dark

رييل ستوري | حكم تقديم السعي على الطواف

اعلانات

حكم تقديم السعي على الطواف

يُشترَطُ لصحة السَّعيِ عند جمهور العلماء أن يقع بعد طواف صحيح، ولا يُجوِّزون تقديمَ السعي على الطواف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت ثم سعى بين الصفا والمروة، وأمر بالاقتداء به في المناسك؛ فقال: ((لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حجَّتِي هَذِهِ))؛ [رواه مسلم (1297) من حديث جابر رضي الله عنه].

 

وقيل: يجوز تقديم السعي على الطواف؛ لما رواه أبو داود (2015) من طريق جرير عن الشيباني عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك رضي الله عنه، قال: ((خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم حاجًّا، فكان الناس يأتونه، فمن قال: يا رسول الله، سعيتُ قبل أن أطوف، أو قدمت شيئًا، أو أخَّرت شيئًا، فكان يقول: لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ))، وصححه ابن خزيمة (2774)، وهذا قول عطاء من التابعين، وعليه فتوى علماء اللجنة الدائمة، وابن باز وابن عثيمين، وغيرهم من المعاصرين.

 

وفي متن حديث أسامة بن شريك الذي استدلَّ به الْمُجَوِّزون اختلافٌ؛ فقد رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (36145) في باب: مسألة تقديم وتأخير المناسك، فقال: حدثنا أسباط بن محمد عن الشيباني عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك ((أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح قال: لَا حَرَجَ)).

 

فمُخرِّج الحديث واحد؛ وهو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان الشيباني، فاختلف في رواية الحديث عنه جرير بن عبدالحميد الضبي، وأسباط بن محمد، وكلاهما ثقة من رجال البخاري ومسلم، لكن جريرًا كان إذا حدَّث من حفظه وقعت له أوهام، لا سيما في آخر عمره؛ قال الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب (ص: 139): “جرير بن عبدالحميد الضبي الكوفي، نزيل الري وقاضيها، ثقة، صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهِم من حفظه”، وذكره العلائي في كتابه المختلطين (ص: 17) وقال: “ذكر البيهقي أنه نُسِب في آخر عمره إلى سوء الحفظ”، فلعل هذا الحديث رواه جرير من حفظه بالمعنى فأخطأ فيه، بدليل رواية أسباط بن محمد؛ قال الدارقطني في سننه (2565): “لم يَقُلْ: (سعيت قبل أن أطوف) إلا جرير عن الشيباني”، وقال البيهقي في السنن الكبرى (5/ 238): “هذا اللفظ: (سعيت قبل أن أطوف) غريب، تفرَّد به جرير عن الشيباني، فإن كان محفوظًا فكأنه سأله عن رجل سعى عقيب طواف القدوم قبل طواف الإفاضة، فقال: ((لا حرج))، والله أعلم”، وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار (15/ 281) بعد أن ذكر حديث أسامة بن شريك: “هذه مسألة من الفقه أكْثَرُ أهلها يقولون فيها: إن السعي بين الصفا والمروة قبل الطواف بالبيت لا يُجزئ الساعي، وإنه كمن لم يَسْعَ، وهذا قول عامة فقهاء الأمصار من أهل الحجاز، وأهل المدينة، ومن أهل العراق، ولا نعلم لهم مخالفًا في ذلك غير الأوزاعي، فإنه قد رُوِيَ عنه في ذلك أن السعي يجزئ الذي سعاه، وأنه ليس عليه أن يُعيده بعد طوافه بالبيت، وقد رُوِيَ مثل ذلك عن عطاء بن أبي رباح”، وقال الخطابي في معالم السنن (2/ 218): “الواجب عليه أن يؤخِّرَ السعي عن الطواف، لا يُجزئه غير ذلك في قول عامة أهل العلم، إلا في قول عطاء وحده، وهو قول كالشاذ لا اعتبار له”، وقال ابن القيم في زاد المعاد (2/ 239): “قوله: (سعيت قبل أن أطوف) في هذا الحديث ليس بمحفوظ، والمحفوظ تقديم الرمي، والنحر، والحلق بعضها على بعض”.

 

فتبيَّن أن حديث أسامة بن شريك مختلف في ثبوت هذه اللفظة فيه: (سعيت قبل أن أطوف)، والأقرب أنها لفظة شاذة، فلا يستقيم الاحتجاج بها على جواز تقديم السعي على الطواف، وما أحسن قول الشوكاني في السيل الجرار (ص: 326): “في الباب أحاديث، وليس في شيء منها ذكر تقديم السعي على الطواف، إلا أن يكون مثل ذلك داخلًا في مثل هذا العموم، وأما ما وقع في حديث أسامة عند أبي داود بلفظ: (سعيت قبل أن أطوف)، فقد قال الحُفَّاظ: إنه ليس بمحفوظ”، فالأرجح قول الجمهور أنه يشترط لصحة السعي أن يكون بعد الطواف، وهو الأحوط والأبرأ للذمة، والله أعلم.



تمت قراءة هذا المقال بالفعل261 مرة!

✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

قصص العجائب في القرآن | الحلقة 23 | الأقرع و الأبصر و الأعمى – ج 1 | Marvellous Stories from Qur’an

Next Post

الشيخ عثمان خميس الدعاء والتامل اليومي❤️

Related Posts

رييل ستوري | الوسوسة: أسبابها وعلاجها (خطبة)

الوَسْوَسَة: أسبابها وعلاجها   الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا…
Read More