dark

رييل ستوري | الحكمة في الاستعاذة بالله تبارك وتعالى من الشيطان الرجيم

الحكمة في الاستعاذة بالله تبارك وتعالى من الشيطان الرجيم

 

قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وهو أمر للأمة أجمع: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُون[المؤمنون: 97، 98].

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (5/ 428): لأنهم ـ أي: الشياطين ـ لا تنفع معهم الحيل ولا ينقادون بالمعروف، وقد قدَّمنا عند الاستعاذة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «أعوذ بالله السميع العليم، من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه»[1].

وقوله تعالى: ﴿ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُون؛ أي: في شيء من أمري، ولهذا أُمر بذكر الله في ابتداء الأمور، وذلك لطرد الشيطان عند الأكل والجماع، والذبح، وغير ذلك من الأمور، ولهذا روى أبو داود[2]أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الهرم، وأعوذ بك من الهدم ومن الغرق، وأعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان عند الموت».

وروى أحمد[3] عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمُنا كلمات ـ يقولهن عند النوم من الفزع ـ: «باسم الله، أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون».

قال: فكان عبد الله بن عمرو، يُعلِّمها من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيرًا لا يعقل: أن يحفظها كتبها له فعلَّقها في عنقه؛ اهـ بتصرفٍ.

وروى الإمام أحمد برقم (16573) عن الوليد بن الوليد أنه قال: يا رسول الله، إني أجد وحشة، قال: (إذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون؛ فإنه لا يضرك، وبِالحَرِيِّ ألا يقربك)[4].

قال الطيبي في شرح المشكاة (3/ 994): النفخ: كناية عن الكبر، كأن الشيطان ينفخ بالوسوسة، فيعظِّمه في عينه، ويحقر الناس عنده.

والنفث: عبارة عن الشعر؛ لأنه ينفثه الإنسان من فيه كالرقية، فإن كان هذا التفسير من متين الحديث فلا معدل عنه، وإن كان من بعض الرواة، فالأنسب أن يُراد بالنفث السحر، فإنه أشبه لقوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ[الفلق: 4]، وأن يُراد بالهمز الوسوسة، لقوله تعالى: ﴿ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ[المؤمنون: 97]، وهمزات الشياطين خطراتها، وهي جمع الهمزة من الهمز.

وفُسِّرت الآية بأن الشياطين يحثُّون أولياءهم على المعاصي، ويغرونهم عليها، كما يهمز الركضة الدواب المهماز حثًا لها على المشي.

قال أبو عبيدة: وكل شيء دفعته فقد همزته؛ اهـ.

وفي الفتح الرباني (14/ 250): قوله: (وبالحري ألا يقربك): أي: الأجدر والأخلق والأولى أن لا يقربك شيطان؛ اهـ.

وقال سفيان الثوري كما في سير أعلام النبلاء (7/ 260): ليس شيء أقطع لظهر إبليس من قول: لا إله إلا الله؛ اهـ.


[1] صحيحٌ: رواه أحمد برقم (11473)، وأبو داود (775) والترمذي (242)، عن أبي سعيد الخدري ا. راجع: صحيح وضعيف أبي داود ـ عقب الرقم المذكور أعلا ـ، وتحقيق المسند (18/ 51)، والله أعلم.

[2] صحيحٌ: رواه أبو داود برقم (552)، عن أبي اليسر ا. راجع: صحيح وضعيف أبي داود ـ عقب الرقم المذكور أعلا ـ، والله أعلم.

[3] حسنٌ: رواه أحمد برقم (6696)، وأبو داود (3893)، والترمذي (3528)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (765)؛ راجع: صحيح وضعيف أبي داود ـ عقب الرقم المذكور أعلا ـ، وتحقيق المسند (11/ 296)، والله أعلم.

[4] حسنٌ بشواهده: راجع: تحقيق المسند (27/ 108)، والله أعلم.



✅ تابعنا الآن عبر فيسبوك – قناة التليغرام – جروب الوتس آب للمزيد من القصص الجديدة يومياً.

ياريت تشكرونا على المجهود فى نقل وكتابه البوست ولو بتعليق

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous Post

رييل ستوري | الفرق بين الحيل المحرمة والمخارج المشروعة، المعاملات المالية نموذجا

Next Post

رييل ستوري | الثقة بالله وحكمته في زمن المحنة

Related Posts