وقت القراءة المقدر: 8 دقيقة (دقائق)
رواية إنذار بالعشق للكاتبه #مريم_غريب
{ #إنـذار_بالـعشق }
( الجزء الثالث والعشرين )
#البارت التكميلي لأحداث إمبارح ❤
( 23 )
_ تعاويذ ! _
راحا يتبادلان النظرات صامتين … هو بتعبيره الباسم و هي بتعبيرها الشاحب ، لتكون أول من يتكلم بعد ذلك
جاهدت لتحافظ علي توازنها ، كانت تحاذر أن يتشتت إنتباهها بسبب وجهه النبيل رائع الجمال ، كان الأمر شاق حقا خاصة بعد كلامه ….
-إنت جايبني عشان تستهزأ بيا ؟! .. زمجرت “ساره” بغضب ، و أردفت و هي تدفعه في صدره بكلتا يداها :
-إبــعد عـني بقـي و كفايـة كده لـو سمحـت .. ثم أدارت له ظهرها و مضت سريعا
كان مضطرا إلي الجري تقريبا ليلحق بها ، لكنه لم يتردد في هذا … بل لم ينفك يرجوها و يتوسل أمام المارة المحيطين بهما بالخارج :
-من فضلك يا ساره إسمعيني . أنا غرضي شريف و الله .. أرجوكي إديني فرصة . مش طالب منك غير فرصة واحدة !
فإلتفتت و واجهته ثانيةً …
-إنت عايز مني إيه ؟؟ .. هتفت “ساره” متسائلة بإنفعال
رد “عمر” و قد أشرق وجهه بحنان لم تره من قبل :
-عايز فرصة أثبتلك إني مش وحش أوي زي ما إنتي فاكرة . ساره أنا فعلا عايزك . عايز أتجوزك جواز بجد علي سنة الله و رسوله .. إنتي فاهمة أنا بقولك إيه ؟
حدقت فيه بعينين مفتوحتين علي وسعيهما ، كان الإستنكار يملؤها و هي تقول بصوت حاد :
-إنت عايز تتجوزني أنا ؟ طيب و كلامك . نسيته ؟ راحت فين الإتهامات بتاعتك ؟ مش أنا من شوية صغيرين كنت مع أخوك ؟ مش من يوم واحد بس كنت مبسوطة و أنا في حضنه ؟ مش كنت بمثل و دموعي كانت كدب ؟؟!!
ندت عنه تنهيدة و هو يبرر لها بهدوء :
-إنتي لحد دلوقتي مش فاهمة قصدي من كل ده .. أنا كنت بجسك مش أكتر . ساره أنا معجب بيكي من فترة . و كنت بحاول أفسر مشاعري ناحيتك بأكتر من طريقة . لحد إللي حصل بينك و بين زياد .. في حاجة جوايا دفعتني للتصرف ده . فلاقيت نفسي بعمل كده و من ساعتها إتأكدت إني فعلا بحبك
علقت بشحوب :
-بتحبني !!
أومأ قائلا برقة :
-أيوه .. صدقيني أنا عمري ما حسيت الإحساس ده غير لما شوفتك . من أول مرة قابلتك . شدتيني . أومال أنا ليه فضلت معاكي و سيبت جدتي إللي كانت في حالة خطر و جريت بيكي إنتي علي المستشفي ؟ ليه وافقت أشغلك عندنا رغم إنك مش علي المستوي العالي من الكفاءة المطلوبة ؟ ليه إتجننت لما شوفتك مع زياد و مسكته ضربته عشانك ؟ كل الحاجات دي لما فكرت فيها وصلتني لنتيجة واحدة بس .. هي إني بحبك يا ساره و بغير عليكي كمان+
في هذه اللحظة ساد صمت طويل … لم يتخلله سوي زقزقة بعض العصافير المحلقة فوق رأسيهما ، و أصوات هدير محركات السيارات المتجولة و أبواقها المتفاوتة ، و تلك الدراجة النارية التي مرت أمامهما زاعقة بسرعة جنونيةإرتعش فكها السفلي و هي لا تزال تحملق فيه بعدم تصديق ، إزدردت ريقها و قالت بصوت أبح :
-أنا .. مش مصدقة . إللي إنت بتقوله !
إبتسم “عمر” و هو يقترب منها خطوة ، ثم قال ملقيا عليها تعاويذ عيناه المحرزة :
-أعمل إيه عشان تصدقي ؟ أنا مستعد أكتب عليكي دلوقتي حالا . ساره أنا مش ناوي أبعد عنك . لازم تفهمي ده .. و تقبليه . أنا خلاص قررت إني هكمل حياتي معاكي
أحست بجفاف حلقها و هي تقول بتوتر طفيف :
-إنت أكيد مش فاهم الموضوع كويس . إنت عارف إني مطلقة و إني …
-مايهمنيش ! .. قاطعها بحزم ، و أكمل بثقة :
-أنا عايزك إنتي و بس . أنا بحبك و في شرع الحب مافيش فرق بين بنت أو مطلقة . غنية أو فقيرة .. العادات و التقاليد القديمة دي كلها ماتلزمنيش و مافيش حاجة هتمنعني عنك
نظرت له بإرتباك ، و كأنها تعجز عن فهم ما يقوله .. لكنها قالت بالنهاية مغالبة مشاعرها المتهورة :
-حتي لو صدقتك و وافقت عليك . أهلك إستحالة يوافقوا عليا !
ظنت أنها حسمت المسألة إلي هنا ، و أنه سيعود أدراجه بعد أن ذكرته بموقف عائلته الثرية ذات السلطة و النفوذ المطلق …
لكنه إبتسم بإتساع أكبر و هو يرد عليها :
-علي فكرة أنا مش قاصر يا ساره . أنا عمري 29 سنة و مش باخد المصروف من بابا .. أنا وارث أمي بأصول و مبالغ كبيرة أوي و أقدر أعيش إللي باقي من حياتي كلها مرتاح و منغير ما أتعب نفسي بشغل . فخليكي متأكدة إن مش من مصلحة أي حد يقف في طريقي أو يقولي أعمل إيه و ماعملش إيه . و لو حصل .. إتأكدي بردو إني هنفذ إللي أنا عايزه . محدش يقدر يوقفني … ثم سألها بإلحاح ظاهر :
-المهم إنتي رأيك إيه ؟ أنا مستعد أديكي مهلة تفكري . بس أعرفي إني مش هقبل إجابة بالرفض
ساره و قد إنتابها الغضب مجددا :
-يعني لو رفضت هتعمل إيه ؟؟!! .. و شهقت فجأة
عندما إقترب منها كثيرا ، حيث لا يفصلهما سوي سنتيمترات قليلة جدا ، أمسك بكتفيها و نظر إلي عيناها مباشرةً و كأنه يسحرها ، ثم قال بإبتسامته الجذابة :
-مش هترفضيني يا ساره . أكيد هتحسي بيا .. هتحسي أد إيه أنا بحبك بجد . و مستعد أعمل أي حاجة عشان تكوني جمبي قدام الناس كلها . هتبقي مراتي . ليا أنا بس . و هخليكي أسعد واحدة في الدنيا
إضطربت “ساره” و قد عاودتها حالة الرهاب من جديد ، تململت بين يديه و هي تقول بصوت مهزوز :
-طيب لو سمحت إبعد عني . مايصحش إللي بتعمله ده إحنا في الشارع و في ناس حوالينا . و ماينفعش أصلا !
إنصاع “عمر” لرغبتها مبتعدا خطوتين للخلف ، بقي يتأملها فقط بنظرات فاحصة لا تخلو من الجرأة ، لأول مرة تجتذبه إمرأة مثلها ، تنحدر من الطبقة الوسطي و بذلك الغلاف الخارجي الطفولي الذي أثار رغبته فيها علي الأخير ، فضلا عن ما تكتسي به من ثياب بالية تتمثل بعباءة فضفاضة داكنة و وشاح بالكاد يغطي نصف شعرها
عليه الإقرار بأنه تخيلها أكثر من مرة في ثياب أرقي من تلك ، لا ريب أنها ستبدو في أحسن حال ، و لا مانع لو رآها بدون ثياب نهائيا .. ستبدو فاتنة أيضا ، إمرأة بتضاريس أنثوية و جمال طفولي ، كما هي الآن ، و هو ينظرها بعين الإشتهاء الخالصة …
-أنا لازم أمشي ! .. تمتمت “ساره” مطرقة الرأس
كانت تتهرب من نظراته التي تحط من عزيمتها علي نحو مخزي للغاية …
عمر بصوته العميق :
-طيب هاشوفك إمتي تاني ؟ عشان أسمع قرارك النهائي !!
تجاهلته تماما و هي تشيح برأسها تجاه الطريق الرئيسي ، راقبت إقتراب سيارة أجرة قادمة من علي بعد ، فرفعت يدها مشيرة للسائق
عقد “عمر” حاجبيه حانقا من إسلوبها ، وصلت سيارة الأجرة الآن و إتجهت “ساره” نحوها ، لكنه سد طريقها و أخذ يطالعها بنظرات قاسية …
-ماجوبتيش علي سؤالي علي فكرة ! .. غمغم “عمر” بخشونة
تخضب وجهها بحمرة غير مبررة و هي ترد بتلعثم :
-مش هينفع أشوفك تاني . إديني فرصة أفكر .. يومين و إبقي كلمني
ثم مدت يدها لتفتح باب التاكسي …
-طيب بلاش تاكسي و هاوصلك أنا ! .. قالها “عمر” و هو يقبض علي يدها الممسكة بقفل الباب
ساره بعناد :
-لأ . مش هينفع .. أنا هركب التاكسي و هاروح لوحدي . و زي ما قولتلك مش عايزاك تكلمني قبل يومين . عن إذنك !
و تجاوزته مستقلة سيارة الأجرة …
لحق “عمر” بالسائق قبل أن ينطلق و مد يده له عبر النافذة الصغيرة بورقة نقدية من فئة المئتان و هو يقول :
-خد ياسطي . أجرة الهانم و خلي الباقي عشانك
نظرت “ساره” له و قالت بإعتراض :
-ماينفعش كده . خد فلوسك لو سمحت
تظاهر “عمر” بعدم سماعها و حث السائق مبتسما :
-يلا إتكل علي الله .. ثم نظر لها مكملا :
-علي ميعادنا كمان يومين . سلام ! .. و إستدار ماضيا نحو مرآب السيارات علي الجهة المقابلة من الطريق
زمت “ساره” شفتاها و هي تراقب رحيله و عقلها يعمل بشكل محموم .. حتي أفاقت علي صوت السائق :
-إطلع يا هانم ؟!
نظرت له عبر المرآة المثبتة في الأمام ، و قالت مذعنة :
-إطلع ياسطي .. إطلع ……………… !!!!!!!!!!
يتبـــع …..
1,282 اجمالى المشاهدات, 4 اليوم