زي ما رخم عليا ومقاليش.. كان لازم بردو يعرفني انه عايز يتجوزها” عقدت ذراعيها في تحفز مجيبة
“خليكي كده عمالة تفكريني بأيام ما كنتو صغيرين وبتكبريني” حاوطت نجوى كتفيها بذراعها
“يا نوجا ده أنتي جميلة وصغنونة اهو وزي القمر.. أكبرك ايه بس!!”
“مممم.. يا بكاشة أنتي.. بس تعرفي.. أنا فرحانة اوي انهم اتجوزوا.. ربنا يسعدهم ويارب تعوضوا عن كل اللي شافه”
“يارب يا ماما..” همست شاهندة متنهدة ثم توجها سوياً للخارج.
اقترب منها للغاية بعد أن حاوط جسدها بين ذراعاه وبين سيارته التي استندت نورسين بظهرها عليها ونظرت له في وجل وهلع اثر تلك النظرة المخيفة التي بعيناه الثاقبتان وملامحه المريعة التي بالكاد ظهرت بسبب انعكاس ضوء القمر عليها، وابتلعت في ارتباك شديد من أن…
اقترب منها للغاية بعد أن حاوط جسدها بين ذراعاه وبين سيارته التي استندت نورسين بظهرها عليها ونظرت له في وجل وهلع اثر تلك النظرة المخيفة التي بعيناه الثاقبتان وملامحه المريعة التي بالكاد ظهرت بسبب انعكاس ضوء القمر عليها، وابتلعت في ارتباك شديد من أنفاسه الساخنة التي انهالت على وجهها لتنظر له بتلك الزرقاوتان المرتعتدان.
“اوعي تفكري إن كل الـ Show (عرض) اللي حصل النهاردة ده إن فيه حاجة اتغيرت وإنك زي ما قدرتي تمثلي عليهم وتخدعيهم هتعرفي تعملي كده معايا!! انسي!! أنت لسه معرفتيش مين بدر الدين الخولي!! هاتي..” امتدت يده لذلك الصندوق بيدها التي أعطته لها نجوى لتفزع هي
“والله أنا كنت بنفذ اللي قولتلي عليه.. أنا مكنتش بكـ..”
“أخرسي!! مش عايز اسمعلك صوت!” قاطعها بينما تحدث بين أسنانه المطبقة “وهاتي دي كمان!” همس لها في كراهية وامتدت يده ليحاول أن يخلع من إصبعها دبلة والدته التي أعطتها لها ولكن وكأنها التصقت بإصبعها للأبد!
“آآه.. براحة” تآلمت وهو يحاول بعنف أن ينزع تلك الدبلة من حول اصبعها وآخذ يضغط كثيراً عليها وهو يحاول أن يخرجها من اصبعها بأي طريقة ولكن لم يستطع وحاول مرة أخرى حتى جُرحت وانسابت الدماء بين يديهما لينظر لها في تقزز شديد واحتقار لاذع ثم جفف يده بملابسها ليبعد تلك الدماء عن يده..5
“قدامي يا بت” أماء لها للسيارة بعد أن ابتعد عنها لتهرع هي للداخل في رعب مما يفعله وآخذت تلف إصبعها الذي آلمها بأحدى المحارم الورقية بينما تعجبت له وهو يتناول احدى زجاجات المياة من سيارته في سرعة مبالغ بها وكأنما لامس أقذر شيء بحياته وسكبها بالكامل على يده التي لامست دمائها وبعدها أخرج زجاجة عطره ليضع منها على يداه بل وبالغ فى وضع العطر حتى امتلئت السيارة بأكملها برائحته لينظر لها نظرة اشمئزاز شديدة امتزجت بالغضب والكراهية الخالصة وكأن دمائها تلك أخبث ما أضطر لملامسته ثم شرع في القيادة مسرعاً لتشعر هي بالمزيد من الخوف منه وهي لا تعلم ما الذي سيفعله معها الآن.
قصة ظلام البدر +21 كاملة بقلم بتول
البارت التاسع عشر

دلف منزله ثم تفقد بهو الفيلا فلم يلاحظ أن الكاميرات ظاهرة الأعين ليبتسم بداخله على ما فعله وتوجه نحو غرفته مُصيحاً “اقلعي وطبقي هدومك واستنيني قدام بابي زي الكلبة وأنتي ماسكة الهدوم بإيديكي الاتنين” نظرت للطريق الذي ذهب به وزرقاوتاها لا تكف عن متابعته حتى اختفى تماماً.3
تفقدت المنزل حولها لتجد كل شيء يبرق كالماس، كل شيء مُرتب بعناية، لربما لديه ذلك الوسواس القهري بالمظافة.. تذكرت عندما تناولا الطعام بمكتبه وكم كان منظماً بشدة وعندما وقع على قميصه الكاتشب تركه تماماً واستبدله بآخر نظيف.. وعندما لمس دمائها آخذ ينظف يداه كمن لامسه أقذر الأوساخ!! ماذا به هذا الرجل ليفعل كل ذلك؟!2
توجهت لتفعل ما آمرها به وهي تتجرع بداخلها الذل والإهانة البالغتان وهي لا تدري إلي متى سيفعل بها ذلك؟ لماذا يُعذبها بتلك الطريقة؟ إهانات مستمرة وصفعات لا نهائية وغضب دائم!!
تنهدت وهي تطوي ملابسها بعناية ثم أنتظرت أمام الغرفة التي عرفت أنها له وأنتظرت وي تُعيد كل ما حدث بينها وبين الجميع من محادثات ومواقف لا نهائية..
لف حول خصره منشفة قصيرة ثم توجه ليدلف غرفته وهو يجفف شعره الفحمي الذي قد نما ليدرك أنه عليه أن يُقصره قريباً ولعن داخل نفسه فتلك الفتاة قد استحوذت على وقته بالكامل وجعلته يغرق بدوامة لا يعرف كيف ينجو منها!
“أما نشوف وراكي ايه” تمتم متحدثاً وهو يتفقد بريده الإلكتروني ليجد أنه قد وصله منذ ساعة بعض المُرفقات ليجد أنها تسجيلات مكالمات كريم الهاتفية..
ابتلع لعابه وهو يشعر بالتردد ولكنه طرد هذا الفكر بعيداً عن عقله تماماً ثم كبس بإصبعه ليستمع للمُرفقات التي لم تكن كثيرة على رقمه الذي لم يعرفه بالسابق ليندهش للغاية مما يسمعه..
“اسمع.. نور كانت مع بدر ومكانوش مسافرين وكان بيحسس عليها قدامي في العربية.. ”
“نعم يا اخويا؟ دي اللي أنت عايز تتجوزها؟ جاي تقولي أنا الكلام ده.. أنا ماليش دعوة.. اتفاقنا زي ما هو.. انا سبتهالك وقولتلي لما تتجوزها هتديني ٢ مليون جنيه.. لو هو بقا لهفها منك فـ دي مش مشكلتي.. أنا ماسك نفسي عشان ماجيش اخدها واجرجرها من شعرها بالعافية. اتفاقنا زي ما هو”2
“اكيد اتفاقنا زي ما هو.. واكيد أنا هاعرف اجيبها.. بس محتاج مساعدتك..”
“لا أنا مليش دعوة بـ.. ”
“متقلقش.. حاجة بسيطة اوي بس هتساعدنا احنا الاتنين، قولي تعرف حد من أهل أبوها؟” قاطع كريم يُسري
” آه أعرف بس هما مكانوش قابلينها هي وامها من زمان!”
“حلو اوي.. أنا بقا هقولك هتعمل ايه معاهم!.. كلمهم وعرفهم إن من ساعة ما أمها ماتت وهي رايحة تعيش في بيت ناس غريبة وفيه شابين مش متجوزيين وبتلف على حل شعرها مع واحد فيهم وهتجبلهم العار، أكيد بقا لو عندهم ذرة رجولة هيتحركوا!!”
“يا ابن الكاالب!!” تمتم بدر في غضب “للدرجادي عايز تتجوزها.. رايح تتفق مع الكلب التاني ده.. ده أنت وقعتك سودا معايا” تحدث في غضب لنفسه ثم تفقد المُرفق الثاني ليستمع لآخر مكالمة بينهما
“فين أهلها.. ماجوش ليه عشان ياخدوها.. كده مفيش اتفاق ما بينا وكل حاجة هلغيها..” صاح كريم بعصبية2
“نعم يا اخويا!! أنت عايزني أكلم الناس امبارح يجوا النهاردة.. أنت عارف الناس دي مبيسألوش عليها هي وأمها بقالهم كام سنة؟! ده زي ما يكونوا ارتاحوا انها ماتت لما عرفوا..”
“أنت أتأخرت عليا، واهي الزفتة دي اتجوزت النهاردة!!”
“ايه؟!! اتجوزت!!” صاح يُسري في صدمة والغضب يتآكله “أنا ماليش دعوة بيك تاني واعتبر إن كل حاجة ما بينا اتلغت.. وأنا هاعرف اتصرف معاها كويس ما دام أنت مش عارف تتصرف.. وابقى اقعد بقا اتفرج على اللي لهفها منك.. سلـ”
“استنى بس..” أوقفه عن الكلام عندما شعر بأنه سيخسر كل ما خطط له “الكلام اخد وعطا مش كده.. احنا اتفاقنا زي ما هو..” تحدث كريم له بهدوء “واعتبر اتفاقنا زي ما هو وأنا لسه عند كلمتي والاتنين مليون هتاخد فوقيهم بوسة كمان.. بس قولي انت قولت لأهلها ايه؟!”
“قولتلهم إن بنتهم ماشية على حل شعرها وقاعدة في بيت ناس غريبة”
“حلو اوي.. عايزك بقا تزود حاجة بسيطة جداً مش هتاخد منك حاجة..”
“لا لأ الكلام ده مينفعنيش.. ولا ازود ولا انقص وأنا هاجي اخدها واجرجرها من شعرها واجوزها للي يدفع أكتر منك.. وحتة عملية هبلة تحل كل مشاكلي وترجعها صاغ سليم بدل ما أنا في وجع القلب ده.. انسى بقا اتفاقنا خالص و..”
“طب يا سيدي عشان خاطرك هتلاقي بكرة الصبح خمسمية آلف جنيه في حسابك كعربون محبة بينا واهو حق المكالمات اللي بتكلمها لأهلها وحق المشوار الجاي اللي هتعمله عشان بردو فلوس البنزين” قاطعه كريم في خبث ليرى تريث يُسري “ها قولت ايه؟!”
“عايز تقولهم ايه؟!” صاح يُسري على مضض متسائلا ليبتسم كريم في خبث
“أبداً، هتزود حتة صغيرة أوي.. هتقولهم إن بدر الدين بيستر عليها بعد ما نامت مع أخوه.. لغاية ما تولد وهيرميها بعد ما ياخد منها ابنه”
“بس كده ممكن ميجوش خالص..” صاح يُسري في قلق
“مش أنت قولت صعايدة وبيتجوزوا من بعض.. أبسط ما فيها هيبقوا عايزين يغسلوا عارهم ويموتوها وساعتها أنا هتصدر وهتجوزها.. وكل حاجة هتمشي زي ما اتفاقنا..”
“ولو كلامك ده محصلش..”
“هتبقى طلعت بنص المبلغ.. بس أهم حاجة أشوف أهلها وهم عندها وبيتخانقوا مع بدر” تنهد كريم براحة وهو يتصور ذلك المشهد يحدث أمام عيناه
“بس لأ.. مش هقدر أقولهم كده بعديها بيوم.. لازم أصبر شوية وبعدين ابقا اروحلهم عشان يصدقوا”
“ماشي يا سيدي.. شوية قد ايه؟!”
“لو معملوش حاجة لشهر كده ولا شهر ونص هبقا اروحلهم”
“وأنا هستنا الشهر ولا الشهر ونص!!”
“ما أنا لو كلمتهم كده بسرعة هيعرفوا إن ليا حد من جوا بيعرفني كل اللي بيحصل..”
“طيب ماشي..” زفر كريم بضيق “اما نشوف”
“لا أنا اللي لما ابقى اشوف الخمسمية آلف بكرة ساعتها هنقدر ناخد وندي مع بعض..”
“تمام، اقصاها على نص اليوم هيكونوا عندك..”
“يا ابن ميتين الكلب.. ده أنا هابهدلك بهدلة.. افوقلك بس بعد ما اخلص من الوسخة التانية” تمتم متحدثاً ثم أجرى اتصالاً هاتفي 7
“يسري راتب.. تجبلي كل مكالماته وتراقبهولي وكل حاجة توصلني بالحرف..” وصد مكالمته في غلٍ شديد ليفكر بكل ما سمعه.
ألهذا الحد يستميت ليتزوجها؟! يا تُرى ماذا أخبرته ليفعل كل ذلك؟ ومتى أخبرته وهو معه هاتفها ولم يغادرها منذ أن رآهما معاً؟ وبماذا قصد زوج والدتها عندما قال “حتة عملية هبلة تحل كل مشاكلي وترجعها صاغ سليم بدل ما أنا في وجع القلب ده” أحقاً هي ليست عذراء؟ أحقاً عاشرها كريم؟ أنسى زوجته وأولاده ليركض خلف فتاة لم تُكمل عامها الواحد وعشرون بعد؟ 7
وتلك المخادعة البارعة التي قد تتلقى جائزة نوبل وتتصدر جينيس في الكذب، ألهذا الحد هي ممثلة محترفة استطاعت أن تخدع الجميع ببرائتها وجعلتهم يصدقون كل ما تفوهت به بتلك السهولة؟ لقد وصفت تماماً ما حدث عندما لامس يديها وشعر به ولكن كيف لها أن تترجم ذلك الشعور بمنتهى السلاسة كما شرحته هي لشاهندة أخته؟ كيف لها أن تتصنع الكذب بتلك الإحترافية عندما صدت زياد وأخبرته أنه مجرد صديق لها وهي من كانت تخطط حتى تحصل عليه وما إن وجدت كريم فرت لمن هو أكثر منه مالاً وذكاءاً ومركزاً؟3
هي أفعى.. تلتف حول فريستها بكل إتقان وتمكن دون أن يشعر بها لتلدغه ويخر هاوياً بفعل سُمها الذي يستحيل لأحد أن يُشفى منه، لقد وقع لها أمه، أخته، زوج أخته، أخيه، وبعد كل هذا لا يستطيع أن يُثبت عليها كل ذلك الخداع والكذب.
إذا فكر بيوم ما أن يواجه كريم بما فعله فلديه مكالماته، لديه إثبات أنه خائن ولكن ماذا عنها هي وهو لا يملك أي دليل ضدها وقد يظن الجميع بعد ذرف دموع التماسيح خاصتها أنها صادقة وأن كريم هو من تعرض لها وليس لها بالأمر يداً.3
ولكن سيكتشف.. سيكتشف كل مكائدها الماكرة، يعرف جيداً كيف يتعامل معها، وحتى ولو لم تعترف سيطوعها، سيخضع ذلك اللسان المراوغ على الإعتراف بكل شيء..
ود لو قطع ذلك اللسان إلي الأبد حتى لا يستمع لصوتها ثانية، ود لو اقتلع تلك العينتان اللعينتان اللتان تجبرا الجميع على الخضوع التام لها، هكذا وبمنتهى السهولة تفعلها وتمكر بالجميع ولكن هو فلا!!5
لن ينخدع بالبراءة الزائفة والزرقاوتان المُغريتان، لن يقع أسيراً لها ولا لذلك الكلام الذي تستعطف به الجميع، لا جسدها ولا رقتها ولا ذلك اليُتم الذي تلجأ له بين الحين والآخر سيجبرونه على الإشفاق عليها..5
سيعلمها ماذا يعني أن تعبث معه، مع عائلته، سيعيد برمجة ذلك العقل، سيريها ماذا يعني أن تقع في ظلامه إلي أن ينتهكها روحاً وعقلاً.. لم ترى ظلام بدر الدين بعد..6
أرتدى بنطاله الجينز الأسود ثم أخرج من احدى الأدراج عصابة للعينان ووضعها بجيبه الخلفي ثم أمسك بعصا رفيعة للغاية من الخشب الخالص ثم توجه ليوصد الأنوار وبعدها فتح الباب لتفاجأ هي بالظلام لم ترى سوى يداه التي امتدت لتجذب شعرها لتحبو هي مجبرة تابعة اياه في ظلام حالك لا تعرف متى ينتهي.
لم تعد تراه ولا تشعر أين هو، لا تعرف هل توقف عن آخذ الخطوات أم لا زال يتجول حولها، صوت أنفاسها المتهدجة المرتعدة لم تعد تسمع غيرها، ماذا يريد أن يفعل بها الآن؟
أتناديه أم سيغضب؟ سيجلدها ثانية أم سيصفعها؟ لماذا هذه المرة لا تراه؟ أهي حقاً تشعر أفضل لأنها لا ترى قتامة عيناه الثاقبتان، أم أن الحُلكَة التي هي بها أفضل؟
لم تكن يوماً بمثل هذا الموقف.. لم تكن هي تلك الفتاة التي تعشق الظلام أبداً بل كانت تكرهه، لم يدري أنها نورسين، اسمها يعني نور القمر، كانت دائماً تلك التي تضيء حول الجميع بإبتسامتها، لقد وقع الجميع لها، ولكن ذلك الظلام التي هي به ليس لها، لا تستحقه، لا يناسبها تماماً، لم يكن لها يداً حتى تعذب هكذا وبتلك الطريقة.. ألا ترى مُهلكك في ظلامٍ دامس أشد العقوبات التي قد تقع لك يوماً..
لقد تركها لعقلها في ذلك الظلام عله تُجن، علها تبكي أو تصرخ، يريدها أن تُناديه حتى يبدأ عذابه، يريدها أن تبكي حتى يشمئز من صوتها ويعاقبها على فعلتها، يريدها أن تفعل أي شيء ولكن بلا جدوى.
ماذا يحدث له؟ أبدر الدين فقد صبره؟ أفقد قوة تحكمه بأعصابه من تلك الفتاة المخادعة؟ ألهذا الحد يريد لساديته الضارية أن تنعكس على شكل دموع وصرخات ويريد أن يُخرجها معها وعليها؟!
هو فقط لن يشعر باللذة أو المتعة لما يريد أن يفعله، هو يعاقبها، نعم يعاقب تلك التي نبثت سمومها بعائلة مُحبة هادئة ولسوء حظها كان هو المسئول عن تلك العائلة..
بمنتهى السلاسة أقترب منها في الظلام الذي اجتمع فيه بكل نساءه المُشوهات على يده ليهمس بأذنها بنبرة مخيفة قد يرتعد لها الرجال “نمتي معاه كام مرة؟!”
لم تدري من أين آتى صوته، هو بالتأكيد خلفها طالما همس بأذنها، ارتجفت وسرت القشعريرة بجسدها لتلتف وآخذت تستشعر بيدها اي شيء ولكنها لا تلامس غير ذلك النسيج المُحاك، ودت فقط لو لمست قدماه في تلك الظُلمة ولكن لم تستطيع أن تجده..
“محصلش.. ولا مرة” همست بأنفاس متقطعة وانعكس الخوف على نبرتها المُهتزة وآخذت تتحسس المزيد من الأرضية وبدأ الفزع في التملك منها بالكامل
“كدابة” همس لها مجدداً لتجهش هي بالبكاء لا تدري لماذا؟ هل لخوفها من وجودها معه بتلك الظلمة أم لإتهامها الباطل بتلك الفجيعة التي لا ينفك عن توجيهها لها.. “هشششش.. مش عايز اسمعلك نفس” شعرت بأنفاسه الساخنة وبعدها شعرت بالفراغ مجدداً بعد أن همس بأذنها لتجلس بتلقائية على ركبتيها وهي تحاول أن تكتم أنفاسها وبكائها الذي تحول لشهقات لا نهائية ارتجف لها جسدها بالكامل.
سمعت صوت غريب فجأة يلوح بالهواء لتُفزع من ذلك الصوت وفجأة شعرت بيدها تؤلمها من قوة وصلابة العصاة لتصرخ في الظلام وأجهشت بالبكاء لتستمع لصوته الرخيم ولكن دون همس “ايدك على الأرض يا كلبة”
أنزلت يدها مثلما كانت بمنتهى القهر وهي تبكي وتشعر بالفزع من كل ما يحدث معها ولو سمعها أعتى العتاة وهي تبكي بتلك الطريقة التي كادت أن تُقتلها لأشفق عليها ولكن ليس بدر الدين من سيفعلها!!2
وضع حول عيناها عصابة العينان ليزداد الوجل بداخلها وخفقات قلبها تزايدت بشدة حتى كاد أن يتوقف وعقلها لا يتوقف عن السؤال، يا تُرى ماذا سيفعل بها؟
ذهب ليضيء احدى المصابيح الصغيرة بجانب سريره ولمح سكين الجيش السويسري الذي لا يدري لماذا لا ينفك أن يجمع منها أشكالاً وألواناً فحملها ثم توجه ليجذبها من شعرها لتحبو هي مُجبرة حتى توقف بها أمام الأريكة التي جلس هو عليها وآخذ ينظر لتلك الشفتان اللاتي دائماً تنطق بالكذب!!
لا، لن يشعر بالإثارة من تلك الكرزيتان، لن يتذكر تلك الإبتسامة التي تتفارق بهما شفتاها لتكشف عن أسنانها ناصعة البياض، لن تخدعه بتلك الرعشة التي ترتعش بها تلك الشفاة التي تُجبر الزاهد على تقبليها، هي أمامه وهو يملكها الآن لفعل كلما أراده ولكنه لن يتأثر بكل هذا!3
“نمتي معاه كام مرة؟!” سألها بهدوء وهو يفتح تلك السكين ويختار منها الشفرة الحادة التي لطالما مكث ساعات ليجعلها حادة بمثل تلك الطريقة ليرى إماءتها بالنفي1
“ولا مرة واللـ.. آآآه” شعرت وكأنما سكين تشق شفتها السفلى لتبكي بمرار على كل ما يحدث لها على يده 5
“كام مرة؟” أعاد سؤاله لتبكي مجدداً بحرقة على ما يفعل بها
“عمري ما نمت معاااااه” صرخت وهي تشعر مجدداً بنفس الآلم ولكن بمكان مختلف للجرح الأول
“لآخر مرة هسألك.. عشان معايا الدليل.. نمتي معاه كام مرة؟!” لتتعالى شهقاتها وعصابة العينان التي وضعت على عيناها كادت أن تقطر دموعاً
“أرجوك صدقني.. عمري ما…آآآه..” صرخت مرة أخرى بعد أن فاجئها بجرح آخر في شفتاها لينهض تاركاً اياها تبكي وجسدها يهتز وآخذ يطهر السكين ثم وضعها مكانها وأحضر احدى سجائره وقداحه ثم عاد ليجلس أمامها وهو يشاهدها في استمتاع..6
تلك الدماء التي تقطر من الشفتان المخادعتان التي يظن الجميع أنهما تقطران عسلاً وليس سُماً مميتاً كما هي الحقيقة..4
ابتسم ابتسامة رضاء وهو يرى جسدها يهتز اثر بكاءها الشديد وانسياب الدماء على ذقنها جعل عيناه تلمعان بشدة، هي تتآلم، مثلما فعلت به، كما تآلم هو لظنه بأنه قد يفقد عائلته ولكن لقد ربح وخسرت هي!!
انتقلت عيناه بسائر جسدها المهتز ليشرد بهذان الثدييان الذي لم يرى مثلهما من قبل وتلك الحلمتان اللتان لم يرى في لونهما من قبل ولم يتمنى بشدة في حياته أن يتلمس نهد إمرأة كما يتمنى الآن!!
طرد هذا التفكير من رأسه وأعاد نظره لقطرات الدماء التي تساقطت على ذقنها وامتزجت بدموعها التي تهاوت دون توقف ليبتسم نصف ابتسامة خبيثة والقى سيجارته بالمنفضة ثم توجه نحوها مُخرجاً احدى المحارم من جيبه ثم جفف به شفاهها وجذبها من شعرها يرفعها للأعلى حتى أُجبرت أن تجلس على ركبتيها لتشعر بأنفاسه المُحملة برائحة دخانه قريبة منها للغاية.
أقترب بشدة منها ثم توقف أمام شفتيها ليآخذ شفتها السفلى بين أسنانه فقط ليذيقها المزيد من العقوبة وكادت هي أن تبتعد خوفاً وآلماً ولكن استطاع أن يُثبت رأسها جيداً بين يداه القويتان.
افترس تلك الشفاة بأسنانه وهي تصرخ بين شفتاه ولم تعد تحتمل كل ما يفعله بها، تريد أن تبتعد عنه بأي طريقة، ليلقيها بالشوارع حتى سيكن أهون مما يفعله بها، لقد شعر بدموعها تلامس كفاه ولكن لم يكترث لأي من آلامها.. هو المهيمن عليها، ستتعلم هذا عاجلاً أم آجلاً.. أحقاً يظن ذلك؟! لقد كان حُلماً جميلاً تبدد برياح يوم عاصف..
لم يدري بنفسه وهو يوصد عيناه ويستنشق تلك الرائحة التي آتت من بستان ورود قد خُلق منذ زمان بعيد وكان من حسن حظه أن يتلذذ بتلك الرائحة العطرة..
هو يكره الدماء، يتقزز منها، ولكن مذاق شفتاها الممتزج بتلك الدماء سلباه القدرة على أن يُكمل افتراسه لتلك الشفتان، لقد نسى ما يفعل، لقد نسى من هي، لقد نسى ما فعلت، لقد نسى أنه يعذبها، وتذكر أنه سيعذب نفسه إن لم يرتوي من رحيق تلك الكرزيتان لينضم لسانه فجأة وآخذت تلك القُبلة المفترسة لوناً آخر..
لا يدري كيف مر لسانه على تلك الدماء، ولا يعرف متى سمح لنفسه بفعلها، ذلك الشعور الذي يشعر به كلما لمس لسانها وتراقص معه لسانه يذهب به لعنان السماء..
عمّق من قُبلته أكثر، جذبها نحوه أكثر، يستنشق عبير ورودها وكأنه لآخر مرة يتنفس، أقبلة ما قبل الموت تلك أم ماذا يحدث له؟ لماذا لا يستطيع أن يُنهي تلك القبلة؟ لماذا عيناه موصدتان؟ لماذا لم يجد تلك الرغبة الجامحة بداخله من قبل ليقبل إمرأة سوى تلك الفتاة؟ لما اجتمعت كل إرادته في أن يُقربها نحوه في عنف بيداه ليزيد من تلثيمه لتلك الشفاة المجروحة؟ أين ذهب بدر الدين؟ ماذا يحدث له؟ فليستيقظ.. قُم وانظر لمن أمامك.. هي تلك المخادعة التي تخدع الجميع، من أوقعت كل من قابلته ببراثن كذبها.. تحكم بنفسك أيها اللعين!! ما الذي تفعله معها؟ صرخ عقله ليدفعها فجأة لتسقط أرضاً وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها التي ظنت أنه لن يُعطيها الفرصة لتفعلها..14
“غوري امشي اطلعي برا” همس بأنفس لاهثة وهو لا يعرف ما الذي حدث منذ قليل كالمخمور تماماً ليراها تحاول أن تحبو لتتحسس الطريق لينهض نحوها بغضبٍ ينفجر بعروقه ثم جذبها من شعرها ليلقيها خارج غرفته وهي تصيح متأوههة أسفل يده “اتخمدي ومش عايز أشوف وشك للصبح!” صرخ بها وهو يحاول أن يُسيطر على أنفاسه التي لا يدري أكانت بسبب غضبه أم من تأثير تلك الكرزيتان عليه!
قصة ظلام البدر +21 كاملة بقلم بتول
البارت العشرون

“ايه اللي أنا هببته ده؟” تمتم بغيظ متسائلاً وهو يتذكر تلك القبلة التي جمعتهما، كل ما اراده هو أن يؤلمها ولكن في حقيقة الأمر قد سبب الآلم لنفسه أكثر منها.4
أسيترك نفسه لتلك المشاعر التي تستحوذ عليه؟ تلك اللمسات التي تجعل خفقات قلبه سريعة، تلك النظرات التي تنظر له بها ويجد نفسه مجبراً ألا يشيح بعيناه بعيداً عنها! وأما ذلك الشعور الذي لا ينفك يتملكه عندما يراها تبكي فهو حتى لا يستطيع وصفه بالكلمات.. أسيقع فريسة خداعها؟ لا، لن يحدث ذلك أبداً.. هو يعرف جيداً كيف يوقف كل هذا! هكذا ظن!
جلس على تلك الأريكة بغرفته ثم أرسل برسالة لأحدى نساءه العاشقات للآلم ربما إذا أخرج كل الغضب الذي بداخله الآن قد يصفى ذهنه قليلاً ليعود بدر الدين الذي يعرفه.4
“هو ليه بيعمل معايا كده؟ ليه مصمم يصدق نفسه ويكدبني؟ أنا هاصبر لغاية امتى على كده؟ سنة من العذاب ده كل يوم! أنا ممكن أموت من كتر الرعب اللي بشوفه كل شوية معاه،” تحدثت لنفسها وتهاوت دموعها في صمت ثم نهضت وهي تحاول أن تجد مرآة في هذا البيت الذي لم ت…
“هو ليه بيعمل معايا كده؟ ليه مصمم يصدق نفسه ويكدبني؟ أنا هاصبر لغاية امتى على كده؟ سنة من العذاب ده كل يوم! أنا ممكن أموت من كتر الرعب اللي بشوفه كل شوية معاه،” تحدثت لنفسها وتهاوت دموعها في صمت ثم نهضت وهي تحاول أن تجد مرآة في هذا البيت الذي لم تتعود عليه بعد.2
نظرت لتلك الجروح على شفتها لتبكي في وهن شديد وهي لا تدري كيف لها أن تجعله يتوقف عن عذابها.
أتعود لمنزلها؟ ذلك البيت الذي تربت وكبرت به؟ ماذا سيفعل يُسري معها؟ هل سيتحرش بها ثانية بعدما فعله معها عندما كانت بالمشفى؟3
ليس تعرف اي أحد آخر سواه، هل حقاً تُفكر في الخروج من جحيم بدر الدين لتدخل بقدمها لجحيم من نوع آخر؟ أهذا كل ما اهتدى إليه عقلها؟
هل تخبر شاهندة؟ وهل ستصدقها بعد كل ما قالته؟ لقد مكثت منذ سويعات تقنعها بكم تُحب أخيها ولذلك تزوجا! ألهذا الحد قد تآكلها رعبها وخوفها منه؟ لقد أصبح يتحكم بكل شيء حتى ما تقول وما تفعل بل وكيف تُفكر أيضاً! إذن ما نهاية كل ذلك؟1
وماذا لو أخبرت شاهندة.. بالطبع هو يمتلك دليل زائف يصدقه وسيصدقه الجميع..
لقد رآت كيف والدته تتحدث عنه وكيف تعتقد أخته أنه رجل جيد وحتى أخيه الصغير يقف كمن لا يملك اي حُجة أمامه.
لماذا لم تعد والدتها معها؟ لماذا تركتها مع كل تلك الذئاب ورحلت؟ لماذا لم تخبرها ما عليها فعله في مثل هذا الموقف؟ بين ليلة وضحاها غادرت.. دون أن تُنبئها.. دون أن تترك لها بضع كلمات لتواسيها، كانت فقط تتمنى لو عناق أخير يجمعهما سوياً حتى يظل معها كذكرى أخيرة تظل متعلقة بها طوال حياتها..5
تهاوت أرضاً وأخذت تبكي وهي متكورة على نفسها، لم تعد تلك الفتاة التي لم تمتلك هموماً مثلما عهدت نفسها، لم تعد لديها غير طموح واحد وهو أن ينتهي ذلك الكابوس الذي تتعايش به، أصبح كل ما يُشغلها هو بعض ملابس لترتديها، أو لربما باب موصد عليها تحتمي به من كل من حولها.2
لماذا لا يدعوها وشأنها؟ لماذا يفعلوا معها كل ذلك؟ هي لم تؤذي أحد، ولم تطمع بشيء على الإطلاق، لماذا كل تلك الإتهامات الباطلة توجه إليها..4
لم تدري أن هناك من يشاهد شقاءها بنظرة الإنتصار تلك حتى لمعت عيناه من الفرحة الشديدة، ذلك القهر والذل اللذان تعايشهما كان بمثابة التنفس بعد اختناق شديد عاش به الفترة الماضية وأخيراً وجد بعض الهواء ليتنفسه..
لم تدري أن ما فعله معها لم يكن شيئاً يُذكر، لم ترى من هو بدر الدين حتى الآن. لم تتغلغل داخله لترى ما يريد فعله حقاً بتلك النساء ليعوض جزءاً صغيراً مما فعلته به والدته وليعوض غياب ليلى بمعاقبة آخريات عندما يريدن المغادرة.
أما فتاة جميلة مُستغلة تريد أن تعبث مع عائلته، لقد جنت على نفسها، لا تدري كيف يراها بعد ولكنه سيعمل الأيام المُقبلة على أن تعرف كيف يراها بل وسيعذبها بشدة بعد أن مثلت له نُسخة جديدة من تلك الفاجرة التي ولدته لحياة الشفاء تلك.3
ترك هاتفه الذي كان يشاهدها به ثم توجه لملاذه الوحيد حتى يُفرغ عن غضبه منها ومن والدته ومن أبيه ومن مغادرة ليلى له.
لم تعد تستطيع التنفس بعد كل تلك الشهقات المتلاحقة وذلك الصداع الذي يُهتك رأسها في عنف.. تريد النوم بشدة ولكن إلي أين تذهب، لقد وصد جميع الغرف سوى غرفته والمكتب. لقد تفقدت جميع الغرف منذ قليل ولكن لم تجد اي منها مفتوحاً.
وما هذا الآلم اللعين الذي تشعر به أسفل معدتها.. هو لم يؤلمها بأي شكل في تلك المنطقة! ولكن؛ هل؟!
“يارب أنا ليه بيحصلي كده” تمتمت وهي تحاول أن تُهدأ من بكائها وابتلعت في مرارة عندما تأكدت مما يحدث لها، لم يكن هذا الوقت المناسب نهائياً لعادتها الشهرية اللعينة التي تؤلمها كل مرة وكأنما تآمر عليها القدر بأن تعاني بلا نهاية.7
ماذا تفعل الآن؟ لا تملك ملابس، لا تملك مُسكناً لتلك الأوجاع، ولا تملك ما تحتاجه النساء عادة في مثل هذه الأوقات.
لقد ترك جميع حقائبها بالسيارة ولكن ما الذي سيفعله بها إن خرجت دون أن تُخبره؟ واللعنة هل أحضرت معها بعض الفوط النسائية؟ بالطبع لا.. لم تفكر بهذا، لأنها وببساطة لم تتوقع أن تواجه كل ذلك حتى بأسوأ كوابيسها!2
توجهت لأحدى الحمامات بفيلته لتستعين بأحدى المحارم الورقية لتجفف تلك الدماء التي تهاوت بلا إنقطاع.. لا تدري ماذا تفعله حقاً.. ليس هناك حلاً آخر سوى مهاتفة شاهندة ولكن كيف وليس هناك اية هواتف بالمنزل ويملك هاتفها معه؟ أحقاً عليها أن تتوسله لمثل هذا الأمر؟
توجهت لغرفته ثم جلست مثلما أخبرها أن تجلس وطرقت على باب غرفته بينما لم يجيبها!
تريثت قليلاً وهي تدعو بداخلها ألا ينفضح أمرها أمامه ثم طرقت مرة ثانية ولكن لم يجيبها مجدداً.
لربما هو نائم، سيستيقظ الآن بأي وقت لتجد تلك الثاقبتان تحدق بها في غضب مخيف، عليها فقط أن تحاول مرة أخرى.
آخذت شهيقاً عميقاً ثم كررت فعلتها ولكن طرقاتها كانت أقوى تلك المرة ثم أقتربت بأذنها لتلامس بها الباب علها تعرف إلي أين ذهب فلم تستمع لأي شيء قد يدل على حركته وكأن الغرفة خالية تماماً.
شعرت بالآلم يزداد ونظرت أسفلها لتجد قطرة دماء انسابت بين ساقيها لتتجمع الدموع بزرقاوتاها لتهرع للحمام مجدداً وهي تغتسل وتجفف نفسها بالمحارم وتحاملت على ذلك الآلم اللعين لتذهب لغرفة مكتبه التي لم تكترث لأي من تفاصيلها وبحثت عن ورقة وقلم لتكتب بها
“أرجوك.. محتاجة حاجة من شاهندة.. خليني أكلمها ضروري” نظرت للورقة ثم هزت رأسها في إنكار، فهو بالطبع لن يقتنع.
كورت الورقة لتُلقيها بصندوق القمامة ثم تناولت أخرى لتكتب مجدداً
“أرجوك.. محتاجة شاهي في حاجة ضروري، مش هاقولها على حاجة، ٣٠ ثانية وهاقفل معاها على طول.. ممكن التليفون؟” نظرت لما كتبته وابتلعت في وجل وتوجهت لغرفته مرة أخرى لتجلس على ركبتيها وطرقت الباب ولكنه لم يجيب.
أدخلت الورقة أسفل الباب وجلست تتظر وتنتظر وذهبت للحمام مرة ثم مرة أخرى لتأتي وتجلس مثلما يريدها دائماً أن تفعل ورغماً عنها شعرت بإزدياد الآلم لتتكور على نفسها واستندت بجانبها أمام الباب وتحسست ذلك الوجع ببطنها لتغرق في النوم دون أن تشعر.
أدخلت الورقة أسفل الباب وجلست تتظر وتنتظر وذهبت للحمام مرة ثم مرة أخرى لتأتي وتجلس مثلما يريدها دائماً أن تفعل ورغماً عنها شعرت بإزدياد الآلم لتتكور على نفسها واستندت بجانبها أمام الباب وتحسست ذلك الوجع ببطنها لتغرق في النوم دون أن تشعر
تنفس في اريحية شديدة وتلك الفتاة تُلملم ملابسها وتهرول لتفر من ذلك العذاب الذي بدا وكأنه لن ينتهي أبداً، لم تكترث للآلام التي توجع بها جسدها ولا الدماء التي انسابت من مؤخرتها وظهرها وكل ما تمنته فقط هو أن تُغادر دون رجعة..1
توجه ليصعد الدرج الذي يصله لغرفته وهو كل ما يُفكر بفعله أن يستحم ويخلد للنوم بعد ذلك اليوم الطويل الذي أنهاه بأفضل الطرق، أو هكذا ظن..
دلف الغرفة وهو يتفقد بقتامة عيناه اللامعتان كل محتوياتها فلربما تلك الفتاة قد عبثت بأشياءه ولكن وجد كل شيء كما هو عدا ورقة بيضاء أمام الباب فتوجه نحوها ليتفقدها ووجد ما بها ليبتسم في سخرية من كل تلك التخيلات التي انهالت على رأسه مما سيفعله معها.
أتظن أنه من السهل أن تطالب بشيء ما؟ أتظن أنه رحيم لتلك الدرجة؟ حسناً هي لم يتثنى لها معرفة بدر الدين بعد.. لن تتحايل تلك الماكرة عليه بأي سبب من الأسباب حتى تستجير بشاهندة!!
فتح الباب وكادت قدماه أن تخطو على جسدها العاري المُلقى على الأرضية ليلاحظها فانخفضت نظرته للأسفل ليجدها نائمة ليبتسم في خبث وانخفض بجسده ليقترب منها يتفقدها ليلاحظ تلك العلامات على شفتيها مما فعله معها منذ ساعات وشحوب وجهها وآثار البكاء البادية عليها ليبتسم في تشفي شديد ويشعر بالرضاء..
ومجدداً تفقدها!! ملامحها بها شيء عجيب يجبره على أن يُحدق بها طويلاً.. تنهد وهو يتخيل للحظة إن لم تكن فتاة جشعة بمثل هذا الإستغلال الذي يجري بعروقها مجرى الدماء لكان كل شيء أختلف.. ماذا بها يجعله مشتتاً ويأجج صراع بداخله هكذا؟ أهذا لأنها تُشابه طريقة والدته في تزييف براءتها أم هذا لشيء بها هي نفسها لم يتوصل إليه بعد؟!
قرب يده منها ليرفع احدى خصلاتها التي تهاوت على وجهها النائم وقد بدت كالملائكة بنظره ليشيح ذلك التفكير بعيداً عن عقله في ثوانٍ ووجد تلك الزرقاوتان خاصتها تحدق به في فزع لتتصلب ملامحه وعقد حاجباه ناظراً لها بمنتهى القسوة..
“أنا.. أنا آسفة.. نمت من غير ما آخد بالي والله.. ما قصدت إني..” تلعقمت وهي تحاول النهوض لتجده يقترب منها بنظرته المُفزعة تلك لتحاول هي الحبو على يديها للخلف “أنا بس محتاجة شاهي تجبلي حاجة.. ثواني وهاقفل معاها” همست في رعب وهي تبتلع من مظهره الذي أخافها للغاية وهو لا ينفك يقترب منها..
“وأنتي فاكرة إن طلباتك مجابة مش كده؟” تحدث بتهكم
“أرجوك خليني أكلمها.. محتاجاها ضروري أنا بس.. كنت محتاجة.. يعني..” تلعثمت خوفاً وخجلاً بآن واحد ولم تستطيع إكمال حديثها ليضحك ساخراً لترتجف لتلك الضحكة وتوقف هو عن الإقتراب منها ليتفحصها بهاتان المعتمتان بينما شعرت هي بالجدار خلفها ثم خفضت نظرها للأرضية حتى لا تقابل عيناه المرعبتان
“هتقوليلها ايه؟” تهكم سائلاً
“هقولها.. إني.. كنت محتاجة حاجة من دولابي.. و..” تقطعت كلماتها وهي لا زالت تنظر للأرضية في وجل وتزايدت خفقات قلبها وهي تشعر بأنفاسه ورائحته الغريبة التي باتت تميزها ليرتجف جسدها لأنامله التي لامست أسفل ذقنها لتتلاقى أعينهما
“يا كدابة يا قذرة..” تحدث بمنتهى الهدوء وهي تشعر بتلك الثاقبتان تتغلغل روحها وتعالت خفقات قلبها مما تفوه به “أنتي فاكرة انك ممكن تستغفليني مش كده؟!” همس ليراها تومأ بالنفي
“والله أبداً أنا فعلاً محتاجة إنها تجيـ..”
“هششش..” قاطع فزعها الواضح ثم تنهد ونهض ليدفعها بقدمه أرضاً في عنف ليتلاقى ظهرها بالأرضية لتجهش بالبكاء في رعب منه ومن تلك الدفعة القوية التي آلمت ظهرها ثم نظر للأسفل وكاد أن يضع قدمه على وجهها ويذيقها وابلاً من الذل والإهانة لتلمح عيناه بعض الحُمرة التي ظهرت بين أعلى فخذيها ليتفقد مساحة أكبر بيناه ليجد قطرة من الدماء قد طُبعت على البساط ليزيد من عقدة حاجباه ويسحق أسنانه في غضب ليقترب منها وأمسك بشعرها في قوة لتصرخ آلماً.. “كنتي هتقوليلها ايه انطقي؟” تحدث بين أسنانه وهي يتأجج غضباً لقربه من ظهورها بريئة حقاً أمام عيناه لأول مرة.
“آآه.. كفاية ضرب أرجوك.. أنا كنت محتجاها تجيبلي هدوم حاجة تانية.. هي هتفهمني.. أرجـ..” تحدثت بين شهقاتها التي انعكست اثراً لكل تلك المهانة
“حاجة ايه انطقي؟” جذب شعرها أكثر لتبدو شهقاتها لا نهائية
“مش هينفع.. هي.. هتعرف.. تجيبلي..” لم تترك تلك الشهقات الفرصة لها لتكمل جملة واحدة لتشعر بإقتلاع شعرها عندما أزاد تلك المرة من جذبه لتصرخ متحدثة “حاجة بنات.. مش هاقدر.. أقولك أكتر من كده” تركها لتنتحب هي ثم نهض مغادراً بعيداً عنها ولم تدري حتى إلي أين ذهب!3
لقد أهانها وعذبها وأرعبها وفعل الكثير والكثير بها لكن لا تدري لماذا تلك المرة كانت الأصعب عليها من بين كل المرات السابقة لتنتحب أكثر في وهن وهي تتمنى أن ينتهي ذلك الكابوس قريباً..
ارتجفت عندما رآت بعض الملابس قد أُلقت أمام عيناها وصوت ارتطامها بالأرضية فزعها ثم لاحظته بعيناها التي ارتفعت لتتفقده فوجدته كما هو بنفس الغضب وبنفس طريقته المعهودة
“قومي” آمرها ففعلت ثم تابعته وهو يسير متوجهاً لأحدى الغرف التي قد فتحها باحدى المفاتيح “كام يوم؟!” سألها باقتضاب وبداخله لا يُصدق أنه يفعل كل ذلك أما هي فلم تفهم ما تقصده وآخذت تُفكر لثوان بينما هو فقد قدرته على الصبر ليلتفت لها لتفزع هي وتتراجع للوراء في خوف “بتجيلك كام يوم؟! انطقي!!” تحدث بغيظ بين أسنانه المُلتحمة وهو يقترب منها بأنفاس لاهثة لتبتلع هي في خوف
“تتتلاتة” تلعثمت مجيبة 4
“التلت ايام مشوفش وشك فيهم” أخبرها بنبرته الساخطة ثم جذبها من ذراعها ليدفعها داخل الغرفة موصداً بابها صافعاً اياه ليزفر في ضيق ثم توجه لهاتفه ليجري مكالمة هاتفية وبعد أن انتهى منا توجه ليحضر أدوات تنظيف لينظف تلك القطرة من الدماء أمام غرفته.
اقترب من الأرض وارتدى قفازات مطاطية ثم بدأ في سكب بعض المنظف على قطرة الدماء وآخذ يحكها في شدة بمنتهى التقزز والآلم في آن واحد..
“مش أنا فهمتك إن البيت ده غير بيت الوسخة اللي كنت عايش معاها”
“يا بابا أنا.. أنا مقصدتش”
“لما تبقى مش محترم ومش عارف تحترم اللي في البيت ده أنا أعلمك الأدب كويس”
“كان غصب عني هي اللي اتكعبلت في رجلي ووقعت” تحدث في انفعال وهو يحاول أن يُظهر براءته أمام أبيه فهو لم يقصد أن يوقع هديل عندما كان بالحديقة صباح اليوم
“تعالى بقا أعملك ازاي توقعها تعورها في ايديها.. وازاي تاني مرة تاخد بالك كويس”
ابتلع بدر الدين في وجل وهو يعرف جيداً أن والده لن يكن متهاوناً معه خاصة بتلك المنضدة التي رُصت عليها أدوات قد حفظ عن ظهر قلب آلامها بعد أن عُذب بها لأيام.. فهذه المرة عقابه له سيكون مليئاً بالدماء..2
“تعالى..” صاح والده وبدر الدين يتقدم نحوه في رعب وهو يتمنى لو يمت الآن.. ذلك الآلم قد أختبره من قبل ولن ينساه أبداً بحياته “مد ايدك ولو اتحركت هموتك” آمره والده ليمد يداه أمامه على المنضدة وهو يقترب بتلك الكُلاَّبَةُ من أظافره ليخلع احداهما ولم يُشفق على صراخ ذلك الفتى الذي لم يتعدى الثالثة عشر بعد!!25
دلفت الحمام وهي تتفقد الغرفة التي رُتبت بعناية وكذلك الحمام الذي طويت به المناشف بنظامية شديدة ورُصت به أدوات الإستحمام وسوائل النظافة بمنتهى المنهجية التي لم تُصدق أنها موجودة حقاً وكأن هناك فريق كامل يعمل على أن يُرتب ذلك المنزل كل ثانية
دلفت الحمام وهي تتفقد الغرفة التي رُتبت بعناية وكذلك الحمام الذي طويت به المناشف بنظامية شديدة ورُصت به أدوات الإستحمام وسوائل النظافة بمنتهى المنهجية التي لم تُصدق أنها موجودة حقاً وكأن هناك فريق كامل يعمل على أن يُرتب ذلك المنزل كل ثانية..
وصدت الباب عليها في خوف وتحركت في خطوات بطيئة نحو المغطس ووقفت لتترك المياة تنساب عليها ثم أجهشت بالبكاء..
تشعر بالخوف والفزع في كل لحظة، تتلاعب الأفكار برأسها مما قد يفعله معها بعد طُرق تلك العذاب التي لا تتوقف ودائماً ما يُفاجئها بالجديد.. كيف ستعيش مع ذلك الوحش لسنة بأكملها، سيقتلها حتماً.. لماذا لا يريد أن يُصدقها؟؟ لماذا يصمم على أنها خدعت الجميع؟ هي لا تريد أموالاً فهي لديها كل شيء و.. !!
امتنعت عن البكاء وهي تُفكر بأموالها!! أليست هي وريثة والدتها الوحيدة؟ أليس لها حق بتلك الشركة التي يديرها يُسري؟ لطالما أخبرتها والدتها عن ودائع قد وضعتها لها بالبنك من ورث أبيها ومن أرباح الشركة، لها الحق في كل ذلك.. 1
ألهذا الحد قد جعلها خائفة وتناست تماماً أنها لا تحتاج لأي شيء من أي أحد، أتخرج الآن وتواجهه وتخبره بأنها تريد المغادرة.. لا بالطبع لن يُصدقها بتلك السهولة.. إذن بأقرب فرصة ستخبر شاهندة بما تريد حتى تساعدها أمام يسري.. ولكن إلي متى ستظل محتجزة بمنزله..2
آخذت تفكر وتفكر وهي لا تدري ما الذي عليها فعله، لم تواجه مثل تلك المواقف.. شاهندة هي الوحيدة من تستطيع مساعدتها.. عليها فقط أن تنتظر أكثر ليس إلا، وعندما تتأكد من أن أموالها ستكون معها ستتركه ولا تريد من أحد أي شيء.. ستعيش بمفردها وستشكر شاهندة على ل ما فعلته معها وستحصل منه على الطلاق..1
وصدت المياة ثم التفت بأحدى المناشف وتوجهت للخارج في نفس الوقت الذي وجدته يفتح الباب بعنف ثم نظر نحوها في كراهية وألقى احدى الأكياس على سريرها لتلمح ما به وتوجه ليغادر.
“شكراً” قالتها بتلقائية شديدة ليلتفت هو نحوها وآخذ خطوات سريعة تجاهها لتعود هي للخلف خوفاً ليختل توازنها عندما لامست ساقها السرير وسقطت عليه بينما هو أقترب منها غير مدركاً ما يفعله حتى اعتلاها مستنداً بأحدى ركبه ولامس الأرضية بساقه الأخرى ونظر لها بكراهية وأنفاسه الساخنة تنهال عليها
“اوعي يا بت تكوني فاكرة إني حنين.. لا يبقا كده انتي غبية.. عايزة تعرفي انا عملت معاكي كل ده ليه مش كده؟” ابتسم في تهكم ثم نظر لها بإحتقار شديد وأكمل “عشان أنا قرفت من منظرك وحتى القرف اللي انتي فيه التلت أيام الجاية مش هيخليني عايزك تعدي حتى من جنبي..” رمقها في تقزز لتتهاوى دموعها مما وقع على مسامعها منه ليشعر بذلك الشعور الذي ينفجر بداخله كلما رآها تبكي وتوجه للخارج مسرعاً صافقاً الباب خلفه ليهتز كتفاها مع صوت الباب بنفس اللحظة.
لماذا كل ذلك العذاب؟ لماذا تتحمله وهي صامته؟ لماذا كل تلك الكراهية؟ أكل ذلك حدث لأنها شكرته على شيء؟! هي أيضاً لم تطالبه بمبرر لما فعله.. لماذا أخبرها تلك الكلمات اللاذعة وأهانها بمثل تلك الطريقة؟ عليها أن تبتعد بأي طريقة.. عليها أن تفكر بأي وسيلة قد تساعدها فهي لن تتحمل هذا الشقاء لأكثر من هذا.2
لقد فر كالهارب تماماً وهو يشعر من تأثير تلك النظرة بعيناها وتلك الدموع التي تفجر بداخله ذلك الشعور الغريب الذي يبدو وكأنه لم يعد يمتلك أدنى سيطرة عليه!
لقد فر كالهارب تماماً وهو يشعر من تأثير تلك النظرة بعيناها وتلك الدموع التي تفجر بداخله ذلك الشعور الغريب الذي يبدو وكأنه لم يعد يمتلك أدنى سيطرة عليه!
ماذا يحدث له؟ أيشفق عليها أم يتعاطف معها؟ تلك المستغلة المخادعة تجعله يلين نحوها! ما تلك اللعنة التي تملكها على الجميع؟ ولماذا تحدث لها منذ قليل من الأصل ليفسر لها ما يفعله؟
تلك الأيام اللعينة الثلاثة ستمر.. نعم هو يتقزز من الدماء ويكره رؤيتها.. هو لم ولن يلين نحوها.. هو فقط نظف تلك الأرضية لأنه يحب كل شيء نظيفاً كما أنه يكره الدماء ليس إلا..
سيعذبها إلى أن تبتعد عن حياتهم جميعاً وسيحمي عائلته بكل ما أوتي من قوة ولن تآخذ تلك الفتاة من تفكيره أكثر من هذا، لن يتأثر بتلك الدموع المخادعة ولا ذلك الوجه الماكر..
هو بدر الدين، الرجل الذي كره النساء وسيظل يكرههن إلي أن يموت.. لن يخاطر بأن يُصدق خداع تلك الأفعى؛ سوى والدته نجوى وأخته شاهندة لا توجد على الأرض إمرأة يستطيع أن يثق بنواياها..
سيجعلها تندم وتركع متوسلة له بأن يدعها وشأنها بعد أن يريها ماذا يعني أن تعبث معه، سيريها تلك الظُلمة بأم عينيها إلى أن تدرك مع من تتعامل..
فقط ثلاثة أيام كي تستعد لما ستواجهه..3
قصة ظلام البدر +21 كاملة بقلم بتول
*****تنويه وتحذير*****
البارت يحتوي على ألفاظ ومشاهد صعبة
أرجوك ألا تكمل إن كنت لا تتقبل المحتوى
البارت الواحد والعشرون

لم يظن أنها ستحتوذ على كل وقته بهذا الشكل، تلك الثلاثة أيام وكأنه ليس لديه شيء لفعله سوي معرفة المزيد عنها وعن يسري وبماذا يتحدث ذلك الحقير الآخر الذي قلما يستخدم هاتفه الذي لا يعرف رقمه أحد؟!
وصد حاسوبه في ضيق بعد أن أنهى بعض الأعمال القليلة ورأسه قد أنهكت من كثرة التفكير، لا يدري ما بها تلك الفتاة.. حتى والدتها قد منعتها من كل أموالها وأوصت بها لزوج والدتها، هذا ما توصل له من معلومات عن يُسري.. ألهذا الحد هي إنسانة مستغلة حتى تحرم ابنتها الوحيدة من ميراثها بل وتتركه لزوجها؟
ولكن لقد أخبرته شاهندة من قبل أن زوج والدتها كان يُجبرها على أن تُوقع على ميراثها وتتنازل له عنه عندما كانت بالمشفى!! كيف يُمكن هذا؟! لابد وأن هناك كذبة ما، لابد وأن هناك شيئاً.. إما زوج والدتها قد زور تلك الأوراق وإما أن شاهندة قد أخبرته بشيء غير الحقيقة.. ولكنه يستبعد هذا لأنه لم يعهد الكذب من شاهندة أبداً..
“اللي اسمه يسري راتب، عايزك تعرفلي ايه قصة الورث اللي اخده من مراته ده في اقرب وقت”
“حاضر يا باشا.. بس خير يعني هو فيه حـ..”
“أنت هتسأل أنت كمان يا روح أمك ولا ايه.. نفذ اللي بقولك عليه وأنت ساكت!” صاح بالطرف الآخر ليقاطعه ثم انهى المكالمة في غيظ وضيق شديدان وآخذ يُفكر مجدداً عله يهتدي للتفسير واضح لكل ما يحدث حوله..
زوج والدتها يبدو مادي للغاية ومن حديثه لكريم قد بدا وكأنه يريد يزوجها لمن يعطي له أموال وعلى هذا كريم الحقير يساومه، تلك الأفعى نبثت سُمها بكريم حتى خدعته بحب زائف لأنها تريد الأموال، فعلت كل هذا بعد موت والدتها عندما علمت بطريقة أو بأخرى أن والدتها لم تترك لها أية أموال، إذن هي لم تستأمنها لأنها تعرف بحقيقة استغلالها جيداً وأن ابنتها تلك الأنانية لا تستحق تلك الأموال.. لابد وأن تلك القذرة قد خططت لكل ذلك عندما أدعت أنها بصدمة شديدة بسبب وفاة والدتها!!15
لابد أنها فعلت شيء ما حتى تقنع شاهندة بتلك الترهات.. وهو يعرف كم أن أخته طيبة وحنونة وستصدق مثل تلك الماكرة التي تستطيع أن تخدع الجميع بمنتهى الإتقان والبراعة!!
هو لن ينتظر أكثر من ذلك على تلك الفتاة، لقد آخذت من وقته أكثر من اللازم، هي لا تريد الإعتراف ولا الإذعان أبداً بما فعلته، هناك شيئاً ما لا يعلمه يجعلها لا تريد الذهاب ليُسري.. سيعرف كل شيء ولكن ربما عليه أن ينتظر قليلاً بعد، سيدعها ترتعب بهدوءه هذا الذي يسبق العاصفة التي ستدمرها بين ليلة وضحاها..1
و مابين ثنايا قلبها .. هو يسكن ، ذكراه تتخبط بين الكره الشديد و الحب الاعمى ..
ضعفه لرؤيتها تقابله…
لو وجدها أمامه بعد كل ذلك التفكير بها والبحث ورائها سيقتلها حتماً، لا لن يفعل هذا الآن.. ربما لاحقاً.. أرسل رسالة لأحدى نساءه ربما يستطيع تفريغ جزء من غضبه عليها..
ماذا به الآن؟ أتوقف عن عذابها لمدة تلك الأيام لأنه حقاً يشعر بالتقزز منها أم يشعر بالشفقة تجاهها؟ هل يعد لعذاب من نوع آخر لها أم أنه قد توقف هكذا فجأة؟ هل عرف الحقيقة؟ ماذا حدث بتلك الأيام؟!
ماذا به الآن؟ أتوقف عن عذابها لمدة تلك الأيام لأنه حقاً يشعر بالتقزز منها أم يشعر بالشفقة تجاهها؟ هل يعد لعذاب من نوع آخر لها أم أنه قد توقف هكذا فجأة؟ هل عرف الحقيقة؟ ماذا حدث بتلك الأيام؟!
تتذكر بتلك الثلاث أيام أنها كلما تذكرت كلماته وفتحت الباب لتذهب لتعد الطعام وجدت أنه قد أحضر لها شيئاً لتتناوله وتركه أمام الباب.. تتذكر أنها ذهبت لغرفته لتستأذنه أن تخرج للحديقة قليلاً فأماء لها بغضب وتركها تفعل ما تريد..
كما أنها تتذكر عندما طرقت بابه وأرادت أن تتحدث لشاهندة وتوسلته أن تُطمئنها عليها فقط وحتى لا ترتاب بإنقطاع اتصالها عنها هكذا فجأة، تركها أيضا تتحدث إليها..
لابد وأنه قد هدأ قليلاً وبدأ أن يشعر أنها لم تفعل شيء، هذا هو الوقت التي تستطيع أن تخبره بكل شيء حدث لها، لربما تلك المرة سيُصدقها وسيدعها تذهب وشأنها، ستقسم له أنها لا تريد أي شيء من عائلته وستفعل كل ما يريد فقط حتى تحصل على إرثها من والدتها وستبتعد عنه هو وعائلته تماماً.
تمنت بداخلها أن يستمع لها تلك المرة وآخذت شهيقاً عميقاً ثم أطلقته زافرة واستجمعت كل ما امتلكت من شجاعة وتوجهت لغرفته حتى تحاول معه مرة أخرى وظلت تدعوا ألا يكون غاضباً هذه المرة..
تنهدت ثم طرقت بابه وتريثت لثوان ولكنها لم تجد إجابة فكررت فعلتها وانتظرت مجدداً ولكنه لم يجيب فاقتربت لتستمع أي حركة في الغرفة فلم تستمع لأي شيء فتعجبت لماذا أحياناً يجيبها مسرعاً وعندما تريد شيء ضروري لطالما لم تجده بغرفته..
“يمكن في أوضة مكتبه..” تمتمت لنفسها ثم توجهت لتتفقد الغرفة ولكنه لم يكن متواجداً بها لتتعجب فذهبت مجدداً لغرفته وطرقت الباب بشدة لعله نائم ولا يستطيع سماعها ولكن بلا جدوى!!
دعت بداخلها ألا يغضب مما ستفعله الآن وامتدت يدها بإرتجافه لتفتح باب الغرفة في هدوء وحرص شديدان وخطت بمنتهى السكون وكانت حذرة ألا تفعل صوتاً لتبدأ بالدخول للغرفة ولكنها لم تجده..
سريره يبدو كما هو.. كل شيء مرتب ولا يدل على وجوده، أتلك هي ليلى زوجته التي قد توفيت.. أقتربت من الصورة الموضوعة بإطار بالقرب من السرير على المنضدة الصغيره بجانبه لتحدق بها وشعرت بالآسى للحظة، لقد بدت جميلة للغاية وضحكتها رائعة، لابد وأنها عانت مع شخص مثله..
فكرت لبرهة ثم لاحظت أن دولاب ملابسه العملاق احدى درفه لم تكن موصدة بعناية “أكيد خرج!” صاحت لنفسها ثم توجهت نحو الدولاب لتوصده فربما قد يظن أنها هي من فعلتها وسيغضب مجدداً..1
أقتربت لتوصد الدرفة ولكنها فجأة سمعت صوت صراخ أنثوي لتتعجب ووقفت مكانها لحظة وهي تحاول معرفة من أين يأتي هذا الصوت.. تريثت لتستمع لنفس الصوت مجدداً فشعرت بالخوف والإرتباك بآن واحد.. أحست أن ذلك الصوت يأتي من داخل الدولاب نفسه.. هي لم تتخيل ذلك.. هذا هو اتجاه الصوت..
فتحت الدرفة التي كانت خالية تماماً ولم يوضع بها أي شيء لا ملابس ولا مناشف ولا حتى بعض الأرفف لتتعجب لماذا هي فارغة من الأعلى إلي الأسفل تماماً.. هذا هو الصوت مجدداً، نعم يأتي من ذلك الحائط خلف تلك الدرفة، دلفتها بحذر وازدادت أنفاسها في خوف وأستندت بأذنها لتحاول سماع ذلك الصراخ مجدداً، لربما هناك أحد يحتاج مساعدة ما..4
وضعت يدها على ذلك الحائط وازادت من ثقل جسدها مستندة به لتجد الحائط يتحرك وأوشكت على السقوط لتستعيد وزن جسدها وأدركت أن هذا مجرد باب يوصل لمكان ما..
استمعت للصرخات بوضوح أكثر بعد أن دلفت في رعب وجسدها يرتجف وابتلعت لعابها لتنظر أسفل قدمها لتجد حوالي مساحة لم تتعدى متراً مربعاً اسمنتي دون أرضية، وبعدها درج يتوجه للأسفل صنع من الأسمنت لتبدو الدرجات غير ممهدة ولكنها لم تتبينه بأكمله من كثرة الظلام التي تواجدت بالمكان..6
تحركت بخطوات حذرة وبطيئة خوفاً من ذلك المكان وأخذت تنزل الدرج بخطوات حذرة للغاية، هناك برودة غريبة تحاوط هذا المكان بالرغم من أنها بمنتصف فصل الصيف.. لا.. ستتوقف، ستعود وكأنها لم تسمع شيئاً.. ولكن هناك أحد يصرخ.. نعم صوت فتاة تصرخ كمن تتعذب أو تطلب المساعدة.. ماذا لو أنها هي الشخص الوحيد الذي يستطيع إنقاذها؟ لن تستطيع التراجع الآن والتخلي عن تلك الفتاة!..8
صاح عقلها لتُكمل طريقها بحذر ورعب في آن واحد لتبدأ رؤيتها في الإنعدام ولم تدري إلي أين هي ذاهبة وإلي أين يمتد هذا الدرج..
“لا أرجوك يا سيدي كفاية.. ابوس ايدك كفاية كده” صاح ذلك الصوت الأنثوي بنحيب شديد لترتجف الدماء بعروق نورسين وتعالت أنفاسها في رعب ولكن صوت الفتاة التي تُعذب يعذبها هي نفسها.. ربما تستطيع مساعدتها..4
توجهت لتصل لآخر درجة بعد أن كانت حذرة للغاية لتطأ بقدمها على أرض غير ممهدة ثم لمحت بصيص نوراً من آخر تلك الغرفة لتجد أن الجدار خلف المصباح قد بُني من الطوب فقط وكأنما لم يكتمل البناء..
“مممم.. وكفاية ليه؟ مش انتي جاية عشان الفلوس اللي هتاخديها؟ لما أخد اللي أنا عايزه هاسيبك تغوري يا روح أمك” هنا تصلبت مكانها وتعالى لهاثها في رعب، هي تعرف صاحب ذلك الصوت، ليس هناك غيره!! بدر الدين!!
“يا سيدي أنا جاية عشان أرضيك و..”
“أخرسي يا وسخة!” قاطعها لتضع نورسين يدها على فمها وشهقت مما استمعت له، ما ذلك الصوت الذي دوى بالهواء.. لماذا تبكي تلك الفتاة بشدة بعدها؟ ماذا يفعل بها؟ أقتربت على وجل شديد وقلبها كاد يُهشم صدرها من كثرة الخوف والخفقات السريعة المتتالية التي اندفعت بداخله وكأنه سيقتلع حتماً من كثرتها ولكنها حقاً تريد إنقاذ تلك الفتاة فماذا يفعل بها؟! “عشان الفلوس جاية تبعيلي جسمك، جاية عشان أنتي مجرد شرمـ*** وبتستغلي جسمك عشان الفلوس” دوى ذلك الصوت وبعدها صوت ارتطام غريب لتصرخ الفتاة
“أيوة.. أيوة عشان الفلوس” صاحت الفتاة ببكاء لتقترب نورسين على حذر وهي ترتجف من الأصوات حتى بدأت الرؤية في الوضوح قليلاً لترى فتاة واقفة ورفعت يداها بشيء للسقف لم تتبينه من شدة الظلام وفجأة لمحت شيء أسود يلمع يرتطم على جسد تلك الفتاة التي كانت عارية تماماً!1
“أيوة كده يا إستغلالية يا وسخة!!” صاح بعد أن كرر جلدها، لربما تلك هي الجلدة الخمسون، أم المائة، لا يدري ولا يكترث، لقد قارب جسدها على نزف الدماء.. هذا كل ما يريده..
أحست نورسين وكأنما قلبها سيغادر قفصها الصدري، شعرت بالفزع، كيف ستساعد تلك الفتاة الآن، وأين هو بدر الدين هي لا تراه نهائياً.1
“لما.. أنتي.. جاية.. عشان.. الفلوس.. ليه.. بتكدبي.. يا قذرة” صاح بها بأنفاس لاهثة وبين كل كلمة والأخرى جلدها بسوطه السوداني الذي قد تركه بالزيت المغلي للكثير من الوقت ولم يقلل من قسوته بل العكس تماماً، في مثل هذا الظلام وهو خلفها لا يرى منها أية ملامح تخيلها والدته بالكامل وآخذ يجلدها بقسوة شديدة وبقوة إلي أن رآى انسلاخ جلد ظهرها لتصرخ الفتاة بشدة 5
“آآآه.. كفاية أرجوك سيبني.. مش عايزة الفلوس.. أبوس ايدك ارحمني وسيبني أمشي” توسلته بين بكائها الشديد وانسابت دمائها على جسدها وخارت قدماها لتشعر الفتاة وكأنما ذراعيها ستتمزقا حتماً فهي لا