تماثيل تجسد شخصيات يونانية وإغريقية تحيطها مساحات شاسعة من النباتات النادرة، منحتها طابعا خاصا في الإسكندرية، صاحبها سلسلة من الأحداث التاريخية شكلت وجدان أهالي المدينة الذين ارتبطوا بها على مدار سنوات طويلة، تلك هي حدائق أنطونيادس الشهيرة أحد أهم معالم عروس البحر المتوسط التي أثير حولها الجدل مؤخرا بعد بدء أعمال تطويرها.
لا أحد يعرف على وجه التحديد متى ظهرت تلك منطقة الحدائق للوجود، إلا أن مؤرخون أرجعوا تاريخها إلى عهد البطالمة، لتعتبر أحد أقدم الحدائق المعروفة في مصر والعالم، ويرصد مصراوي في السطور التالية أبرز معلومات عن حدائق أنطونيادس وقصرها الملكي.
“جنات النعيم” البطلمية
يرجع بعض المؤرخون تاريخ حدائق أنطونيادس إلى العصر البطلمي في مصر باعتبارها كانت تقع ضمن ضاحية إيلوزيس أو ما يعرف بـ”جنات النعيم”، وأن هذه الضاحية عاصرت أحداثًا تاريخية مهمة لملوك البطالمة.
Advertisement
امتلكها ثري يوناني ومحمد علي والخديوي إسماعيل
في بداية القرن التاسع عشر كانت الحدائق ملكا لأحد الأثرياء اليونانين وعرفت آنذاك باسمه “حدائق باستيريه” حتى تملكها محمد علي باشا، وفي عام 1860 أمر الخديوى إسماعيل الفنان الفرنسي”بول ريشار” بإعادة إنشاء الحدائق كنموذج مصغر من حدائق قصر فرساي بباريس التي كان أقام بها أثناء فترة وجوده بفرنسا.
تصميمات من مختلف الثقافات
كانت مساحة الحدائق آنذاك نحو 50 فدانًا ووصلت مساحة الحدائق نتيجة التوسعات إلى نحو 90 فدانا وأضيف عدد كبير من الأشجار والنباتات النادرة إلى الحديقة، فيما امتزجت داخلها تصميمات على طرز ونظم مختلفة تجمع بين العربية والإسلامية واليونانية والفرنسية وغيرها من الثقافات.
أرض البارون أنطونيادس
في عام 1860 انتقلت ملكية القصر والحدائق إلى أحد الأثرياء اليونانين وهو البارون جون أنطونيادس، والذي سميت الحدائق باسمه لاحقًا، وكان من أشهر رجال التجارة في مصر.
وصية الأب لابنه.. إهداء للإسكندرية
ظل جون أنطونيادس نحو ربع قرن مقيما بالقصر، وعندما توفي عام 1895 آلت الحدائق والقصر بالميراث لابنه أنطوني الذي عاش بالقصر فترة وقبل وفاته نفذ وصية والده بإهداء القصر والحدائق إلى بلدية الإسكندرية في عام 1918 ميلادية، لتحمل الحدائق اسم أنطونيادس حتى وقتنا الحالي.
تماثيل أسطورية ومنحوتات من المرمر
يزين حدائق أنطونيادس مجموعة فريدة من التماثيل الرخامية النادرة لشخصيات أسطورية وتاريخية منها تماثيل فينوس وكريستوفر كولومبس وماجلان، بالإضافة إلى تماثيل تمثل الفصول الأربعة وتماثيل أسود مصنوعة من أحجار المرمر.
Advertisement
قصر أنطونيادس.. ذاكرة أحداث تاريخية لفتت أنظار العالم
في قلب منطقة الحدائق التاريخية، يقع قصر أنطونيادس الملكي، الذي كان شاهدا على أحداث تاريخية وسياسية واجتماعية لفتت أنظار العالم في تلك الفترة من شدة أهميتها على المستوى الدولي.
مقر إقامة ملوك العالم.. وشهر عسل شاه إيران وأميرته
استضاف القصر العديد من ملوك وأمراء العالم أثناء فترة إقامتهم بالإسكندرية مثل ملوك بلجيكا وإيطاليا وإسبانيا واليونان وألبانيا، وشهد القصر فترة بداية زواج شاه إيران محمد رضا بهلوي بالأميرة فوزية، حيث أقاما به خلال فترة شهر العسل.
بذور ميلاد جامعة الدول العربية
شهد القصر الاجتماع التحضيري لإنشاء جامعة الدول العربية عام 1944 واختيار مصر مقراً لها، كما بعقد أول اجتماع للجنة غوث اللاجئين، وأول لجنة أوليمبية في مصر.
إشراف الزراعة.. ومشروع مكتبة الإسكندرية
بعد انتقال ملكية الحدائق والقصر للحكومة المصرية، آلت حيازته إلى وزارات الزراعة والري، ثم أشرفت عليه محافظة الإسكندرية، وأشرفت عليه مرة أخرى وزارة الزراعة، وفي عام 2004 منحت الحكومة القصر لمكتبة الإسكندرية، لتحويله إلى مركز ثقافى يضم متحفًا لحضارات البحر المتوسط، إلا أن المشروع لم ير النور حتى الآن.
خطة تطوير أثارت الجدل.. والحكومة توضح الحقائق
ومؤخر سلطت الأضواء على حدائق أنطونيادس وقصرها من جديد إثر حالة من الجدل حول أعمال تطوير وسط مخاوف من تأثر معالم الحديقة التاريخية سلبا وخاصة الأشجار النادرة بالأعمال التي تجرى به.
Advertisement
وعلى إثر ذلك نفت رئاسة مجلس الوزراء ومحافظة الإسكندرية، صحة الأنباء المتداولة عن هدم الحديقة وقطع أشجارها النادرة، مشيرة إلى أن “أنطونيادس” تشهد عملية تطوير شاملة للحفاظ عليها بعد تهالك بعض منشآتها.