3.2
(12)
وقت القراءة المقدر: 4 دقيقة (دقائق)
ـ لن أفعل ما تطلبُه منّي أبدًا!
ـ هل تظنّ أنّني لَم ألاحظ كيف تنظرُ إلى سعاد؟ أنتَ متيّم بها منذ سنوات وتحتفظ بذلك لنفسكَ وفاءً لي.
ـ أنا؟ لا… أنا لا… بتاتًا!
ـ كفى كذبًا يا جميل. اليوم جاءَت الفرصة لتحقّق تلك الأحلام الدفينة التي سكنَت رأسكَ وقلبكَ منذ زمَن. ستكون سعاد لكَ، لكن لفترة زمنيّة محدّدة، أي إلى أن أتعافى، فلقد أقلعتُ عن الشرب.
ـ وماذا تفعل هذه القنينة هنا؟
ـ أعني أقلعتُ تقريبًا عن الشرب. إسمع… سأخسرُ زوجتي إن لم تُساعدني، وسيقع اللوم عليكَ وحدكَ! إنّني أُعطيكَ فرصة العمر! أنتَ مُتيّم بسعاد، وزوجها يأذنُ لكَ بالتعبير عن حبَّكَ لها!
ـ أنتَ مجنون! لقد دمَّرَ المشروب دماغكَ. لو كنتَ عاقلاً، لقتلتَني لمجرّد فكرة اقترابي مِن زوجتكَ. سأنسى أنّنا أجرَينا هذا الحديث.
خَرَجَ جميل مستاءً، لكنّني كنتُ متأكّدًا مِن أنّه سيفكّر بالموضوع، فزوجتي كانت امرأة جميلة وجذّابة وقليلون كانوا الذين لَم يُعجَبوا بها.
مرَّت الأيّام والأسابيع، وزادَ خوفي مِن أن تتركَني زوجتي لتعيش حياة طبيعيّة مع رجل طبيعيّ، وبات الموضوع بمثابة هاجس لا يُفارقُني. هل أخطأتُ الإختيار وكان عليّ اللجوء إلى غير جميل؟ لكن بمَن أثق؟ فلقد تَرَكَني الجميع لحظة خسرتُ ثروتي ولَم يعد أحد يًلقي حتى التحيّة عليّ.
حاولتُ إقناع جميل مِن جديد لكنّه رفَضَ مِن جديد. فغرقتُ أكثر في الإدمان لكثرة تخيّلاتي عن خيانة زوجتي لي، حتى أغميَ عليّ مرّة ولَم يستطع أحد ايقاظي إلا بعدما حملوني إلى المشفى.
عندها، أدركَ جميل أنّ رفضه قد يوصلني إلى الجنون والموت. لِذا وافَقَ أخيرًا على إتمام المهمّة. كان شرطي له الا يُخبرُني بالتفصيل عمّا سيجري مع زوجتي، بل أن يقول لي إن قام بمهامه أم لا. وبعد أسبوع، قال لي جميل: “لقد حصَلَ ما حصَلَ”. وأعترفُ أنّ قلبي ارتاح قليلاً إذ كنتُ سأحافظ على حبيبة قلبي. بالطبع لَم تخطر ببالي مسألة الشرَف والكرامة بعد أن قضى عليّ المشروب.
لكن بعد أيّام قليلة، رحَلَت سعاد وتركَت وراءها رسالة لي تقول:
” لقد خذلتَني إلى أقصى درجة… بعد أن قبِلتُ بوضعكَ مِن دون أن أوجّه لكَ عتابًا أو أطلبُ منكَ شيئًا… وبعد أن فتّشتُ عن عمل وتحمّلتُ أن أتلقّى الأوامر مِن مدير قاسٍ… وبعد أن رأيتُكَ تدمّر نفسكَ بالكحول، مفضّلاً الهروب على مواجهة وضع بإمكانك إصلاحه ولو بعض الشيء بالنهوض والبدء مِن جديد… بقيتُ إلى جانبكَ أحاربُ كلام الناس وتلميحاتهم، وقبلتُ أن تبيع الأملاكَ كلّها ومجوهراتي التي كانت تعني لي الكثير، ليس بسبب قيمتها المادّيّة بل المعنويّة لأنّها تذكّرني بمحطّات جميلة مِن زواجنا. زواجنا الذي غرِقَ في الضياع حين َلم تعد قادرًا على القيام بواجباتكَ الزوجيّة. وكما تعلم لَم أوجّه لكَ ولو ملاحظة جارحة بهذا الشأن.
لكن أن تبعث لي صديقكَ ليُعاشرني، فلا! لقد نزِلتَ إلى مستوى غير مقبول أو معقول. أجل، لقد أخبرَني جميل عن طلبكَ، ليس بدافع الخيانة، بل لنفكّر سويًّا عن حلّ لمصيبتكَ. فالذي يُرسلُ رجلاً لزوجته هو إنسان فقَدَ أبسط القيَم والمبادئ. ووجدتُ أنّ الحلّ الوحيد هو أن أترككَ لتُدرِكَ شيئًا مهمًّا قد نسيتَه لكثرة انشغالكَ بنفسكَ، وهو أنّكَ لست الوحيد الذي أحبَّ بل أنا أيضًا أحبَبتُكَ بالقَدَر نفسه، لا بل أكثر.
أنا راحلة لأنّكَ لم تعد الإنسان القويّ والأبيّ الذي عرفتُه، ولن أعود إلا حين تنظّف قلبكَ وعقلكَ وجسدكَ. لستُ أكيدة مِن مسامحتي لكَ فلقد أسأتَ إليّ كثيرًا، لكنّني سأقرّر ذلك بعد شفائكَ التام. وفي تلك الأثناء، أحتفظُ بالحق بالزواج أو بحبّ آخر، لأنّني فقدتُ ثقتي بكَ فلستُ متأكّدة مِن أنّكَ ستفعل ما يلزم للتحسنّ.”
بعد قراءة رسالة سعاد، أصابَني ذهول كبير واستوعَبتُ الذي أمسيتُ عليه. رحلَت زوجتي، وها أنا قد أقلَعتُ عن الشرب لكنّني لستُ جاهزًا بعد، فقد أغرقُ مِن جديد ويلزمُني وقت إضافيّ قبل أن أحاول استرجاع التي عانَت معي الكثير.
حاورته بولا جهشان
14,071 اجمالى المشاهدات, 2 اليوم
ما مدى فائدة هذا المنشور؟
انقر على نجمة لتقييمه!
متوسط تقييم 3.2 / 5. عدد الأصوات: 12
لا أصوات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.
Article Categories:
قصص طويلة
ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه الروايه لحضراتكم
Pingback: طلبت من صديقي معاشرة زوجتي الجزء الثانى - The Reel Story - قصص وروايات عربية